الوهاب
كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...
العربية
المؤلف | |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
يدعي بعض المتوهمين أن القرآن يخالف التاريخ في إيراده قصة هود عليه السلام، ويستدلون على ذلك بالآيات (50 - 59) من سورة هود[1]، وبما ذكره أحد المفسرين من أن قبيلة عاد عاقبها الله تعالى بإهلاكهم بالريح العقيم[2] بعد إمساك المطر عنهم ثلاث سنوات. ويتساءلون: من أين أتى القرآن بهذه القصة التي لا وجود لها في التوراة؟! ألا يعد هذا مخالفا لوقائع التاريخ وحقائق التوراة؟!
وجها إبطال الشبهة:1) التوراة ليست مرجعا معتمدا لمعرفة التاريخ حتى نحاكم بها القرآن ونتخذها معيارا للحكم على القرآن.
2) كشفت البحوث الحديثة عن وجود قوم عاد، وعن ديارهم، وهذا دليل على أن القرآن الكريم لا يخالف حقائق التاريخ.
التفصيل: أولا. التوراة ليست حجة، ولا معيارا للحق:القرآن الكريم جاء بما لم تأت به التوراة والكتب السابقة؛ ليثبت للعقلاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتلق القرآن من أحد من البشر، كما أن القرآن الكريم ذكر الكثير والكثير من قصص السابقين التي تؤكد أن ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الحق والصدق
* قال سبحانه وتعالى: (وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4) [النجم]
وهذه القصة لم ترد في التوراة؛ لأن القرآن لم يتابع التوراة - المحرفة بأيدهم - في قصصه وأخباره، بل إنه صحح أخطاءها وأكمل ناقصها، ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ناقلا من التوراة لأخذ كل ما فيها دون تمييز بين حق وباطل، ولو حاول التخلص من باطلها مرة لوقع فيه مرات، فالقرآن كتاب مستقل بذاته، كما أنه مهيمن[3] على الكتب السماوية كلها، وكذلك فإن التوراة لم تجمع وتستوعب التاريخ كله، حتى نجعلها حكما على ما ذكره القرآن من قصص التاريخ.
كما أن التاريخ نفسه ليس حجة على القرآن الكريم؛ إذ هو من صنع البشر الذين لا يتخلصون من العاطفة في أحسن الأحوال عندما يدونون التاريخ فضلا عن النزوات والأغراض والأهواء التي تسيطر على كتاب التاريخ وهم يسجلون وقائعه، أضف إلى ذلك عدم إحاطتهم بكل جوانب الأحداث ومختلف الظواهر التي يرصدونها فإنهم لا يرصدون إلا ما يتراءى لهم، وأعظم من ذلك كله أن أيدي البشر لا تنفك عن العبث في أحداث التاريخ ووقائعه وتغييره بما يوافق مصالحهم وأغراضهم حتى في التاريخ المعاصر والحديث، وكم من أحداث تزيف حقائقها وكم من وقائع تغير معالمها. وإذا كان البشر قد امتدت أيديهم إلى الكتب المقدسة فحرفوها فهل سيتورعون[4] عن العبث بحقائق التاريخ الذي لا قداسة له وهذا لا يعني أن كل أحداث التاريخ أو التوراة مزيفة غير أن هذا يؤكد أن القرآن الكريم هو الحق، وما عداه يؤخذ منه ويرد، وكم من آثار وأحداث ماضية ذكرها القرآن الكريم؛ ليبين بها صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به؛ لأن القصص القرآني ليس تأريخا للبشرية على النمط الذي يسلكه علماء التاريخ والسير في تتابع الأحداث وتسلسلها، وتحليلها وتعليلها في أزمانها وأماكنها المختلفة، ولكنه قصص مختار من التاريخ بالقدر الذي يخدم الدعوة إلى الله عزوجل، ويفتح للناس أبوابا واسعة للتأمل والنظر، والعظة والاعتبار.
* قال سبحانه وتعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصّلت: 53]
ثانيا. البحوث الحديثة كشفت عن وجود قوم عاد عليه السلام:كشفت البحوث الحديثة اليوم عن وجود قوم عادعليه السلام،
* وعن ديارهم التي وصفها الله - عزوجل - بقوله: (إرم ذات العماد (7) التي لم يخلق مثلها في البلاد (8) [الفجر [5]]
ويقول د. زغلول النجار: كان علماء التاريخ يشككون في حقيقة قوم عاد؛ لأنهم لم يجدوا لها أثرا على الإطلاق وفي رحلة من رحلات الفضاء زودوا المكوك بجهاز رادار له قدرة اختراق كبيرة، فصور مجرى نهرين، وأنهما يصبان في بحيرة قطرها يزيد على أربعين كيلو مترا في جنوب شرق الربع الخالي، وصور المكوك بين مصبي النهرين وعلى ضفاف البحيرة عمرانا لا تعرف البشرية له نظيرا في ضخامته، فجمعوا علماء التاريخ، وعلماء الآثار، وعلماء الأديان، وقالوا: ماذا يمكن أن يكون هذا العمران، فأجمعوا على أنه قصور إرم التي وصفها القرآن الكريم،
* يقول الحق تبارك وتعالى: (إرم ذات العماد (7) التي لم يخلق مثلها في البلاد (8) [الفجر]
فقالوا في تقريرهم:
إن البشرية لم تعرف في تاريخها الطويل عمرانا في ضخامة هذا العمران، واكتشفوا - حينما بدأوا في إزالة الرمال عن هذه المدينة - قلعة ثمانية الأضلاع على أسوار المدينة، مقامة على أعمدة ضخمة عديدة، وذكر التقرير أن هذه الحضارة التي لم يكن ينافسها في زمانها حضارة أخرى طمرتها([6]) عاصفة رملية غير عادية، وقد سبق القرآن هذه الاكتشافات بأكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان،
* فقال سبحانه وتعالى: وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ [الذاريات: 41]
* فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [فصّلت: 15]
* كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ [القمر: 18]
فما ذكرته الأبحاث ما هو إلا تحصيل حاصل في تصديق كتاب الله - عز وجل - في كل ما جاء به، وكذلك فإنه أسطع برهان لهؤلاء المنكرين حتي يرجعوا عن أفكارهم وكذبهم، وسيبقى القرآن كتاب الله المعجز في الكون، وصدق الله العظيم حيث
* يقول: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصّلت: 53]
الخلاصة:·إن القرآن الكريم كلام الله المعجز، ومن إعجازه أنه يتحدث عن الأخبار السالفة ويبينها للناس، فهو منهج تربوي حكيم ليس له نظير؛ فلا يستطيع أحد أن يشكك في شيء مما جاء به؛ لأن الله تبارك وتعالى تولى حفظه، قال سبحانه وتعالى: )إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (9)( (الحجر).
·أما التوراة فقد حرفها أصحابها، حتى توافق أهواءهم وشهواتهم، ثم بعد ذلك يريدون أن يجعلوها حكما على ما جاء في القرآن الكريم.
·أثبتت الدراسات الحديثة ما جاء به القرآن؛ حيث أثبتت البحوث الحديثة وجود قوم عاد، وظهرت ديارهم لتصدق القرآن فظهر الحق جليا، وبطل ما يدعون قال سبحانه وتعالى: )سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53)( (فصلت).