الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: "انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله ﷺ فقلنا: أنت سيدنا. فقال السيد الله تبارك وتعالى. قلنا: وأَفْضَلُنَا فَضْلًا وأَعْظَمُنْا طَوْلًا. فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشيطان".
[صحيح.] - [رواه أبو داود وأحمد.]
لما بالغ هذا الوفد في مدح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهاهم عن ذلك؛ تأدبًا مع الله -سبحانه- وحماية للتوحيد، وأمرهم أن يقتصروا على الألفاظ التي لا غلوّ فيها ولا محذور؛ كأن يدعوه بمحمد رسول الله، كما سماه الله عز وجل، أو: نبي الله، أو: أبا القاسم، وحذرهم من أن يتخذهم الشيطان وكيلًا عنه في الأفعال التي يوسوس بها لهم.
وفد | الوفد جمع وافد، كركب وراكب، وهم الذين يخرجون إلى ملك أو أمر هام. |
سيدنا | السيد الرجل المقدم في قومه. |
السيد الله | أي: السُّؤدد التام لله -عز وجل-، والخلق كلهم عبيد الله. |
وأفضلُنا فضلا | الفضل: الخيرية ضد النقيصة، أي: أنت خيرُنا. |
طَولًا | الطوْل بفتح الطاء: الفضل والعطاء والقدرة والغنى. |
قولوا بقولكم | أي: القول المعتاد لديكم، ولا تتكلفوا الألفاظ التي تؤدي إلى الغلو، وادعوني نبيا رسولا. |
أو بعض قولكم | أي: أو دعوا بعض قولكم المعتاد واتركوه؛ تجنبا للغلو. |
لا يستجرينكم الشيطان | الجري: الرسول، أي: لا يتخذكم جَرِيًّا، أي: وكيلا له ورسولا. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".