البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

الأحرف السبعة

علاقة هذا النوع بأنواع علوم القرآن الأخرى: يرتبط هذا المبحث بعلم (نزول القرآن) فهو جزء منه، ثم ينبثق منه (علم القراءات)، إذ مرجع القراءات إلى هذه الأحرف التي نزل بها القرآن، كما أن من كتب في علوم القرآن جعل له علاقة بنوعين آخرين، وهما (جمع القرآن) و (رسم المصحف). ‌‌نزول القرآن على سبعة أحرف: نزل التخفيف على الأمة بالأحرف السبعة كما نصَّت على ذلك جملة الأحاديث الواردة في الأحرف السبعة، ويمكن استخلاص عددٍ من الفوائد من أحاديث نزول القرآن على أحرف سبعة مباشرة، وسأذكر بعض هذه الأحاديث، ثم أذكر بعض الفوائد المستنبطة منها، ثم أذكر ما في الموضوع من مسائل أخرى. أولاً: الأحاديث وما فيها من فوائد: 1 - روى البخاري عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري أنه قال: «سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقرأنيها، وكِدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لَبَبْتُه بردائه، فجئت به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ على غير ما أقرأتنيها. فقال لي: «أرسله». ثم قال له: اقرأ. فقرأ. قال: «هكذا أُنزلت». ثم قال لي: اقرأ. فقرأت، فقال: هكذا أُنزلت، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسر». 2 - وروى أيضاً عن عبيد الله بن عبد الله أن ابن عباس رضي الله عنهم حدثه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف». 3 - وروى عن أُبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان عند أضاة بني غفار، قال: فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: إن الله يأمرك أن تَقْرَأَ أمَّتُك القرآنَ على حرف. فقال: «أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك». ثم أتاه الثانية، فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتُك القرآن على حرفين. فقال: «أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك». ثم جاءه الثالثة، فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف. فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك. ثم جاءه الرابعة، فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا». 4 - وروى أيضاً عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: «كنت في المسجد، فدخل رجل يصلي، فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر، فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه. فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعاً على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر، فقرأ سوى قراءة صاحبه. فأمرهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقرآ، فَحَسَّنَ النبي صلّى الله عليه وسلّم شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب، ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قد غشيني ضرب في صدري، ففضت عرقاً، وكأنما أنظر إلى الله عزّ وجل فَرَقاً، فقال لي: «يا أُبَيُّ، أُرسِل إليَّ أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه: أن هَوِّن على أمتي، فَرَدَّ إليَّ الثانية: اقرأه على حرفين، فرَدَدْتُ إليه: أن هوِّن على أمتي، فَرَدَّ إليَّ الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكل رَدَّةٍ رَدْدْتُكها مسألةٌ تسألنيها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي، وأَخَّرْتُ الثالثة ليوم يرغب إليَّ الخلق كلهم حتى إبراهيم عليه السلام». فوائد هذه الأحاديث: 1 - أن نزول الأحرف السبعة كان في المدينة بدلالة قوله: «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان عند أضاة بني غفار»، وهو موضع ماء في المدينة نزل فيه رهط أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، فَنُسِب إليهم. ويضاف إلى هذا ما ورد من استنكار أُبَي بن كعب لما سمع من الصحابيين غير ما سمعه هو من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأُبَي كان في المدينة، ولو كانت الأحرف نزلت في مكة لما وقع هذا الاستنكار الذي يدل على ورود أمر جديد فيما يتعلق بقراءة القرآن. 2 - أن القرآن في العهد المكي، وفترة من العهد المدني كان يقرأ على لغة قريش لسان النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يرد أنه قرأه بغير ذلك. 3 - أن هذه الأحرف نزلت من عند الله، بدلالة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «هكذا أنزلت»، وهذا يعني أنه لا يصح أن يُترك من هذه الأحرف إلا ما أذن الله بتركه. 4 - أنه لا يمكن معرفة الأحرف إلا من طريق الرسول صلّى الله عليه وسلّم، خلافاً لمن ذهب إلى جواز القراءة بالمعنى. 5 - أن هذه الأحرف نزلت بالتدريج، بعد مراجعة النبي صلّى الله عليه وسلّم لربه أن يزيد من الأحرف رفقاً بأمته. 6 - أن العدد سبعة يقصد به العدد المعروف، وهو ما بين الستة والثمانية، بدلالة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أقرأني جبريل على حرف، فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف»، وهذا فيه دلالة على الحدِّ خلافاً لمن ذهب إلى أن المراد بالسبعة التكثير في العدد، كما يستعمله العرب في العدد سبعة ومضاعفاته أحياناً، وإرادة المضاعفة خروج عن الأصل، فهو يحتاج إلى قرينة، والقرينة في الأحاديث خلافه، والله أعلم. 7 - أن هذا الاختلاف كان له أثر كبير على بعض كبار الصحابة من القراء، إذ استنكر القراءة بغير ما أقرأه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ كما حصل لعمر مع حكيم بن حزام. حتى بيَّن لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه أقرأ بها وأنها أنزلت من عند الله. 8 - أن القراءة بأي حرف من الأحرف السبعة تعتبر قرآناً، وبأيها قرأ القارئ فهو مصيب. 9 - أن الرسول الكريم؛ الرحمة المهداة من ربِّ العالمين صلّى الله عليه وسلّم طلب المزيد من الأحرف تخفيفاً على أمته، وتوسيعاً عليها في القراءة، وذلك في قوله: «أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك»، وقد ورد في بعض طرق حديث الأحرف السبعة تفصيل آخر، فقد روى الإمام أحمد بسنده عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لقيت جبريل عليه السلام عند أحجار المراء، فقال: يا جبريل إني أرسلت إلى أمة أمية: الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ الفاني الذي لا يقرأ كتاباً قط، قال: إن القرآن نزل على سبعة أحرف» (2)، وفي تحديد هذه الفئات أمران: الأول: أنَّ الذي يصعب على الأميِّ هو ما يعود إلى ما تعوَّده من النطقِ، فإن نزوع أمثال هؤلاء عن طريقة منطقهم تحتاج إلى تعلُّمٍ وتكلُّفٍ، والله أعلم. الثاني: أنَّ أغلب اختلاف الأحرف السبعة يرجع إلى طريقة النطق، وإنما جاء ذكر التيسير بهذه الصورة في الحديث على الأسلوب النبوي الشرعي في نسبة الكلِّ إلى أعظم جزءٍ فيه؛ كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «الحج عرفة»، مع أنَّ في الحجِّ أركاناً غير الوقوف بعرفة، وإنما المراد التنبيه على أهمية هذا الركن من أركان هذا الحجِّ، وأنَّ من فاته فقد فاته الحجُّ، وفي سنته من الأمثلة المشابهة لذلك عدد غير قليل. والمقصود أنه لا يلزم أن يكون كل اختلافٍ في هذه الأحرف لا يستطيعه من ذكرهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، بل قد يستطيعونه، والله أعلم. ومن المهم ملاحظة أن التخفيف على الأمة بالأحرف السبعة لم ينقطع، فالرسول صلّى الله عليه وسلّم استزاد لأمته كلها، وليس لزمن من أزمانها دون غيره، وهذه الملحوظة يحسن التنبه لها في كل الأحاديث التي يرد فيها ذكر أمته صلّى الله عليه وسلّم. ثانياً: الاختلافات الواردة في القراءات القرآنية من خلال القراءات المشهورة إذا اجتهدت في حصر أنواع الأوجه القرائية التي وقع فيها الاختلاف في هذه القراءات = فإنه سيظهر لك أنواع كثيرة، ومنها على سبيل المثال: 1 - الفك (الإظهار) والإدغام (قد سمع، قسَّمع). 2 - الإمالة والفتح (والضحى). 3 - القصر والمد. 4 - التسهيل والتحقيق (أاعجمي، أأعجمي). 5 - التحقيق والإبدال (يؤمنون، يومنون). 6 - الإبدال بين الحروف (كالسين والصاد)، والمعنى واحد. وهذه الأنواع ترجع إلى الأداء، فهي من علم الصوتيات المرتبط باختلاف لهجات قبائل العرب. 7 - الزيادة والنقصان (أوصى، وصَّى)، (تجري من تحتها، تجري تحتها). 8 - اختلاف الإعراب (فتلقى آدمُ من ربه كلماتٍ، فتلقى آدمَ من ربه كلماتٌ). 9 - الخطاب والغيبة (يعلمون، تعلمون). 10 - التذكير والتأنيث (كان سيئُه، كان سيئةً) (كالذي استهوته، كالذي استهواه). 11 - تغيير الكلمة ومعناها (تبلوا، تتلوا)، (بظنين، بضنين). وغالب هذه الاختلافات تعود إلى الرسم الذي هو فرع عن القراءة الصحيحة، بحيث لو لم يرد الاختلاف في القراءة الصحيحة لما قرئ به لو وافق الرسم. وهذه الاختلافات موجودة في القراءة المشهورة المقبولة، ولو تتبعتَ القراءات الشواذ لما بَعُدَ أن يوجد إضافة إلى هذا. ثالثاً: علاقة القراءات بالأحرف السبعة: وقع الخلاف بين العلماء هل أبقى عثمان على شيء من الأحرف أم اختار واحداً وترك الباقي؟ وهذا الاختلاف ينبني على فهم مدلول الأحرف، وسيأتي بيانه. لكن المراد هنا الانطلاق من الاختلاف الكائن في القراءات المشهورة المتلقاة بالقبول من لدن علماء الأمة، وهي القراءات العشر المنسوبة لقارئيها. وإذا انطلقت من أنواع الوجوه القرائية التي ذكرتها لك، ورتبتها على اختلاف العلماء في فعل عثمان، فإنه سيظهر لك ما يأتي: 1 - أن من يقول بأن عثمان رضي الله عنه أبقى حرفاً واحداً فقط، فهذا يعني أن وجوه الاختلاف الواردة في القراءات ليست من الأحرف في شيء، وأمامك احتمالان في بقية الأحرف: الأول: أن يكون هذا الاختلاف في القراءات وارداً مع كل حرف من الأحرف التي لا نعلم ماهيتها بسبب ترك الصحابة لها، فاختلاف القراءات شيء، والأحرف شيء آخر. وذلك احتمال يدور حوله تساؤلات كثيرة، منها: كيف غاب عن الأمة ما هو منَزل من أجل التخفيف عليها؟ أفكان التخفيف لأجل سنين معدودة ثم زال سببه؟! الثاني: أن يكون هذا الاختلاف في القراءات على حرف واحدٍ، ولو بقيت لنا الأحرف الأخرى لخرج لنا اختلافات أخرى أكثر من هذه لكنها ذهبت مع ذهاب الأحرف الستة. وهذا فيه نظر أيضاً، فكيف لم يبقَ ما يدل عليها، ولو قليلاً؟ أفزالت بالكلية؟! وهذه القراءات الشاذة لا تختلف ـ من حيث العموم ـ عن أداء القراءات المقبولة المشهورة، فهل يصحُّ أن تكون هذه القراءات الشاذة قد حُفِظت، ويغيب عنا بقية الأحرف السبعة؟ وينتج عن هذا أن حلَّ الأحرف السبعة موجودٌ في وجوه القراءات؛ متواترها وشاذها؛ لأنه لا يُعقل أن تذهب هذه الأحرف بالكلية، ولا نرى بين أيدينا سوى هذه الأوجه المختلفة في القراءات، فصحَّ أن الأحرف لا تخرج عما هو بين أيدينا من هذه الأوجه المختلفة في القراءة. 2 - أن من يقول: إن عثمان لم يصنع شيئاً سوى أنه فرَّق ما في مصحف أبي بكر في المصاحف التي كتبتها اللجنة التي اختارها، فأبانَت عما صحَّ أنه مقروءٌ في العرضة الاخيرة التي عرضها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على جبريل في آخر رمضان له صلّى الله عليه وسلّم = فأنه لا بدَّ أن يذهب إلى أن الأحرف السبعة باقية مبثوثة في هذا الاختلاف الوارد في القراءات، خلافاً لمن ذهب إلى أنه ترك ستة أحرف وأبقى واحداً. ما المراد بالأحرف السبعة، وهل بقيت؟ هذا الموضوع من المشكل الذي حارت فيه العلماء واختلفت فيه قَولَتُهُم، ولا يعني هذا أنه لا يمكن الوصول إلى القول الصواب في معنى هذه الأحرف، كما أن القول الصواب لا يخرج عن مجموع أقوالهم. لعلك تلاحظ أنَّ جيل الصحابة رضي الله عنهم قد مضى، ولم يحدث عندهم لبس في هذه الأحرف؛ إذ لم يأتِ عن أحدهم أنه استشكل معناها، ولا سأل عن فحواها، وإنما سمعوها من بعضهم أو سمعوها من النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي علمهموها، ووقع عند بعضهم ـ في أول الأمر ـ شكٌّ، ثمَّ زال عنه، والمراد أنه قد انقضى هذا الجيل والأحرف السبعة معلومة لهم يقرؤون بها. وإنه كلما تباعد العصر عن عصرهم ازداد غموض هذه الأحرف، ويلاحظ أن بعض العلماء قد كثَّر عدد الاختلاف، حتى بلغت الأقوال عند السيوطي في الإتقان أربعين قولاً، وذلك بالنظر إلى تعدد عبارات الأقوال دون النظر إلى تداخل بعضها في بعض، مع أنها عند التمحيص لا تتجاوز العشرة بحال. وليس المراد هنا ذكر هذه الأقوال والاعتراض عليها، فذلك موجود في جملة من المراجع، وإنما أذكر لك هنا أحسن ما رأيت في تعريفها الذي يمكن أن يقال فيها: هي وجوه قرائية مُنَزَّلة متعددة متغايرة في الكلمة القرآنية الواحدة ضمن نوع واحد من أنواع التغاير. فإن قلت: هل يلزم أن تصل إلى سبعة أوجه؟ فالجواب: إن ذلك أقصى ما تصل إليه هذه الوجوه المنْزلة، فقد يكون في الكلمة الواحدة وجه أو وجهان أو ثلاثة إلى سبعة أوجه قرائية، ولا يمكن أن تزيد؛ لأنَّ هذا العدد مقصودٌ في التحديد، وليس المراد به التكثير، كما سبق التنبيه على ذلك. وإن قلت: لِمَ فسَّرت الأحرف بالوجوه القرائية؟ فالجواب: لأن ألفاظ الاحاديث تدل على أن هذه الأحرف شيء متعلق بالقراءة، وإنك مهما ذهبت في تفسيرها فلن تخرج عن كونها وجوهاً قرائية، وإنما سيقع الخلاف في أمرين: الأول: المراد بهذه الوجوه القرائية. والثاني: هل بقيت هذه الوجوه القرائية أم نُسِخت وتُرِكت؟ أما الأول: فإنه قد وقع اختلاف كثيرٌ في المراد بهذه الوجوه القرائية، والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن الوجوه القرائية ـ من حيث هي ـ أكثر من سبعة وجوه، لكن لم يجتمع في الكلمة الواحدة ضمن نوع واحد من أنواعها أكثر من سبعة. فإن قلت: هلَاّ مثَّلت بأمثلة توضح ذلك؟ فدونك أمثلة منها: 1 - لفظ «مجريها» في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ [هود: 41]. • قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بفتح الميم مع الإمالة. • قرأ بضم الميم مع الإمالة أبو عمرو وابن ذكوان بخلف عنه. • قرأ الأزرق عن ورش بضم الميم مع التقليل. • قرأ الباقون بضم الميم من دون إمالة. وهذه الكلمة يتشكل منها أربعة أحرف، وهي: فتح الميم، وضم الميم، والفتح أو الإمالة أو التقليل، ويتركب منها بالجمع عدد من الأوجه، وما يتركب من الأوجه ليس هو الأحرف، وإنما الأصل الرباعي المذكور هو الأحرف في هذه الكلمة. 2 - لفظ إبراهيم في قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: 124]. • قرأ ابن ذكوان عن ابن عامر بخلف عنه (إبراهام). • وقرأ الباقون ـ وهو الوجه الثاني لابن ذكوان ـ (إبراهيم). فقراءة (إبراهيم) بهذين الوجهين من النطق هما حرفان من الأحرف المنْزلة. وقد سبقت الإشارة إلى جملةٍ من وجوه الاختلاف الكائن في القراءات الذي مردُّه إلى الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن. وأما الثاني، وهو هل بقيت هذه الوجوه القرائية أم نُسِخت وتُرِكت؟ فالجواب: إنَّ القراءات التي وصلت إلينا تدلُّ على أنَّه قد تُرك بعض القراءات التي كان يُقرأ بها؛ لأن أعلى ما وصلنا من الوجوه القرائية المتواترة في الكلمة الواحدة خمسة أوجه، ومن أمثلة ذلك كلمة (جبريل). ويرد السؤال المتوقع هنا، وهو لم لا نجد في كلمة سبعة أوجه من أنواع التغاير؟ فالجواب: لأنه قد وقع تركٌ لبعض الأوجه في العرضة الأخيرة، فكان ما بقي منها لم يتجاوز الخمسة، وهذا استدلال بالثابت من القراءات الموافقة للعرضة الأخيرة؛ لأن الأمة أمرت بأن تقرأ كما عُلِّمت، وما بلغنا صحيحاً مقبولاً (المتواتر) هو ما عُلِّمت وأريد لها أن تقرأ به، وما عداه ـ مما بأيدينا ـ فهو إما مما تُرك (نُسخ)، وإما مما لم يصحَّ رفع القراءة به إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم. وإذا كان قد ثبت أنَّ هناك قراءات صحيحة لا يُقرأ بها اليوم ـ كالقراءات الأربع المتممة للعشر، وككثيرٍ من أفراد القراءات التي ثبتت بأسانيد مفردة، كقراءة (والذكر والأنثى) التي ثبتت عن ابن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما، وغيرها ـ فإنَّ هذا مما يدلُّ على أنَّ هذه القراءات قد تُرِكت، وهي من الأحرف المنْزلة. ويمكن أن نقسم القراءات إلى أقسام ثلاثة: القسم الأول: القراءات المشهورة التي تلقتها الأمة بالقبول، وحكم عليها العلماء بالتواتر. القسم الثاني: القراءات الصحيحة التي لم تصل إلى حدِّ الشهرة والقبول، وقد تُرِكت القراءة بها. القسم الثالث: ما سوى ذلك مما يُنسب إلى بعض القراء أو غيرهم بلا سند، وتلك لا ترقى إلى حكم القسم الثاني فضلاً عن الأول؛ لذا قد يدخلها الخطأ، فهي لا تُحسب من القراءات عند التمحيص والتمييز والتحقيق. هل يجوز لأحد كائنٍ من كان أن يحذف ما ثبتت قرآنيته؟ الجواب ـ بلا شكٍّ ـ: لا. إذن؛ ما دامت قد ثبتت قرآنية هذه الكلمات المتروكة، وثبت أنها مما لم يقرأ به الصحابة بعد جمع عثمان الناس على ما صحَّ في العرضة الاخيرة؛ فإن هذا يدلُّ على أنَّ الذي أمر بتركها هو الذي أمر بقراءتها أولاً، وهو المنْزل لها؛ إذ من فوائد حديث إنزال الأحرف أن النبي صلّى الله عليه وسلّم يخبر أن القرآن (أُنزِل) والمنْزل جبريل، الآمر بالإنزال هو الله ـ سبحانه وتعالى ـ القائل: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]، فهو الذي له حق النسخ. أما ما يُنسب لعثمان رضي الله عنه من أنه أبقى حرفاً واحداً، فإن ذلك أمر لا يصح، ولو قال به من له جلالة ومنْزلة في العلم؛ لأنَّ ذلك يعني أنَّ أحرفاً نزلت، وأن بعض الأمة قد تركها، وهذه الأحرف التي يُدَّعى أنها تركت إنما هي قرآن، وتركها مخالف لقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]. والنتيجة التي يُتوصل إليها: • أن جميع أصول الوجوه القرائية الثابتة عن الأئمة في القراءات العشر المعتبرة؛ أنها مما قرأ به النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهي مما أُنزلَ، ولا يجوز لأحد أن ينقص منها أو يزيد عليها. • وأن الاختلاف في بعض المقادير لا يعني وقوع الاجتهاد في الأصول، فالمدُّ أصل صحيح ثابت عند القراء، لكن اختلفوا في مقداره في أنواعه المعروفة عندهم، واختلافهم في المقدار داخل في باب الاجتهاد، لكن وجود المد كأصل في وجوه القراءة لا يدخله الاجتهاد. وليس عندنا أن نعرف المتروك (المنسوخ) من غيره سوى ما أثبته الصحابة مما ثبت في العرضة الأخيرة التي استقرَّت القراءة عليها أيام عثمان رضي الله عنه لما جمع الناس على ما ثبتت قراءته في هذه العرضة، وترك ما سواه، فأجمع الصحابة على ذلك، وتركوا ما سواه مما صحَّ عندهم لكن لم يكن كل واحد منهم يعلم برفعه وتركه كما كان يعلمه زيد بن ثابت وغيره رضي الله عنهم ممن كان لهم عناية تامة بالقرآن. وقد وقع عند بعض من كتب في علاقة الأحرف السبعة بجمع القرآن افتراضات لا يدل عليها دليل نقلي، بل هي من التخريج العقلي المحض، ويظهر أن من أسباب ذلك عدم تبيُّن المراد بالأحرف السبعة. قراءات مقترحة في موضوع: الأحرف السبعة 1 - «حديث الأحرف السبعة»، للدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح قارئ. وهو من أنفس ما كُتب في شرح الأحرف السبعة، وفيه تحليلات وفوائد جليلة. 2 - «الأحرف السبعة ومنْزلة القراءات منها»، للدكتور حسن ضياء الدين عتر. ومما فيه من محاسن: استنباط الفوائد من أحاديث الأحرف السبعة، وإن كانت النتيجة التي وصل إليها في المراد بالأحرف السبعة فيها نظر. وفي صنيع الدكتور حسن ضياء الدين عتر في كتابه توجيه للباحثين في استنطاق الفوائد من الأحاديث التي وردت في الأحرف التي نزل بها القرآن. بحوث مقترحة في موضوع: الأحرف السبعة 1 - الاعتناء بالأحاديث الواردة في الأحرف السبعة، واستنباط الفوائد منها. 2 - تطبيق أوجه الاختلاف بين القراء في سورة من السور للخلوص إلى عدد الأوجه القرائية المختلف فيها في السورة، وتصنيف هذه الأوجه. 3 - دراسة العلاقة بين اللهجات العربية والأحرف السبعة.