الكبير
كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «يُسَلِّمُ الراكِبُ على الماشي، والماشي على القاعد، والقليلُ على الكثير».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
في هذا الحديث: بيان من هو الأولى بالتسليم. الأول: يسلِّم الراكب على الماشي؛ لأن الراكب يكون مُتَعَلِّيَا، فالبدء من جهته دليل على تواضعه لأخيه المسلم في حال رفعته، فكان ذلك أجلب لمحبته ومودته. ثانيًا: يسلم الماشي على القاعد لتشبيهه بالداخل على أهل المنزل، وحكمة أخرى: أن القاعد قد يشق عليه مراعاة المارين مع كثرتهم: فسقطت البداءة عنه دفعا للمشقة. ثالثًا: تسليم القليل على الكثير تعبيرا عن الاحترام والإكرام لهذه الجماعة. رابعًا: الصغير يسلم على الكبير؛ لأن الكبير له حق على الصغير. ولكن لو قُدِّر أن القليلين في غفلة ولم يسلموا، فليسلم الكثيرون ولو قُدِّر أن الصغير في غفلة، فليسلم الكبير ولا تترك السنة. وهذا الذي ذكره النبي ﷺ ليس معناه: أنه لو سلم الكبير على الصغير كان حرامًا ولكن المعنى الأولى: أن الصغير يسلم على الكبير، فإنه لولم يسلم فليسلم الكبير، حتى إذا بادرت بالسلام لما تقدم في حديث أبي أمامة: "إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام". وهكذا لو حصل التلاقي، فإن أولاهم بالله من بدأ بالسلام، وفي الحديث الآخر: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".