الآخر
(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
العربية
المؤلف | عبد الله بن محمد الخليفي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - أركان الإيمان |
أيها المسلمون: إنما التوكل حقيقة من يعلم أن الله -تعالى- قد ضمن لعبده؛ برزقه وكفايته، يصدق الله فيما ضمنه، ويثق به بقلبه، ويحقق الاعتماد عليه فيما ضمنه من الرزق. والرزق مقسوم لكل أحد، من بر فاجر، ومؤمن وكافر، كما قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) [هود: 6]. هذا مع ضعف كثير من الدواب وعجزها عن...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي من اتقاه وقاه، ومن توكل عليه كفاه، أحمده تعالى وأستغفره، وأتوب إليه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-، واعلموا: أن التوكل من أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق، قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[الطلاق: 2 - 3].
فالتوكل، هو: صدق اعتماد القلب على الله -تعالى-، في استجلاب المصالح، ودفع المضار، من أمور الدنيا والآخرة كلها.
عباد الله: إن تحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدر الله -تعالى- المقدورات بها، وجرت سته من خلقه بذلك، فإذ الله -تعالى- قد أمر بتعاطي الأسباب، مع أمره بالتوكل عليه.
فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة لله، والتوكل بالقلب عليه إيمان بالله، قال تعال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ)[النساء:71].
وقال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ)[الجمعة:10]ٍ.
فالتوكل على الله، حال نبي الرحمة، نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، والكسب والسعي سنته.
فاعملوا وابتغوا من فضل الله، واتبعوا هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكل ميسر لما خلق له.
ولو أن الناس حققوا التوكل على الله بقلوبهم؛ لساق إليهم أرزاقهم، مع أدنى الأسباب، كما يسوق إلى الطير أرزاقها، بمجرد الغدو والرواح.
وهو نوع من الطلب والسعي، لكنه سعي يسير.
وربما حرم الإنسان رزقه أو بعضه بذنب يصيبه؛ كما في حديث ثوبان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه".
وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "بين العبد وبين رزقه حجاب، فإن قنع ورضيت نفسه، آتاه الله رزقه، وإن اقتحم وهتك الحجاب، لم يزد فوق رزقه".
أيها المسلمون: إنما التوكل حقيقة من يعلم أن الله -تعالى- قد ضمن لعبده برزقه وكفايته، فيصدق الله فيما ضمنه، ويثق به بقلبه، ويحقق الاعتماد عليه فيما ضمنه من الرزق.
والرزق مقسوم لكل أحد، من بر فاجر، ومؤمن وكافر، كما قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) [هود: 6].
هذا مع ضعف كثير من الدواب وعجزها عن السعي في طلب الرزق، قال تعالى: (وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ)[العنكبوت:60].
فما دام العبد حيا، فرزقه على الله، وقد ييسره الله له بكسب وبغير كسب: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)[الطلاق: 2- 3].
أستغفر الله لي ولكم ولجميع والمسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.