البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

القدوة وأثرها

العربية

المؤلف هاني الرفاعي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. من أعظم الوسائل في التأثير وغرس المعاني والفضائل في النفوس .
  2. القدوة من أرقى وسائل التربية .
  3. أثر القدوات المحمود وتأثيرها على النفوس. .

اقتباس

يا أمة الإسلام كيف نتصور حال شباب ألفوا من آبائهم هجر المساجد؟! كيف تتقبل الفتاه الحجاب ووالدتها مستهترة به مضيعة له؟! كيف نطلب من الولد أن يكون عفّ اللسان وهو يسمع الكلمات النابية من والديه صباح مساء؟! المعلمة التي ترمقها طالباتها خارج المدرسة كاشفة للمحرم مستهترة بلباسها وحكمتها لتعاليم الدين لا يمكن لهذه المعلمة أن تقوم برسالتها مربية وصانعة للأجيال الخيرة وصانعة للطهر وللعفاف؟! وهل يستقيم الظل يا عباد الله والعود أعوج؟! ...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، أشكره جل جلاله وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله بلّغ رسالة الله وأدى الأمانة ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في سبيل الله حق الجهاد حتى آتاه اليقين، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد، فأوصيكم أيها المسلمون أوصيكم بعدة الصادقين وسبيل المؤمنين، أوصيكم بسبيل النجاة في الدنيا ويوم يقوم الناس لرب العالمين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

أيها المسلمون والمسلمات: أتحدث معكم في هذه الجمعة المباركة عن وسيلة هي من أعظم الوسائل في التأثير وغرس المعاني والفضائل في النفوس، تلكم يا عباد الله تلكم هي القدوة، القدوة التي هي من أرقى وسائل التربية، القدوة تغنينا عن كثير من أساليب الترغيب والتشويق، وتغنينا عن الاستكثار في إقامة الحجة والجدال.

 ومن حكمة الله أن أرسل إلينا رسلاً من بني جلدتنا، فهم معنا يعيشون بيننا ويتأثرون فيما نتأثر به ليكونوا للناس قدوة وأسوة.

نعم يا عباد الله نعم يا إخوة الإيمان: بالقدوة الحسنة انتشر الإسلام في كثير من البلدان في المشرق وفى المغرب، بالقدوة الصالحة والأسوة الصالحة كان شخص الداعية المسلم كتابا مفتوحا يقرأ فيه الناس معاني الإسلام وأخلاقه، ولهذا قيل: إن صلاح المؤمن هو أبلغ خطبة تدعو الناس إلى الإيمان، وخلقه الفاضل هو السحر الذي يجذب الأفئدة ويجمع القلوب، لذلك توسل عباد الرحمن توسلوا إلى ربهم وطلبوا منه أن يجعلهم الله قدوة صالحة للمتقين ليزداد أجرهم وتتضاعف حسناتهم، قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان: 74].

والنفوس يا عباد الله النفوس بفطرتها وجبلتها التي جبلها الله عليها فُطرت على تقليد ومحاكاة من أحبته وأعجبت بشخصيته، والوالدان والمعلم وإمام المسجد هم أول قدوة يقتدى بهم؛ إذ عليهم تتفتح عيون الناشئة وبكلامهم تترنم آذان الناشئة لذلك يا عباد الله ينبغي للوالدين أن يكونوا قدوة حسنة صالحة لأولادهما ينبغي للمعلم أن يكون قدوة حسنة لطلابه، ينبغي لإمام المسجد أن يكون قدوة حسنة لمن يدخلون إلى هذا المكان العظيم.

 يا أمة الإسلام كيف نتصور حال شباب ألفوا من آبائهم هجر المساجد؟! كيف تتقبل الفتاه الحجاب ووالدتها مستهترة به مضيعة له؟! كيف نطلب من الولد أن يكون عفّ اللسان وهو يسمع الكلمات النابية من والديه صباح مساء؟! المعلمة التي ترمقها طالباتها خارج المدرسة كاشفة للمحرم مستهترة بلباسها وحكمتها لتعاليم الدين لا يمكن لهذه المعلمة أن تقوم برسالتها مربية وصانعة للأجيال الخيرة وصانعة للطهر وللعفاف؟! وهل يستقيم الظل يا عباد الله والعود أعوج؟!

أيها المباركون والمباركات: لقد عرف دعاة الشر أثر القدوات المحمود وتأثيرها على النفوس، فأخذوا يصنعون بكل جد واجتهاد يصنعون نماذج بشرية وقدوات سيئة في روايات خليعة وأغاني ماجنة، وبطولات ساقطة في الفضائيات الهابطة ومواقع الإنترنت، أضفوا على هذه القدوات المزعومة عبارات التمجيد والثناء الإثارة الإعجاب بها في نفوس الناس فأمست هذه النماذج أسوة تقدي بها أجيالنا الناشئة؛ تحاكيها، بل تترسم خطاها..

 صنعوا قدوات لأجيالنا وأبنائنا لا تعظّم الدين ولا تصون الأخلاق، ولا تراعى القيم، أسوة تنشر مذاهب هدامة وأفكار ملوثة، أسوة تجعل من المرأة المتمردة على الدين والأخلاق بطلة فاتحة، وتصور النكاح والزواج قيودًا وأغلالاً، والإباحية والحب المحرم تقدمًا وتطورًا، قدوات شغلت أبناءنا وبناتنا عن القدوات الطاهر الصالحة شغلتهم عن مصعب بن عمير والبراء بن عازب، وعبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وابن بن باز وابن عثيمين، شغلت بناتنا عن عائشة الصدِّيقة وأختها أسماء وخديجة رضي الله عنهم أجمعين.

أنهكت عقول شبابنا بسير أولئك القدوات الضائعة حتى رأينا في بعضهم أنهم يحاكون هذه القدوات الهابطة في ما يخالف الدين، ويخالف هدى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فانتبهوا -يراعكم الله- انتبهوا لأبنائكم وبناتكم ونسائكم، وأحيوا فيهم حب الصالحين، أحيوا فيهم حب الصالحات والقدوات والدعاة إلى الخير والصلاح، "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل خطيئة وذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على فضله وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد أيها المباركون والمباركات: إنها مسئولية عظمى تفرض علينا نحن الآباء أن نهيأ القدوة التي يجد فيها ابننا المأمن من العثار والهداية دون تنكب السبيل، إن أعظم قدوة بين أيدينا يا عباد الله، هديه وسيرته التي لا تقدم ولا تهرم بين أيدينا يا عباد الله، إن بين أيدينا قدوة عظيمة لكل زمان ولكل جيل، إنها القدوة بسيد الثقلين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- القدوة به عليه الصلاة والسلام في كل ما أرشد إليه في سنته، وفي كل ما أرشد إليه وحذر منه الأمة، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

وصدق الله العظيم إذ يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21]، أما من أراد الدنيا وزينتها فقط، فليقتدِ بالأقزام من دونه -صلى الله عليه وسلم-، فليتمسك بالأقزام الضائعين اللاهين وليعلم أن الجزاء من جنس العمل.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أصلح لنا أبناءنا وبناتنا يا حي يا قيوم، اللهم اجعلهم يقتدون بالصالحين والصالحات، اللهم حبب إليهم كتابك القرآن العظيم وسنه نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم حبِّب أولادنا إلى المساجد، اللهم حببهم إلى المساجد وإلى حلق الذكر والعلم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اجعلنا قدوة صالحة لأبنائنا وبناتنا والمسلمين والمسلمات يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إننا بشر وخلق من خلقك إن أخطانا فاغفر لنا، واهدنا إلى صراطك المستقيم.

اللهم يا حي يا قيوم احفظ أبناءنا وبناتنا من أصدقاء ورفاق السوء يا ذا الجلال والإكرام، اللهم احفظهم من شرور الفضائيات، اللهم ارزقهم البصيرة في دينهم، اللهم ارزقهم الفقه في دينهم والعلم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم حصِّنهم بالاستغفار والتوبة، اللهم حصِّنهم بالقرآن العظيم اللهم حصنهم بآياتك وقرآنك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.