الحكيم
اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...
العربية
المؤلف | مجموعة مؤلفي بيان الإسلام |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
يتوهم بعض المغالطين وجود تناقض بين
* قوله سبحانه وتعال: [وتلك الأمثـال نضربهـا للنـاس ومـا يعقلهـا إلا العالمــون (43)] [العنكبوت]
* ، وقوله سبحانه وتعالى: [وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون (21)] [الحشر]
، ويتساءلون: كيف يذكر القرآن الأمثال في الموضع الأول للعلماء من الناس فقط، ثم يشير في الموضع الآخر إلى أنه يضرب الأمثال للناس جميعا؟! ويهدفون من رواء ذلك إلى القول بوجود تناقض في القرآن؛ ليثبتوا زعمهم أن القرآن من صنع البشر، ما دام فيه مثل هذا التناقض.
وجها إبطال الشبهة:
1) ضرب الله - عز وجل - الأمثال للناس كافة، لكن سبق في علمه - سبحانه وتعالى - أنه لا يعقل تلك الأمثال إلا فئة بعينها.
2) الغاية من ضرب - عز وجل - الأمثال للناس في الآيتين هي:
• إما أن تكون دعوة للتفكير والتدبر.
• وإما أن تكون توبيخا لهم على عدم خشوعهم.
الله - سبحانه وتعالى - يضرب الأمثال للناس جميعا في الأصل، ومن المعلوم أن هناك من يعقل تلك الآيات، وهناك من لا يعقلها من مرضى القلوب والعقول، وسابق في علم الله الأزلي أنه لن يعقل تلك الآيات إلا فئة بعينها ألا وهم العالمون، أي: الذين يعلمون الحق من الباطل، الذين يريدون الهداية لا الضلال، الذين يعتبرون بمن قبلهم، أما الجبابرة الطواغيت والحكام المتألهون، فهؤلاء قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة، أمثال: فرعون وهامان وأبو جهل.. وغيرهم ممن طغى في الأرض وعاث فيها فسادا، تنزل آيات الله عليهم ويسمعونها، ثم يكذبونها ويتبرأون منها؛ خوفا على مصالحهم، ومكابرة على رسلهم، فهؤلاء قلوبهم مطموس عليها بظلمهم فلا يعقلون ولا يؤمنون[1].
الله - سبحانه وتعالى - يضرب الأمثال للناس جميعا؛ لعلهم يسمعونها ويعقلونها، فيؤمنون به تعالى، ويدخلون في حزبه، ومن تلك الأمثال: ما ضربه للذين عبدوا من دونه أولياء، فهم لا ينفعونهم لهوانهم وضعفهم مثل بيت العنكبوت
* قال عز وجل: [وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون (41)] [العنكبوت]
، فإنه لا يستر ولا ينفع، ولا يدفع حرا ولا قـرا، كذا كل معبود دونه - سبحانه وتعالى -، أي أن الكافر عار عن ستر الله يخرج إليه عاريا، فلا يكسى، وتبدو قبائحه على رؤوس الأشهاد.
وفي الحكمة من ضرب هذا المثل يقول الأستاذ موسى الإبراهيم: "فهذا مثل عظيم يمثل الله به حال أولئك الناس الذين اتخذوا من دون الله أولياء يبتغون عندهم العزة والنصرة والقوة والمال والحماية، يصور الله - عز وجل - حالهم - تحقيرا وتبكيتا لهم - بحال ذلك الحيوان الضعيف العنكبوت التي اتخذت بيتا، وظنت أنها التجأت إلى حصن حصين وبدأت تتحرك داخله ذهابا وإيابا، ولعلها تزهو بسرعة بنائه:
* [وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون (41)] [العنكبوت]
، إن هؤلاء الناس لن يجدوا عند أوليائهم من البشر الضعاف المهازيل من الحماية والنصرة إلا بمقدار حماية بيت العنكبوت لذلك الحيوان الضعيف"[2].
2. توبيخ الناس على عدم إيمانهم:
الله - سبحانه وتعالى - يضرب المثل بأشد الأشياء صلابة وقلة في التأثر بما يقرعه، وهو الجبل، فقال: لو كان المخاطب بالقرآن جبلا، وكان الجبل يفهم الخطاب، لتأثر بخطاب القرآن تأثرا ناشئا عن خشية الله، تثيرها فيه معاني القرآن، وضرب الله التصدع مثلا لشدة الانفعال والتأثر؛ لأن منتهى تأثر الأجسام الصلبة أن تنشق وتتصدع؛ إذ لا يحصل ذلك لها بسهولة، فالله تعالى يريد من تلك الأمثال أن يتفكر الناس فيها، فإن لم يتفكروا فيها فقد سجل عليهم عنادهم ومكابرتهم، ويكون بذلك قلب المعاند أشد قسوة من الجبل.
ليس هناك أي وجه للتناقض بين المواضع التي بين أيدينا وذلك للآتي:
• ضرب الله - عز وجل - الأمثال للناس كافة، ولكن الذين فهموا مقصود الله منها قليلون، وهم العلماء دون غيرهم من عامة الناس.
• الغاية التي قصدها الله - عز وجل - من ضرب الأمثال في الآيتين هي: دعوة الناس إلى التفكر والتدبر في ملكوت الله - عز وجل -، أو توبيخ الناس على عدم خشوعهم لذكر الله تعالى.