العزيز
كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...
العربية
المؤلف | ياسر دحيم |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - الصلاة |
عبد الله: إن حضورك إلى المسجد لأداء الصلاة مع الجماعة إنما هو عمارة لبيوت الله، فحافظ على هذه الصلاة مع الجماعة، لتكون لك نوراً وبرهاناً يوم القيامة، ولا تكن من أولئك الذين ضعف إيمانهم، وفرطوا في صلاتهم، فلا يحرصون على حضور صلاة الفجر مع الجماعة، وهم بصنيعهم هذا قد...
الخطبة الأولى:
الحمد للهِ المعزِّ مَن أطاعه واتَّقاه، والمذِلِّ لمن خالَف أمره وعصاه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له لا إلهَ سواه، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيِّدنا محمّدًا عبدُه ورسوله اصطفاه ربه واجتباه، اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فاتقوا الله حقَّ تقواه، واعملوا بطاعته تفوزوا برضاه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].
عباد الله: ذكر الله عمار المساجد، فوصفهم بالإيمان، وبالقيام بالأعمال الصالحة التي أهمها الصلاة والزكاة، وبخشية الله التي هي أصل كل خير، فقال تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ)[التوبة: 18].
عبد الله: إن حضورك إلى المسجد لأداء الصلاة مع الجماعة إنما هو عمارة لبيوت الله، فحافظ على هذه الصلاة مع الجماعة، لتكون لك نوراً وبرهاناً يوم القيامة، ولا تكن من أولئك الذين ضعف إيمانهم، وفرطوا في صلاتهم، فلا يحرصون على حضور صلاة الفجر مع الجماعة، وهم بصنيعهم هذا قد آثروا حب الراحة والنوم على محاب الله ورسوله.
إن صلاة الفجر تشكو من قلة المصلين فيها، مع أنها صلاة مباركة، أقسم الله بوقتها، فقال: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ)[الفجر: 1].
وهي صلاة مشهودة تشهدها الملائكة، قال تعالى: (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)[الإسراء: 78].
فيامن نمت عن صلاة الفجر: كم من أجور ضيعتها؟ وكم من حسنات فقدتها؟ وكم من كنوز راحت عليك؛ يوم تكاسلت عن صلاة الفجر وضيعتها؟!
ألا تعلم -ياعبد الله- أن صلاة الفجر تعدل قيام ليلة كاملة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ شَطْرَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ" [أَخْرَجَهُ مُسْلِم].
ألا تعلم أن من حافظ على صلاة الفجر فهو في ذمة الله وحفظه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلا يَطْلُبَنَّكَ اللَّهُ بِذِمَّتِهِ مِنْ شَيْءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ أَخْفَرَ اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ"[رواه مسلم].
يامن نمت عن صلاة الفجر: هل تعلم أن دخول الجنة لمن يصلي الفجر في جماعة؟ قال صلى الله عليه وسلم: "مَن صلَّى البَرْدَينِ دخلَ الجنةَ" [متفق عليه].
والبردان هما: الفجر والعصر.
وقال صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا".
يانائماً عن صلاة الفجر: ملائكة الرحمن ترفع تقريرها لرب السماء عمن يحافظون على هذه الفريضة في بيوت الله مع الجماعة، فما بالك أنت نائم في فراشك؟ جاء في الصحيح عن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ".
هذه ملائكة الرحمن ترفع شهادتها بمن يصلي الفجر والعصر ثناءً وتزكيةً لهم، فَيَقُولُونَ: "تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ".
فما بال بعض المسلمين يتكاسلون عن هذا الشرف العظيم؟!.
فليس عجيباً بعد ذلك-ياعباد الله- أن يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ صَلاَةٌ أثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنْ صَلاَةِ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً"[متفق عله].
أين الذين يعلمون ذلك؟ وأين الذين يخافون النفاق على أنفسهم؟ أين الذين يعظمون كلام الله ورسوله ويقفون عند حدوده؟أين الذين يسابقون إلى هذه الأجور العظيمة، وينافسون على هذه العطايا الكريمة؟!
وها هو ابن مسعود يقول: "وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عنها إلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ".
لقد علم أصحاب محمد-عليه الصلاة والسلام- أهمية هذه الصلاة وموقعها من الإيمان، لذا رأوا أن المؤمن الحق لا يمكن أبداً أن يتخلف أو يتأخر عنها، فكيف لو حضروا زماننا هذا، الناس يسهرون إلى أوقاتٍ متأخرة ليس بسبب قيام الليل والذكر والطاعة، وإنما على القنوات والشهوات والمحرمات، ثم يُلقي أحدهم جسده على فراشه دون أن يذكر ربه، ولا يُلقي بالاً ولا حساباً لصلاةٍ أو عباده، ولو كان هذا النائم عن صلاة الفجر على سفرٍ لأعد العدة للاستيقاظ مبكراً، ولو كان عمله يتطلب قيامه مبكراً لاستعد لذلك؛ لأن القضية قضية عمل ومالٍ ودنيا وتجارة.
فسبحان! من يبيع الباقي بالزائل، ومن يفرط بآخرته من أجل دنياه، خاب وخسر -والله-!.
إن من هذا حاله يصبح مطية للشيطان؛ يبول الشيطان في أذنيه، كما روى أن بن مسعود قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أصْبَحَ، قَالَ: "ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيطَانُ في أُذُنَيْهِ أَوْ قَالَ: في أُذُنِهِ" [متفقٌ عَلَيْهِ].
وفيه دلالة على أن الشيطان قد استولى عليه، واستخف به؛ حتى جعله مكاناً لقضاء حاجته، وإفراغ قذارته -فنعوذ بالله من ذلك-.
وعن أَبي هريرة -رضي الله عنه-: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "يَعْقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُمْ ، إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فَارْقُدْ، فَإن اسْتَيقَظَ فَذَكَرَ اللهَ -تَعَالَى- انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ تَوَضّأ انْحَلّتْ عُقدَةٌ، فَإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأصْبَحَ نَشِيطاً طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإلاَّ أصْبحَ خَبيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ"[متفقٌ عَلَيْهِ].
وهذه بشرى نبيكم لكم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[رواه الترمذي وأبو داود].
وانظروا كيف رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنة الفجر حيث قال: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"[رواه مسلم].
ولك أن تتأمل الأجر العظيم لمن صلى فريضة الفجر، فإذا كانت سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها؛ فكيف بأجر الفريضة لا شك ولا ريب أن أجرها أعظم وفضلها أشمل؟.
فاحذر-ياعبدالله- أن تكون من أولئك الخاسرين المفرطين، الذين أضاعوا الصلاة وتركوها، أو تكاسلوا عنها، فأخروها، قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4 - 5].
وقال عز وجل: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم: 59].
أضاعوها فأخروها عن وقتها كسلاً وسهوا ونوما، قال ابن مسعود -رضي الله عنه- وغيره: ليس معنى: (أَضَاعُوا) تركوها بالكلية، ولكن أخروها عن أوقاتها.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله ...
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبيه وآله وأصحابه ومن والاه.
أَمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -تعالى- حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى: (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281].
وَلا تَركَنُوا إلى هَذِهِ الدُّنيَا، وَكُونُوا فِيهَا عَلَى حَذَرٍ، فَقَد قال النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "كَيْفَ أَنْعَمُ وَقَدِ الْتَقَمَ صَاحِبُ الْقَرْنِ الْقَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ، وَأَصْغَى سَمْعَهُ يَنْظُرُ مَتَى يُؤْمَرُ"[رواه أحمد].
عباد الله: ثبت في البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رؤيا عن بعض أصناف المعذَّبين من أمته في قبورهم إلى يوم القيامة، فقصها على أصحابه تحذيراً للأمة من أن يصيبهم هذا العذاب المخيف، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، فَقَالَا لِي: انْطَلِقْ، انْطَلِقْ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ،فَيُدَهْدِهُ الْحَجَرَ هَاهُنَا، فَيَتْبَعُهُ فَيَأْخُذُهُ فِمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، حَتَّى يُصْبِحَ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى" فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ: "قَالَا: أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ".
فتأملوا-رحمكم الله- هذا الحال الفظيع، والعذاب الشديد لذلك الذي يترك الصلاة الواجبة، ويفضل النوم عليها، لقد ثقُل رأسُه عن إجابة النداء بالصلاة، فكان عقابه أن يهوي الحجر فوق رأسه، والجزاء من جنس العمل.
وعَنْ مُعَاذٍ قَالَ: "أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ" وذكر منها: "وَلَا تَتْرُكَنَّ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا؛ فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ"[رواه أحمد والبيهقي وصححه الألباني].
وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود يوصينا بالصلاة، والمحافظة عليها:"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوَبَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُنَنَ الْهُدَى، وَلَعَمْرِي مَا إِخَالُ أَحَدَكُمْ إِلا وَقَدِ اتَّخَذَ مَسْجِدًا فِي بَيْتِهِ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَضَلَلْتُمْ، وَلَقَدْ رَأَيْتَنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ".
أي وهو مريض يأتي للمسجد حبا للصلاة.
عباد الله: حريٌ بالمؤمن الذي يسمع هذه البشارات النبوية، والفضائل والثمرات المترتبة على صلاة الفجر، وفي مقابلها التحذيرات والعقوبات الشديدة للمتخلف عنها؛ أن يحافظ على هذه الصلاة المكتوبة، ويشتاق إليها، ويكون من السباقين المسارعين إلى المساجد، حتى يحقق الإيمان ويكون ممن قال الله فيهم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال: 2 -4].
اللهم اجعلنا من المسارعين في الخيرات، المسابقين إلى الطاعات، المحافظين على الصلوات، الذين لا خوف عليهم في الحياة وبعد الممات.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلنا وأموالنا.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.
اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء، أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي، وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
والحمد لله رب العالمين.