فضل الاجتماع والتحذير من الفرقة والاختلاف

عناصر الخطبة

  1. الإسلام يدعو إلى الاجتماع ونبذ الفرقة
  2. لا اجتماع إلا تحت مظلة الدين
  3. كل الأنبياء يدعون إلى الاجتماع
  4. كيف يكون الاجتماع ؟ وعلام نجتمع ؟
  5. الاجتماع على ولاة الأمور
  6. الفرقة والاختلاف من أهم أسباب هلاك الأمم وزوالها
  7. فوائد الاجتماع
  8. الاجتماع سبب رئيس في علاج كثير من القضايا النفسية
اقتباس

إن الإسلام علمنا أنه لا اجتماع إلا تحت مظلة هذا الدين العظيم، فمهما اجتمعنا تحت مظلة أخرى، فإن هذا الاجتماع سيكون اجتماعا صُوريا، أو شكليا، لا يؤتي ثماره، بمعنى أن الاجتماع تحت مظلة لون، أو عرق، أو إقليم، أو ما شابه ذلك لا يدوم طويلا، أما الاجتماع تحت مسمى هذا الدين فهو الذي يدوم، وهو الذي يبقى، وهو …

إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فإن من عظمة هذا الدين الإسلامي الذي رضيه الله لعباده أن جاء بالاجتماع، فقد جاء الإسلام بهذا المعنى العظيم، بل وجعل من الضروريات أن يجتمع الأفراد والجماعات والشعوب تحت مِظلة واحدة، هي مظلة الإسلام، بل شرع شرائع، ونظم عبادات من أجل هذا الهدف النبيل، وهو الاجتماع، فشرع لنا أن نصلي خمس صلوات في اليوم والليلة في بيوت الله من أجل أن نجتمع، فشرع صلاة الجماعة وأوجبها على الذكور من البالغين القادرين من أجل أن يجتمع المسلمون.

كما شرع صلاة الجمعة من أجل هذا المعنى، فجعل صلاة الجمعة اجتماعا أوسع من الصلوات الخمس التي تؤدى في المساجد في أحياء، وفي مساجد متفرقة في البلد الواحد، ثم جعل اجتماعا أكبر وهو صلاة العيد، وأوسع من ذلك الاجتماع في عبادة الحج، كل ذلك يريد الشارع أن يجتمع الناس؛ لأن في الاجتماع أهدافا سامية ومقاصد نبيلة، نتعرف عليها في آخر حديثنا – إن شاء الله تعالى-.

إن الإسلام علمنا أنه لا اجتماع إلا تحت مظلة هذا الدين العظيم، فمهما اجتمعنا تحت مظلة أخرى، فإن هذا الاجتماع سيكون اجتماعا صُوريا، أو شكليا، لا يؤتي ثماره، بمعنى أن الاجتماع تحت مظلة لون، أو عرق، أو إقليم، أو ما شابه ذلك لا يدوم طويلا، أما الاجتماع تحت مسمى هذا الدين فهو الذي يدوم، وهو الذي يبقى، وهو الذي يؤتي ثماره.

والذين مثلوا الإسلام حقيقة هم رسل الله – صلوات الله عليهم أجمعين – وفي مقدمتهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي رسم لنا المنهج، وأوضح لنا الطريق، حيث جمع أعراقا متعددة من أقاليمَ متباينة، كلهم قد اجتمعوا تحت مظلة هذا الدين، العربي مع غير العربي، والأبيض مع الأسود، والعامي مع العالم، كل ذلك حققه النبي – عليه الصلاة والسلام – بهذا المنهج الرباني العظيم.

وكان النبي – عليه الصلاة والسلام – يدعو أمته إلى قيام الساعة إلى أن تَحذُوَ حَذْوَه في الاجتماع، وتطبيقه على أرض الواقع، فكان – عليه الصلاة والسلام – يهدف إلى القضاء على العنصرية القبلية، والإقليمية، وما شاكل ذلك من عصبيات تشق عصا المسلمين.

ورسل الله – عليهم الصلاة والسلام – كانوا كذلك، حتى عابهم أولئك الذين كرهوا الاجتماع، فعابوا نوحا وهودا وصالحا وشُعيبا – عليهم السلام – بأنهم يريدون أن يجمعوا الناس تحت مظلة واحدة.

إن المتأمل في أحوالنا اليوم يجد أن هذا الأمر من أهم المواضيع التي تمس واقعنا المعاصر، وذلك نظرا لأننا نرى أن العنصرية، أو القبلية قد أطلت برأسها تريد أن تفرق جماعتنا، وتشتت صفوفنا تحت مسميات جاهلية، رفضها الإسلام وأبطلها وذلك عندما قال الله لنبيه – عليه الصلاة والسلام -: ﴿وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مَنَ الظَّالِمِينَ﴾ [سورة الأنعام: الآية 52].

ويذكر لنا ابن كثير  – رحمه الله – سبب نزول هذه الآية، فقال: جاء الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري، فوجدوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مع صهيب وبلال وعمار وخباب قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي – صلى الله عليه وسلم – حقروهم، فأتوه فخلَوْا به، وقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت. قال: " نعم". قالوا: فاكتب لنا عليك كتابا. قال: فدعا بالصحيفة، ودعا عليًّا ليكتب، ونحن قعود في ناحية، فنزل جبريل، فقال: ﴿وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: 52] فرمى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالصحيفة، ثم دعانا فأتيناه.

والسؤال هو: كيف يكون الاجتماع ؟ وعلام نجتمع ؟

عرفنا أن الاجتماع يجب أن يكون تحت مظلة هذا الدين الرائع، هذا الدين الذي تحمل تعاليمه كل معاني الخير، هذا الاجتماع يجب أن يكون على كتاب الله – تعالى – وعلى سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -.

وفي القرآن كثير من الآيات التي تؤكد على هذا المعنى، منها قوله – تعالى -: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: 103].

حبل الله: هو الإسلام – كما قال بعض المفسرين – وقال آخرون: هو القرآن.

وهذا يسميه المفسرون تفسير تنوع، إذ المعنى واحد، إذن نفهم من هذه الآية أن الاجتماع يجب أن يكون على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهذا هو الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- ودرج عليه الأئمة من بعده، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم أجمعين -.

فإذا اختلفنا فعلينا أن نرجع إلى كتاب الله – تعالى-، وإلى سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وذلك عملا بقول الله – عز وجل -: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: 59].

فلا يمكن أن نرجع إلى دساتير بشرية، أو إلى قوانين أجنبية، أو إلى أي قوانين أرضية، بل علينا أن نرجع إلى كتاب الله، وإلى سنة الرسول – عليه الصلاة والسلام -.

فإذا تنازعنا – مثلا – في رأي، أو فتوى، أو مشروع ديني، أو خيري، أو ما إلى ذلك، فعلينا أن نرد الأمر إلى الله والرسول، وهذا يذكرنا بضرورة الرجوع في الفتوى إلى أهل العلم الراسخين، فمن الخطأ اليوم أن يذهب أحدنا ليبحث عن كل مُفْتٍ ليستفتيه، وهذا المفتي قد يأخذ بالشاذ، أو المرجوح من الأقوال، أو سقطات أهل العلم، أو زلاتهم، ثم يبني على ذلك فتواه، فإن من تتبع رُخَص العلماء وزلاتهم لم يَبْقَ له شيء من دينه.

كما أن من الاجتماع أن نجتمع على من ولاه الله أمرنا، يجب أن نجتمع عليه، وأن نسمع ونطيع في المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله، حتى لو رأينا التجاوز والظلم والخطأ، وهذا فيه نصوص كثيرة، لو تكلمنا عنها لطال بنا المقام، لكن نذكر مثالا، وبالمثال يتضح المقال.

فعن عوف بن مالك – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويُصَلُّون عليكم، وتُصَلُّون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم". قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: "لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من وُلاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدا من طاعة".

فمنابذة ولاة الأمر، والخروج عليهم من أعظم أسباب الفرقة، وإنما أهلكت الأمم الخالية بفرقتها، فالفُرقة من أعظم أسباب الهلاك.

ما أحوج كثيرا من النقاد الذين يخرجون بالكلمة على ولي الأمر إلى مثل هذه الآثار، فكم من أمة هلكت بسبب خروجهم على أئمتهم وفُرقتهم.

فالفرقة والاختلاف من أهم أسباب هلاك الأمم وزوالها، وهي السبب الرئيس في ذَهاب هيبتنا، وزوال بيضتنا، لا شك أن التفرق يُضعفنا شيئا فشيئا حتى تذهب قوتنا، وولي الأمر الذي نجتمع عليه هو الذي في عنقنا له بيعة، وهذا يجب أن نسمع له ونطيعه .

والبيعة هي العهد على الطاعة، بمعنى أن المبايعين يتركون للإمام النظر في أمور المسلمين، فلا ينازعونه في ذلك.

وقد وردت أحاديث تؤكد على هذا الأمر؛ لأنه لا جماعة إلا بإمام، فلا يُتصور جماعة بدون ولي أمر يسوسهم، ويقيم الحدود فيهم، ويجمعهم على الصلاة، وعلى الحج، وما إلى ذلك، فلا يمكن أن تجتمع الأمة إلا بإمام، ولا إمام إلا بسمع وطاعة، إذ لا يُتصور إمام إلا أن يُسمع له ويطاع، فإذا عصي فلا إمام.

ولما كان الأمر بهذه المنزلة أدخله الأئمة في كتب العقائد، ومن هذه الأحاديث حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً".

وعَنْ عَرْفَجَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: "مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ"؛ لأنه سيفرق جماعة المسلمين.

أما عن فوائد الاجتماع فهي كثيرة ومهمة جدا، خاصة في هذه الظروف التي تعيشها الأمة من تفرق المسلمين واختلافهم في كثير من الأمور، وذلك بسبب عدم تحقيق ما يريده الشارع من الاجتماع، لأننا لم نفهم سبب صلاتنا مجتمعين ؟ ولماذا نحج في هذا الجمع المهيب؟ كل ذلك لأن الشارع يريد أن يجتمع المسلمون على قلب رجل واحد، فمن فوائد الاجتماع:

1- أن الاجتماع يساعد المجتمع على مواجهة التحديات، فنحن إذا اجتمعنا نستطيع أن نصمد أمام التحديات العصرية، ولن تستطيع الأمة أن تواجه هذه التحديات إلا بالاجتماع.

2- أنه يساعد على إظهار عظمة الإسلام، من القوة والاتحاد.

3- تحقيق الألفة والعدالة والمحبة والتآخي، فالاجتماع سيحقق كل هذه المعاني عندما نصلي في مسجد واحد، ونقف في صف واحد، نركع جميعا، نسجد جميعا، نحج جميعا، كل هذا فيه معنى الترابط والتلاحم والألفة، وعدم التفريق بين المسلمين.

4- القضاء على العصبية القبلية، فإننا إذا اجتمعنا في المسجد صلى فيه الجميع الكبير والصغير والشريف والوضيع والغني والفقير، كلهم يخضعون، يسجدون لله – سبحانه وتعالى – فالعلاقة بيننا هي علاقة الدين، كما قال سلمان الفارسي – رضي الله عنه -:

أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه *** إذا افتخروا بقَيْس أو تَمِيم

 ومن هنا جاء الإسلام فرفع أناسا، ووضع آخرين، وكما جاء في الحديث: "من بَطّأ به عمله لم يسرع به نسبه".

5- القضاء على ما يحاول أن يفعله المحاربون من المشركين من تفريق كلمة المسلمين، وجعلهم فرقا وأحزابا، فنحن إخوة، وإن كان هذا من مصر، وهذا من الشام، أو العراق، أو الباكستان، أو اليمن، أو السودان، أو من أي مكان طالما أنه مسلم، فالذي يجمعنا هو الإسلام، لا الأماكن، ولا القبائل، ولا العصبيات، ولا غير ذلك.

فنحن ننتمي لهذا الدين قبل أن ننتمي لأي شيء، وهذا ما فعله النبي – عليه الصلاة والسلام – عندما أسقط دعوى الجاهلية، ووضعها تحت قدميه، وأمر بالمساواة، وتصحيح المفاهيم، ومحاربة التمييز بين عرق وآخر من أجل أن يرسم منهجا للأمة إلى قيام الساعة.

وقد طبق النبي – صلى الله عليه وسلم – هذا المنهج أولا على الأقربين، حتى يكون قدوة لجميع المسلمين، فأول ربا وضعه ربا العباس، فقال: "وربا الجاهلية موضوع، وأول رِبا أضع من رِبَانا ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله".

وقال: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".

يريد التأكيد على أن هذا النظام، أو هذا الدستور، أو هذا الدين يشمل الجميع، ولا يستثنى أحد لقرابة، أو مكانة، أو ما شابه ذلك.

6- تحقيق البركة، فالاجتماع فيه بركة في أمور الخير كلها، حتى في الطعام، فقد جاء بعض أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: يا رسول الله، إنا نأكل ولا نشبع. قال: "فلعلكم تفترقون". قالوا: نعم. قال: "فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه".

فالاجتماع فيه بركة حتى في الطعام، ونحن المسلمين نجتمع على الطعام بخلاف غيرنا من الغربيين والشرقيين، حيث تجد كل واحد منهم يأكل وحده، وهذا صنيع البهائم، حيث تحاول كل بهيمة أن تنفرد بالطعام وحدها، حتى لا يشاركها غيرها، أما نحن فإن الإسلام أمرنا أن نجتمع حتى على الطعام، وذلك لحصول البركة.

7- أنه يخيف الأعداء ويلقي الرعب في قلوبهم، فاليهود لو تحقق لديهم أننا مجتمعون لما تجاوزوا شبرا واحدا من أرض المسلمين، لكن لما نظروا في أحوال المسلمين فرأوا هذا التفرق فعلوا ما فعلوا، إذن فالاجتماع يخيف الأعداء، ويلقي الرعب في قلوبهم، وهذا يذكرنا بقصة الأوس والخزرج لما كانوا متفرقين متناحرين كانوا في ضعف، فلما جاء النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة النبوية وجمعهم أصبحوا قوة ضاربة في الجزيرة العربية، ومن هنا شع نور الهدى، وانتشر الإسلام، وهاب الناس هذه الأمة المتآلفة المتحدة.

8- تنشيط الإنسان، وإحياء روح المنافسة، وإبعاده عن الرذائل والمحرمات، فالشخص يكسل عن العمل إذا كان وحده، أما إذا كان مع الجماعة نشط، كما أنه قد يقع في بعض المحرمات في حال كونه منعزلا عن الجماعة، أما إذا كان وسط إخوانه، فإن هذا مدعاة لإبعاده عن ذلك، فالاجتماع دواء ناجح لكثير من الأمراض النفسية المنتشرة اليوم، مثل الاكتئاب والقلق، وغير ذلك، كل هذا سببه العزلة، والبعد عن الصلوات في المساجد، والبعد عن حضور الخير والندوات، وما شابه ذلك.

والاجتماع سبب رئيس في علاج كثير من القضايا النفسية، ولذلك تجد من المتخصصين في هذا المجال يقولون: يجب عليك أن تدخل في المجتمع، وأن تنصهر فيه، فهذا من الأدوية الناجعة للقضاء على حالات الملل والاكتئاب التي تصيب كثيرا من البشر في هذه الأزمان.

9- طرد الشيطان وإغاظته، لأنه يَهُمّ بالواحد، وهو عن الاثنين أبعد، كما جاء في الحديث: "ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية".

يعني أن الذئب إذا انفردت الماعز، أو الضأن أكلها، فإذا كانت في جماعة ضعف عن ذلك، فكذلك الإنسان إذا اجتمع مع إخوانه، فإن هذا يضعف الشيطان.