الوكيل
كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...
العربية
المؤلف | علي عبد الرحمن الحذيفي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - التوحيد |
وقد عرف الناس أمراضًا إذا شاء الله انتقلت من المريض إلى الصحيح -بإذن الله- وقد كان أهل الجاهلية يعتقدون أن هذه الأمراض تُعدي بطبعها فتنتقل بذاتها من المريض إلى الصحيح.. فيعدي المريض الصحيح بالمخالطة والملاقاة لا محالة، فأبطل الله اعتقاد أهل الجاهلية وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه لا عدوى، والنفي أبلغ من النهي في إبطال العدوى ..
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله.. اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله -تعالى- وأطيعوه؛ فإن تقوى الله هي الوسيلة إلى كل خير في هذه الدار وفي دار القرار.
أيها المسلمون: فوضوا أموركم كلها إلى الله، وتوكلوا عليه؛ فمن توكل على الله كفاه وبلغَّه جنته ورضاه، واعملوا بالأسباب التي أرشد إليها الشرع الحكيم والأسباب التي عُلِمت بالتجارب المباحة الصحيحة.. فمن حكَّم الشرع في أموره كلها كان من المفلحين، ومن أعرض عن كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- كان من الخاسرين.
عباد الله: إن ربكم -تقدَّست أسماؤه- قد كتب المقادير وقضى الأمور قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.. عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قدَّر الله المقادير قبل أن يخلق السماواتِ والأرضَ بخمسين ألف سنة" رواه مسلم والترمذي..
والله -تعالى- يفعل ما يشاء.. له القدرة التامة والمشيئة النافذة، والحكمة البالغة والعلم المحيط والرحمة العامة.. الخلق خلقه والأمر كله راجعٌ إليه: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الأنبياء: 23].
لقد أراد الله -تعالى- أن تكون هذه الحياة الدنيا جامعةٌ بين الخير والشر وأن يكون هذا الخلق المشاهد جاريا على سننٍ أوجدها الله باقية إلى أجل مسمَّى..
قدر الله -تعالى- في هذه الحياة.. الحياة والموت والمحبوب والمكروه والخير والشر والفرح والسرور والحزن والهموم والصحة والمرض والعافية والبلاء والطاعة والمعصية والكرب والفرج والعسر واليسر والكمال والنقص والعجز والكيس؛ ليعلم الخلق أن لهذا الكون إلهًا عظيمًا متصفًا بصفات الكمال كلها منزَّها عن صفات النقص؛ ليعبدوه ولا يشركون به شيئا، وليرغبوا إليه - سبحانه - لطلب كل خير في الدنيا والآخرة، وليستعيذوا بربهم من كل سوءٍ ليصرف عنهم كل شر في الدنيا والآخرة؛ فإن الرب - تبارك وتعالى- هو القادر على ذلك كله.. قال الله -تعالى-: (وََإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يونس: 107]..
ومن يتصور أو يظن أن هذا الكون المشاهَد يمكن أن يتحقق فيه الخير بدون أن يوجد شرٌّ في الوجود فقد تصور ما لا يكون، وظنَّ ما لا يتحقق وجوده؛ لأن هذا الكون المشاهَد لو وجِد فيه خيرٌ وطاعة من غير وقوع شر ومكروه لكان كونًا ووجودًا آخر له سننٌ أخرى وأسبابٌ أخرى.. والله على كل شيء قدير..
وأما في الآخرة؛ فالخير الخالص كله والنعيم كله في الجنة، والشر كله بحذافيره والعذاب بأنواعه في النار؛ فمن دخل الجنة لم يحزن ولم يندم على ما فاته من الدنيا ولا يتحسر على ما أصابه من المصائب، ومن دخل النار لم ينفعه ما جمع له في الدنيا من المسرات.. عن أنس -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يُؤتَى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيُصبغ في النار صبغةً ثم يُقال: يابن آدم.. هل رأيت خيرًا قط؟ هل مرَّ بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب.. ما مر بي نعيمٌ قط، ويُؤتَى بأشدِّ الناس بؤسًا من أهل الجنة فيصبغ صبغةً في الجنة، فيقال له: ياابن آدم.. هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مرَّ بك من شدَّةٍ قط؟ فيقول: لا والله يا رب.. ما مرَّ بي بؤسٌ قط ولا رأيت شدةً قط" رواه مسلم.
ومع ما جبلت عليه الدنيا من الكدر وما قدر فيها من المصائب والمكاره؛ فالإيمان والإسلام ضامنٌ لصاحبه حسن العاقبة وخير المآل والمنقلب بزيادة النعم والثواب على الشكر وبتكفير السيئات والثواب على الصبر.. عن سلمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "عجباً لأمر المؤمن.. إن أمره كله خير -وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن- إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له" رواه مسلم.
والأمراض مما ابتلي بها العباد، والله -تعالى- يخلقها بسببٍ وبغير سبب، ويعافي منها مَنْ يشاء بسببٍ وبغير سبب.. قال الله -تعالى-: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) [البروج: 15 – 16].
فمن ابتُلِي بشيءٍ من ذلك فلْيصبر ولْيحتسب ولْيتداوى بما أباح الله له من الأسباب.. فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تداوَوْا فإن الله -تعالى- لم يضع داءً إلا وضع له دواء غير داءٍ واحدٍ وهو الهرم" رواه أبو داود والترمذي من حديث أسامة بن شريك -رضي الله عنه-.. وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله أنزل الدَّاء والدواء، وجعل لكل داءٍ دواء؛ فتداووا.. ولا تداووا بالحرام" رواه أبو داود.
والدعاء ينفع الله به مما نزل ومما لم ينزل، وهو من الأسباب الجالبة لكل خير والدافعة لكل شر.. قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ..) [غافر: 60]..
وقد عرف الناس أمراضًا إذا شاء الله انتقلت من المريض إلى الصحيح -بإذن الله- وقد كان أهل الجاهلية يعتقدون أن هذه الأمراض تُعدي بطبعها فتنتقل بذاتها من المريض إلى الصحيح.. فيعدي المريض الصحيح بالمخالطة والملاقاة لا محالة، فأبطل الله اعتقاد أهل الجاهلية وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه لا عدوى، والنفي أبلغ من النهي في إبطال العدوى.. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا عدوى ولا طِيَرة ولا هامة ولا صَفَر" رواه البخاري ومسلم..
والطيرة هي التشاؤم بمرئي أو مسموع، وهي من أعمال المشركين في الجاهلية.. فقد كانوا يتشاءمون بالطيور في اتجاه طيرانها وبأصواتها ويتشاءمون ببعض الأيام وببعض الحوادث والمخلوقات التي تعرِض لهم؛ فيمنعهم التشاؤم والتطير من المضي لمقاصدهم أو يحدث لهم عزمًا وإرادة على المضي لحاجاتهم بالتطير إذا رأوا أو سمعوا ما يظنونه مؤثرًا في النجاح..
فأبطل الله -عز وجل- في الإسلام هذا التشاؤم وهذا التطيُّر بجميع صوره، فجاء الإسلام بالعقيدة الحق والتوحيد الخالص، وأوجب التوكل على الله الذي بيده كل شيء، وعلق القلب بالخالق المدبر.. عن الفضل بن العباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك" رواه أحمد.. قال عكرمة: "كنا جلوسًا عند ابن العباس فمرّ طائرٌ يصيح، فقال رجل من القوم: خيرٌ خير، فقال ابن العباس: لا خير ولا شر"، فأنكر عليه؛ لئلا يعتقد تأثيره بالخير أو الشر..
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه الفأل -وهو الكلمة الطيبة- فيسرُّ بذلك، ولا تؤثر في عزمه فعلاً أو تركاً؛ لأن الفأل في حسن ظنك بالله -تعالى- وهو عمل صالح.. بخلاف سوء الظن فهو محرم.
والهامة طائرٌ من طيور الليل..كانوا يتشاءمون بها إذا وقعت على الدار.. قال الرجل: نعت إلي نفسي، وكانوا يتشاءمون بشهر صفر..
فأبطل الإسلام هذا الاعتقاد الباطل كله، ووجه القلوب إلى الخالق البارئ الذي له مقاليد السماوات والأرض، وأوجب التوكل عليه.. وبيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- حكم الطيرة، فعن عبد الله بن مسعود مرفوعا: "الطيرة شرك والطيرة شرك" رواه أبو داود والترمذي..
وأما العدوى التي نفتها الأحاديث فمعناها: انتقال المرض بطبعه وذاته من المريض إلى الصحيح بالمخالطة كما يعتقد أهل الجاهلية ويقطعون بإصابة السليم بالمرض من المريض.. لا يلتفتون إلى مشيئة الله ولا يردون الإصابة إلى إرادة الله، فأبطل الإسلام هذا الاعتقاد الجاهلي، ورد الإسلام الأمور كلها إلى الله -تعالى- وإلى مشيئته وإرادته فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن..
وقد يشاء الله -تعالى- أن يجعل مخالطة المريض للصحيح سبباً في حدوث المرض للصحيح.. وقد يشاء الله ألا يتضرر الصحيح بمخالطة المريض؛ فالصحة والمرض كل منهما بقدرة الله - تعالى - عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يعدي شيء شيئا، فقال أعرابي: يارسول الله: النبة من الجرب تكون بمشفر البعير أو بذنبه في الإبل العظيمة فتجرب كلها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فمن أجرب الأول.. لا عدوى ولا طيرة ولا هامة؛ خلق الله كل نفس، وكتب حياتها ومصائبها ورزقها" رواه أحمد والترمذي.
وأما الأحاديث التي تتضمن اتقاء أسباب الأمراض فليس في شيء منها إثبات العدوى، ولا تدل على وقوع العدوى بطبعها، وإنما تتضمن هذه الأحاديث البعد عن أسباب الشر والضرر إذا كان الإنسان في عافية، كما أن الإنسان مأمور ألا يُلقيَ نفسه في النار ولا في السيل ولا يشرب السم ولا يبيت على سطح لا تحذير عليه.. إلى غير ذلك مما فيه ضرر مما هو منهي عنه..
فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يورد ممرضٌ على مصِح"، وقوله -صلى الله عليه وسلم: "وفِر من المجذوم كما تفر من الأسد" رواه أحمد والبخاري وتعليقا..
وعن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا سمعتم بالطاعون في بلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع في بلد وأنتم فيه فلا تخرجوا منه" رواه البخاري..
فهذه الأحاديث وأمثالها ليس فيها إثباتُ العدوى بطبعها.. وإنما بقدرة الله -تبارك وتعالى- قد يجعل الله -عز وجل- المخالطة سبباً في مرض الصحيح، وإنما تتضمن اتقاء أسباب الشر والضرر، وفيها سدُّ أبواب الشيطان التي يدخل منها على الإنسان فيضر عقيدته ويتسخط القدر، فيقول: لو أني ما فعلت هذا لما أصابني كذا..
وأما من قوي وكمل توكله على الله فهو على خيرٍ في جميع أحواله.. (.. َوَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ..) [الطلاق: 3].
ومن الأسباب المباحة التطعيم الذي ثبتت منافعه ضد بعض الأمراض وانتفت مضاره في الحال والمآل، ومن الأسباب المباحة الحجْر الصحي، والتوكلُ على الله أكملُ لحديث السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون..
وقد شاهدنا نحن وغيرنا من أصيب بالجدري وأكل معه، ومن أصيب بالحصبة -وهي من الأمراض المعدية بإذن الله- فلم يصابوا بشيء من ذلك..
وشاهدنا في حج هذا العام سلامة الحجاج وعافيتهم -ولله الحمد- من الأمراض الخطيرة التي أرجف فيها بعض الناس، وسلامتهم فيما مضى من أعوام الحج وعافيتهم، وسيعافيهم الله -عز وجل- إن شاء الله- فيما يستقبل؛ فقد أدوا حجهم بطمأنينة وسكينة ويسر وسهولة وأمن وإيمان وتيسير أرزاق ورعاية صحية ووفور خدمات وتحقق حاجاتٍ لهم من الله -تبارك وتعالى-..
فلله الحمد على ذلك كله، ولله الحمد على أن جعل ولاةَ أمر هذه البلاد أمناءَ على الحرمين الشريفين يسعون لكل ما فيه راحةُ الحجاج والمعتمرين والزائرين وتيسير أمورهم، والأخذ على يد كل من يريد بالحج سوءاً، وسيجدون ذلك في صحائفهم عندما يجزي الله المحسنين.
ولكن قد ساء المسلمين إساءةً عظيمة وشق عليهم وكدر صفو سرورهم ما قامت به فئة المتسللين عبرَ حدود المملكة العربية السعودية في الشهر الحرام، فسفكت الدم الحرام، وأخافت الآمنين، وظنت هذه الفئة أنها ستحقق بعض أهدافها، ولكن الله -تعالى- بمنه وكرمه- وقى شرها، وردها على أعقابها خائبة..
نسأل الله -تعالى- أن يطفئ فتنة هذه الفئة المتسللة المعتدين، وأن يكف شرهم ويدحرهم في عافية لجنودنا وحفظٍ لحدودنا وأمنٍ للمواطنين في الحدود، وأن يتقبل المقتولين من الجنود في الشهداء؛ فإنهم قاتلوا عن الدين وحوزة الإسلام، وأن يرد المفقودين سالمين، وأن يحسن عزاء خادم الحرمين وولاة الأمر وذوي المقتولين في من دافعوا عن حوزة الإسلام وماتوا..
نسأل الله- عز وجل- أن يغفر لهم، وأن يعيذنا من مضلات الفتن، وأن يحفظ لنا أمننا واستقرارنا..
وفي هذه الساعة المباركة ندعو بالعزاء والمغفرة لمن لقوا ربهم يوم الأربعاء -الثامن من هذا الشهر- بسبب السيل.. فأحسن الله عزاء خادم الحرمين الشريفين فيهم، وأحسن الله عزاء ذويهم وجميع أقربائهم، وأجارهم في مصيبتهم، وعوض الموتى في حياتهم جنات النعيم، وأحسن الله عزاء ولاة الأمر فيهم..
والصبر مركب المؤمنين.. قال الله -تعالى-: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: 22 – 23].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم.. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين.. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
عباد الله: بادروا بالأعمال الصالحات واهجروا المحرمات.. يا من حج بيت الله الحرام احفظ حجك من المبطلات وزكه بالطاعات، يامن وُفِّقْتَ لصيام عرفات لا تأتِ من القبائح ما يوجب حرمانك من الخيرات..
يا من قدَّم قربان الأضحى وصلى مع المسلمين قد أصبت خيراً كثيرا؛ فتزود ليوم الممات.. قال الله - تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 33]..
وعن معاذ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب 56]، فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.. اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد. اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وسلم تسليماً كثيراً..
اللهم وارض عن الصحابة أجمعين وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم وارضَ عنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك ياأرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الكفر والكافرين. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك يارب العالمين ياقوي ياعزيز. اللهم أظهر أنوار السنة في كل مكان يارب العالمين وكل زمان..
اللهم يارب العالمين أبطل البدع، اللهم أبطل البدع وأذل أهلها يارب العالمين، واجعلنا ممن اتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإحسان إنك على كل شيء قدير.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح اللهم ولاة أمورنا. اللهم ألف بين قلوب المسلمين.
اللهم يارب العالمين اغفر لنا وللمسلمين إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين
اللهم وفق ولي أمرنا إمامَ المسلمين، اللهم وفق ولي أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك يارب العالمين، وانصر به دينك، اللهم واجمع به كلمة المسلمين يارب العالمين إنك على كل شيء قدير، وأصلح له بطانته، اللهم وأعنه على ما تحب وترضى وعلى ما فيه الخيرُ للإسلام والمسلمين والبلاد والعباد.
اللهم وفق ولي عهده لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك. اللهم وفق النائب الثاني لما تحب وترضى، ولما فيه الخير والعز للإسلام والمسلمين. (..رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
عباد الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90] (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل: 91]. اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ والله يعلم ما تصنعون.