الشاكر
كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...
العربية
المؤلف | علي باوزير |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب |
كثيرة هي المؤثرات التي تؤثر في الناس تؤثر في أفكارهم وفي توجهاتهم وفي أعمالهم وأفعالهم فهناك الدين والعقيدة وهي أعظم المؤثرات وهناك العادة وما تعارف عليه الناس، وهناك شهوات النفس ورغباتها وهناك مؤثرات أخرى كذلك. ومن أعظم وسائل التأثير وسيلة قد تتغلب على هذه المؤثرات كلها وتتجاوز هذه المؤثرات كلها.. وسيلة قد شهد التاريخ ..
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
أيها المسلمون عباد الله: كثيرة هي المؤثرات التي تؤثر في الناس تؤثر في أفكارهم وفي توجهاتهم وفي أعمالهم وأفعالهم فهناك الدين والعقيدة وهي أعظم المؤثرات وهناك العادة وما تعارف عليه الناس، وهناك شهوات النفس ورغباتها وهناك مؤثرات أخرى كذلك.
ومن أعظم وسائل التأثير وسيلة قد تتغلب على هذه المؤثرات كلها وتتجاوز هذه المؤثرات كلها.. وسيلة قد شهد التاريخ ويشهد الحاضر والواقع أنها ذات تأثير عظيم كبير هذه الوسيلة -أيها الأحباب- وهذا المؤثر هو الإعلام؛ الذي ما فتئ يعمل في أوساط المجتمعات إما بالخير، وإما بالشر.
ولأهميته البالغة فقد اعتنى الإسلام بالإعلام اعتناء كبيرا، واهتم به اهتماما بالغا؛ بل إن بعض شعائر الإسلام تعد من الإعلام الدعوي الديني؛ فالأذان للصلاة وخطبة الجمعة وخطبة العيد ونحوها هذه كلها من وسائل الإعلام المؤثرة النافعة.
وفي الزمن الأول حين كانت وسائل الإعلام منحصرة في الخطبة والقصيدة والكلمة كان للمسلمين السبق الكبير في هذا الباب.
يذكر ابن إسحاق وغيره من أهل السير أنه في عام الوفود قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وفد بني تميم وفيهم نزلت أوائل سورة الحجرات فجاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالوا: جاءنا نفاخرك ومعنا شاعرنا وخطيبنا فأذن لشاعرنا وأذن لخطيبنا؛ فأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم فقام خطيبهم فتكلم، وأخذ يذكر فضله وفضل قومه.. فلما سكت قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لثابت بن قيس بن شماس -وكان خطيب النبي صلى الله عليه وسلم وخطيب الإسلام- قال له: "قم فأجب" فقام ثابت بن قيس وخطب خطبة عصماء، فكانت كلمات جميلة، وكانت خطبته أفضل من خطبة خطيب بني تميم.
فقالوا لشاعرهم قم فتكلم، فأخذ ينشد أبياتا من الشعر في مدحه ومدح قومه فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- حسان بن ثابت وقال له: "قم فأجب" فأتى حسان -رضي الله عنه وأرضاه- بأبيات رائعة جميلة فاقت أبيات شاعر بنو تميم. فقال بنو تميم تكلم خطيبهم فكان قوله أحسن من قول خطيبنا وتكلم شاعرنا وتكلم شاعرهم فكان شاعرهم أشعر فأعلنوا إسلامهم ودخلوا في دين الله.
انظروا -أيها الأحباب- كان إعلام النبي -صلى الله عليه وسلم- أقوى من إعلام المشركين، فغلب عليهم بالقوة والسلاح، وتغلب عليهم بالحجة والبيان، وتغلب عليهم -كذلك- بالإعلام، فخضعوا وأقروا واعترفوا.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشجع شعراء الإسلام؛ ليقوموا بدورهم الإعلامي الفعال في نصرة الإسلام كان يقول لحسان بن ثابت يقول له اهجهم يعني المشركين والهجاء هو الذم، يقول اهجهم وروح القدس معك"
بل لا تتعجب -أيها الأخ الكريم- بما وصل إليه بعض الباحثين في هذا الزمن حين تتبع الشعراء في زمن النبوة، فوجد أن الشعراء في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد زادوا عن المائة شاعر أكثر من مائة شاعر في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان شعرهم شعر إسفاف وتبذل، لم يكن شعرهم شعر ذكر للنساء أو العشق والغرام، بل كان شعرهم شعر في توحيد الله -تبارك وتعالى- وتعظيمه، كان شعرا في الحمد على الله -عز وجل- وشكره والثناء عليه، كان شعرا في الدعوة إلى الإسلام والترغيب في الدخول فيه، كان شعرا في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- ومدح الصالحين، كان شعرا في الرد على المشركين والرد على شبهاتهم وتلبساتهم وهجائهم كان شعرا في الحض على الجهاد في سبيل الله والبذل لهذا الدين.
هكذا كان حال الشعر في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان هو وسيلة الإعلام الأولى.
وفي زمننا -أيها الأحباب- لا شك أن الإعلام له نفس الأهمية بل أكثر فإنه مع وجود التقنيات الحديثة اتسعت دائرة الإعلام وزادت أهميته وعظم تأثيره على الناس وأصبح له سلطة على النفوس توازي سلطة الدول والجيوش.
ولكن -أيها الأحباب- هل الإعلام الذي يوجد اليوم هو الإعلام الذي يريده الإسلام؟ الإعلام في الإسلام له صفات، له سمات، له خصائص، له منطلقات، له أهداف يختلف بها عن الإعلام الآخر.
دعونا نقف معه هذا -أيها الأحباب- نتعرف ما هو الإعلام الذي يريده الإسلام؟ ما هو الإعلام الإسلامي الذي يخدم ولا يهدم، الذي ينفع ولا يضر.
الإعلام في الإسلام -أيها الأحباب- إعلام ينطلق من رسالة الإسلام الأولى رسالة الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- متمثلا قول الله -تبارك وتعالى-: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104]
فالإعلام هو الوسيلة الأولى لإيصال الخير لدعوة البشرية إلى طريق الله -تبارك وتعالى-، هو المنبر الأعظم الذي يبلغ رسالة هذا الدين إلى العالم أجمع.
الإعلام في الإسلام ينطلق من مبادئ الإسلام، ينطلق من قيمه وآدابه وأحكامه، ينضبط بضوابطه ويتقيد بقيوده، يحلل حلاله ويحرم حرامه، ليس إعلاما يجعل القرآن مقدمة لبثه في أول النهار أو في فترات الحداد على الأموات فحسب؛ بل إنه إعلام يسترشد بالقرآن ويهتدي بهديه ويسير على دربه.
الإعلام في الإسلام -أيها الأحباب- إعلام يجعل الاتصال بين الناس اتصال خير وإصلاح يجعل التعارف بينهم تعارف يحقق ما ينفعهم في شتى أمور حياتهم ومعاشهم على أساس قول الله -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13]
فهو إعلام يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، يسعى للتقريب بين وجهات النظر وبين آراء المختلفين على أساس قول الله -تبارك وتعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) [الحجرات:10] لا يزيد الفجوة والهوة بين المسلمين بل يسعى للتقريب بينهم.
هذا الإعلام يعرّف الشرق بالغرب، ويعرّف الغرب بالشرق. ينقل للعالم رسالة المسلمين وصوتهم وما يحملونه من خير للبشرية وينقل للمسلمين ما عند الأمم الأخرى من علوم ومعارف وخبرات وتجارب.. يأخذ النافع فيأتي به إلى المسلمين لا كما يفعل إعلام اليوم الذي ينقل الغث والسمين والنافع والضار والمفيد وغير المفيد مما هو موجود عند الأمم الأخرى فأفسد بذلك أيما إفساد.
الإعلام في الإسلام إعلام يدعو إلى الفضيلة ويحارب الرذيلة، ينشر الطهر والعفاف ولا يشيع الفاحشة بين المؤمنين؛ حذرا من قول الله -تبارك وتعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)
الإعلام في الإسلام إعلام ينطلق من الصدق والأمانة، الصدق في نقل الخبر، والصدق في صياغة الخبر والصدق في تغطية الأحداث دون زيادة ولا نقصان، دون تهوين ولا تهويل، دون تحقير ولا تضخيم، ينقل الحقيقة كما هي ويصور الحدث كما هو ويحكي الواقع كما حصل دون أن يبالغ في ذلك أو أن يكتم شيء من الحقيقة منطلقا من قول الله -تبارك وتعالى- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) يتثبت فيما ينقل يتثبت فيما يبث وينشر ولا يبادر بنشر كل ما يصل إليه دون أن يتأكد من صحته فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول "كفى بالمرء إثم أن يحدث بكل ما سمع"
الإعلام في الإسلام إعلام يخاف الكذب أشد الخوف حذر من قول الله تبارك وتعالى (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النحل:105])
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليما مزيدا.
وبعد:
أيها الأحباب الكرام : الإعلام في الإسلام إعلام إيجابي يبث وينشر ما ينفع الناس ما ينمي العقل والفكر وما يثبت الإيمان ويرسخ العقيدة، يشغل الناس بما يقربهم إلى الله وما يعينهم على أمور دينهم ودنياهم انطلاقا من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "احرص على ما ينفعك" لا يشغل الناس بالتفاهات ولا يشغل الناس بالسخافات ولا يضيع أوقاتهم فيما لا ينفع ولا يفيد
الإعلام في الإسلام -أيها الأحباب- إعلام يبث البهجة والسرور بما أحله الله -سبحانه وتعالى- لا بما يسمى كذبا وزورا بفن وهو يشتمل على كثير من المحرمات والمخالفات الشرعية يسلي على الناس مصائبهم ويخفف عنهم آلامهم ويصبرهم في أوقات المحن يشد من الأزر ويقوي العزائم ويثبت المسلمين عند البلاء.
في يوم حنين ما ثبت المسلمون وقد انكسروا في أول المعركة ما ثبتوا بعد ذلك بعد فضل الله -تبارك وتعالى- إلا بإعلام قوي تمثل في صوت العباس بن عبدالمطلب -رضي الله عنه وأرضا- حين أخذ ينادي في الناس "يا أصحاب السمرة يا أصحاب السمرة" وهي الشجرة التي تمت تحتها بيعة الرضوان البيعة التي بايع الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على القتال، فلما سمعوا هذا الصوت وهذا النداء رجعوا، وثبتوا وصمدوا أمام العدو، هذا هو الإعلام الإسلامي الفعال الذي يثبت المسلمين في أوقات الأزمات
الإعلام في الإسلام -أيها الأحباب- حصن حصين وسد منيع، وحاجز يدفع عن الأمة شبهات الأعداء وتلبيسات الخصوم، يحمي عقيدتها ويحافظ على مبادئها، يبرز تاريخها ويظهر تراثها ويحمي هويتها من أي محاولة للاختراق.
إعلام يعبر عن الأمة حقا يعبر عن ثقافتها وعن دينها وعن هويتها، يعبر عن أفكارها وعن رغباتها وعن توجهاتها، إعلام يعيش واقع الناس يحكي آلامهم وأمالهم ويعيش معهم همومهم ومشاكلهم.
هذا هو الإعلام الإسلامي، ليس الإعلام المنبت الذي يعيش في عالم آخر غير العالم الذي يعيشه المسلمون والناس.
الإعلام في الإسلام -أيها الأحباب- إعلام يحتفي بأهل العلم والحلم والفضل والعقل يظهرهم على أنهم هم القدوات، وأنهم هم النماذج الحقيقية، وأنهم هم أعلام الأمة لا يحتفي بالتافهين، ولا يحتفي بالساقطين أو الفاسدين أو المفسدين؛ فالله -تبارك وتعالى- يقول: (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ) [الحج:18].
الإعلام في الإسلام -أيها الأحباب- يسعى في القضايا المهمة التي يعيشها الناس التي تتعلق بدينهم ودنياهم، يسعى أن يكون رأيا عاما ينطلق من أحكام الإسلام، ويتوافق مع شرائع الدين ويحقق مصلحة الناس، فهو عنصر فعال في تحقيق المصالح العليا للأمة وفي دفع المفاسد والشرور عنها.
هذه لمحة مختصرة عن سمات وخصائص الإعلام في الإسلام والدور الذي يقوم به؛ وإذا نظرنا وتأملنا -أيها الأحباب- في مثل هذا الإعلام الذي حكينا صفاته وسماته ماذا لو وجد مثله على أرض الواقع؟
لكم أن تتصوروا كم سيكون له من الأثر العظيم والدور الكبير في نهوض الأمة، وفي قيامها من سقطتها سيفعل ما لا يخطر على بال وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "إن من البيان لسحرا"
والبيان هو الفصاحة والبلاغة، وهو من أهم وسائل الإعلام "إن من البيان لسحرا" لو سخر هذا السحر فيما ينفع الناس، وفي النهوض بالأمة لفعل بها فعلا عظيما عجيبا، ولكن -أيها الأحباب- حين نتأمل في واقع الإعلام اليوم نجد أنه أشبه ما يكون بسحر آخر، أشبه ما يكون بالسحر الذي قال الله -عز وجل- فيه: (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ) [البقرة:102]
هكذا حال كثير من الإعلام، ولا أقول كل الإعلام فهناك إعلام نافع وإعلام هادف وإعلام صادق وإن كان قليلا وسط الركام الهائل من القنوات والإذاعات والصحف والمجلات الساقطة الهابطة التي لا تنفع بل تضر.
صار حال الإعلام اليوم في معظمه أنه فتنة لا ينفع؛ بل يضر؛ ضرره أكبر من نفعه، وشره أكثر من خيره، وأثره السيئ في الأمة لا يخفى على العيان ولا يخفى على الناس أحدث في الأمة ما لم تحدث الجيوش الجرارة وفعل بها الأفاعيل المنكرة.
لا أقول هذا جزافة، وإنما هذا واقع نعيشه وأرقام تحكيه، ولعلنا -بإذن الله عز وجل- في الخطبة القادمة نذكر شيئا من هذه الحقائق التي ربما تخفى على كثير من الناس.
إننا أيها -الأحباب- أحوج ما نكون اليوم إلى الإعلام الصادق، إلى الإعلام الهادف، إلى الإعلام البناء، إلى الإعلام السديد فيما ينقل وما ينشر وما يبث، السديد في أهدافه ومآربه وغاياته، السديد في منطلقاته ومبادئه.
ومثل هذا الإعلام يتحقق به الفوز العظيم بإذن الله والله -عز وجل- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71]
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوالنا كلها ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوالنا كلها، اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين..