البحث

عبارات مقترحة:

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الغفور

كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

الناجحون

العربية

المؤلف سلطان بن عبد الله العمري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. مفهوم النجاح .
  2. من الناجحين .
  3. سمات الناجحين .
  4. صناعة النجاح .

اقتباس

الناجح لا يرضى بأبسط الأمور، ولا يتعلق بهدفٍ يسير، همومه تدور حول التميز والتقدم، يبحث عن كمالات الأمور ومعاليها، ويكره سفاسف الأمور، يتعلق بالثريا ويأنف من الثرى، يريد الوصول للجبل، ولو كلفه ذلك الكثير، يسير بروح عالية، وقلبٍ كبير، ونفس تواقة.

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي يحب التميز والنجاح، الحمد لله الذي يحب معالي الأمور وكمالاتِها ويكره سفاسفَ الأمورِ.

والصلاة والسلام على سيد الناجحين والمتميزين، ورسول رب العالمين، وقدوة الخلق أجمعين.

أما بعد: معاشر المسلمين: في حياتنا نسمعُ كلمة النجاح، نفرحُ حينما نرى ناجحاً، نحث صغارنا على النجاح، المجتمع من حولنا ينافس على النجاح.

لله در أولئك الناجحين! الناجحون أقوامٌ بقي ذكرهم بعد رحيلهم، كانت حياتهم مليئةً بالإنجازات والثمرات الكبيرة؛ فانظر لحياة المرسلين وكيف حققوا النجاح في الدعوة والإصلاح.

وانظر لسيدهم وخاتمهم رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-، كيف نجح في صغره، مع أنه نشأ يتيماً، ثم واصل حياته، وكان أميناً في مجتمعه.

ثم انظر لتاريخه الدعوي، كيف نجح في التأثير في حياة الكثيرين؟ والآن يتبع منهجه المليارات من البشر، إنه النجاح في أعلى صوره.

ثم طالع سير الخلفاء الأربعة لترى العجب في نصرة الدين، ونفع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

ولا تزال كتب التاريخ تضع بين سطورها أجمل القصص للعلماء والعُّباد والصالحين الذين كانت حياتهم متميزةً بالهمة العالية، فكانت حياتهم نوراً مضيئاً في زمانهم وبعد زمانهم.

وفي زماننا نجد صوراً متميزة للنجاح في التقدم الصناعي والعسكري والتعليمي والصحي والتقني وغيرها من صورٍ للتنافس الكبير.

معاشر المسلمين: لم لا نكون في صف الناجحين؟ هل نكتفي فقط بذكر سيرهم وقصصهم؟ ألسنا قادرين على أن نكون نحن قصةً في كتاب الناجحين؟.

هل نحن عاجزون عن صناعة شيء جديد في حياتنا لبلادنا، لمجتمعاتنا، لديننا، لدنيانا؟ نحن -والله!- قادرون على رسم لوحة النجاح، ولكننا بحاجة إلى أدوات الرسم.

يا عاشق النجاح: كن مبادراً لأعمالك، لطموحاتك، وفي كتاب ربنا: (سَارِعُوا)، (وَسَابِقُوا)، ونبينا يقول: "بادروا".

أخي: اجعل المبادرة صفةً لازمةً لك، دع الكسل جانباً، ولا تكن من أصحاب التسويف والتردد.

 وإذا كانت النفوس كباراً

تعبت في مرادها الأجسام

يا طالب النجاح: الزم مَن لديه الطموحات الكبيرة، انتقِ صديقك وجليسك، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- يرشدنا ويقول: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" حسنه الألباني. أنت على همة خليلك، وعلى سمت خليلك وأدبه وطموحاته.

الناجح يقرأ في سير الناجحين، ويتأمل في أخبار المتميزين، يحاول اللحاق بهم، والسير على نهجهم، نعم؛ ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ) [يوسف:111].

 فاتني أن أرى الديار بطرفي

فلعلي أرى الديار بسمعي

الناجح لا يرضى بأبسط الأمور، ولا يتعلق بهدفٍ يسير، همومه تدور حول التميز والتقدم، يبحث عن كمالات الأمور ومعاليها، ويكره سفاسف الأمور، يتعلق بالثريا ويأنف من الثرى، يريد الوصول للجبل، ولو كلفه ذلك الكثير، يسير بروح عالية، وقلبٍ كبير، ونفس تواقة.

الناجح تمتلئ ساعاتُه بالعمل الدؤوب المثمر المتميز، قد يعيش قليلاً؛ ولكنه يصنع الكثير.

هذا سعدُ بن معاذ -رضي الله عنه- يعيش ست سنوات في الإسلام، ولكنها كانت عامرة بخدمة الدين، فلما مات اهتز لموته عرش الرحمن. يا الله! ما هذا الحدث الهائل الذي يهتز له عرش الرحمن؟!.

أيها الناجحون: الناجح قد يخطئ في طريق النجاح، وقد تتعثر قدمه في أثناء المسير، ولكنه يقوم مباشرة، وينهض مسرعاً، يستفيد من خطئه، ويعرف السبب في السقوط.

أيها الكرام: الناجحون يعرفون قيمة الوقت، ويستثمرون كل لحظة من حياتهم في إحداث الجديد لهم ولأمتهم.

إن الزمن الذي ذهب من عمرك كثير، ولعلك لا تدرك الزمن القادم، فأدرك ساعتك التي أنت فيها؛ رتب وقتك، اجعل الأولويات في مقدمة أوقاتك، الأهم فالمهم، لا تسمح للأجهزة الذكية ومواقع التواصل وأصدقاء الفوضى أن يسرقوا وقتك.

عباد الله: إن انتهاز الفرص من صفات الناجحين، وقديماً قيل: هناك من يشاهد الفرصة، وهناك من ينتهزها. تأكد أن الفرص كثيرة ومتنوعة؛ في دينك فرص، في علاقاتك مع الآخرين تأتي فرص، في تطويرك لنفسك ستمر عليك بعض الفرص، في عالم الوظائف فرص. هناك فرص مالية، وفرص أسرية؛ كن ذكياً في كيفية الاستفادة من الفرص لتكون من الناجحين.

معاشر الناجحين: إن رواد النجاح يملكون مهارة في اتخاذ القرارات، يوقنون بأن اتخاذ القرار يؤثر كثيراً على مستقبل حياتهم، يدرسون القرار بكل تفاصيله، يستشيرون، يتأنون، ثم يتوكلون على الله في تنفيذ القرارات.

عباد الله: من أراد النجاح فليتعلق بالله، ويلح في الدعاء بين يديه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر:60].

إن مفاتيح التوفيق بيد الله القريب المجيب، فالتمسها منه؛ الناجحون متوكلون على الله، واثقون بأنهم لن يحققوا شيئاً إلا بتوفيق الله، يتبرؤون من أنفسهم ومن حولها وقوتها إلى حول الله وقوته.

أيها الكرام: إن التخطيط مطلب مهم في حياة الناجحين، هو عنوان العقل، ودليل الذكاء، لا نسمع كلمة التخطيط إلا عندما يريد الواحد منا أن يبني مسكناً له!.

أين التخطيط في دراستك؟ في زواجك؟ في مصروفاتك المالية؟ في وضع خطةٍ للقضاء على ديونك؟ أين التخطيط في البرامج الدعوية والخيرية؟! خطِّطْ لمستقبل أيامك، خطط جيداً في تربيتك لأسرتك، خطط لإكمال دراستك وبلوغ الشهادات العليا، خطط لإحداث مصدر جديد لدخلك المالي.

أيها الكرام: التفاؤل والنظرة الحسنة للحياة لا تغيب في حياة الناجحين؛ لديهم حسن ظنٍ بالله، يترقبون اليسر بعد العسر، لديهم أمل أن القادم من الأيام سيكون أجمل، لديهم ثقة بأن الغروب يعقبه الشروق، وأن الظلام لن يطول، وأن النصر آت ولو بعد حين.

ومن صفات الناجحين: أنهم يعطون كل ذي حق حقه، يعتنون بعباداتهم، ولا يغفلون عن حقوق أهاليهم، يمارسون الترفيه، ولا يفرطون في دراستهم، يخالطون المجتمع، ولا يهملون وظائفهم، لا يغفلون عن حقوق الأقارب والجيران، لديهم توازن بين العلم والعمل.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وجعلنا الله وإياكم من المتميزين.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى.

معاشر الناجحين: إن من مقومات النجاح: "أن نحقق مبدأ التعاون". قال تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة:2] تعاون مع أسرتك لتحقق آمالك وآمالهم، تعاون مع زملاء العمل لإتقان برامج القطاع الذي أنت فيه، تعاون مع جماعة مسجدك في تطوير البرامج الدعوية، تعاون مع رجال الأمن لتحقيق الأمن في الوطن، تعاون مع الدعاة ورجال الحسبة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

أيها الناجحون: إن النجاح رحلة لا تخلو من الصعاب، تحتاج منك إلى صبر كبير، وهذا القرآن يحكي عن الصبر والصابرين في أكثر من تسعين موضعاً: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) [النحل:127].

هذا يوسف -عليه السلام- يصبر حينما تزينت تلك الشهوة، ويختار أن يكون السجن منزلاً له، (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) [يوسف:42]. فهل نجح بعد حين؟!.

لقد مرت السنوات، ويصبح يوسف السجين وزيراً في الدولة، وصدق الله: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف:90].

فاصبر يا طالب النجاح، اصبر إن قلَّ المعين، واصبر حينما تزداد المعاناة، ولا تبالي بأصوات المثبطين والغافلين.

اصبر لترى نتيجة الصبر ولو بعد حين، وللصبر حلاوة تبين في العواقب.

وتأكد من أن الذين كانوا يضحكون عليك في بداياتك هم الذين سيذكرون قصص نجاحك في نهاياتك.

معاشر المؤمنين: يجب أن نسابق الزمن، ونجدد الحياة، وننافس الآخرين في صناعة الحياة.

اللهم اجعلنا من الناجحين في الدنيا والآخرة، اللهم يسر كل عسير، اللهم افتح أبواب التوفيق لطلاب النجاح، اللهم ارزقنا الهمة العالية في سائر أمورنا.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.