الهجرة

مصطلحات ذات علاقة:


الْهِجْرَةُ


الْخُرُوجُ مِنْ دَارِ الكفر إِلَى دَار الْإِسْلَام . ومن شواهده قول الله تَعَالَى
انظر : الشرح الكبير لابن قدامة، 10/379، تفسير القرطبي، 10/107، التعريفات للجرجاني، ص
تعريفات أخرى :

  • ي طلق إطلاقاً عاماً على انتقال الأفراد، أو الجماعات من أوطانهم الأصلية إلى بلد آخَرَ لأسباب مختلفة .
  • ترك المعاصي . ومن ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "قال رجل : يا رسول الله، أيُّ الهجرة أفضلُ؟ قال : أنْ تهجرَ ما كَرِهَ ربُّكَ ." النسائي :4165.

أهداف المحتوى:


  • التعرف على أحداث الهجرة .
  • التعرف على بذل النبي ﷺ، وتضحيته من أجل دعوة التوحيد .
  • التعرف على مكر الجاهلية بالإسلام، ومحاولتها القضاء على دعوة التوحيد بأي ثمن .
  • التعرف على فضل أبي بكر رضي الله عنه، وحرصه وخوفه على النبي ﷺ .

الأحاديث:


أحاديث نبوية عن الهجرة
  • عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: نَظَرت إِلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤُوسِنا، فقلت: يا رسول الله، لَو أنَّ أحَدَهم نظر تحت قدَمَيه لأَبصَرَنا، فقال: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكرٍ بِاثنَينِ الله ثَالِثُهُمَا». شرح وترجمة الحديث

عناصر محتوى المفردة:


المقدمة
  • المقدمة
  • (الهجرة ): في تعريفها العام : ترك دار الكفر إلى دار الإسلام .
المادة الأساسية
  • (الهجرة النبوية ): يقصد بها هجرة النبي محمد ﷺ وأصحابه من مكة إلى يثرب والتي سُميت بعد ذلك بالمدينة المنورة، بسبب ما كانوا يلاقونه من إيذاء من زعماء قريش، خاصة بعد وفاة أبي طالب، وكانت في عام 1هـ، الموافق لـ  622م، وتم اتخاذ الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري، بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد استشارته بقية الصحابة في زمن خلافته، واستمرت هجرة من يدخل في الإسلام إلى المدينة المنورة، حيث كانت الهجرة إلى المدينة واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة، حتى فتح مكة عام  8 هـ .
    ظل نبينا ﷺ بمكة ينتظر أن يُؤذَن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة، إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر رضي الله عنهما، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يستأذنه بالخروج إلى المدينة المنورة، ولكن كان يقول له : «لا تعجل لعلَّ اللهَ يجعلُ لك صاحبًا » فأراد أبو بكر أن يكون النبي ﷺ صاحبه .
    لما رأت قريش خروج المسلمين، خافوا خروج النبي محمد، فاجتمعوا في دار الندوة، واتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من قريش شابًا فيقتلون محمدًا فيتفرّق دمه بينَ القبائل .
     فأخبر جبريل محمدًا بالخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر محمد عليًا أن يبيت في فراشه بدلًا منه ويتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن محمدا نائم في فراشه .
    واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثوا على رؤوسهم التراب تاليًا :  ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾  [يس : 19] فلما أصبحوا ساروا إلى علي يحسبونه النبي، فلما رأوا عليًا، فقالوا : «أين صاحبك؟ »، قال : «لا أدري »، فنزلت الآية :  ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال : 30].غادر رسول الله ﷺ بيته في ليلة 27 من شهر صفر سنة 14 من النبوة الموافق 12/ 13 سبتمبر سنة 622 م . وأتى إلى دار رفيقه - وآمن الناس عليه في صحبته وماله - أبي بكر رضي الله عنه . ثم غادرا منزل الأخير من باب خلفي، ليخرجا من مكة على عجل، وقبل أن يطلع الفجر .
    ولما كان النبي ﷺ يعلم أن قريشًا ستجد في الطلب، وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالًا، فقد سلك الطريق الذي يضاده تماما، وهو الطريق الواقع جنوب مكة، والمتجه نحو اليمن .
    سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال، حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور، وهذا جبل شامخ، وعر الطريق، صعب المرتقى، ذا أحجار كثيرة، فحفيت قدما رسول الله ﷺ، وقيل : بل كان يمشي في الطريق على أطراف قدميه كي يخفي أثره فحفيت قدماه، وأيًّا ما كان، فقد حمله أبو بكر حين بلغ إلى الجبل، وطفق يشتد به حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل، عرف في التاريخ بغار ثور .
    ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : والله لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك، فدخل فكسحه، ووجد في جانبه ثقبًا فشق إزاره وسدها به، وبقي منها اثنان فألقمهما رجليه، ثم قال لرسول الله ﷺ . ادخل .
    فدخل رسول الله ﷺ، ووضع رأسه في حجره ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الحجر، ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله ﷺ، فسقطت دموعه على وجه رسول الله ﷺ، فقال : ما لك يا أبا بكر؟ قال : لدغت، فداك أبي وأمي، فتفل رسول الله ﷺ، فذهب ما يجده .وكمنا في الغار ثلاث ليال، ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد . وكان عبد الله ابن أبي بكر يبيت عندهما .
    قالت عائشة : وهو غلام شاب ثقف لقن، فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام .
    و ﴿كان ﴾ يرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل - وهو لبن منحتهما ورضيفهما - حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث . وكان عامر بن فهيرة يتبع بغنمه أثر عبد الله بن أبي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليعفى عليه .أما قريش فقد جُنَّ جنونها حينما تأكد لديها إفلات رسول الله ﷺ صباح ليلة تنفيذ المؤامرة . فأول ما فعلوا بهذا الصدد أنهم ضربوا عليًّا، وسحبوه إلى الكعبة، وحبسوه ساعة، علهم يظفرون بخبرهما .
    ولما لم يحصلوا من علي على جدوى جاؤوا إلى بيت أبي بكر، وقرعوا بابه، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر، فقالوا لها : أين أبوك؟ قالت : لا أدري والله أين أبي؟ فرفع أبو جهل يده - وكان فاحشا خبيثًا - فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها .
    وقررت قريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام جميع الوسائل التي يمكن بها القبض على الرجلين، فوضعت جميع الطرق النافذة من مكة، في جميع الجهات تحت المراقبة المسلحة الشديدة، كما قررت إعطاء مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى قريش حيين أو ميتين، كائنًا من كان .وحينئذ جدت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب، وانتشروا في الجبال والوديان، والوهاد والهضاب، لكن من دون جدوى وبغير عائدة .
    وقد وصل المطاردون إلى باب الغار، ولكن الله غالب على أمره، روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال : كنت مع النبي ﷺ في الغار فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا . قال : اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما، وفي لفظ : ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما .وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه ﷺ، فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم إلا خطوات معدودة .
    وحين خمدت نار الطلب، وتوقفت أعمال دوريات التفتيش، وهدأت ثائرات قريش بعد استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام بدون جدوى، تهيأ رسول الله ﷺ وصاحبه للخروج إلى المدينة .
    وكانا قد استأجر عبد الله بن أريقط الليثي، وكان هاديا خريتا - ماهرا بالطريق - وكان على دين كفار قريش، وأمناه على ذلك، وسلما إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما، فلما كانت ليلة الاثنين - غرة ربيع الأول سنة 1 هـ / 16 سبتمبر سنة 622 م - جاءهما عبد الله بن أريقط بالراحلتين وحينئذ قال أبو بكر للنبي ﷺ بأبي أنت يا رسول الله، خذ إحدى راحلتي هاتين . وقرب إليه أفضلهما . فقال رسول الله ﷺ : بالثمن .
    وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاما، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام، فشقت نطاقها باثنين، فعلقت السفرة بواحد، وانتطقت بالآخر، فسميت ذات النطاقين .ثم ارتحل رسول الله ﷺ وأبو بكر رضي الله عنه ، وارتحل معهما عامر بن فهيرة، وأخذ بهم الدليل - عبد الله بن أريقط - على طريق السواحل .
    وأول من سلك بهم بعد الخروج من الغار أنه أمعن في اتجاه الجنوب نحو اليمن، ثم اتجه غربًا نحو الساحل، حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس اتجه شمالًا على مقربة من شاطئ البحر الأحمر، وسلك طريقًا لم يكن يسلكه أحد إلا نادرًا .بعض ما وقع للنبي ﷺ في طريقه للمدينة :موقف سراقة بن مالك :تبعهما في الطريق سراقة بن مالك .
    قال سراقة : بينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، أقبل رجل منهم حتى قام علينا، ونحن جلوس، فقال : يا سراقة، إني رأيت آنفًا أسودة بالساحل، أراها محمدًا وأصحابه .
    قال سراقة : فعرفت أنهم هم، فقلت له : إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتي أن تخرج فرسي، وهي من وراء أكمة، فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، فخططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي، فركبتها، فعرفتها تقرب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت، فأهويت يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها، أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام، تقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ﷺ - وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات - ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله ﷺ، فقلت له، إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني، ولم يسألاني إلا أن قال : أخف عنا، فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة، فكتب لي في رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله ﷺ، وفي رواية عن أبي بكر قال : ارتحلنا، والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا منهم أحد غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، فقال : ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا ﴾، ورجع سراقة، فوجد الناس في الطلب، فجعل يقول : قد استبرأت لكم الخبر، قد كفيتم ما ههنا . وكان أول النهار جاهدًا عليهما، وآخره حارسًا لهما .
    موقف أم معبد : مر النبي ﷺ بخيمة أم معبد الخزاعية، وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة، ثم تطعم وتسقي من مر بها، فسألاها : هل عندها شيء؟ فقالت : والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى والشاء عازب، وكانت سنة شهباء، فنظر رسول الله ﷺ إلى شاة في كسر الخيمة، فقال : ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال : هل بها من لبن؟ قالت : هي أجهد من ذلك، فقال : أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت : نعم بأبي وأمي، إن رأيت بها حلبا فاحلبها .
    فمسح رسول الله ﷺ بيده ضرعها، وسمى الله ودعا، فتفاجت عليه ودرت، فدعا بإناء لها يربض الرهط، فحلب فيه حتى علته الرغوة، فسقاها، فشربت حتى رويت، وسقي أصحابه حتى رووا، ثم شرب، وحلب فيه ثانيًا، حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها فارتحلوا، فما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزًا عِجافًا يتساوكن هزلًا، فلما رأى اللبن عجب، فقال : من أين لك هذا؟ والشاة عازب، ولا حلوبة في البيت؟ فقالت : لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، ومن حاله كذا وكذا، قال : إني والله أراه صاحب قريش الذي تطلبه، صفيه لي يا أم معبد، فوصفته بصفاته الرائعة بكلام رائع كأن السامع ينظر إليه وهو أمامه .
    الوصول الشريف للمدينة :في يوم الاثنين 8 ربيع الأول سنة 14 من النبوة - وهي السنة الأولى من الهجرة - الموافق 23 سبتمبر سنة 622 م نزل رسول الله ﷺ بقباء قال عروة بن الزبير : سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله ﷺ من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله ﷺ وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنظرون، فثار المسلمون إلى السلاح .
    قال ابن القيم : وسمعت الوجبة والتكبير في بني عمرو بن عوف، وكبر المسلمون فرحا بقدومه، وخرجوا للقائه، فتلقوه وحيَّوه بتحية النبوة، فأحدقوا به مُطيفين حوله، والسكينة تغشاه، والوحي نزل عليه : فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم : 4].قال عروة بن الزبير : فتلقوا رسول الله ﷺ، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول .
    فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله ﷺ صامتا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله ﷺ يحيى - وفي نسخة : يجيئ - أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله ﷺ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله ﷺ عند ذلك .وكانت المدينة كلها قد زحفت للاستقبال، وكان يوما مشهودا لم تشهد المدينة مثله في تاريخها .وأقام رسول الله ﷺ بقباء أربعة أيام : الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس .
    وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة، فلما كان اليوم الخامس - يوم الجمعة - ركب بأمر الله له، وأبو بكر ردفه، وأرسل إلى بني النجار - أخواله - فجاؤوا متقلدين سيوفهم، فسار نحو المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف، فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي، وكانوا مائة رجل .
    الدخول الشريف المدينة :وبعد الجمعة دخل النبي ﷺ المدينة - ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول ﷺ، ويعبر عنها بالمدينة مختصرا - وكان يوما تاريخيا أغر، فقد كانت البيوت والسكك ترتج بأصوات التحميد والتقديس .واحد منهم كان يتمنى أن ينزل الرسول ﷺ عليه .
    فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته : هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة، فكان يقول لهم : خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت، ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلا، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها، وذلك في بني النجار أخواله ﷺ .
    وكان من توفيق الله لها، فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم بذلك، فجعل الناس يكلمون رسول الله ﷺ في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب الأنصاري إلى رحله، فأدخله بيته، فجعل رسول الله ﷺ يقول : المرء مع رحله، وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته، وكانت عنده .
ماذا نفعل بعد ذلك
  • نتعلم ضرورة الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله عز وجل .
  • أن نعلم يقينًا أن العاقبة للتقوى والمتقين .
  • أن الله يثبّت أهل الإيمان في المواقف الحرجة .
  • أن نعلم أن من حفظ الله حفظه الله .
  • أن نعلم أن النصر مع الصبر .
  • أن نعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
  • أن نعرف فضل المهاجرين والأنصار .
  • أن نستفيد حصول الأخوة، وذوبان العصبيات .

المحتوى الدعوي: