العزيز
كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...
العربية
المؤلف | حسان أحمد العماري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أهل السنة والجماعة |
وقد حذرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الفتن، وسرعة التعاطي معها دون علم أو تثبُّت أو بصر، فقال: "سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ" رواه البخاري.
الخطبة الأولى:
الحمد لله مستحقِ الحمد بلا انقطاع، ومستوجبِ الشكر بأقصى ما يستطاع، الوهاب المنان، الرحيم الرحمن، المدعو بكل لسان، المرجو للعفو والإحسان، الذي لا خير إلا منه، ولا فضل إلا من لدنه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الجميل العوائد، الجزيل الفوائد، أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، عالم الغيوب، مفرّج الكروب، مجيب دعوة المضطر المكروب.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، الوافي عهده، الصادق وعده، ذا الأخلاق الطاهرة، المؤيّد بالمعجزات الظاهرة، والبراهين الباهرة، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وتابعيه، صلاة تشرق إشراق البدور.
أما بعـــد: عبـــــاد الله: عند نزول المصائب، وحدوث الفتن، واحتدام الصراعات والخلافات بين الأفراد والمجتمعات والشعوب والدول، تظهر أخلاق وسلوكيات وتصرفات تنبئ عن نفسيات وقيم متأصلة في النفوس، ومبادئ توجه الإنسان في هذه الحياة، فتظهر حقائق كانت كامنة في النفوس، وقد تنكشف مفاهيم خاطئة يتبناها بعض الناس خيراً أو شراً، قال -تعالى-: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء:35].
ولذلك؛ تعتبر الفتن والمشاكل والأحداث محطة تمييز وتمحيص واختبار للسلوكيات والأخلاق والقيم، قال -تعالى-: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ) [الحج:11]، وقال -تعالى-: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران:179].
وقد حذرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الفتن، وسرعة التعاطي معها دون علم أو تثبُّت أو بصر، فقال: "سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ" رواه البخاري.
وإن من أعظم الأسباب التي تعين المسلم على الثبات على القيم العظيمة والأخلاق الفاضلة، وبها ينال حفظ الله ورعايته، اللجوء إلى الله، والاتصال به، والالتزام بأمره، قال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) [النساء:66-68].
ذلك أن الإنسان عندما يتعرض للفتن والمصائب والمحن يطيش عقله، وتسوء تصرفاته، وتزيد ذنوبه ومعاصيه، وتكثر همومه وأحزانه، فيخسر دينه ودنياه وآخرته، ولا يثبت على الحق والخير والمعروف إلا من وطن نفسه على طاعة الله ولم ينشغل بما أصابه عما أوجبه الله عليه، قال -تعالى-: (إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) [المعارج:19-23]، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة:153].
وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا ادلهمت الخطوب، وكثرت الهموم، وتوالت المصائب والابتلاءات، لا يجد ملجأ وطريقاً للراحة إلا في عبادته وفي صلاته، فكان يقول: "أرحنا بها يا بلال" صحيح أبي داود.
بل بين -صلى الله عليه وسلم- أهمية العبادة وفضلها عند نزول البلايا والمصائب والفتن، فعن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ" رواه مسلم. قال النووي: قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"، الْمُرَادُ بِالْهَرْجِ هُنَا الْفِتْنَةُ وَاخْتِلَاطُ أُمُورِ النَّاسِ، وقيل: كثرة القتل. وَسَبَبُ كَثْرَةِ فَضْلِ الْعِبَادَةِ فِيهِ أَنَّ النَّاسَ يَغْفُلُونَ عَنْهَا، وَيَشْتَغِلُونَ عَنْهَا، وَلَا يَتَفَرَّغُ لَهَا إِلَّا أَفْرَادٌ. اهـ.
وقال ابن الجوزي (في كشف المشكل): إذا عمت الفتن اشتغلت القلوب، وإذا تعبد متعبد حينئذ دل على قوة اشتغال قلبه بالله -عز وجل- فيكثر أجره.
وعلى المسلم أن يكثر من ذكر الله والدعاء والتضرع بين يديه، قال -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28].
والذكر من خير الأعمال وأزكاها عند اللهِ، فعن معاذِ بن جبل -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أنبِّئُكم بخيرِ أعمالِكم، وأزكاها عند مليكِكِم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٍ لكم من إنفاقِ الذهب والفضّة، ومِن أن تلقَوا عدوَّكم فتضرِبوا أعناقَهم ويضربوا أعناقكم؟"، قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: "ذكرُ الله" رواه أحمد والترمذي.
وكفى بذكرِ الله شَرفًا أن الله -سبحانه وتعالى- يذكر صاحبه، فعن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله: "يقول الله -تعالى-: أنا عِند ظنِّ عبدي بي، وأنا معَه إذا ذكرني، فإن ذكرَني في نفسِه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملأ خيرٍ منهم" رواه البخاري.
قال حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- (كما جاء في صفة الصفوة): "ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق".
ولا بد أن نكثر من ذكر الله ودعائه والتضرع بين يديه حتى ندفع البلاء، ونتجنب الفتن، ونستمطر الرحمات، والفرج في الضيق والملمات.
أيها المؤمنون: عبـاد الله، ومن السلوكيات المطلوبة من المسلم في مثل هذه الأحوال أن يساهم في نشر الخير، وبذل المعروف، وتقديم النفع، وإحقاق الحق، وتهدئة الخواطر، وجبر المصائب.
بل لا بد للمسلم في زمن المصائب والفتن أن يتنازل عن حظوظ نفسه ومصالحه الشخصية من أجل مصلحة العامة، فالطمع والجشع وحب الذات يظهر في النفوس؛ لأنه لا يثبت على الأخلاق العظيمة في مختلف الظروف إلا العظماء، قال -صلى الله عليه وسلم-: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا، هم أهل المعروف في الآخرة" صححه الألباني في صحيح الجامع.
هذا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في عام الرمادة وقد اشتد بالمسلمين الفقر والجوع بسبب القحط، جاءت تجارته من الشام ألف بعير محملة بالتمر والزيت والزبيب، فجاءه تجار المدينة وقالوا له: تبيعنا ونزيدك الدرهم درهمين؟ فقال عثمان بن عفان -رضي الله عنه- لهم: لقد بعتها بأكثر من هذا. فقالوا: نزيدك الدرهم بخمسة؟ فقال لهم عثمان -رضي الله عنه-: لقد زادني غيركم الدرهم بعشرة. فقالوا له: فمن الذي زادك، وليس في المدينة تجار غيرنا؟ فقال لهم عثمان -رضي الله عنه-: لقد بعتها لله ولرسوله، فهي لفقراء المسلمين.
ماذا لو لم يكن يحمل بين جوانحه ضمير المؤمن الحي؟ لكانت هذه الفرصة لا تعوض ليربح أموالا طائلة، ولو كانت على حساب البطون الجوعى والأجساد العارية وآهات المرضى والجرحى والثكالى وهموم أصحاب الحاجات.
وقد وصف الله المجتمع المسلم وهو في أحلك الظروف وأشد الأوقات بقوله: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) [الحشر:9].
ومن السلوكيات والأخلاق التي ينبغي أن نتحلى بها نشر الأمن والأمان، فلا يجوز ترويع المسلم أو تخويفه، ووقت النوازل والفتن يكون الأمر أشد حرمة؛ لأن القلوب تكون وجلة وخائفة ومتوجسة مما يحدث، ويحتاج الجميع إلى نشر الأمن والأمان، وبث الأمل، ونشر الثقة بين أفراد المجتمع، فقد حذرت الشريعة الإسلامية من ترويع المسلم وتخويفه ولو على سبيل المزاح، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يأخذ أحدكم متاع أخيه، لا جاداً ولا هازلاً" حسنه الألباني في صحيح الترغيب.
بل حذر -صلى الله عليه وسلم- المسلم من أن يشير على أخيه بالسلاح، حتى لا يكون ذلك سبباً في ترويعه وتخويفه وإقلاق سكينته، أو سبباً لسفك دمه وتعريضه للخطر، فيقول: "مَن أشار على أخيه بالسلاح لعنته الملائكة حتى ينتهي، ولو كان أخاه من أبيه وأمه" رواه مسلم.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري؛ لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار" رواه البخاري.
فإذا كان هذه التحذير والوعيد من مجرد ترويع المسلم وتخويفه، فكيف بمن يستحل دم المسلم وعرضه وماله، ويكون سبباً في ترويع الناس ونشر الخوف في المجتمع بأفعاله وسلوكه؟.
بل حرص الإسلام على إشاعة الأمن في كل مكان، فقد دعا إلى تأمين الناس في طرقاتهم ومساجدهم وأسواقهم، حتى لا يتعرضوا لأذى، وأوجب حقوقًا للمجالس بالطرقات؛ لينعم بهذا السلوك الإنسان والحجر والشجر والطير وغير ذلك من دواب الأرض، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إياكم والجلوس في الطرقات!"، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدٌّ! نتحدث فيها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه". قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: "غَض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حُمّره (أي: طائر) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحُمّرة تعرّش (ترفرف)، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "مَن فجَع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها" صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
يا لروعة هذه القيم والأخلاق! "مَن فجَع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها"، فكم من أم فُجِعت في أولادها! وكم من أب عاش حياة الخوف على أبنائه! وكم من زوجة سلبت الأمن والراحة خوفاً على زوجها! وكم من إنسان روع وخوف في أهله! وكم من يتيم فقد من يعوله! وكم من مجتمع روع أبناؤه بسبب تفجيرٍ هنا أو حربٍ هناك أو قطع طريقٍ أو سلبٍ أو نهبٍ وتعدٍّ على الحقوق أو اختطاف في هذا المكان أو ذاك!.
فلنكن جميعاً مصدر أمن وأمان في مجتمعاتنا برعاية بعضنا لبعض، وتفقد بعضنا لبعض، وتعاون بعضنا مع بعض، ويرحم بعضنا بعضا، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونصلح فساد قلوبنا وسوء أعمالنا.
اللهم ارحم ضعفنا، وألف بين قلوبنا، وخذ بنواصينا إلى كل خير.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
عبـاد الله: عند الشدائد والمحن ونزول الفتن تطيش العقول، وتضيق النفوس، وتختلط الأمور، وتكثر الشائعات، ويكثر الغضب، ولا بد حينها من الصبر والحلم والتأني، فبدون الصبر لا يمكن للإنسان الحفاظ على نفسه وعقله ودينه وعلاقاته مع الآخرين، فإن في الصبر علاجا لأمراض شتى وأعراض مختلفة يصاب بها الأفراد والجماعات.
وفي الصبر علاج من حالات الغضب، والاستعجال، وحب الانتقام، والانتهازية، والطمع، والجشع، وحب الذات، ونكران الجميل، وضعف الأخوة.
وبالصبر يسلم المرء من اليأس والقنوط والكسل وغيرها من الحالات السلبية الناجمة عن ألوان الفتن والشهوات والأحزان ومظاهر الفقر والقهر وجور السلطان والظلم وأساليب المكر والخيانة والطغيان وصنوف الابتلاء، ولقد وعت هذه الحقيقة الفئة المؤمنة فسألت ربها الصبر وقالت: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا) [البقرة:250]، وقال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200].
والصبر وقاية لنا من الظلم والعدوان على بعضنا البعض، وهو طريق وسبيل للعفو والتسامح، وعلينا كذلك أن نصلح ذات بيننا، كل في مكانه وموقعه، فقد حذر -عليه الصلاة والسلام- من ذلك فقال: "فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر؛ ولكن تحلق الدِّينَ" غاية المرام للألباني.
عبـاد الله: إن النزاعات والخصومات والخلافات والحروب والصراعات على هذه الدنيا قد تذهب بالدين والإيمان والأخلاق والقيم من القلوب، وما فائدة الحياة وقد فقد المرء دينه وخلقه وأمانته؟ بل قد تذهب هذه الخلافات بالمجتمعات والأوطان، وتعصف بحياة الناس عصفاً، وتغري الأعداء والمتربصين بهذه الأمة، كما يحدث في بلادنا، وكثير من بلاد المسلمين.
ولا بد من وحدة الصف، وتآلف القلوب، وحل المشاكل بالتفاهم والحوار، والتنازل عن المصالح الشخصية، وتغليب مصلحة الأوطان، حتى لا يستمر وأد الحياة، وسفك الدماء، وإزهاق الأرواح، وتدمير الممتلكات.
وعندنا أمل أن بعد الليل فجرا ساطعا، وأن بعد الخلافات أخوة وتعاونا، وأن بعد الشدائد والمحن حياة طيبة، وسعادة غامرة، وخيرا وفيرا، إن صدقنا مع الله وأخلصنا في أعمالنا، وصدقنا في حبنا لبعضنا البعض، وعملنا جميعاً من أجل ازدهار وتطور أوطاننا وأمتنا، وما ذلك على الله ببعيد.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم ادفع عنا كل بلاء، وجنبنا كل فتنة، وثبتنا على الحق حتى نلقاك.
اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل عسر يسرا، ومن كل بلاء عافية، واحفظنا من شر الأشرار، وكيد الفجار، ومن شر طوارق الليل والنهار، يا رب العالمين.
هذا وصلوا وسلموا على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، برحمتك يا أرحم الراحمين.