الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
العربية
المؤلف | توفيق الصائغ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أعلام الدعاة - أهل السنة والجماعة |
أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- أنجم الهدى ومنارات الدجى الذين بذلوا وقدموا، وحسبهم أن الله زكاهم واصطفاهم، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتضنهم اختلطت أنفاسهم بأنفاسه، واكتحلت أعينهم بمرآه، وتشنفت أذانهم بسماع لذيذ حديثه -صلى الله عليه وسلم-، أيحق بعد ذلك لكائن من كان من الناس أن يتحدث عن هؤلاء الأفذاذ الأحرار الأنجم! سمعنا في أزمن التغير والتحول والتبدل أن أحدهم يقلل من شأن البعض، فيتكلم عنهم باستهزاء وتنقص وسخرية، والآخر يقول: ما ضر الدين لو حذفنا أحاديث معاوية، أو حذفنا أحاديث فلان وفلان من الصحابة، بل ما ضر الدين لو حذفناك أنت بالكلية
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه ومختاره من خلقه وخليله، أشهد أنه بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وكشف الله به الغمة، تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلوات الله وتسليماته وتبريكاته عليه وعلى أهل بيته.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: صدق النبي -عليه وآله الصلاة والسلام- حين أخبر الصحابة قائلاً: "ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرًا"، لقد أراد الله -عز وجل- أن يمد في أعمارنا وأن ندرك هذه الأزمان التي أخبر عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- أزمان التحولات والغِيَر.
في زمن التحول قد يصبح الليل معاشا والنهار ثباتا، في زمن التحول والتغير قد يأكل البعض الحرام على أنه حلال يحيلون الحرام المحض حلالاً، ويجعلون الحلال حرامًا.
في زمن التحول والغير قد تسترجل المرأة أو يستخنث الرجل، وفي هذه الأزمان يهتف الأحرار قائلين: باطن الأرض خيرٌ من ظاهرها.
إذا عَيّر الطائي بالبخل مادر | وعيَّر قساً بالفصاحة باقل |
وقال السهى للشمس أنت كسيفة | وقال الدجى للبدر وجهك حائل |
فيا موت زُر إن الحياة ذميمة | ويا نفس جدي إن دهرك هازل |
المؤمن بطبعه -أيها الإخوة- عف اللسان، ليس المؤمن همازا ولا لمازا، ولا طعانا ولا لعانا، ليس فاحشا ولا بذيئا، هذا يقال في شأن المؤمن مع أخيه المؤمن أين كان، أما أن يتجاوز المؤمن حقبًا وأزمانا من السنين ليصعد إلى أولئك الذين لا تنالهم الأيدي ولا الأبصار من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- فيقع فيهم، فإن هذا الجرم الكبير.
أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- أنجم الهدى ومنارات الدجى الذين بذلوا وقدموا، وحسبهم أن الله زكاهم واصطفاهم، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتضنهم اختلطت أنفاسهم بأنفاسه، واكتحلت أعينهم بمرآه، وتشنفت أذانهم بسماع لذيذ حديثه -صلى الله عليه وسلم-.
أيحق بعد ذلك لكائن من كان من الناس أن يتحدث عن هؤلاء الأفذاذ الأحرار الأنجم! سمعنا في أزمن التغير والتحول والتبدل أن أحدهم يقلل من شأن البعض فيتحدث عن أثر السلف -رضوان الله عليهم- في تفضيل التراب الذي في منخري معاوية على عمر الإنسان كله، فيتكلم عنه باستهزاء وتنقص وسخرية.
والآخر يقول : ما ضر الدين لو حذفنا أحاديث معاوية، أو حذفنا أحاديث فلان وفلان من الصحابة، بل ما ضر الدين لو حذفناك أنت بالكلية.
من هم أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
اسمع شهادة النبي -عليه الصلاة والسلام- في أصحابه يقول: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأشهدهم حياء عثمان، وأقضاهم عليّ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر أشبه عيسى عليه السلام في ورعه".
من هم الصحابة؟
هم الذين يقول عنهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: "دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة، وسمعت خشفة، فقلت من هذا؟ فقال: هذا بلال. ورأيت قصرًا بفنائه جارية، فقلت لمن هذا؟ قالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله فأنظر إليه، فذكرت غيرتك"، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! أعليك أغار.
من هم الصحابة؟
هم الذين قال الله تعالى فيهم: (وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى)[النساء: 95] (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)[الفتح: 18] (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)[التوبة: 108]، (رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[التوبة: 100].
هم الذين قال الله عنهم: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب22 :23].
أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- رضوان الله عليهم أجمعين هم الذين بذلوا نفوسهم وحياتهم ومهجهم وأبناءهم وأموالهم ولم يدخروا شيئًا في سبيل الله.
الحر يحفظ اليد، ويعرف المعروف، وإن من أعظم المعروف الذي في أعناقنا لأصحاب محمد أنهم الواسطة بيننا وبين المبلّغ عن الله لولاهم لما وصلنا هذا الدين غضًّا طريًّا.
إذاً هدايتي وهدايتك، وصلاتي وصلاتك، وصيامي وصيامك، ونسكي ونسكك إنما كان من طريق أبي هريرة وسعد وطلحة ومعاوية والزبير، أكرم بسعد والزبير وأبي عبيدة صاحبي الديانة إلى آخرهم من أصحاب النبي رضوان الله عليهم أجمعين.
إذا معرفة الفضل لهؤلاء أن نعرف سابقتهم وفضلهم، وأن نثني عليهم، وأن نسكت عما شجر بينهم، أما أن تلوغ ألسنتنا وأن نتحدث عنهم؛ فإن هذا من الجرم.
من هم أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
يقول عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه" وَاللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، فَمَا أَرَى الْيَوْمَ شَيْئًا يُشْبِهُهُمْ، لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ صُفْرًا شُعْثًا غُبْرًا، بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ كَأَمْثَالِ رُكَبِ الْمَعْزِ، قَدْ بَاتُوا لِلَّهِ سُجَّدًا وَقِيَامًا يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيُرَوِّحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَأَقْدَامِهِمْ، فَإِذَا أَصْبَحُوا وَذَكَرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، مَادُوا كَمَا تَمِيدُ الشَّجَرُ فِي يَوْمِ الرِّيحِ، وَهَمِلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تُبَلَّ ثِيَابُهُمْ، وَاللَّهِ لَكَأَنَّ الْقَوْمَ بَاتُوا غَافِلِينَ، ثُمَّ نَهَضَ، فَمَا رُئِيَ مُفْتَرًا ضَاحِكًا حَتَّى ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ عَدُوُّ اللَّهِ الْفَاسِقُ " .
أكرم بطلحة والزبير وسعدهم وسعيدهم وبعبد الرحمن وأبو عبيدة ذي الديانة والتقى وامدح جماعة بيعة الرضوان قل خير قول في صحابة أحمد وامدح جميع الآل.
لا نفرق بين أحد منهم، قد نفاضل بينهم أبو بكر خير من عمر، وعمر خير من عثمان، وعثمان خير من علي، والأربعة خير من العشرة المبشرين، والعشرة خير ممن بعدهم (وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى)[النساء: 95].
قد نفاضل فيما بينهم لأن الله فاضل فيما بينهم: (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [الحديد:10].
قد نفاضل فيما بينهم لكننا لا نتحدث بالنقيصة ولا بالوقيعة بينهم لأنها عثرة وأي عثرة!!
يموت الفتى من عثرة بلسانه | وليس يموت من عثرة الرجل |
أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- أولئك قوم شيّد الله فخرهم فما فوقه فخر، وإن عظم الفخر. يقول ابن عمر: "لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدهم عمره" (أخرجه أحمد وابن أبي شيبة).
ويقول ابن عباس في تأويل قول الله تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) [النمل:59]، قال ابن عباس "هم أصحاب محمد".
وروى سعيد بن منصور في سننه عن سفيان في قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ)[الرعد: 28]، قال: هم أصحاب محمد رضوان الله عليهم وصلوات الله وسلامه عليه.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن وهب بن منبه في قوله تعالى (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ) [عبس:15- 16]، قال هم أصحاب محمد.
وقال قتادة في قوله (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ): هم أصحاب محمد؛ آمنوا بكتاب الله وعملوا بما فيه.
أصحاب محمد أين كانوا سواء الذين جاهدوا، وبذلوا أو حتى الأعراب الذين لم يجتمعوا بالنبي -عليه الصلاة والسلام- إلا ساعة من نهار الذين لم ينقلوا لنا حديثًا ولا أثرًا ولا سنة حقهم التعظيم والتبجيل والتوقير.
تدرون لماذا؟ لأنه حصل لهم ما لم يحصل لنا، حصل لهم الاصطفاء أن اختارهم الله -عز وجل- وحصل لهم دعاء النبي -عليه الصلاة والسلام- حين قال: "طوبى لمن رآني".
لا الأمر أعظم من ذلك حتى التابعين الذين لم يروا النبي -عليه الصلاة والسلام- وإنما رأوا أجلة الصحابة أدركهم دعاء النبي -عليه الصلاة والسلام-: "طُوبَى لِمَنْ رَآنِي، وَمَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي، وَمَنْ رَأَى مَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي".
يا عدنان إبراهيم كُفّ عن لمز أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- لو لم يكن لهم من الشرف والاصطفاء إلا أنهم رأوا النبي -عليه الصلاة والسلام- لكفى، أحدهم يأتي ساعة من نهار ربما لم يرَ رسول الله بعد ذلك يقف بين يديه فيقول: يا رسول الله أرأيت إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام أدخل الجنة؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "نعم"، ثلاث كلمات في ثلاث ثوان أو في دقيقتين، قال: "نعم" ولى الأعرابي ذاهبًا راجعًا، قال: والله لا أزيد عليها ولا أنقص.
هذا الصحابي لا يساوي عند عدنان إبراهيم شيء، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول لأصحابه: "أفلح إن صدق"، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في رواية لأصحابه: "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا".
ما ضر السنة على مذهب عدنان إبراهيم لو حذفنا حديث هذا الأعرابي، حديث ربما هو الوحيد، ما ضر الإسلام لو حذفنا إرثه أو حذفناه هو حتى عن التاريخ، التاريخ لن يضر، الإسلام لن يضر لكن ستضر أنت أيها الواقع في عِرض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضوان الله عليهم.
يقول أيوب السيختاتي: "من أحب أبا بكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحب عليًّا فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى بأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد برأ من النفاق".
كررت مفردة عدنان إبراهيم وربما بعضكم لم يعرفه، ولم يسمع به، أقول لن يضر الدين أن تجهل عدنان إبراهيم، ولن يضر التاريخ ولن يضر شريف علمك أن تجهل هذا الرجل، الذي يقول فيه الشيخ عثمان الخميس: إنه رافضي باطني خبيث، لكن المشكلة أن بعض شبابنا فُتنوا به، ينظرون إلى حلقاته في اليويتوب والرجل عليم اللسان منافق وعنده كثير من الحق، لكنه مشوب بكثير من الباطل، يُفسد الديانة ينظر إلى الدين بنظر الفلاسفة والعقلاء والله -عز وجل- أمرنا أن نأخذ الدين من طريق الوحي من طريق أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
لذلك لما رأيتني قد تحدثت عن الكبيسي حين تكلم عن معاوية، فإنني أجمع في الهواية كل من يتكلم عن معاوية أو عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والرجل مهما كان أيًّا كانت ديانته أو جنسيته أو نسبه، متى ما تعرض لأصولنا وثوابتنا وعقيدتنا فإنه يفقد هيبته ولا حرمة له كائنًا من كان.
عن عبدالله بن مغفل المزني -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الله الله في أصحابي، لا تتخذهم غرضًا بعدي" أي: لا تتخذوهم مكان ترموه بالنبال والسهم وبألسنتكم.
"فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن أذاهم فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذى الله تبارك وتعالى، ومن أذى الله فقد أوشك أن يأخذه" (أخرجه أحمد والترمذي والبيهقي).
جاء رجل إلى الإمام أبي زرعة الرازي المحدث العظيم قال له: يا أبا زرعة، أنا أبغض معاوية، قال له: ولِمَ؟ قال: لأنه قاتل عليًّأ، قال أبو زرعة: "إن رب معاوية رب رحيم وخصم معاوية خصم كريم، فما دخولك أنت بينهما" رضي الله عنهم أجمعين.
قال السرخسي -رحمه الله تعالى- في أصوله: "فمن طعن فيهم – أي: في أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو ملحد منابذ للإسلام دواه السيف إن لم يتب".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والمواعظ والذكر الحكيم، ورضي الله عن الآجلة أصحاب النبي رضي الله عنهم ورضوا عنه رضي الله عنهم وإن رمت أنوف وإن زكمت أنوف سنظل نترضى عنهم، وسنرضع أبناءهم الترضي عنهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، اللهم ارض عنهم واحشرنا في زمرتهم أجمعين.