البحث

عبارات مقترحة:

الحميد

(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

يوم عرفة وسنن العيد والأضحية

العربية

المؤلف محمد بن مبارك الشرافي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الحج - الهدي والأضاحي والعقيقة
عناصر الخطبة
  1. فضائل يوم عرفة .
  2. أعظم الأعمال يوم عرفة .
  3. أعمال يوم النحر .
  4. حكم صلاة العيد .
  5. من أعمال وسنن يوم العيد .
  6. شروط الأضحية وسننها وآدابها. .

اقتباس

إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ الذِي نَحْنُ فِيهِ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَهُوَ يَوْمٌ عَظِيمٌ مِنْ أَيَّامِ اللهِ، إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمٌ فَاضِلٌ جِدَّاً، وَقَدْ ثَبَتَتْ السُّنَّةُ بِالْحَثِّ عَلَى عَمَلَيْنِ فِيهِ (الْأَوَّلُ) الإِكْثَارُ مِنْ قَوْلِ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، طُوَالَ هَذَا الْيَوْمِ، سَوَاءٌ كَانَ الإِنْسَانُ حَاجَّاً أَمْ لا، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، اللَّطِيفِ الْمَنَّانِ، شَرَعَ لَنَا سُبُلَ الهُدَى وَالرَّشَادِ، وَوَفَّقَنَا لِسُلَوكِ طَرِيقِ الحَقِّ السَّدَادِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ، وَلِذَنْبِي وَلِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلمْ يُولَدْ وَلمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوَاً أَحَدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَزَوْجَاتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ، وَاسْتَعِدُّوا لِلِقَائِهِ، وَتَزَوَّدُوا مِن دُنْيَاكُمْ لِأُخْرَاكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَيَّامَ وَالَّلَيَاليَ ظُرُوفٌ لِمَا أَوْدَعْتُم فِيهَا (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 6- 7]، إِنَّ الْيَومَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ، وَغَدَاً حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ يَوْمٌ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ وَتَنْقَضِي الْأَيَّامُ الْعَشْرُ الفَاضِلَةُ! وَلَكِنْ بَعْدَهَا أَيَّامٌ فَاضِلَةٌ أُخْرَى هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-! فَهَيَّا فَلْنَجِدَّ وَلْنَجْتَهِدْ وَلْنَسْأَلْ رَبَّنَا الْإِعَانَةَ وَالقَبَولَ.

أَمَّةَ الإِسْلَامَ: إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ الذِي نَحْنُ فِيهِ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَهُوَ يَوْمٌ عَظِيمٌ مِنْ أَيَّامِ اللهِ، إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمٌ فَاضِلٌ جِدَّاً، وَقَدْ ثَبَتَتْ السُّنَّةُ بِالْحَثِّ عَلَى عَمَلَيْنِ فِيهِ (الْأَوَّلُ) الإِكْثَارُ مِنْ قَوْلِ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، طُوَالَ هَذَا الْيَوْمِ، سَوَاءٌ كَانَ الإِنْسَانُ حَاجَّاً أَمْ لا، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (رواهُ الترمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ).

(الثَّانِي) الصَّوْمُ لِغَيْرِ الْحُجَّاجِ، وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَن صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

أَمَّا الحَاجُّ فَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِ أَنْ يُفْطِرَ يَوْمَ عَرَفَةَ؛ حَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ مُفْطِرَاً فِي عَرَفَةَ حِينَ حَجَّ، وخَيْرُ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ إِنَّ الحَاجَّ مُحْتَاجٌ للْفِطْرِ لِيَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ فِي هَذَا الْيَومِ، وَالصَّومُ يُضْعِفُهُ عَنْ ذَلِكَ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: وَأَمَّا يَومُ عِيدِ الأَضْحَى فِإنَّهُ يُشْرَعُ فِيهِ لِغَيْرِ الحَاجِّ عِبَادَتَانِ عَظِيمَتَانِ، (الأُولَى) صَلَاةُ العِيدِ، وَ(الثَّانِيَةُ) ذَبْحُ الأَضَاحِي.

فَأَمَّا صَلَاةُ العِيدِ: فَهِيَ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلامِ يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ مُرَدِّدِينَ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ!

وَصَلاةُ العِيدِ وَاجِبَةٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَي العُلَمَاءِ، وَهِيَ سُنَّةٌ في حَقِّ النِّسَاءِ، لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ اَلْعَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ فِي الْعِيدَيْنِ، يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ اَلْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ اَلْحُيَّضُ اَلْمُصَلَّى". (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

فَمَنْ تَرَكَ صَلاةَ العِيدِ مِنَ الرِّجَالِ البَالِغِينَ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ فَهُوَ آَثِمٌ. وَالقَوْلُ بِوُجُوبِ صَلاةِ العِيدِ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ ابْنِ بَازٍ وابْنِ عُثَيْمِينَ، رَحِمَهُمُ اللهُ أَجْمَعِينَ.

وَمِنْ سُنَنِ العِيدِ: التَّكْبِيرُ، والاغْتِسَالُ، وَلُبْسُ أَحْسِنِ الثِّيَابِ، والتَّطَيِّبُ، وَالذَّهَابُ مِنْ طِرِيقٍ إِلَى الْمُصَلَّى وَالعَوْدَةُ مِنْ طَرِيقٍ آَخَرَ، واصْطِحَابُ الأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ دُونَ اسْتِثْنَاءٍ حَتَّى الحُيَّضِ وَالْعَوَاتِقِ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، والاسْتَمَاعُ إِلَى خُطْبَةِ العِيدِ، وَالتَّهْنِئَةُ بِالعِيدِ بِقَوْلِ: تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ العِبَارَاتِ الْمُبَاحَةِ، فَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: "كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا الْتَقَوا يَومَ العِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ: تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ". (قَالَ الحَافِظُ فِي فَتْحِ البَارِي: إِسْنَادُهُ حُسُنٌ).

وَمِنَ السُّنَنِ الخَاصَّةِ بِعِيدِ الأَضْحَى أَنْ لا يَأْكُلَ حَتَّى يَرْجِعَ مِنَ مُصَلَّاهُ، فَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ -رَضَيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَخْرُجُ يَوْمَ اَلْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ اَلْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ" (رَوَاهُ وَاَلتِّرْمِذِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ والأَلْبَانِي).

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: وَأَمَّا الأُضْحِيَةُ فَهِيَ سُنَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلامُ- وَمِنْ هَدْيِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ وَبَعْضُ العُلَمَاءِ أَوْجَبَهَا، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضَيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا" (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وقَالَ الأَلْبَانِيُّ: حَسَنٌ).

وَمَعْنَى (سَعَةٌ) أَيْ اسْتِطَاعَةٌ، وَعَلَيْهِ فَمَنَ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَيْسَ لَهُ وَفَاءٌ أَوْ كَانَ دَخْلُهُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ وَحَاجِةِ مَنْ يَعُولُ، فَلا يُضَحِّي، لِأَنَّ الأُضْحِيَةَ سُنَّةٌ وَسَدَادُ الدَيْنِ وَاجِبٌ، فَلْيُنْتَبِه لِهَذَا!

ثُمَّ إِنَّ الأُضْحِيَةَ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ مَسْكَنٌ مُسْتَقِلٌ، كَالْبَيْتِ والشُّقَّةِ! أَمَّا مَنْ كَانَ يَعِيشُ مَعَ غَيْرِهِ لَكِنْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍ فَلَا يُطَالَبُ بِأُضْحِيةٍ! فَمَثَلاً لَوْ كَانَ الرَّجُلُ مُتَزَوِجَاً لَكِنْ يَعِيشُ مَعَ أَبِيهِ وَمَأْكَلُهُمْ جَمِيعٌ وَمَكَانُ الطَّبْخِ مُتَّحِدٌ فَيَكْفِي أَنْ يُضَحِّيَ الأَبُ عَنِ الجَمِيعِ.

واعْلَمُوا أَنَّ السُنَّةَ فِي الأُضْحِيَةِ: أَنْ تَكُونَ عَن الحَيِّ، فَيُضَحِّي الرَّجُلُ عَن نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الأَحْيَاءِ والأَمْوَاتِ فَيَشْمَلُهُم الأَجْرُ، وَأَمَّا الأُضْحِيَةُ عَن الْمَيِّتِ فَإنْ كَانَتْ وَصِيَّةً، بِمَعْنَى أَنَّ الْمَيَّتَ تَرَكَ مَالاً وَقَالَ: ضَحُّوا عَنِّي مِن هَذَا الْمَالِ، فَيَجِبُ تَنْفِّيذُ الَوصِيَّةِ.

وَأَمَّا الأُضْحِيَةُ عَنِ الْمَيِّتِ اسْتِقْلَالَاً، مِنْ دُونِ وَصِيَّةٍ، فَهَذِهِ خِلَافُ الأَفْضَلِ، لأَنَّهَا لَمْ تَرِدْ بِهَا السُّنَّةُ، وَلِأَنَّ مِن أَهْلِ العِلْمِ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا لا تَصِحُّ، فَالأَحْوَطُ للإِنْسَانِ أَنْ لا يَفْعَلَ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ لُوْ فَعَلَ فِإِنَّهَا تَصِحُّ إِنْ شَاءَ اللهُ!

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرِّحِيمُ

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمَينَ، الحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وُرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الأُضْحِيَةَ لا تَصِحُّ إِلا بِالشُّرُوطِ التَّالِيَةِ:

الأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهِي: الِإبِلُ وَالبَقَرُ وَالغَنَمُ.

الثَّانِي: أَنْ تَبْلُغَ السِّنَّ الْمُعْتَبَرَةَ شَرْعَاً وَهِيَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ للضَّأْنِ، وَسَنَةٌ للْمَعْزِ، وَسَنَتَانِ للْبَقَرِ، وَخَمْسُ سِنِينَ للإِبِلِ.

الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِن العُيُوبِ الْمَانِعَةِ مِنَ الإِجْزَاءِ، وَهِيَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ اَلْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ -رَضَيَ اللهُ عَنْهُ-مَا قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اَللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فَقَالَ: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي اَلضَّحَايَا: اَلْعَوْرَاءُ اَلْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ اَلْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ اَلْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْعَجْفَاءُ اَلَّتِي لَا تُنْقِي" (رَوَاهُ اَلْخَمْسَة ُ وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّان).

فَهَذِهَ أَرْبَعَةُ عُيُوبُ مَانِعَةٌ مِن إِجْزَاءِ الأُضْحِيَةِ، وَهِيَ مَا بَانَ مِنْ عَوّرٍ وَمَرَضٍ وَعَرَجٍ وَهُزَالٍ شَدِيدٍ، وَيُلْحَقُ بِهَا مَا كَانَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَّدَّ.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يُضَحِّىَ بِهَا فِي الوَقْتِ الْمَحْدَّدِ شَرْعَاً، وَهُوَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوُ الْيَومُ الثَّالِثُ عَشَرَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، فَتَكُونُ أَيَّامُ الذَّبْحِ أَرْبَعَةً: يَوْمُ العِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ.

وَيَجُوزُ ذَبْحُ الأُضْحِيَةِ لَيْلَاً أَوْ نَهَارَاً، وَالذَّبْحُ فِي النَّهَارِ أَوْلَى، وَكُلُ يَومٍ أَفْضَلُ مِمَّا يَلِيِهِ، لِمَا فِيهِ مِن الْمُبَادَرَةِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، وَيَوْمُ العِيدِ بَعْدَ الخُطْبَتَيْنِ أَفْضَلُ لأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ التِي هِيَ أَفْضُلُ أَيَّامِ السَّنَةِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: اذْبَحُوا أَضَاِحيكُمْ طَيَّبَةً بِهَا نُفُوسُكُمْ، رَاضِيَةً بِهَا قُلُوبُكُمْ واعْلَمُوا أَنَّكُمْ تَتَقَرَّبُونَ إِلى رِبِّكِمْ وَتَقْتَدُونَ بِنَبِيِّكُمْ مَحَمَّدٍ وَأَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا الصَلَاةُ وَالسَّلَامُ.

أَسْأَلُ اللهَ عزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعِيدَ هَذِهِ الأَيَّامَ عَلَيْنَا أَعْوَاماً عَدِيدَةُ وَأَعْمَاراً مَدِيدَةً وَنَحْنُ وَالْمُسْلِمُونَ بِأَحْسَنِ حَالٍ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، اللّهُمَّ أعَزَّ الإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ والْمُشْرِكِينَ وَالكَافِرِينَ.

اللّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الحَقِّ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللّهُمَّ وَفِّقْ مَنَ قَصَدَ بَيتَكَ لِحَجٍ مَبْرُورٍ وَسَعْيٍ مَشْكُورٍ، اللّهُمَّ جَنِّبْ الحُجَّاجَ الفِتَنَ وَالزَّلَلَ، اللّهُمَّ مَنْ أَرَادَهُمْ بِسُوءٍ فَعَلَيْكَ بِهِ، اللّهُمَّ رُدَّ كَيْدَ أَعَدَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي نُحُورِهِمْ.

اللّهُمَّ وَفِّقْ رِجَالَ أَمْنِنَا لِلتَصَدِّي لِكُلِّ غَادِرٍ وَخَائِنٍ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ وَالضَّلالِ، وَمِنْ عُبَّادِ الْمَشَاهِدِ وَالقُبُورِ، اللّهُمَّ احْفَظْ وُلَاةَ أَمْرِنَا وَوَفِّقْهُمْ لِرَضَاكَ وَاهْدِهُمْ بِهُدَاكَ، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْحَقِّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ. اللّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.