البحث

عبارات مقترحة:

الرحمن

هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...

الخلاق

كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...

السيد

كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...

الدفاع عن عقيدتنا ضد الخوارج المعاصرين

العربية

المؤلف محمد بن مبارك الشرافي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - أهل السنة والجماعة
عناصر الخطبة
  1. السمع والطاعة لولاة الأمور في غير معصية من أصول أهل السنة والجماعة .
  2. لا جماعة بدون طاعة .
  3. سياسة الحكم في السعودية قائمة على شرع الله .
  4. ثناء العلماء على سياسة المملكة .
  5. خطورة فكر خوارج العصر .
  6. سوء أفعال داعش وخبثها .
  7. وصايا للشباب. .

اقتباس

إِنَّهُمْ قَدْ وَصَلُوا فِي الانْحِرَافِ دَرَجَةً لَمْ يَصِلْهَا الْخَوَارِجُ الأَوَّلُونَ وَلا حَلِمَ بِبُلُوغِهَا الْمُنْحَرِفُونَ. إِنَّهَا مُنَظَّمَةٌ يَهُودِيَّةٌ أَمْرِيكِيَّةٌ إِيرَانِيَّةٌ، وَتَأَمَّلُوا كَيْفَ أَنَّهُ بِظُهُورِهَا انْشَغَلَ الْمُسْلِمُونَ بِهَا وَنَسُوا جَرَائِمَ النِّظَامِ السُّورِيِّ,.. ثُمَّ لَا نَجِدُ هَؤُلَاءِ الدَّوَاعِشَ فَجَّرُوا فِي طَهْرَانَ إِيرَانَ وَلَا تَلْ أَبِيْبَ اليَهُودَ، بَيْنَمَا وَصَلَ أَذَاهُمْ مَسَاجِدَنَا وطال شَرْهُمْ بُيُوتَنَا وَأَسْوَاقَنَا..

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الْوَاحِدِ بِلَا شَرِيك، وَالْقَوِيِّ بِلَا نَصِير، وَالْعَزِيزِ بِلَا ظَهِير. أَحْمَدُه سُبْحَانَهُ حَمْدَاً يَلِيقُ بِجَلَالِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، فَهُوَ الأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الْأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَتَرَكَنَا عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ لَيْلِهَا كَنَهَارِهَا، لا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِك، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ  عَلَيْهِ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبَهِ الطَّيِّبِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لِوُلاةِ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْعَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ، قَلَّ أَنْ يَخْلُوَ كِتَابٌ مِنْ كُتُبِ الْعَقِيدَةِ مِنْ تَقْرِيرِهِ وَشَرْحِهِ وَبَيَانِهِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِبَالِغِ أَهَمِّيَّتِهِ وَعَظِيمِ شَأْنِهِ، إِذْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُمْ تَنْتَظِمُ مَصَالِحُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَعَاً، وَبِالافْتِيَاتِ عَلَيْهِمْ قَوْلَاً أَوْ فِعْلاً فَسَادُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَلِذَلِكَ أَمَرَنَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِطَاعَتِهِمْ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء: 59].

 وَقَدْ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الإِسْلامِ أَنُّهُ لا دِينَ إِلَّا بِجَمَاعَةٍ وَلا جَمَاعَةَ إِلَّا بِإِمَامَةٍ، وَلا إِمَامَةَ إِلَّا بِسَمْعٍ وَطَاعَة، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ احْتِرَامٌ وَتَقْدِير وَسَمْعٌ وَطَاعَةٌ، فَمَا الْهَدَفُ إِذَنْ مِنْ تَوْلِيَتِه؟

وَلَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- يُولُونَ هَذَا الأَمْرَ اهْتِمَامَاً خَاصَّاً، لاسِيِّمَا عِنْدَ ظُهُورِ بَوَادِرِ الْفِتْنَةِ، نَظَرَاً لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْجَهْلِ بِهِ أَوْ إِغْفَالِهِ مِنَ الْفَسَادِ الْعَرِيضِ فِي الْعِبَادِ وَالْبِلادِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَا فِي الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ فِي بَلَدِ إِسْلَامِيٍّ, بَلْ خَيْرُ الْبِلَادِ بِحَمْدِ اللهِ, نَرْفُلُ فِي نِعَمٍ أَعْظَمِهَا قِيَامِ الدَّوْلَةِ عَلَى الإِسْلَامِ وَحِمَايَتِهَا لِعَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، إِنَّهَا بِحَمْدِ اللهِ دَوْلَةٌ مُسْلِمَةٌ تَحْكُمُ بِشَرْعِ اللهِ، مَعَ أَنَّنَا: إِنَّهَا دَوْلَةٌ كَامِلَةٌ لَا نَقْصَ فِيهَا، بَلِ التَّقْصِيرُ مَوْجُودٌ عَلَى مُسْتَوى الْأَفْرَادِ وَالْمُؤَسَّسَاتِ الْحُكُومِيَّةِ، لَكِنَّهَا بِحَقٍّ أَفْضَلُ الْحُكُومَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ بِشَهَادَةِ الْقَاصِي وَالدَّانِي.

إِنَّ سِيَاسَةَ الْحُكْمِ فِي السُّعُودِيَّةِ قَائِمَةٌ عَلَى شَرْعِ اللهِ: فَمُنْذُ تَأْسِيسِهَا عَلَى عَهْدِ الْمَلِكِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُ لَمْ يَزَلِ النِّظَامُ الْأَسَاسِيُّ قَائِمَاً عَلَى تَحْكِيمِ الشَّرِيعَةِ, وَأَنَّ الْمَصْدَرَ الذِي تَسْتَمِدُّ مِنْهُ الْأَحْكَامُ هُوَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ، وَهَا هُمْ أَبْنَاءُ الْمَلِكِ عَبْدِ الْعَزِيزِ, كُلُّ مَنْ تَوَلَّى يُؤَكِّدُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ دُسْتُورُهُمْ، وَيُعَاهِدُونَ اللهَ عَلَى ذَلِكَ وَيُعْلِنُونَ ذَلِكَ لِشُعُوبِهِمْ فِي وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْعَامَّةِ، فَهَلْ كَانُوا مُجْبَرِينَ عَلَى ذَلِكَ؟ أَمْ هُوَ بِاخْتِيَارٍ مِنْهُمْ وَمَحَبَّةٍ لِلشَّرِيعَةِ؟

وَلا يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَامِلُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، بَلِ الْقُصُورُ مَوْجُودٌ, وَالتَّقْصِيرُ مِنْ طَبِيعَةِ الْبَشَرِ وَكُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ, وَلَكِنْ لَيْسَ عِلَاجُ الْخَطَأِ بِالْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِالْمُظَاهَرَاتِ أَوْ بِالتَّكْفِيرِ كَمَا يَفْعَلُهُ السُّفَهَاءُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْمُنَاصَحَةِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ، وَاللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَرْسَلَ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى أَكْفَرِ أَهْلِ الْأَرْضِ فِرْعَونَ وَقَالَ لَهُمَا (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه:44]، فَهَذَا مَعَ مَنْ يُنْكِرُ رُبُوبِيَّةَ اللهِ وَيَزْعُمُ لِنَفْسِهِ الأُلُوهِيَّةَ, فَكَيْفَ بِمُسْلِمٍ رُبَّمَا حَصَلَ مِنْهُ بَعْضُ الْخَلَلِ, أَلَا نَكُونُ أَحْوَجَ إِلَى نُصْحِهِ بِاللُّطْفِ وَاللِّينِ وَالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ؟

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ الْمُتَقَدِمَّ وَهُوَ تَحْكِيمُ الْمَمْلَكَةِ لِلشَّرِيعَةِ لَيْسَ كَلَامَاً نَظَرِيَّاً، وَإِنَّمَا مُطَبَّقٌ عَلَى الْوَاقِعِ, فَهَا هِيَ الْمَحَاكِمُ الشَّرْعِيَّةُ مُنْتَشِرَةٌ فِي أَنْحَاءِ الْمَمْلَكَةِ وَاسْأَلْ قُضَاتِهَا بِمَ يَحْكُمُونَ؟ وَهَا هِيَ الْمَدَارِسُ الْحُكُومِيَّةُ الرَّسْمِيَّةُ مِنْ رِيَاضِ الْأَطْفَالِ إِلَى الْجَامِعَةِ بَلْ إِلَى مَا فَوْقَ الْجَامِعَةِ تُدَرِّسُ عَقِيدَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ, وَتُرَبِّي الطُّلَّابَ عَلَى الْأَخْذِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي جَمِيعِ نَوَاحِي الْحَيَاةِ. فَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنَ الْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ؟

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُ قَدْ تَوَالَى عَلَى مُعَاصَرَةِ هَذِهِ الدَّوْلَةِ عُلَمَاءُ جَهَابِذَةٌ, شَهِدَ لَهُمُ الْقَاصِي وَالدَّانِي بِالرُّسُوخِ فِي الْعِلْمِ وَالْأَمَانَةِ وَقَوْلِ الْحَقِّ، وَقَدْ شَهِدُوا لِهَذِهِ الْدَوْلَةِ بِالْإِسْلَامِ وَ نَصْرِهِ وَلَمْ يُكَفِّرُوهَا، بَلْ أَثْنُوا عَلَيْهَا وَدَعَوُا اللهَ لِهَا بِالصَّلَاحِ وَلِحُكَّامِهَا بِالسَّدَادِ، كَالشَّيْخِ مُحَمٍّدٍ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ بَازٍ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْعُثَيْمَينَ -رَحِمَهُمُ اللهُ-.

قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ بِنُ إِبْرَاهِيمَ، كَمَا فِي فَتَاوِيهِ (1/216): "الْحُكُومَةُ السُّعُودِيَّةُ -أَيَّدَهَا اللهُ بِتَوْفِيقِهِ وَرِعَايَتِهِ- لا تَحْتَكُمُ إِلَى قَانُونٍ وَضْعِيٍّ مُطْلَقَاً وَإِنَّمَا مَحَاكِمُهَا قَائِمَةٌ عَلَى شَرِيعَةِ اللهِ تَعَالَى أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ إِجْمَاعُ الأُمَّةِ".

وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنُ بَازٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَهَذِهِ الدَّوْلَةُ السُّعُودِيَّةُ دَوْلَةٌ مُبَارَكَةٌ نَصَرَ اللهُ بِهَا الْحَقَّ وَنَصَرَ بِهَا الدِّينَ وَجَمَعَ بِهَا الْكَلِمَةَ وَقَضَى بِهَا عَلَى أَسْبَابِ الْفَسَادِ وَأَمَّنَ اللهُ بِهَا الْبِلَادَ, وَحَصَلَ بِهَا مِنَ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ مَا لا يُحْصِيهُ إِلَّا اللهُ, وَلَيْسَتْ مَعْصُومَةً وَلَيْسَتْ كَامِلَةً, كُلٌ فِيهِ نَقْصٌ, فَالْوَاجِبُ التَّعَامُلُ مَعَهَا عَلَى إِكْمَالِ النَّقْصِ وَعَلَى إِزَالَةِ النَّقْصِ، وَعَلَى سَدِّ الْخَلَلِ بِالتَّنَاصُحِ وَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ وَالْمُكَاتَبَةِ الصَّالِحَةِ وَالزِّيَارَةِ الصَّالِحَةِ, لا بِنَشْرِ الشَّرِّ وَالْكَذِبِ وَلا بِنَقْلِ مَا يُقَالُ مِنَ الْبَاطِلِ" ا.ه. (مجموع فتاوى9-89).

أَيُّهَا الشَّبَابُ: اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُسْتَهْدَفُونَ فِي عَقِيدَتِكُمْ وَمُسْتَهْدَفُونَ فِي أَخْلَاقِكُمْ وَمُسْتَهْدَفُونَ فِي أَمْنِكُمْ وَبَلَدِكُمْ، فَقِفُوا سَدَّاً مَنِيعَاً ضِدَّ هَجْمَةِ الْأَعْدَاءِ, الذِينَ تَقُودُهُمْ دَوْلَةُ الْيَهُودِ الْحَاقِدِينَ وَدَوْلَةُ الصَّفَوِيِّينَ الْمُشْرِكِينَ.

أَيُّهَا الشَّبَابُ: إِنَّ هُنَاكَ مَعَاهِد فِي أَمْرِيكَا وَأُورُبَّا لِدِرَاسَةِ الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ بِكَامِلِهِ, وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَدْرُسُونَ هُوَ عَقِيدَتُنَا الْإِسْلَامِيَّةُ فَهُمْ يُرِيدُونَ زَعْزَعَةَ الشَّبَابِ، وَقَدْ جَرَّبُوا غَزْوَ بِلَادِنَا بِالْأَسْلِحَةِ وَفَشِلُوا فِي الْغَالِبِ، فَآلَ بِهِمُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ يَغْزُونَا مِنَ الدَّاخِلِ, وَذَلِكَ بِإِحْدَاثِ الاضْطِرَابَاتِ الدَّاخِلِيَّةِ وَإِثَارَةِ النَّزَعَاتِ الْعِرْقِيَّةِ، وَالاخْتِلَافَاتِ بَيْنَ الشُّعُوبِ وَحُكَّامِهِمْ وَبَيْنَ النَّاسِ وَعُلَمَائِهِمْ، وَذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْحَدِيثَةِ وَطُرُقِ التَّوَاصِلِ الْجَدِيدَةِ, فَلْيَكُنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا وَاعِيَاً لِمَا يُرَادُ مِنْهُ وَمُنْتَبِهَا لِمَا يُحَاكَ لَهُ وَلِدِينِهِ وَلِبَلَدِهِ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفُرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتُّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاحْذَرُوا الْفِتَنَ التِي إِذَا حَلَّتْ عَصَفَتْ بِالْبِلادِ وَالْعِبَادِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِمَا زَرَعَهُ الْأَعْدَاءُ فِيمَا بَيْنَنَا وَبِأَيْدِي أبَنْاَئنِاَ مَا يُسَمَّى اخْتِصَارَاً بِدَاعِش (دَوْلَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْعِرَاقِ وَالشَّامِ)، هَذِهِ الدَّوْلَةُ الْمُحْدَثَةُ التِي صَارَتْ نِقْمَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَحْدَثَتِ الشِّقَاقَ بَيْنَهُمْ وَزَرَعَتِ الْفُرْقَةَ فِي صُفُوفِهِمْ.

تَأَمَّلُوا أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ فِي حَالِهِمْ وَفِي تَصَرُّفَاتِهِمْ.. إِنَّ آخِرَ أَمْرِهِمْ أَنْ قَالُوا: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ هَذِهِ الدَّوْلَةِ فَهُوَ مُرْتَدٌ كَافِرٌ! وَمَنْ لَمْ يُبَايِعْ فَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَمِنْ آخِرِ صَيْحَاتِهِمْ: أَنْ أَمَرُوا بِقَتْلِ الْأَقَارِبِ وَالْأَرْحَامِ، سُبْحَانَ اللهِ! أَهَكَذَا عَلَّمَنَا الْقُرْآنُ وَأَرْشَدَنَا دِينُنَا الإِسْلَام.

أَلَمْ تَسْمَعُوا بِمَنْ ضَحَّى بِابْنِ عَمِّهِ صَبِيحَةَ عِيدِ الْأَضْحَى؟ أَلَمْ يَصِلْكُمْ خَبَرَ مَنْ قَتَلَ أَبَاهُ فِي رَمَضَانَ, وَمَنْ بَطَشَ بِخَالِهِ قَبْلَ نِهَايَةِ الصِّيَامِ؟ فَهَلْ يَقُولُ بِهَذَا إِلَّا مَنْ فَقَدَ عَقْلَهُ وَضَاعَ صَوَابُهُ؟ أَلَا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الشَّبَابُ وَانْظُرُوا مَا أَنْتُمْ فِيهِ. إِنَّ هَذِهِ الدَّوْلَةَ الْمَزْعُومَةَ تُوَظِّفُ أَبْنَاءَنَا لِلْبَطْشِ بِنَا، إِنَّهَا تَزْرَعُ الْفُرْقَةَ فِي صُفُوفِنَا ! فَهَلْ هَذِهِ دَوْلَةُ إِسْلَامٍ أَمْ دَوْلَةُ شَرٍّ وَضَلَالٍ!

إِنَّهُمْ قَدْ وَصَلُوا فِي الانْحِرَافِ دَرَجَةً لَمْ يَصِلْهَا الْخَوَارِجُ الأَوَّلُونَ وَلا حَلِمَ بِبُلُوغِهَا الْمُنْحَرِفُونَ. إِنَّهَا مُنَظَّمَةٌ يَهُودِيَّةٌ أَمْرِيكِيَّةٌ إِيرَانِيَّةٌ، وَتَأَمَّلُوا كَيْفَ أَنَّهُ بِظُهُورِهَا انْشَغَلَ الْمُسْلِمُونَ بِهَا وَنَسُوا جَرَائِمَ النِّظَامِ السُّورِيِّ, ثُمَّ مُؤَخَّرَاً تَدْخُلُ رُوسِيَا بِلَادَ الشَّامِ بِحُجَّةِ مُحَارَبَةِ دَاعِش, ثُمَّ نَجِدُهَا تَقْصِفُ الْمُجَاهِدِينَ أَهْلَ السُّنَّةِ, وَتُدَمِّرُ بُيُوتَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا دَاعِش فَإِنَّ قَصَفَتْهَا فَهُوَ إِمَّا تَمْوِيهٌ أَوْ مِنْ بَابِ ذَرِّ الْمِلْحِ عِلَى الْعُيُونِ.

 ثُمَّ لَا نَجِدُ هَؤُلَاءِ الدَّوَاعِشَ فَجَّرُوا فِي طَهْرَانَ إِيرَانَ وَلَا تَلْ أَبِيْبَ اليَهُودَ، بَيْنَمَا وَصَلَ أَذَاهُمْ مَسَاجِدَنَا وطال شَرْهُمْ بُيُوتَنَا وَأَسْوَاقَنَا، أَلَا فَلْيَنْظُرْ كُلُّ عَاقِلٍ فِي شَأْنِهِمْ، وَلْيَحْذَرْ كُلَّ ذَكِيٍ مِنْ تَضْلِيْلِهِمْ، وَإِنَّ مَمَّا يُصَاحُ بِهِ وَخَاصَةً لِلشَّبَابِ: أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَى مَوَاقِعِهِمْ وَلَا تُشَاهِدْ مَقَاطِعَهُمْ، فِإِنَّهُمْ يُلَبِّسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَيُزَيِّنُونَ الإِجْرَامَ فِي صُورَةِ الجِهَاد.

ثُمَّ مِنْ آخِرِ الصَّيْحَاتِ أَنَّهُ تُنْتَجُ أَفْلَامٌ لِلْأَطْفَالِ فِيهَا الدَّعْوَةُ إِلَى الانْضِمَامِ إِلَى صُفُوفِ دَاعِش فِي أَلْعَابِ مَا يُسَمَّى (بِلاي سِتِيشَن).

أَلَا فَلَنَنْتَبِه لِمَا يُرَادُ وَلِمَا يُحَاكُ لِشَبَابِنَا وَبَلَدِنَا، أَسْأَلُ اللهَ بِأَسْمَائِهِ الحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُلْيَا أنْ يَحْفَظَ دِينَنَا وَدُنْيَانَا، وَأَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ هَؤُلَاءِ الأَعْدَاءِ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ وَمَنْ تَحْتَهُمْ مِنَ العُمَلاء.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلاةَ أَمْرِنَا وَأَصْلِحْ بِطَانَتَهُمْ وَوُزَرَاءَهُمْ وَأَعْوَانَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا رُشْدَنَا وَقِنَا شَرَّ أَنْفُسِنَا، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

 اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَان، اللَّهُمَّ وَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شِرَارَهُمْ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.