الإله
(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...
العربية
المؤلف | حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - التاريخ وتقويم البلدان |
آلَت الأمورُ في اليمن إلى أوضاعٍ أمنيَّةٍ سيئةٍ، غُيِّبَت معه القيادةُ جبرًا وقهرًا عن قيادة البلاد، حتى غدَت الأمورُ في هذا الإقليم من أقاليم المُسلمين إلى فوضى خطِرة، تُنذِرُ بضررٍ عظيمٍ، وشرٍّ مُستطيرٍ على اليمن وأهله وجيرانِه من المُسلمين. لقد عانَى اليمنُ وأهلُه من أعمالٍ عدوانيَّةٍ من الاعتِداءات المُستمرَّة، على القيادة والمُجتمع اليمنيِّ، حتى نادَى نداءُ العقل مُنذِرًا بخطورة تقسيم وتفتيت اليمن، وضرب أمنه واستِقراره، وجرِّه إلى حروبٍ أهليَّةٍ تُحرِقُ البلادَ وتُهلِكُ العباد، ويَطالُ شرُّها من في اليمنِ ومن حولَه من جيرانِه...
الخطبة الأولى:
الحمد لله قاهر المُتجبِّرين، ومُوهِن كيد الكائِدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهُ الأولين والآخرين، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه سيِّدُ الأنبياء والمُرسَلين، عليه وعلى آله وأصحابِه أفضلُ الصلاة والتسليم.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
أُوصِيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا- وبطاعته؛ فمن اتَّقاه جعلَ له من كل همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا، ومن كل عُسرٍ يُسرًا، وكتبَ له النصرَ والتأييدَ والعزَّة والتمكين.
معاشر المسلمين:
بكل ألمٍ وأسًى تابعَ العالَمُ ما وصلَت إليه الأمورُ في اليمن الحبيب، الذي حظِيَ بثناء النبي -صلى الله عليه وسلم-، الثناء عليه وعلى أهله المُلتزِمين بالكتاب والسنة؛ فقال - عليه الصلاة والسلام -: "الإيمانُ يمانيٌّ، والحكمةُ يمانيَّةٌ".
وببالِغِ القلقِ تابَعَ المُسلِمون تطوُّرات الأحداث الخطِرة في بلاد اليمن الحبيبة، حتى وصلَ الأمرُ من فئةٍ بغَت إلى الاعتِداء على شرعيَّة القيادة، وعلى أهل البلدِ ككُلٍّ، بما أقضَّ مضاجِعَ الأهالي، وهتَكَ الأمنَ والأمان، وأخافَ وروَّع الآمنين.
بل أصبحَ هذا الاعتِداءُ يُشكِّلُ تهديدًا مُعلَنًا وصريحًا لأمن المنطِقة أجمع واستِقرارها، خاصَّةً بلاد الحرمين الشريفين ومُجتمعها.
وقد انطلَقَت الأصواتُ الحكيمةُ بمنطقِ العقل ونداءِ الحكمة، تسعَى وتجتهِد إلى لَمِّ الشملِ في اليمن، وإعادة الأمن، واستِقرار المُجتمع، بكل ما يُمكِن من الحلول السلميَّة، والمُعالَجات الحواريَّة الراقيَة. ومن تلك الأصوات وهذه المُبادَرات: ما قامَت به دولُ الخليج العربيِّ.
ولكن الأمرَ أصبحَ يزدادُ خطرًا، والموقفُ يشتدُّ ألَمًا، حتى آلَت الأمورُ في اليمن إلى أوضاعٍ أمنيَّةٍ سيئةٍ، غُيِّبَت معه القيادةُ جبرًا وقهرًا عن قيادة البلاد، حتى غدَت الأمورُ في هذا الإقليم من أقاليم المُسلمين إلى فوضى خطِرة، تُنذِرُ بضررٍ عظيمٍ، وشرٍّ مُستطيرٍ على اليمن وأهله وجيرانِه من المُسلمين.
لقد عانَى اليمنُ وأهلُه من أعمالٍ عدوانيَّةٍ من الاعتِداءات المُستمرَّة، على القيادة والمُجتمع اليمنيِّ، حتى نادَى نداءُ العقل مُنذِرًا بخطورة تقسيم وتفتيت اليمن، وضرب أمنه واستِقراره، وجرِّه إلى حروبٍ أهليَّةٍ تُحرِقُ البلادَ وتُهلِكُ العباد، ويَطالُ شرُّها من في اليمنِ ومن حولَه من جيرانِه.
إخوة الإسلام:
في خِضَمِّ هذه المواقِفِ الحَرِجَة، والظروف العَصيبة التي تمُرُّ بها كثيرٌ من بُلدان من المُسلمين - للأسف -؛ من اعتِداءاتٍ لا تستقيمُ مع الدين الحَنيف، ولا الخُلُق المُنيف، وفي ظلِّ الأنانيَّة المُستحكِمة والجشَع، والمصالِح الذاتيَّة التي تخدمُ أجنداتٍ تهدِفُ إلى نسفِ أمن مُجتمعاتنا، والعِداء لعقيدتنا، والسعيِ إلى تفتيتِ بُلداننا واحتِلال مُقدَّراتنا.
في ظلِّ تلك المُعطَيات، ومن مُنطلَق المسؤوليَّة المُلقَاة على عاتِقِ حُكَّامنا، من بذلِ الأسبابِ التي - بإذن الله - تحفظُ البلادَ والعبادَ، وتدرأُ الأضرارَ والأخطارَ، ومن مبادِئ المسؤوليَّة التي تحمَّلَها وُلاةُ أمور المُسلمين؛ من وجوب التعاوُن على حفظِ مصالِح مُجتمعاتهم، وتحقيقِ الأمن والسِّلم المنشودَين إقليميًّا وعالميًّا، وصدِّ مُخططاتِ أعداءِ المُسلمين التي تُريدُ الدَّمارَ والهلاكَ للمنطِقة ككُلٍّ.
ومن هذه الأسباب، وبعد استِنفادِ الحُلول السِّلميَّة، وعدم جدوَى المُعالَجة السياسيَّة، وبعد أن طالَبَت قيادةُ اليمن الشرعيَّة، وناشَدَت إخوانَها في البُلدان الإسلاميَّة إلى الوقوفِ إلى جانبِ الشعبِ اليمنيِّ، لحمايةِ اليمن من المُنزلَقَات الخطِرة، والمُنعَطَفات السيئةِ والعواقِبِ الأليمة، التي يعُمُّ ضررُها جميعَ المُسلمين.
وإزاءَ تلك المخاطِر الجَسِيمة أتَت وتأتي تحرُّكات الدول الإسلامية، وعلى رأسها: حكومةُ خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -، بالوقوفِ إلى جانبِ قيادة وشعبِ اليمن، لتضعَ حلاًّ حازِمًا ناجِعًا لهذا الانفلاتِ الأمنيِّ، والانقلابِ الغادِر.
تحرُّكاتٌ تأتي من مُنطلَق الاستِجابة لقول الله - جل وعلا -: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات: 10]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المُسلمُ أخو المُسلمِ، لا يظلِمُه، ولا يخذُلُه، ولا يُسلِمُه"؛ (متفق عليه).
قال ابن حجر: "معنى "لا يُسلِمه" أي: لا يترُكه مع من يُؤذِيه؛ بل ينصُرُه ويدفعُ عنه، وهذا أخصُّ من تركِ الظُّلم".
وقد أوجبَ الله - جل وعلا - ردَّ المُعتدِي، ونصرة المظلُوم، فقال: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة: 71].
ورسولُنا - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري - يقول: «انصُر أخاكَ ظالِمًا أو مظلُومًا»، فقال رجلٌ: يا رسول الله! أنصُره إن كان مظلومًا، أفرأيتَ إن كان ظالِمًا كيف أنصُره؟ قال: «تحجُزُه أو تمنعُه من الظُّلم؛ فإن ذلك نصرُه».
فالنُّصرةُ حقٌّ أساسيٌّ من حقوق الأُخُوَّة ومُقتضياتها العمليَّة، ومن هنا جاء الأمرُ بقولِه - جل وعلا -: (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) [الحجرات: 9].
يقول عليٌّ - رضي الله عنه -: "أحسنُ العدل: نُصرة المظلوم".
ورُوي عن زين العابِدين - رضي الله عنه - أنه قال: "اللهم إني أعتذرُ إليك من مظلومٍ ظُلِم بحضرتِي فلم أنصُره".
بل إن مبدأ نصرة المظلُوم ومن أصابَه الأذَى مبدأٌ إسلاميٌّ، حتى ولو كان المظلُوم غيرَ مُسلم.
قال ابن قُدامة - رحمه الله -: "وعلى الإمام حِفظُ أهل الذمَّة ومنعُ من يقصِدُهم بأذًى من المُسلمين والكافِرين".
ولا شكَّ أن الأمة أجمع مُطالَبةٌ بردِّ اعتِداء المُعتَدين، وتجاوُز المُتطاوِلين على أمن واستِقرار بلادِ المُسلمين؛ ليأمنَ الناسُ على دينِهم ودُنياهم، فتلك مقصِدٌ من مقاصِد هذا الدين.
في الحديث: "ما من امرئٍ يخذُلُ امرأً مُسلِمًا عند موطنٍ تُنتهَكُ فيه حُرمتُه، ويُنتَقَصُ فيه من عِرضِه إلا خذَلَه الله - جل وعلا - في موطنٍ يُحبُّ فيه نصرتَه"؛ (رواه أحمد بسندٍ صحيح).
إن الأمة اليوم تجتاحُها في الواقعِ المُعاصِرِ صُورٌ مُتعدِّدةٌ من العِداءات التي تبرُزُ في مظاهِر مُتنوِّعة، وصُورٍ مُختلِفة، ومن أخطرِها: ضربُ البلدِ الواحِدِ من الداخِلِ، حتى يستعِرَ نارًا، وحتى يُحرِقَ بعضُه بعضًا.
وما لم تقِف الأمةُ صفًّا واحِدًا في وجهِ تلك الاعتِداءات فستصيرُ لُقمةً سائِغةً تلتهِمُها تلك الأفواه المسعُورة بلدًا بلدًا، ومِصرًا مِصرًا. فتلك المُخطَّطاتُ الماكِرة واجِبٌ على المُسلمين جميعًا - خاصَّةً الحُكَّام - واجِبٌ الوقوفُ بقوةٍ ضدَّها، والحزمُ تجاه تلك المُخطَّطات، حتى تسلَمَ الأمةُ ومُجتمعاتُها من الشُّرور والأخطار.
يقول الله - جل وعلا -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) [النساء: 71]، (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال: 60].
وإن هذه المواقِف وهذه التحرُّكات التي تأتي بعد إعياءِ الحلِّ السِّلميِّ، بعد أن أصمَّ أولئك المُعتَدون عن سماع أيّ نداء، بل وراحُوا يُوجِّهون وِجهَتَهم إلى ما يُوقِعُ بلادَ اليمن وجِيرانَها إلى شرٍّ مُحدِقٍ بالجميع. وحينئذٍ لم يبقَ لدَى القادِرين والمسؤولين إلا ما ذكَرَه لسانُ أبي تمَّام:
السيفُ أصدقُ إنباءً من الكُتُبِ | في حدِّهِ الحدُّ بين الجِدِّ واللعِبِ |
إن الأمةَ اليوم عليها جميعًا الحذرُ من التفرُّق، واختِلافُ الكلمة، ومن تفريقِ الصفِّ. وعليها الحذرُ الأكيد من المُخطَّطات التي تمكُرُ بها، وتسعَى إلى تفكِيكِ وحدتها، والنَّيل من عقائِدِها ومُقدَّراتها، وتهدِفُ إلى نسفِ الأمنِ والاستِقرار في المُجتمعات والبُلدان الإسلاميَّة.
والمُسلِمون لن يكونوا بمنأَى عن تلك الشُّرور إلا بمحوِ أسباب التفرُّق والاصطِدام، والعمل على إيجادِ بيئةٍ تسعَى إلى جمعِ الكلِمة ووحدة الصفِّ، وتغليبِ المصالِح العامَّة، ونسيان المصالِحِ الذاتيَّة أمام مصلَحة الدين والأمة، وأن يكون الهدفُ المنشُودُ خدمة الدين، ثم البلاد والأوطان، والحِفاظُ على أمنِها واستِقرارها، وإلا فقد قال القائِلُ:
أمرتُك أمرًا جازِمًا فعصَيتَني | فأصبَحتَ مسلُوبَ الإمارة نادِمًا |
وإن على الحُكومات وأهل الحلِّ والعقدِ أن تجتمِع كلمتُهم على المواقِفِ الحازِمة، والتحرُّكات القاضِية على مُشكِلات الأمة، بما يُحقِّقُ المقاصِدَ الشرعيَّة والأهداف الدنيويَّة، ويُفوِّتُ على الأعداء الفُرصةَ في تحقيقِ أهدافِهم الخطِرة، ومقاصِدِهم الشِّريرة؛ فإن الشرَّ يعُمُّ، والخيرَ يخُصُّ، ولا يهلكُ على الله إلا هالِك.
وإن على أهل العلمِ تبصِير الناس ودعوتهم إلى ما يُحقِّق وحدتَهم، ويجمعُ كلمتَهم، ويُؤلِّفُ بينهم وبين قادتِهم ووُلاة أمورِهم، وعليهم الحذرُ من الفتوَى الأحاديَّة التي تبرُزُ في مواطِن الفِتَن، والتي أثبَتَت الوقائِعُ أن لبعضِها مآلاتٍ وخيمَة، وعواقِبَ غير محمودة.
فعلينا أن نتوخَّى الحِكمَة، ومُراعاة الكِياسَة والفتنة، وأن تُراعَى في الأقوال والأفعال مآلاتُ الأمور وعواقِبُها ونتائِجُها؛ لتكون العاقِبةُ حميدة، والنتيجةُ مرضِيَّة.
فكفَى المُسلمين من الأضرار ما حلَّ بهم من كوارِث في بعضِ البُلدان التي لا تخفَى على أحد، مما نتَجَ عنه شرٌّ كبير، وضررٌ عظيم، لا يعلمُ مداهُ إلا الله - جل وعلا -.
إن على المُسلمين جميعًا التوبةُ إلى الله - جل وعلا - واللُّجوء إليه، والرُّجوع إلى دينِه، وتنفيذُ أوامِرِه، واجتِنابُ انتِهاك حُدوده وارتِكاب معاصِيه. فلا عصمةَ من فتنةٍ، ولا خُروجَ من أزمةٍ إلا بذلك؛ (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) [الذاريات: 50]، (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 82]، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].
ما وقعَت الفتنُ المُدلهِمَّة، ولا المصائِبُ المُتنوِّعة، ولا حصلَت المشاكِلُ العظيمة والأدواءُ المُختلِفة إلا بسببِ ذنوبِ العبادِ ومعاصِيهم، ومُخالفتهم للطريقة الشرعيَّة، وللسُّنَّة المُحمديَّة، (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى: 30]، (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )[آل عمران: 165].
على أهل اليمَن - عُلماء وسَاسَةٍ ومُثقَّفين وعامَّة - أن يُجمِعوا أمرَهم، ويُوحِّدُوا كلمتَهم ليدفَعوا عن دينِهم وعقيدتِهم وبلادِهم الأخطارَ المُستحكِمة، والأضرارَ المُستطِيرَة التي تنالُ الدينَ والدنيا معًا، وعليهم أن يقِفُوا سدًّا منيعًا عن كل مُخطَّطٍ ماكِرٍ وهدفٍ خبيثٍ، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آل عمران: 103]، (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46].
والواجِبُ على الجميعِ حِفظُ بُلدانهم ومُقدَّراتهم، والحِفاظُ على أهلِهم ومُجتمعاتهم ولُحمَتهم.
وعلى أهل أبناء اليمَن ألا يستَجيبُوا للهوَى والشيطان، ولا للمطامِع الدنيويَّة، والمصالِح الشخصيَّة، فيُفسِدُوا بُلدانَهم. فتلك خيانةٌ عُظمَى، وجريمةٌ كُبرى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27].
بارك الله لي ولكم بما في الوحيين، أقول هذا القول، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا كما يُحبُّ ربُّنا ويرضَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبيُّ المُصطفَى والعبدُ المُجتبَى، اللهم صلِّ وسلِّم عليه وعلى آله وأصحابِه الأتقِياء.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
نِعمُ الله على أهل هذه البلادِ مُتعدِّدة، ومنها: نعمةُ القيادة التي تميَّزَت بتحكيم الشريعَة وتعظيمِها، والحِرصِ على حفظِ أمن هذه البلاد أرضِ الحرمين الشريفين، ومهبِط الرسالة، بلادِ كل مُسلمٍ على هذه الأرض، والذي أمنُه أمنٌ لكل المُسلمين جميعًا.
وإننا لنسألُ الله - جل وعلا - أن يُعينَ قائِدَنا خادمَ الحرمين الملكَ سلمانَ الذي عهِدَه الجميعُ ذا حكمةٍ رَصينةٍ وعقلٍ راجِح، فها هو لم يَأْلُ جُهدًا في تحرُّكاته السياسيَّة التي تهدِفُ إلى جمع كلمةِ الأمة ووحدَة صفِّها، والحِفاظِ على أمنِها وأمانِها، والمُحافَظَةِ على راحَتها واستِقرارِها ومصالِحِها.
ولا غرْوَ؛ فإن وقفةَ خادم الحرمين الشريفين وقفةٌ تاريخيَّةٌ يُسجِّلُها له التأريخُ في وقفَاته الحَازِمة، تجاه ما يُخطَّطُ ويُدارُ حِيالَ عقيدة المُسلمين ودينِهم ومُقدَّراتهم وبُلدانهم. وقديمًا قال أبو تمَّام في مثلِ تلك الوقفات:
وفَتحُ الفُتوحِ تعالَى أن يُحيطَ به | نظمٌ من الشِّعرِ أو نثرٌ من الخُطَبِ |
فنسألُ الله - جل وعلا - أن يجزِيَه خيرًا، وأن يُوفِّقَه ويُعينَه ويُسدِّده، ووليَّ عهده ونائِبَهما.
وعلى أهل هذه البلاد أن يعلَموا أنه انطِلاقًا من النُّصوص والقواعِد والمقاصِدِ الشرعيَّة في تحقيقِ المصالِح ودرءِ المفاسِدِ، ورِعايَةِ أمن الحرمين الشريفين وحدودِهما وثُغورِهما، وتعزيز الأمن والسِّلم الدوليَّيْن ليُشادُ بهذه المواقِفِ الحازِمة من وُلاةِ أُمورِنا في هذه البلادِ المُبارَكة، وأن ذلك يستحِقُّ المُؤازَرَة والتأييد من جميع المُسلمين؛ لتسلَمَ الأمةُ أجمع من غائِلَة الشُّرور وأسباب الخطَر، ومن المُخطَّطات التي لا مُنتهَى لها، جعلَها الله في أسفَلِ سافِلِين، ومكَرَ بمن مكَرَ بالمُسلمين.
وإن على أهل هذه البلادِ أن يقِفُوا صفًّا واحِدًا مع قادتِهم ووُلاة أمورهم. وعلى أهل العلمِ أن يُوجِّهوا الشبابَ أن يلتَفِتُوا مع قادتِهم فيما يُحقِّقُ الأمنَ والأمانَ، ويدفعُ الشرَّ والخطرَ.
ثم إن الله أمرَنا بأمرٍ عظيمٍ، ألا وهو: الصلاةُ والسلامُ على النبيِّ الكريم. اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا ورسولِنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِر الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم عليك بمن اعتدَى على المُسلمين، اللهم عليك بمن اعتدَى على المُسلمين، اللهم عليك بمن اعتدَى على المُسلمين، اللهم اكتُب النصرَ والتمكينَ لجميع المُسلمين في كل مكان.
اللهم أيِّد إمامَنا ووليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين، اللهم سدِّد رأيَه، اللهم سدِّد رأيَه، اللهم اجعَله هادِيًا مهديًّا، اللهم اجمَع به كلمةَ المسلمين، اللهم انصُر به هذا الدين، اللهم احفَظ به البلادَ والعباد، اللهم احفَظ به البلادَ والعباد.
اللهم احفَظ جميع بلادِ المُسلمين، اللهم احفَظ جميع بلادِ المُسلمين، اللهم احفَظها من الشُّرور والأخطار، اللهم احفَظها من الشُّرور والأخطار، اللهم احفَظ بلادَ الحرمين، اللهم احفَظها بحفظِك، واكلأها برعايتِك وعنايتِك.
اللهم احفَظ علينا أمنَنا واستِقرارَنا، اللهم احفَظ علينا أمنَنا واستِقرارَنا، اللهم احفَظ علينا جميعًا في كل مكانٍ أمنَنا واستِقرارَنا ورغدَنا ورخاءَنا يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اجعَلنا شاكِرين لنِعَمِك، مُثنِينَ بها عليك قابِلها، وأتمَّها علينا بفضلِك وجُودِك يا أكرم الأكرمين.
اللهم اغفِر للمُسلمين والمُسلِمات، والمُؤمنين والمُؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم احفَظ المُسلمين في سُوريا، اللهم احفَظ المُسلمين في سُوريا، اللهم أطفِئ عنهم الفتنَ والشُّرور، اللهم احفَظ المُسلمين في العراق، اللهم احفَظ المُسلمين في تونس ومصر، اللهم احفَظهم بحفظِك، اللهم احفَظهم في ليبيا واليمن، اللهم احفَظهم في كل مكانٍ يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أنعِم عليهم بنعمةِ الأمن والاستِقرار، اللهم أنعِم على العالَم الإسلاميِّ بكلِّ أمنٍ واستِقرارٍ ورخاءٍ وعزَّةٍ وتمكين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفَظ جنُودَنا، اللهم احفَظ جنُودَنا، اللهم كُن لهم عونًا ونصيرًا، اللهم احفَظهم في برِّك وجوِّك وبحرِك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أيِّدهم بتأييدك، اللهم أيِّدهم بتأييدك، اللهم أيِّدهم بتأييدك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنعِم علينا بنعمةِ الغيث، اللهم أنعِم علينا بنعمةِ الغيث، اللهم أنعِم علينا بنعمةِ الغيث يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم اسقِنا، اللهم اسقِنا واسقِ ديارَ المسلمين، اللهم لك الحمدُ والشُّكرُ على ما أنعمتَ به على بعض بُلدان المُسلمين من الغيثِ المِدرار، اللهم فأتِمَّ نعمتَك على جميع بلادِ المُسلمين، اللهم فأتِمَّ نعمتَك على جميع بلادِ المُسلمين يا حي يا قيوم، يا غني يا حميد.
عباد الله: اذكروا الله ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً، وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالَمين.