البحث

عبارات مقترحة:

القادر

كلمة (القادر) في اللغة اسم فاعل من القدرة، أو من التقدير، واسم...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

تفسير سورتي الإخلاص

العربية

المؤلف وليد بن سالم الشعبان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات القرآن الكريم وعلومه
عناصر الخطبة
  1. التعريف بسورتي الإخلاص .
  2. من فضائلهما .
  3. تفسير موجز للسورتين .
  4. من فوائدهما. .

اقتباس

سور القرآن كثيرة، وبعضها أفضل من بعض، ومن هذه السور الفاضلة، سورتَا الإخلاص: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسَلَّمَ تسلِيمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -تعالى-، واعلموا أن القرآن كلام ربنا على الحقيقة، أُنزل للتدبر والعمل بما فيه، والواجب علينا أن نعمل به؛ حتى نفوز فوزا عظيما.

أيها الناس: سور القرآن كثيرة، وبعضها أفضل من بعض، ومن هذه السور الفاضلة، سورتَا الإخلاص: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).

فمن فضائلهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ بـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) في سنّة الفجر. رواه مسلم.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بهما في سنة المغرب. رواه الترمذي ورواه ابن ماجه، وقال الألباني: صحيح لغيره.

وكان عليه الصلاة والسلام يقرأ بهما في ركعتي الطواف. رواه مسلم.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يختم بهما في وتره من الليل. أخرجه الترمذي والنسائي وصححه الألباني.

وعند أبي داود والترمذي، عن فروة بن نوفل، عن أبيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "اقرأ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَثم نم على خاتمتها، فإنها براءة من الشرك" رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي، وقال الألباني: حسن لغيره.

ومن الحكمة من قراءتهما في هذه المواطن ما تضمنتاه من الإخلاص لله "عز وجل"، والثناء عليه بالصفات الكاملة.

ولنا وقفة في تفسيرٍ موجزٍ لسورتَيْ الإخلاص: بسم الله الرحمن الرحيم: (قُلْ يا أيُّها الكافِرون) [الكافرون:1]، (قُلْ) أيها الرسول، والأمر له ولأمته من بعده. و(الكافرون) هم أناس مخصوصون، وهم الذين طلبوا منه أن يعبد أوثانهم سنة ويعبدوا إلهه سنة، فأنزل الله هذه السورة إِخبارًا أنَّ ذلك لا يكون.

(لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) [الكافرون:2] الآن، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري، أي: فيما تعبدون من الأصنام.

(وَلاَ أَنتُمْ عَـبِدُونَ مَآ أَعْبُدُ) [الكافرون:3]، أي: لا تعبدون الله في الحال، ولا فيما يُستقبل، إذ إنَّ الله -تعالى- عَلِمَ منهم أنهم لا يؤمنون.

(وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَـبِدُونَ مَآ أَعْبُدُ) [الكافرون:4-5]، وهذا التوكيد فائدته قطع أطماع الكفار، وتحقيق الإخبار بوفاتهم على الكفر، وأنهم لا يُسلمون أبدًا ولا يؤمنون.

(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) [الكافرون:6]، في الآية معنى التهديد، وهو كقوله -تعالى-: (لَنَا أَعمَالُنَا وَلَكُم أَعمَالُكُم) [القصص:55]، فقوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ)، أي: الباطل، وهو الشرك الذي تعتقدونه وتتولونه. (وَلِيَ دِينِ) الذي هو دين الحق، وهو الإسلام، أي: لكم شرككم ولي توحيدي، وهذا غاية في التبرّؤ من الباطل الذي هم عليه.

ومثل ذلك في إفادة التهديد والوعيد قوله -تعالى- في سورة الكهف: (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ...)، فليس معنى الآية أن من اختار الإيمان كمن اختار الكفر، بل من اختار الكفر مؤاخذ ومن اختار الإيمان مُثاب، ويدل على أنها تفيد التهديد بقية الآية، قوله -تعالى-: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) [الكهف:29].

وهنا، يجدر التنبيه إلى أن العلماء قالوا فيمن قال [من العوام] في الآيتين إنهما تفيدان أنْ لا مؤاخذة على من اختار دينًا غير الإسلام، قال العلماء: إنه يكفر؛ لتكذيبه قوله -تعالى-: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85].

ونستفيد أيضاً من هذه السورة أن ما سوى دين الإسلام من الأديان يُسمى دينًا، مع كونه باطلًا فاسدًا، فالآية معناها: أيها الكافرون، لكم دينكم الفاسد الباطل وليَ دين الحق وهو الإسلام.

اللهم إنا نعوذ بك من الشرك، صغيره وكبيره، اللهم أحينا على التوحيد، وتوفنا عليه، واحشرنا في زمرة الموحدين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين؛ إنك أنت الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ الواحدِ الأحدِ الصمدِ، الذي لم يلدْ ولم يُولدْ ولم يكن له كُفُوا أحد.

وأشهدُ أن لا إله إلا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ لَه رفعَ السماءَ بلا عَمد، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ خير من صلى وصام، وركع لربه وسجد، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِهِ وأصحابِه أهل الفضل والشرَف والسُّؤدَد، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ومن تعبَّد.

أما بعد: عباد الله: سورة الإخلاص هي صفة الرحمن، وتعدل ثلث القرآن في الفضل؛ وهي سببٌ لحفظ العبد وحمايته إذا قرأها حين يصبح وحين يمسي مع سورتي الفلق والناس. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرقي نفسه بها مع المعوذتين قبل النوم.

ومعنى هذه السورة باختصار: بسم الله الرحمن الرحيم: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) [الإخلاص:1]، أي: (قُلْ) أيها الرسول قولا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، وأمته -عليه الصلاة والسلام- داخلة في هذا الأمر.

(هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العُلَى، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل؛ فهو واحد في ذاته، واحد في ربوبيته، واحد في ألوهيته، واحد في أسمائه وصفاته. جل وعلا.

(اللَّهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص:2]، أي: السيد الكامل في سؤدده، أي الذي بلغ الغاية في سؤدده، المقصود في جميع الحوائج؛ فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم.

ومن كماله أنه (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)؛ لكمال غناه، فهو الأول الذي ليس قبله شيء, وهو الآخر الذي ليس بعده شيء، سبحانه وتعالى.

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص:3]، لا في أسمائه، ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.

وقد دلت سورة (الكافرون) على توحيد العبادة والألوهية، وسورة الإخلاص دلت على توحيد الربوبية والأسماء والصفات، فهاتان السورتان بمجموعهما دلتا على أنواع التوحيد الثلاثة.

اللهم إنا نسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد أن تجعلنا من أهل التوحيد الخالص، وأن تغفر لنا ذنوبنا أجمعين، إنك أنت الغفور الرحيم.

اللهم إنا نسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك مما سألك منه محمد -صلى الله عليه وسلم-، ونعوذ بك مما استعاذك منه محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم ما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته لنا رشدا.

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم وأموالهم يا رب العالمين.

اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار، وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أهل دينك، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز.

اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك، وأيّدهم بتأييدك، واجعلهم أنصارا لدينك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا بسوء اللهم فأشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين.

اللهم احفظ بلادنا من شر الأشرار، وكيد الفجار، اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا واستقرارنا وجماعتنا يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، انك سميع قريب مجيب الدعوات.

اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله ربِّ العالمين.