الولي
كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...
العربية
المؤلف | صالح بن فوزان الفوزان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - الصلاة |
فرض الله على هذه الأمة خمس صلوات في اليوم والليلة، في أوقات مناسبة لا تعطلهم عن مصالحهم، بل تعينهم عليها، ليكرروا الاتصال به سبحانه، والوقوف بين يديه، فيقبل عليهم بوجهه الكريم، ويسمع دعاءهم، ويستجيب نداءهم، ويغفر ذنوبهم، ويرفع درجاتهم. وقد شبّه النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الصلوات الخمس بالنهر الجاري على باب المسلم، يغتسل منه في اليوم والليلة خمس مرات، فيستمر نظيفاً ليس عليه أوساخ، فكذلك...
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، جعل الصلاة ثانية أركان الإسلام، وأمر بإقامتها والمحافظة عليها على الدوام، وأخبر أنها تنهى عن الفحشاء والآثام، أحمده على إحسانه الخاص والعام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته، وصفاته وأسمائه العِظام.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، كانت الصلاة قرّة عينه، ونعيم قلبه، وكان يفزع إليها عند الأحداث العِظام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البَرَرة الكِرام، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيّها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وحافظوا على الصلوات، ولازموا حضور الجمع والجماعات، كما أمركم بذلك ربكم، وحثّكم عليه نبيكم، فإن الصلاة هي ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وهي الفارقة بين المسلم والكافر، وهي شعار النبيين، وعلامة المتقين، والصلة بين العبد ورب العالمين، وهي محل عناية الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، قال إبراهيم -عليه السلام-: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي) [إبراهيم: 40].
وقال: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ) [إبراهيم: 37].
وقال: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ) [مريم: 54 - 55].
وقال عن زكريا -عليه السلام-: (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ) [آل عمران: 39].
وقال عيسى -عليه السلام-: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) [مريم: 30 - 31].
وقال الله لنبيّنا محمّد خاتم النبيين: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 98 - 99].
وقال له: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا) [الإسراء: 78 - 79].
وقال له: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طـه: 132].
وقد فرض الله على هذه الأمة خمس صلوات في اليوم والليلة، في أوقات مناسبة لا تعطلهم عن مصالحهم، بل تعينهم عليها، ليكرروا الاتصال به سبحانه، والوقوف بين يديه، فيقبل عليهم بوجهه الكريم، ويسمع دعاءهم، ويستجيب نداءهم، ويغفر ذنوبهم، ويرفع درجاتهم.
وقد شبّه النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الصلوات الخمس بالنهر الجاري على باب المسلم، يغتسل منه في اليوم والليلة خمس مرات، فيستمر نظيفاً ليس عليه أوساخ، فكذلك الصلوات الخمس تطهّر العبد من الذنوب، وتستمر له هذه الطهارة ما دام محافظاً على الصلاة، وأولها: صلاة الفجر، يفتتح بها العبد يومه، وتكون حِرزاً له من الشيطان، وعوناً له في طلب الخيرات، ينطلق العبد بعد صلاة الفجر في أعماله الدنيوية، نشيطاً طيب النفس.
وإذا ارتكب بعض الأخطاء في أثناء عمله في النهار، واكتسب شيئاً من الذنوب، جاءت صلاة الظهر، وصلاة العصر، فمحا الله بهما ما حصل منه، وكفّر بهما سيئاته.
ثم تأتي صلاة المغرب، وهي وتر النهار يفتتح بها العبد ليلته، ويكفّر الله بها ما بينها وبين صلاة العصر من السيئات.
ثم تأتي صلاة العشاء خاتمة لعمله اليومي، ويكفّر الله بها ما بينها وبين صلاة المغرب من السيئات.
ثم ينام العبد بعد صلاة العشاء وقد غفر له، فينام على مغفرة الله له، قال الله -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود: 114].
وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن الصلوات الخمس، مكفِّرات لما بينهنّ، إذا اجتنبت الكبائر".
فالصلوات الخمس، إنما يكفّر الله بها ما وقع بينها من الذنوب الصغائر.
أما الذنوب الكبائر، وهي ما رتب عليه حدّ في الدنيا أو وعيد في الآخرة، كأكل الربا والكذب والغش في المعاملات، وشهادة الزور، فإنها لا تكفّر إلا بالتوبة منها.
فلا غنى لك -أيّها المسلم- عن هذه الصلوات الخمس، ولا يستقيم لك دين إلا بها، بل لا تعتبر مسلماً إلا بإقامتها، قال تعالى: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) [التوبة: 11].
فالذي لا يقيم الصلاة ليس أخاً لنا في الدين؛ لأنه ليس من المسلمين.
وقال عليه الصلاة والسلام: "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة".
ولا سعادة ولا نجاة إلا بالمحافظة على الصلاة.
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ) [المعارج: 34 - 35].
(وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون: 9 - 11].
وإذا سئل أصحاب النار: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر: 42 - 43].
أي: إن الذي سبّب لنا دخول النار، وهو ترك الصلاة.
إذاً، فالصلاة تتوقف عليها سعادة الدنيا والآخرة، قال عليه الصلاة والسلام: "والصلاة نور" فهي للمؤمنين في الدنيا نور في قلوبهم وبصائرهم، تشرق بها قلوبهم وتستنير بصائرهم، ولهذا كانت قرّة عين المتقين.
وخرج الطبراني من حديث عبادة بن الصامت مرفوعاً: "إذا حافظ العبد على صلاته، فأقام وضوءها وركوعها وسجودها والقراءة فيها، قالت له: حفظك الله كما حفظتني، وصعد بها إلى السماء ولها نور، تنتهي إلى الله عزّ وجلّ فتشفع لصاحبها".
وهي في الآخرة نور للمؤمنين في ظلمات يوم القيامة على الصراط، فإن الأنوار تقسم لهم على حسب أعمالهم.
وفي المسند وصحيح ابن حبّان عن عبد الله بن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه ذكر الصلاة، فقال: "مَن حافظ عليها، كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومَن لم يحافظ عليها لم تكن نوراً ولا برهاناً ولا نجاة".
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "إنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة".
فاعرف نفسك -يا عبد الله-، واحذر أن تلقى الله -عزّ وجلّ- ولا قدر للإسلام عندك، فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك.
عباد الله: واعلموا أن الذي فرض الصلاة، وجعلها عمود الإسلام، وثانية أركانه العظام، قد أوجب لها الجماعة، وأمر ببناء المساجد لإقامتها فيها، وشرع المناداة لحضورها، فلا يَسَعُ مسلماً يؤمن بالله واليوم الآخرة أن يترك الصلاة مع الجماعة في المسجد من غير عذر شرعي.
قال الإمام ابن المنذر -رحمه الله-: "دلّت الأخبار على وجوب فرض الجماعة على مَن لا عذر له، فمما دلّ عليه قوله لابن أُم مكتوم، وهو ضرير: "لا أجد لك رخصة".
فإذا كان الأعمى لا رخصة له، فالبصير أولى أن لا تكون له رخصة.
وفي اهتمامه صلى الله عليه وسلم بأن يحرق على قوم تخلّفوا عن الصلاة، بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة، إذ غير جائز أن يهدّد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تخلّف عن ندب وعما ليس بفرض.
وقد أمر الله -جلّ ذكره- بصلاة الجماعة في حال الخوف، فوجوبها في حال الأمن آكد، قال تعالى: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ) [النساء: 102].
قال الإمام ابن القيّم -رحمه الله-: ووجه الاستدلال بالآية من وجوه، هي:
أمره سبحانه لهم بالصلاة في الجماعة، يعني في قوله تعالى: (فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ).
ثم أعاد الأمر مرة ثانية في حق الطائفة الثانية، بقوله تعالى: (وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ).
وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان، إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى.
ولو كانت الجماعة سنّة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى.
ففي الآية دليل على وجوبها على الأعيان من ثلاثة أوجه:
- أمره بها أولاً.
- ثم أمره بها ثانياً.
- وأنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف.
فاتقوا الله يا مَن تسمعون النداء إلى الصلاة يخترق أجواء بيوتكم من كل جهة، وأنتم أصحّاء آمنون لا يمنعكم من الحضور إلى المساجد مانع، ثم تتأخرون عن الصلاة ولا تجيبون داعي الله، انظروا مَن عصيتم، واحذروا من عقوبته العاجلة والآجلة، قال تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) [القلم: 42 - 43].
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله-: لما دُعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا منه مع صحّتهم وسلامتهم، عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة إذا تجلى الرب -عزّ وجلّ-، فيسجد له المؤمنون، ولا يستطيع أحد من الكافرين ولا المنافقين أن يسجد، بل يعود ظهر أحدهم طبقاً واحداً، كلما أراد أحدهم أن يسجد خرّ لقفاه عكس السجود، كما كانوا في الدنيا بخلاف ما عليه المؤمنون.
وقال الإمام ابن القيّم: "قال غير واحد من السلف في قوله تعالى: (وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) [القلم: 43].
قال: هو قول المؤذن: "حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح" فعاقبهم يوم القيامة بأن حالَ بينهم وبين السجود، لمّا دعاهم إلى السجود في الدنيا، فأبوا أن يجيبوا الداعي.
وإجابة الداعي، هي إتيان المسجد لحضور الجماعة.
فاتقوا الله -عباد الله- وتوبوا إلى الله، وحافظوا على الصلاة مع الجماعة في المساجد، لتكونوا من المؤمنين المهتدين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة: 18].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، هدانا للإسلام، وجعلنا به خير أمة أُخرجت للناس، وجعل هذا الإسلام مبنياً على أركان لا يستقيم إلا بها.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيّن لعباده طريق النجاة ليسلكوه ويلزموه، وطريق الهلاك ليحذروه ويجتنبوه.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أنزل عليه الذكر ليبين للناس ما نزل إليهم من ربهم، ولعلّهم يتقون، فبلّغ البلاغ المبين، وبيّن غاية التبيين، وترك أمته على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا الهالكون، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله -تعالى- وأطيعوه، واعلموا أن تارك الصلاة متعمداً ومصرّاً على تركها كافر بالله -عزّ وجلّ- من غير تفصيل عند جمع من المحققين من العلماء، ومفارق لجماعة المسلمين، كما دلّ على ذلك كتاب الله وسنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، يعامل معاملة الكفّار، لا تؤكل ذبيحته، ولا يزوّج من بنات المسلمين، ولا يرث من قريبه المسلم.
ويجب بغضه وهجره، والابتعاد عنه ما دام على قيد الحياة.
وإذا مات من غير توبة، لا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يورث.
فتنبهوا لذلك، وخذوا على أيدي سفهائكم من أولادكم، وجيرانكم ومن حولكم ممّن يتهاونون في شأن الصلاة، ويقتدون بمَن ضيّعها وتركها ممّن لا قيمة للدين عنده، ولا ينفع فيه الوعظ والتذكير، ولا يخاف الله والوقوف بين يديه يوم القيامة، فقد كثر هؤلاء -لا كثَّرهم الله- في بلاد المسلمين، وجاوروكم في منازلكم، وخالطوكم في أعمالكم، وفي أسواقكم.
فاحذروهم وابتعدوا عنهم، وأنكروا عليهم وضايقوهم وأبغضوهم في الله، واتخذوهم أعداء، ولا تؤاكلوهم، ولا تجالسوهم، ولا يدخلوا بيوتكم، عادوهم وقاطعوهم؛ لأنهم أعداء لله ولرسوله، والله -تعالى- يقول لكم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء) [الممتحنة: 1].
ويقول سبحانه: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) [المجادلة: 22].
وأما مَن يصلي في بيته، ويترك صلاة الجماعة، أو يؤخر الصلاة عن مواقيتها، فهذا متّصف بصفات المنافقين، وتارك لواجب عظيم من واجبات الدين، وقد توعده الله بالويل، وأنه سيلقى غيّاً، والويل والغيّ واديان في جهنّم، قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4 - 5].
وقال تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا) [مريم: 59 - 100].
وقد جاء تفسير السهو عن الصلاة وتضييعها، بأنهما إخراجها عن وقتها.
كما جاء الوعيد الشديد في حق الذي يتخلّف عن الصلاة مع الجماعة في المسجد من غير عذر، وأن ذلك من صفات المنافقين.
فاتقوا الله في أنفسكم وفي أولادكم ومن حولكم، وحافظوا على صلاة الجماعة في المساجد، وأَلْزِموا بها من تحت ولايتكم ومَن يسكن معكم في بيوتكم أو يجاوركم، ومُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، لتكونوا من خير أمة، قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) [آل عمران: 110].
واعلموا أن خير الحديث كتاب الله | إلخ |