البحث

عبارات مقترحة:

الجبار

الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

خطبة عيد الأضحى 1436هـ

العربية

المؤلف عاصم محمد الخضيري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. تضحيات أم إسماعيل -عليها السلام- .
  2. تضحيات إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- .
  3. بعض الدروس المستفادة من تضحيات إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- .
  4. ذبح الأضاحي وبعض معانيها ومقاصدها .
  5. فضل أيام التشريق وبعض الأعمال المشروعة فيها .

اقتباس

ليس سهلا على امرأة ضعيفة تقاوم امتحان الغربة، وبلوى البعد، وبعد الضيعة، أن تخوض الغمار وحدها، ولا من عائل، أو قريب، أو مجيب ليس سهلا على امرأة مسكينة تتشكل المسكنة في قسماتها، وجعودة جبينها، أن يقال لها : قاومي الأحداثَ وحدك، وجلادَ الضعفِ بمفردك أوَ يكون سهلا عليها أن يتركها زوجُها في واد غير ذي زرع، وهي تمشي خلفه، لتقول له : إلى من تتركنا، وهو لا يلتفت إليها؟..

الخطبة الأولى:

الحمد لله حمدا كثيرا، والله أكبر كبيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

الحمد لله هوت القلوب له، وحج الخافقان، وارتَجَّت الأكوان تلبية وضج مكبرا صوت الزمان، وله قد ازدلف المكان، عرفته أملاك العلا طوعا، وأسلمت السماء وانقاد عرفانا إلى ملكوته الثقلان.

سجدت له السبحات والعرصات والجبهات، والسكنات والحركات، حبا وامتنانا.

الحمد له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن لا غنى به طرفة عين عن رحمته.

وأشهد أن محمد بن عبد الله عبد الله ورسوله.

قد تمم الله به مكارم الأخلاق، حتى غدا بنوره الإظلامُ في إشراق، وفي هداه أصبح الشتاتُ في تلاق.

صلى الله وسلم عليه، وصلى الله على آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

اهتف بيا:

"اللهُ أكبر" تسري في جوانحنا

كزعْزع الرعد في العلياء يصطلم

الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

حمدا لك اللهم على إتمام نعمتك، وإسباغ منتك, وتنزل عافيتك، وإظهار شرعتك.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر, لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

تضحية أم أضحية؟!.

هذا اليوم العظيم، سُجِّل فيه حدث عظيم, ليس حدثا تقليديا, أو عملا إجرائيا! بل حدثا استثنائيا! حدثا نعيشه حتى الساعة في قربى وطاعة! حدثٌا غير منار الأرض, وأعاد تشكيل الأحداث! وبدَّل وجه السنن!.

حدثٌ وأحداث، وصانعو أحداث.

إبراهيم وإسماعيل؛ عنوانان للتسليم!.

ليس سهلا على المرء أن تكون فصول حياته! سلسلة ابتلاءات! وعقود محن! ولياليَ كريبة! من أولاها إلى أخراها!.

ليس سهلا على امرأة ضعيفة تقاوم امتحان الغربة, وبلوى البعد, وبعد الضيعة, أن تخوض الغمار وحدها, ولا من عائل, أو قريب, أو مجيب، ليس سهلا على امرأة مسكينة تتشكل المسكنة في قسماتها, وجعودة جبينها, أن يقال لها: قاومي الأحداثَ وحدك! وجلادَ الضعفِ بمفردك!.

أوَ يكون سهلا عليها أن يتركها زوجُها في واد غير ذي زرع, وهي تمشي خلفه, لتقول له: "إلى من تتركنا؟!" وهو لا يلتفت إليها.

ثم تهرول وراءه ثانية، وتقول له: "إلى من تتركنا؟!" وهو لا يلتفت إليها.

ثم تجري وراءه ثالثة, وتقولُ له: "لمن تتركنا؟!".

ثم يلتفت إليها، وهو يقول: "أكلك إلى الله -سبحانه- ومن معك!؟".

ليس سهلا عليها -والله- امرأة بهذا الشعور, وهي تقاوم جبال البليات! بل تحمل على عاتقيها غربة الأرض! وبعد الزوج! وفقدان الأنيس! وسلطان الجوع! وطغيان الظمأ! ورضيع وارتعاب! ثم جوع! ثم تستسلم خاضعة منقادة, لأمر ربها؛ لأن ربها: "لن يضيعها!" ولن يكلها لهذا الرهاب في واد سحيق!.

رهاب وجوع، وارتعاب، ورجفة, وبعد حليل, وابتعاد أنيس !أو تظنون امرأة بهذه المقاييس, لا تنجب رجلا يحمل المقاييس؟ !

بلى -والله- أنجبت رجلا يحمل مواصفاتها الخالصة: صبرَها! وتضحيتها! وجهادَها! وعزيمتها! وابتلائها! إسماعيل -عليه السلام- رجل التضحية.

والتضحيات تبيت في أكنافه

رجل إذا ما قال قولا يفعل

أكبر جامعة في التاريخ تُعلم للناس الخضوع والذل والانكسار والتسليم بين يدي الله! هي جامعة افتتحها إبراهيم -عليه السلام-! لتتعلم فيها هاجر -عليها السلام-! ليخرج للعالم تلميذ بحجم إسماعيل -عليه السلام-!.

فنون من التسليم والتضحية تُلقَّن إلى البشرية من هذه الجامعة !ليقولون للإنسانية جمعاء: إن هذه الابتلاءات، وهذه التضحيات، هي أكبر عظة على أن الصبر أولُه مرٌ مذاقته, لكن عواقبُه أحلى من العسل!.

ابتلوا بكل هذا لتكون العقبى الحسنة أنَّ أفعالهم غدت مناسكا لكل من آمن بالله ربا، وبا إبراهيمَ وإسماعيلَ ومحمدٍ نبيا!.

ابتلاهم الله بكل هذا ليكون سعي هاجر بين الصفا والمروة، هو سعي المؤمنين إلى قيام الساعة!.

من كان سيصدق: أن البيت الذي يبنيه إبراهيمُ وإسماعيل -عليه السلام-, هو هو المطاف الذي سيظل محلا يتعبد المسلمين فيه إلى ربهم بالطواف حوله إلى حين أن تُنقض الكعبة حجرا حجرا, ثم تقوم الساعة؟!

أم تصدقون أنه حتى المقامُ الذي ينظر فيه إبراهيم -عليه السلام-, وهو يبني الكعبة هو هو مقام إبراهيم, ويوضع ليكون ذكرى للطائفين والقائمين والركع السجود وأولي الأبصار؟!

أيضا ابتلوا بكل هذا ليكونوا ذكرى للبشرية جمعاء :أن الله قد ينعم بالبلوى وإن عظمت، والله يجزي على البلواء بالنعم! الله أنجح ما طلبت به، وإن الرزايا نعمة الله للخلق!.

ويا إبراهيم:

صبرتَ ونلت الأمنياتِ جميعَها

فيا لنبي سنَّ أحدوثة الصبر

صبرت وقد صابرت حتى توخزت

لصبرك أجبالٌ بخندق والبدر

بصبرك علمت الأنام جميعهم

يطيبون بالذكرى عليك وبالذكر

أبانا سلام الله يحتفٌّ بالرضا

عليك وأبناء همُ سلسل الطهر

ضحوتم وقد ضحَّيتمُ بهواكمُ

فما زال تسليم الأنام لكم يجري

تضحية أم أضحية!.

ولم يكد إبراهيم -عليه السلام- يجتاز الامتحان تلو الامتحان, حتى كان الامتحان الأعظم، خبرٌ طيَّر منامه, ونبأ شوى وجدانه, وأصلى أجفانه: "أيذبح إبراهيمُ أعزَّ ولده؟".

ولدٌ جاء على كبر, وليس ثمَّ غيره من ولد, حليم عليم، وصفه واتصافه, وحيد, وقد جاءه الأمر بالذبح !ويا لها من تضحية! بلـيَّـات تقول لإبراهيم: سنبلوك يا إبراهيم وسنبلوك! ونبلوك بأعظم من هذا، حتى تُصطفى لأعظمَ اصطفاء!.

إنه اصطفاء الرسالة! ومرتبة الخليلية!.

هذه التضحيات ابتلاءات! وتجربة وليس ينبغ إلا كلُّ صبار!.

لقد صدق إبراهيم -عليه السلام- وصدَّق أمر ربه, وصابر وصبر، ولسان حاله يقول: وليس لي من هواك بد، فكيف ما شئت فامتحني: (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى) [الصافات: 102].

قال بعض المفسرين: إنه لم يكن ليشاور أحدا في أمر أمره الله بفعله, ولم يكن ليستأذن ابنه إسماعيل, كلا لم يكن ذاك, وإنما عرض عليه ذلك لا ليرجع لرأيه, ولكن ليعلم أيجزعُ إسماعيل, أم يصبرُ, وليكون أطيبَ لقلبه، وأهونَ عليه من أن يأخذَه قسرا, ويذبحَه قهرا, فبدر إسماعيل بقوله: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات: 102].

درسٌ رهيب ماجت الأرض له! وتزلزلت أجبالها! في موقف صُدعت به الأملاك حتى قيل ذي: أهوالُها!.

إنه لخطب جلَّى! وإنه لدرس رهيب! فالله لم يطلب من نبيه إبراهيم -عليه السلام- أن يرسل بولده الوحيد إلى معركة يقاتل بها في سبيل الله، أو يقاتل فيها أعداء الله من الذين ساموا دعوته سوء العذاب!.

إنه لا يأمره أن يذهب ليحطم صنما صنعه أبوه آزر من قبل, لتكون العبادة لله وحده لا شريك له!.

إنه لا يطلب من إبراهيم -عليه السلام- أن يأمر ولده إسماعيل أن يحرث الأرض, أو يسقيَ الماشية, أو يجلب أعلافها!.

إنه لا يطلب منه أن يقوم بخطبة أجمل فتاة في سفح الوادي لابنه إسماعيل، لكي يباهي بها أقرانه، كلا -والله-!.

كلا -والذي خلق التضحية في قلب إبراهيم- إنما يطلب الله منه أن يتولى بنفسه ذبح ولده بيده!.

يطلب الله منه أن يأخذ الشفرة فيجعلها بين حلقوم ولده ومريئه! أن يسند ولده أرضا! أن يُمر السكين على رقبته! أن يتلّه للجبين!.

ليبدأ معه أعظم قصة حاكتها خيوط الابتلاء, حاكتها أنسجة الصبر في شفتي خليل الله, صنعتها التضحية, والصبر ممهورة بدمع الحب للولد الحليم, ويروي للخلود بأنه وطئ الأبوة، للإله وفي مراد الله!.

تضحية أم أضحية؟!

ويا له من ابتلاء, وبليّة, أن يتولى والدٌ مكلوم ذبح ولده بنفسه !يذبح ولده! يسنده أرضا! للحظات الأخيرة!.

الأَرْضُ رُجَّتْ وَأَمْلاكُ السَّمَاء جَأرتْ

وَالْوَحْشُ عَجَّتْ وَعَمَّ الْخَطْبُ فِي الأُمَمِ

وَاللهُ ذُو الْعَرْشِ فَوْقَ الْعَرْشِ يَعْجِبُ مِنْ

إِيمَانِ عَبْدَيْهِ مَا عَنْهُ بِمُنْكَتِمِ

أَوْحَى لِجِبْرِيلَ أَنْ أَدْرَكْهُمَا عَجلاً

بِكَبْشِ ضَانٍ رَبِّي فِي رَوْضَةِ النَّعَمِ

فجَاءَ بِالْكَبْشِ جِبْرِيلُ الأَمِينُ إِلَى

ذَاكَ الْخَلِيلِ النَّبِيلِ الطَّاهِرِ الْعَلَمِ

فَقَالَ هَذَا الْفِدَى مِنْ عِنْدَ رَبَّكَ عَنْ

هَذَا الذَّبِيحِ جَزَا هَذَا دَمٌ بِدَمِ

فَكَبَّرَ اللهَ جُبْرَائِيلُ حِينَئِذٍ

وَالْكَبْشُ كَبَّرَ أَيْضًا نَاطِقًا بِفَمِ 

(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا) [الصافات: 105].

ويا لها من عظة وذكرى لك ولأبنائك من بعدك يا خليل الله, فالله لا يريد إلا الإسلامَ والاستسلام له, والتضحية في سبيله!.

ليس مهما أذُبح إسماعيل -عليه السلام- أم نابت عنه فدية أخرى؟!

فالله -عز وجل- لا يعوزه الفداء, ولا الإبقاء, فهو الغني تبارك اسم الله!.

لكن الأهم من كل ذلك: أن يرى الله -عز وجل- قلبك, فلا يرى إلا حبه فيه! ولا يرى إلا استعدادك الأكيد للتضحية في سبيله! والجهادِ في تحقيق أمره وعبادته وحكمه!.

(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ) [النــور: 44].

مضت بذلك سنة النحر في الأضحى، ذكرى لهذا الحادث العظيم الذي يجسد حقيقة الإيمان، وجمال الطاعة، وعظمة التسليم، والذي ترجع إليه الأمة المسلمة لتعرف فيه حقيقة أبيها إبراهيم -عليه السلام-، الذي تتبع ملته! والذي ترث نسبه وعقيدته! وتنعم ببركة دعوته إلى يوم القيامة!.

(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ) [النــور: 44].

لتدرك هذه الأمة أن الإسلام هو الاستسلام لأمر الله، طائعة راضية واثقة ملبية! لا تسأل ربها لماذا؟! ولا تسأله: لأجل ماذا؟! وكيف ماذا؟

ولا تتردد في تحقيق إرادته، ولا تستبقي لنفسها في نفسها شيئا، ولا تختار فيما تقدمه لربها هيئة ولا طريقة لتقديمه إلا كما يطلب ربها إليها!.

(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ) [النــور: 44].

لتعرف هذه الأمة أن ربها لا يريد أن يعذبها بالابتلاء، ولا بالذبح, ولا توارث القتل لأجل الإفتداء! إنما يريد منها أن تأتيه طائعة ملبية وافية، ممتثلة مستسلمة، لا تتقدم بين يديه، ولا تتألى عليه، فإذا عرف منها الصدق أعفاها من التضحيات والآلام، واحتسبه لها فداءً ووفاءً، وقَبِل منها وفدّاها، وأكرمها كما أكرم أباها: (مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) [النساء: 147].

أجل ما هو مقياس التضحية في نفسك؟  هل أنت مستعد أن تجعل كل هذه الحياة مشروعا يكون وقفه إلى الله -عز وجل-؟

هل أنت مستعد أن تخوض الصعاب, والأتعاب والأنصاب, لتؤدي حق الله -عز وجل- فيك, وفي حياتك, التي كوّنها الله لتقيم حكمته فيها .

إنه يجب أن نستلهم هذا الحدث الكبير, حدث إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-, الذي لا يكاد أن تخفى فصولُه على كل أحد, يجب أن نلقنه لكل الأجيال: أن الأضحية بالشهوات والمعاصي وحظوظ النفس, هي أوجب الواجبات, وهي سنة أبينا إبراهيم -عليه السلام-, وهي أعظم مرادات الله -عز وجل - أولُ شيء تخلص منه إبراهيم -عليه السلام-, هو شهوته وحظوته, فقد قدمها قربانا في سبيل الله!.

فمتى تستعد هذه الأمةُ جمعاء: أن تقدم كل شهواتها وحضواتها وإراداتها قرابين مقدمة إلى الله, وإلى نشر دين الله, وإلى التضحية في تبليغه للعالمين!.

إنه يجب قبلَ أن ننحر أضاحينا؛ أن ننحر قبلها حظوظنا, واستئثاراتنا من هذه الحياة الدنيا!.

هذا الدين كما يقول أحد أئمة الإسلام: "هذا الدين لا ينفع معه فضل مال، ولا فضل جهد، ولا فضل وقت!".

بل ينبغي أن يكون الدين كله لله, والجهد كله لله, والمال كله لله, والأعمار كلها لله!.

إنما الدنيا جهاد من ينم يومه داسته أقدام الرزايا!.

أول عنوانات الفضيلة: التضحية بالنفس!.

التضحية التي غيرت المجتمعات, وهي شعلة أيِّ تغيير!

تقبل الله منكم صالح العمل.

إن العيش للنفس أو الوظيفة أو للمال أو للولد؛ كله زائل, ويبقى الذي قدمته إلى الله -عز وجل-!.

شعار التضحية ليس لوائحا تُنصب في المكاتب! أو تُزيَّن بها المجالس! بل دم يسري في عروقك ودماؤك وعمرك! تصدِّق ذلك أو تكذبه!.

ضحوا تقبل الله ضحاياكم، بالشهوات قبل الأنعام, وبالحظوظ الدنية, قبل الحظوظ الأخروية.

ضحوا -أيها الأولياء- بأعماركم في سبيل إخراج جيل نافع صاعد، يحمل شعل التغيير في هذه الحياة!.

ضحي -أيتها المرأة- بكل دعوة تخالف سنة الله في خلقك, وضحي بدعوات الزيغ والخروج عن شريعة الله!.

ضحي -أيتها المرأة- بالعباءات المنحرفة, والسقط اللباسي, وموضات الجنون الأخلاقي!.

ضحيها في سبيل الله, يؤتك الله الأجر مرتين, وطوبى للغريبات في هذا العصر!.

ضحوا -أيها الشباب- بهذه الدماء في سبيل الله, في إعلان كلمة الله, في الاستقامة على شرعة الله!.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد .

إن هذا اليوم هو أعظمُ يوم عند الله -تعالى-؛ كما روي عن رسول الهدى في قوله: "أعظم الأيام عند الله يومُ النحر، ثم يومُ القر".

ويوم القر، هو يوم الحادي عشر.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد .

ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإن هذا اليومَ يومُ إنهار الدماء تعظيمًا لله -تعالى- وعبودية وحبًّا وذلاً!.

ووقت الذبح يمتد إلى غروب شمس يوم الثالث عشر، فإذا غربت فقد انقضى زمن تقريبها!.

ومن لم ينوِ أن يضحيَ هذا اليوم، فيمكنه أن ينوي اليوم ويضحي، ولا يفوِّت على نفسه أجرها، وفرحَ أهله وولده بها !.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد !.

إن هذه الأيامَ هي أيام أكل وشرب وذكر لله -تعالى-, لا يجوز صيامها!.

وإنها أيام تكبير له في كل حال، ويتأكد ذلك بعد أدبار الصلوات، وفي كل وقت، إلى آخر ساعة من عصر يوم الثالث عشر.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبيك وحبيك محمد، وارض اللهم عن آل بيته الطاهرين، وصحبه الأكرمين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم اجعلنا من عبادك المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

اللهم مُنَّ علينا بالقبول والعتق من النار، وتقبل منا صالح أعمالنا، وكفر عنا ذنوبنا وسيئاتنا يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل هذا العيد سعيداً علينا وعلى المسلمين في كل مكان.

اللهم اجعله سعيدا على الشام وعلى حاضر المسلمين في كل مكان، واجعله نقمة على أعداء الإسلام, وأهل الإسلام.

اللهم تقبل منا، اللهم احفظنا واحفظ حجاج بيتك والمسلمين أجمعين يا رب العالمين.

اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا.

اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا، وإخواننا وأخواتنا، وجميع إخواننا المسلمين.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وضحوا -أيها المسلمون- تقبل الله ضحاياكم.