الغفور
كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...
امْتِنَاعُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ اليمين، أَوْ لَهُ مِنْهَا . ومن شواهده قولهم : "قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَامِعِ : النُّكُولُ إقْرَارٌ، وَقَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْقَسَامَةِ . "
الجُبْنُ وَالإحْجَامُ عَنِ الإِقْدَامِ عَلَى الشيءِ، يُقَالُ: نَكَلَ الرَّجُلُ عَنِ الأَمْرِ يَنْكُلُ نُكُولاً إِذَا جَبُنَ عَنْهُ وَلَمْ يُقْدِمْ عَلَيْهِ، وَالنَّاكِلُ: الجَبَانُ الضَّعِيفُ، وَأَصْلُ النَّكْلِ: المَنْعُ وَالدَّفْعُ، يُقَالُ: نَكَلَ يَنْكُلُ ونَكِلَ يَنْكُلُ إذَا مَنَعَ، وَأَنْكَلْتُ الرَّجُلَ عَنْ حَاجَتِهِ إِذَا دَفَعْتَهُ عَنْهَا، وَالنُّكُولُ: الرَّفْضُ وَالامْتِنَاعُ، يُقَالُ: رجُلٌ نَكَلٌ ونِكْلٌ: أَيْ شُجَاعٌ قَوِيٌّ يُنَكَّلُ بِهِ أَعْدَاؤُهُ أَيْ يُدْفَعُونَ وَيُمْنَعُون، وَتُطْلَقُ النُّكُولُ أَيْضًا بِمَعْنَى: القُيُودُ، جَمْعُ نِكْلٍ، وَهُوَ القَيْدُ، ويُجْمع أَيْضًا عَلَى أَنْكَالٍ؛ لِأَنَّهَا يُنْكَلُ بِهَا أَيْ يُمْنَعُ.
مَوَاطِنُ وُرُودِ لَفْظِ النُّكولِ كَثِيرَةٌ مِنْ ذَلِكَ: كِتـَابُ النِّكَاحِ وَاللِّعَانِ وَاليَمِينِ وَالبُيُوعِ وَالإِقْرَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَدْ يُطْلَقُ النُّكولُ بِمَعْنًى أَعَمُّ وَهُوَ: الامْتِنَاعُ عَنْ أَدَاءِ شَهَادَةٍ أَوْ قَسَمٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَلْزَمُ الشَّخْصَ أَدَاؤُهُ.
نَكَلَ
الامْتِنَاعُ عَنْ حِلْفِ اليَمِينِ المَطْلُوبَةِ شَرْعًا.
هُوَ امْتِنَاعُ الخَصْمِ عَنْ أَدَاءِ اليَمِينِ المَطْلُوبَةِ سَواءً التِّي جَعَلَهَا الشَّارِعُ فِي جَانِبِهِ بِحَيْثُ يَخْلُصُ بِهَا مِنَ الدَّعْوَى أَوْ المَطْلُوبَةُ بِطَلَبِ القَاضِي، وَيَقَعُ النُّكُولُ إمَّا حَقِيقَةً مِثْلُ قَوْلِهِ: لا أَحْلِفُ، أَوْ حُكْمًا كَأَنْ يَسْكُتَ دُونَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ عَارِضٌ يَمْنَعُهُ مِنَ الحَلِفِ كَالخَرَسِ وَالطَّرَشِ، أَوْ بِتَغْيِيرِهِ الصِّيغَةِ المَطْلُوبَةِ.
الجُبْنُ وَالإحْجَامُ عَنِ الإِقْدَامِ عَلَى الشيءِ، وَأَصْلُ النَّكْلِ: المَنْعُ وَالدَّفْعُ، وَيُطْلَقُ النُّكُولُ أَيْضًا بِمَعْنَى: القُيُودُ، جَمْعُ نِكْلٍ، وَهُوَ القَيْدُ .
امْتِنَاعُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ اليمين، أَوْ لَهُ مِنْهَا.
* تهذيب اللغة للأزهري : (138/10)
* لسان العرب : (11 /677)
* منح الجليل شرح مختصر خليل : (571/8)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : 1 /43 - شرح حدود ابن عرفة : (472)
* تاج العروس : (3 /331)
* لسان العرب : (11 /677)
* تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام : 1 /225 - الـمغني لابن قدامة : 14 /233 - بدائع الصنائع : (5 /2141)
* مغني الـمحتاج فـي شرح الـمنهاج : (4 /478)
* الكافي في فقه الإمام أحمد : (3 /291) -
التَّعْرِيفُ:
1 - النُّكُول فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ نَكَل - بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا - كَضَرَبَ وَنَصَرَ وَعَلِمَ: نَكَصَ وَجَبِنَ، وَيُقَال: نَكَل الرَّجُل عَنِ الأَْمْرِ وَعَنِ الْعَدُوِّ وَعَنِ الْيَمِينِ يَنْكُل نُكُولاً: إِذَا جَبُنَ عَنْهُ، وَنَكَّلَهُ عَنِ الشَّيْءِ - بِتَشْدِيدِ الْكَافِ - إِذَا صَرَفَهُ عَنْهُ، وَالنَّاكِل: الْجَبَانُ الضَّعِيفُ، وَالنَّكَل - بِفَتْحِ الْكَافِ - مِنَ التَّنْكِيل وَهُوَ الْمَنْعُ وَالتَّنْحِيَةُ عَمَّا يُرِيدُهُ الإِْنْسَانُ، وَمِنْهُ النُّكُول فِي الْيَمِينِ، وَهُوَ الاِمْتِنَاعُ مِنْهَا، وَتَرْكُ الإِْقْدَامِ عَلَيْهَا (1) . وَاصْطِلاَحًا عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ النُّكُول: بِأَنَّهُ امْتِنَاعُ مَنْ وَجَبَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ مِنْهَا (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْيَمِينُ:
2 - الْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ: الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ: تَقْوِيَةُ أَحَدِ طَرَفَيِ الْخَبَرِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ تَعْلِيقُ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ (3) . وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالنُّكُول أَنَّ الْيَمِينَ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَال بِخِلاَفِ النُّكُول.
ب - الإِْقْرَارُ:
3 - الإِْقْرَارُ لُغَةً: الاِعْتِرَافُ
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الإِْخْبَارُ عَنْ ثُبُوتِ حَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْمُخْبِرِ (4) . وَالصِّلَةُ بَيْنَ النُّكُول وَالإِْقْرَارِ أَنَّ النُّكُول بَدَلٌ عَنِ الإِْقْرَارِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ.
حَقِيقَةُ النُّكُول:
4 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ النُّكُول عَلَى أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل: أَنَّ النُّكُول بَذْلٌ (5) ، وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ، أَمَّا مَا لاَ يَسْتَحْلَفُ فِيهِ وَهُوَ النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ وَالْفَيْءُ فِي الإِْيلاَءِ وَالرِّقِّ وَالاِسْتِيلاَدِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلاَءِ وَالْحُدُودِ وَاللِّعَانِ فَلاَ يَحْتَمِل الْبَذْل فَلاَ تَحْتَمِل النُّكُول وَاسْتُدِل عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْيَمِينَ لاَ تَبْقَى وَاجِبَةً مَعَ النُّكُول، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ إِقْرَارًا، لأَِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِ النَّاكِل كَاذِبًا فِي إِنْكَارِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ لَمَا امْتَنَعَ مِنَ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ، فَكَانَ نُكُولُهُ إِقْرَارًا، وَيُحْتَمَل كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَذْلاً، لأَِنَّ الْعَاقِل الدَّيِّنَ كَمَا يَتَحَرَّجُ عَنِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، يَتَحَرَّجُ عَنِ التَّغْيِيرِ وَالطَّعْنِ بِالْيَمِينِ بِبَذْل الْمُدَّعَى بِهِ، إِلاَّ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْبَذْل أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الإِْقْرَارِ، لأَِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ إِقْرَارًا تَكْذِيبُ النَّاكِل فِي إِنْكَارِهِ السَّابِقِ، وَلَوْ جُعِل بَذْلاً لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ ذَلِكَ، بَل تَنْقَطِعُ الْخُصُومَةُ بِلاَ تَكْذِيبٍ، فَكَأَنَّ النَّاكِل قَال لِلْمُدَّعِي: لَيْسَ هَذَا لَكَ وَلَكِنِّي لاَ أَمْنَعُكَ عَنْهُ وَلاَ أُنَازِعُكَ فِيهِ، فَيَحْصُل الْمَقْصُودُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى تَكْذِيبٍ، فَكَانَ هَذَا أَوْلَى صِيَانَةً لِلْمُسْلِمِ عَنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ الْكَذِبُ (6) .
الْقَوْل الثَّانِي: يَرَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النُّكُول فِيمَا يَحْتَمِل الإِْقْرَارَ بِهِ شَرْعًا إِقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ سَوَاءٌ احْتَمَل الْبَذْل أَوْ لاَ (7) . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ النُّكُول إِقْرَارٌ: بِأَنَّهُ يَدُل عَلَى كَوْنِ النَّاكِل كَاذِبًا فِي إِنْكَارِهِ السَّابِقِ، إِذْ لَوْلاَ ذَلِكَ لأََقْدَمَ عَلَى الْيَمِينِ إِقَامَةً لِلْوَاجِبِ، وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَانَ نُكُولُهُ إِقْرَارًا دَلاَلَةً، إِلاَّ أَنَّهُ دَلاَلَةٌ قَاصِرَةٌ فِيهَا شُبْهَةُ الْعَدَمِ، لأَِنَّهُ فِي نَفْسِهِ سُكُوتٌ وَهَذِهِ الأَْشْيَاءُ تَثْبُتُ بِدَلِيلٍ قَاصِرٍ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ (8) .
الْقَوْل الثَّالِثُ: قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ النُّكُول لَيْسَ كَالإِْقْرَارِ وَلاَ يُعْتَبَرُ بَيِّنَةً بَل تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَهَذَا هُوَ أَيْضًا قَوْل الْمَالِكِيَّةِ فِي غَيْرِ دَعَاوَى التُّهْمَةِ، أَمَّا دَعَاوَى التُّهْمَةِ فَالنُّكُول فِيهَا عِنْدَهُمْ تُعْتَبَرُ كَالإِْقْرَارِ فِي الْمَشْهُورِ (9) ، وَالْمُرَادُ بِدَعْوَى التُّهْمَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الدَّعْوَى الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحَل اتِّهَامٍ وَشَكٍّ كَالصُّنَّاعِ وَالسُّرَّاقِ.
الْقَوْل الرَّابِعُ: إِنَّ النُّكُول كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ كَالإِْقْرَارِ بِالْحَقِّ أَوْ بِذَلِكَ الْحَقِّ، وَبِهِ قَال الْحَنَابِلَةُ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ لاَ يَتَأَتَّى جَعْل النَّاكِل مُقِرًّا بِالْحَقِّ مَعَ إِنْكَارِهِ لَهُ، وَلَيْسَ النُّكُول كَبَذْل الْحَقِّ، لأَِنَّ الْبَذْل قَدْ يَكُونُ تَبَرُّعًا وَلاَ تَبَرُّعَ هُنَا (10) . الْقَضَاءُ بِالنُّكُول:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقَضَاءِ بِالنُّكُول عَلَى أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ:
5 - الْقَوْل الأَْوَّل: أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ عَنِ الْيَمِينِ (عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ بَعْضِهِمْ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي يُقْضَى بِهِ فِيهَا) . رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَأَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ ﵃، وَشُرَيْحٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لإِِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الدَّعَاوَى الْمَالِيَّةِ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ فَإِنَّ السَّارِقَ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْمَال، فَإِنْ نَكَل قُضِيَ عَلَيْهِ بِضَمَانِ الْمَال الْمَسْرُوقِ وَلاَ يُقْطَعُ.
وَأَمَّا فِي دَعَاوَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَوِ الأَْطْرَافِ فَلاَ يُقْضَى بِالنُّكُول فِيهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَكِنْ يُقْضَى بِالأَْرْشِ وَالدِّيَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لاَ يُقْضَى بِالنُّكُول فِي دَعْوَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ لاَ بِالْقِصَاصِ وَلاَ بِالدِّيَةِ وَإِنَّمَا يُحْبَسُ النَّاكِل حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ.
وَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُول لأَِنَّ الأَْطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الأَْمْوَال فَيَجْرِي فِيهَا الْبَذْل بِخِلاَفِ الأَْنْفُسِ فَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ وَبِالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ.وَأَمَّا الْحُدُودُ: كَالزِّنَا، وَالشُّرْبِ، فَلاَ يُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُول عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْحُدُودِ لاَ يُقْضَى فِيهِ بِشَيْءٍ، وَلاَ يُسْتَحْلَفُ الْقَاذِفُ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ نَكَل قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْحَدِّ، وَقِيل: إِنْ نَكَل عَنِ الْحَلِفِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالتَّعْزِيرِ دُونَ الْحَدِّ. وَأَمَّا التَّعَازِيرُ فَيُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُول عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. وَلاَ يُقْضَى بِالنُّكُول فِي اللِّعَانِ عِنْدَهُمْ. فَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى تَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ، أَوِ الرَّجْعَةِ أَوِ الْفَيْءِ فِي الإِْيلاَءِ، أَوِ الرِّقِّ، أَوِ الاِسْتِيلاَدِ، أَوِ النَّسَبِ، أَوِ الْوَلاَءِ، فَلاَ يُقْضَى بِالنُّكُول فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلاَ يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ، وَيُسْتَحْلَفُ فِيهَا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَيُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُول إِنْ نَكَل عَنِ الْحِلِفِ (11) .
وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فِي دَعْوَى التُّهْمَةِ: كَأَنْ يُتَّهَمَ شَخْصٌ بِسَرِقَةِ مَال غَيْرِهِ، فَلاَ يَحْلِفُ الطَّالِبُ وَإِنَّمَا تُوَجَّهُ الْيَمِينُ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَل قَضَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَغَرَمَ الْمَال الْمَسْرُوقَ. وَقَال ابْنُ جَزِيٍّ: إِذَا أَتَى الْمُدَّعِي بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ فَلاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي الأَْمْوَال أَوْ فِي الطَّلاَقِ وَالْعِتَاقِ أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِي الأَْمْوَال أَوْ فِيمَا يَئُول إِلَيْهَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَيِّنَ الْعَدَالَةِ وَقُضِيَ لَهُ، وَإِنْ شَهِدَ لَهُ امْرَأَتَانِ حَلَفَ مَعَهُمَا، فَإِنْ نَكَل الْمُدَّعِي عَنِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوِ الْمَرْأَتَيْنِ انْقَلَبَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَل قُضِيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الطَّلاَقِ أَوْ فِي الْعِتَاقِ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ وَوَجَبَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَل فَقَال أَشْهَبُ: يُقْضَى عَلَيْهِ، وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ: يُحْبَسُ سَنَةً لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْهُمَا خُلِّيَ سَبِيلُهُ، وَقَال سَحْنُونٌ: يُحْبَسُ أَبَدًا حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ، وَإِنْ كَانَ فِي النِّكَاحِ أَوِ الرَّجْعَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَانَ الشَّاهِدُ كَالْعَدَمِ.
وَقَال: إِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ لِمَنْ لاَ تَصِحُّ مِنْهُ الْيَمِينُ. كَالصَّغِيرِ وَجَبَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَل قُضِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَقِيل يُوقَفُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَمْلِكَ أَمْرَ نَفْسِهِ وَيُسْتَحْلَفُ حِينَئِذٍ فَإِنْ حَلَفَ وَجَبَ لَهُ الْحَقُّ وَإِنْ نَكَل حَلَفَالْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَل أُخِذَ الْحَقُّ مِنْهُ (12) . وَالأَْصْل الْمُقَرَّرُ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَلاَ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُول، لَكِنْ قَدْ يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْيَمِينِ، وَحِينَئِذٍ مِنَ الأَْصْحَابِ مَنْ يَقُول بِالْقَضَاءِ بِالنُّكُول كَمَنْ طُولِبَ بِزَكَاةٍ فَادَّعَى دَفْعَهَا إِلَى سَاعٍ آخَرَ، أَوْ غَلِطَ خَارِصٌ، أَوْ مُسْقِطًا آخَرَ، سُنَّ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ نَكَل لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا إِذَا أَلْزَمْنَاهُ الْيَمِينَ عَلَى رَأْيٍ فَنَكَل وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ لِعَدَمِ انْحِصَارِ الْمُسْتَحَقِّ، فَالأَْصَحُّ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ الضَّعِيفِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ لاَ لِلْحُكْمِ بِالنُّكُول بَل لأَِنَّ ذَلِكَ هُوَ مُقْتَضَى مِلْكِ النِّصَابِ وَالْحَوْل عِنْدَ جُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَال ابْنُ الْقَاصِّ - وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ - هُوَ حُكْمٌ بِالنُّكُول وَسَبَبُهُ الضَّرُورَةُ (13) . وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَال بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى مَالاً، أَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَال، وَأَمَّا الدَّعَاوَى غَيْرُ الْمَالِيَّةِ وَالَّتِي لاَ يُقْصَدُ بِهَا الْمَال فَلاَ يُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُول، هَذَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ، وَلِهَذَا فَلاَ يُقْضَى بِالنُّكُول فِي دَعَاوَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَوْ مَا دُونَهَا، وَدَعَاوَى الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى: كَحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْضَى بِالنُّكُول فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَنُقِل عَنْهُ الْقَوْل بِأَنَّهُ يُقْضَى بِالنُّكُول فِي الْقَذْفِ، فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَذَفَهُ وَاسْتُحْلِفَ الْقَاذِفُ فَنَكَل، فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَقَال أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ لَهُ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لاَ يُقْضَى فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا بِالنُّكُول (14) .
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ بِأَدِلَّةٍ مِنَ الْمَنْقُول وَالْمَعْقُول، أَمَّا الْمَنْقُول فَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (15) ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِلَفْظِ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (16) . وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْهُمَا أَنَّ لَفْظَةَ " عَلَى " فِي الْحَدِيثَيْنِ تُفِيدُ الْوُجُوبَ، فَأَفَادَا وُجُوبَ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمُقْتَضَى إِيجَابِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَانْحِصَارِهَا فِي جَانِبِهِ أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَل قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُول. وَمَا رُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بَاعَ غُلاَمًا لَهُ بِثَمَانِمَائَةِ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَال الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: بِالْغُلاَمِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي. فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَال الرَّجُل: بَاعَنِي عَبْدًا وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ: بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ فَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ لَقَدْ بَاعَهُ الْغُلاَمُ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَحْلِفَ، وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ، فَبَاعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ " (17) . وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَال: " كُنْتُ قَاضِيًا بِالْبَصْرَةِ فَاخْتَصَمَتْ إِلَيَّ امْرَأَتَانِ فِي سِوَارٍ، فَطَلَبْتُ الْبَيِّنَةَ مِنَ الْمُدَّعِيَةِ فَلَمْ أَجِدْ، وَعَرَضْتُ الْيَمِينَ عَلَى الأُْخْرَى فَنَكَلَتْ، فَكَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُوسَى، فَوَرَدَ كِتَابُهُ: أَنْ أَحْضِرْهُمَا وَاتْل عَلَيْهِمَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآْخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) } ، ثُمَّ اعْرِضِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهَا فَإِنْ نَكَلَتْ فَاقْضِ عَلَيْهَا. وَمَا رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّ الْمُنْكِرَ طُلِبَ مِنْهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، فَقَال لَهُ: " لَيْسَ لَكَ إِلَيْهِ سَبِيلٌ وَقَضَى بِالنُّكُول بَيْنَ يَدَيْ عَلِيٍّ ﵁، فَقَال لَهُ عَلِيٌّ: قَالُونَ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ بِلُغَةِ أَهْل الرُّومِ بِمَعْنَى: أَصَبْتَ ". وَمَا رَوَى مُغِيرَةُ عَنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ قَال: " نَكَل رَجُلٌ عِنْدَ شُرَيْحٍ عَنِ الْيَمِينِ، فَقَضَى عَلَيْهِ، فَقَال الرَّجُل: أَنَا أَحْلِفُ، فَقَال شُرَيْحٌ: قَدْ مَضَى قَضَائِي " (19) ، وَقَدْ كَانَتْ قَضَايَا شُرَيْحٍ لاَ تَخْفَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ، فَيَكُونُ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ (20) .
وَأَمَّا الْمَعْقُول فَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي قَبْل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْجَوَابُ، وَهُوَ جَوَابٌ يُوَصِّلُهُ إِلَى حَقِّهِ وَهُوَ الإِْقْرَارُ، فَإِذَا فَوَّتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِإِنْكَارِهِ حَوَّلَهُ الشَّرْعُ إِلَى الْيَمِينِ خَلَفًا عَنْ أَصْل حَقِّهِ، فَإِذَا مَنَعَهُ الْحَلِفَ يَعُودُ إِلَيْهِ أَصْل حَقِّهِ، لأَِنَّهُ لاَ يُتَمَكَّنُ مِنْ مَنْعِ الْحَلِفِ شَرْعًا إِلاَّ بِإِيفَاءِ مَا هُوَ أَصْل الْحَقِّ (21) . وَإِنَّهُ ظَهَرَ صِدْقُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ عِنْدَ نُكُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُقْضَى لَهُ بِمَا ادَّعَى بِهِ، كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ، وَدَلاَلَةُ الْوَصْفِ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ظُهُورِ الصِّدْقِ فِي خَبَرِهِ إِنْكَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ عَارَضَهُ النُّكُول، لأَِنَّهُ كَانَ صَادِقًا فِي إِنْكَارِهِ، فَلَمَّا نَكَل زَال الْمَانِعُ لِلتَّعَارُضِ، فَظَهَرَ صِدْقُ دَعْوَاهُ (22) . وَبِأَنَّ نُكُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَل عَلَى كَوْنِهِ بَاذِلاً، إِنْ كَانَ النُّكُول بَذْلاً، أَوْ مُقِرًّا بِالْحَقِّ إِنْ كَانَ النُّكُول إِقْرَارًا، إِذْ لَوْلاَ ذَلِكَ لأََقْدَمَ عَلَى الْيَمِينِ إِقَامَةً لِلْوَاجِبِ - لأَِنَّهَا وَاجِبَةٌ - وَدَفْعًا لِضَرَرِ الدَّعْوَى عَنْ نَفْسِهِ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ كَوْنِهِ بَاذِلاً إِنْ تَرَفَّعَ أَوْ مُقِرًّا إِنْ تَوَرَّعَ، لأَِنَّ التَّرَفُّعَ أَوِ التَّوَرُّعَ إِنَّمَا يَحِل إِذَا لَمْ يُفْضِ إِلَى الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ (23) . وَبِأَنَّ الدَّعْوَى لَمَّا صَحَّتْ مِنَ الْمُدَّعِي، فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ بَذْل الْمَال وَبَيْنَ الْيَمِينِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُمَا - وَأَحَدُهُمَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ دُونَ الآْخَرِ - نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ فِيمَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ، وَهَذَا لأَِنَّ تَمْكِينَهُ مِنَ الْمُنَازَعَةِ شَرْعًا مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَحْلِفَ، فَإِذَا أَبَى ذَلِكَ فَقَدْ صَارَ تَارِكًا لِلْمُنَازَعَةِ بِتَفْوِيتِ شَرْطِهَا، فَكَأَنَّهُ قَال: لاَ أُنَازِعُكَ فِي هَذَا الْمَال، فَيَتَمَكَّنُ الْمُدَّعِي مِنْ أَخْذِهِ، لأَِنَّهُ يَدَّعِيهِ وَلاَ مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ (24) . وَبِأَنَّ الْيَمِينَ بَيِّنَةٌ فِي الْمَال، فَحُكِمَ فِيهَا بِالنُّكُول، كَمَا لَوْ مَاتَ مَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ فَوَجَدَ الإِْمَامُ فِي تَذْكِرَتِهِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إِنْسَانٍ فَطَالَبَهُ بِهِ، فَأَنْكَرَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ، فَنَكَل، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الْيَمِينَ لاَ تُرَدُّ (25) .
6 - الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَلَفَ قَضَى لَهُ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ، وَإِنْ نَكَل انْقَطَعَتِ الْمُنَازَعَةُ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ بَعْضِهِمْ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي يُقْضَى بِهِ فِيهَا. رُوِيَ هَذَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الأَْسْوَدِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ، وَعُمَرَ ﵃، وَهُوَ قَوْل الأَْوْزَاعِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَوْلاَنِ فِي ذَلِكَ، أَحَدُهُمَا: رَدُّ الْيَمِينِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُدَّعِي مُتَّهَمًا رَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ. وَالْقَوْل بِرَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَال بِهِ الْمَالِكِيَّةُ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ، وَهِيَ الَّتِي يَدَّعِي فِيهَا الْمُدَّعِي عِلْمَهُ بِصِفَةِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ وَقَدْرِهِ، بِأَنْ يَقُول لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَتَحَقَّقُ أَنَّ لِي عِنْدَكَ دِينَارًا أَوْ ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا، إِذَا نَكَل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْحَلِفِ فِي الدَّعْوَى الْمَالِيَّةِ، أَوْ تِلْكَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الْمَال، كَالْخِيَارِ وَالأَْجَل، إِذَا لَمْ يُقِرَّ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ، وَلَمْ تَكُنْ لِلطَّالِبِ بَيِّنَةٌ بِحَقِّهِ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ فِي نُكُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى التُّهْمَةِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى. وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ رَدَّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُول الْمُدَّعَىعَلَيْهِ، قَال: وَقَدْ صَوَّبَهُ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ (26) . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي بِأَدِلَّةٍ مِنَ الْمَنْقُول وَالْمَعْقُول، أَمَّا الْمَنْقُول فَمِنْهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ (27) } أَيْ بَعْدَ الاِمْتِنَاعِ مِنَ الأَْيْمَانِ الْوَاجِبَةِ، فَدَل عَلَى نَقْل الأَْيْمَانِ مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ (28) . وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ (29) . وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول بِأَنَّ نُكُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ قَدْ يَكُونُ لِجَهْلِهِ بِالْحَال وَتَوَرُّعِهِ عَنِ الْحَلِفِ عَلَى مَا لاَ يَتَحَقَّقُهُ، أَوْ لِلْخَوْفِ مِنْ عَاقِبَةِ الْيَمِينِ، أَوْ تَرَفُّعًا عَنْهَا مَعَ عِلْمِهِ بِصِدْقِهِ فِي إِنْكَارِهِ، فَلاَ يَكُونُ النُّكُول حُجَّةً فِي الْقَضَاءِ مَعَ الشَّكِّ وَالاِحْتِمَال، وَلاَ يَتَعَيَّنُ بِنُكُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صِدْقُ الْمُدَّعِي، فَلاَ يَجُوزُ الْحُكْمُ لَهُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، فَإِذَا حَلَفَ كَانَتْ يَمِينُهُ دَلِيلاً عِنْدَ عَدَمِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ (30) .
7 - الْقَوْل الثَّالِثُ: أَنَّهُ لاَ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ عَنِ الْيَمِينِ، وَلاَ يُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا يُحْبَسُ النَّاكِل حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَقَال ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لاَ أَدَعُهُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَيَأْخُذُ هَذَا الْحُكْمَ بَعْضُ الْمَسَائِل عِنْدَ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ. قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا ادَّعَى وَلِيُّ الدَّمِ الْقَتْل الْعَمْدَ أَوِ الْخَطَأَ عَلَى جَمِيعِ أَهْل الْمَحَلَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ لاَ بِأَعْيَانِهِمْ، فَنَكَلُوا عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، إِذْ يُحْبَسُ هَؤُلاَءِ حَتَّى يَحْلِفُوا أَوْ يُقِرُّوا، وَلاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِمْ وَلاَ تُرَدُّ الأَْيْمَانُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ لَوْ طُولِبَ مَنْ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ بِهَا فَنَكَل عَنِ الْيَمِينِ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ لأَِنَّ الْيَمِينَ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ حَقٌّ مَقْصُودٌ بِنَفْسِهِ لاَ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ الدِّيَةُ، بِدَلِيل أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّيَةِ، وَلِهَذَا قَال الْحَارِثُ بْنُ الأَْزْمَعِ لِسَيِّدِنَا عُمَرَ ﵁: أَتُحَلِّفُنَا وَتُغَرِّمُنَا؟ فَقَال: نَعَمْ " (31) .
وَرُوِيَ أَنَّهُ قَال: فَبِمَ يَبْطُل دَمُ هَذَا؟ " (32) فَإِذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً بِنَفْسِهَا فَمَنِ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ حَقٍّ مَقْصُودٍ بِنَفْسِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الأَْدَاءِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ، كَمَنِ امْتَنَعَ عَنْ قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ، بِخِلاَفِ الْيَمِينِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بِنَفْسِهَا بَل هِيَ وَسِيلَةٌ إِلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْمَال الْمُدَّعَى، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، بَل إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَرِئَ، أَوَلاَ تَرَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُقِرَّ وَبَذَل الْمَال لاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَهَهُنَا لَوْ لَمْ يَحْلِفُوا وَلَمْ يُقِرُّوا وَبَذَلُوا الدِّيَةَ لاَ تَسْقُطُ عَنْهُمُ الْقَسَامَةُ فَدَل أَنَّهَا مَقْصُودَةٌ بِنَفْسِهَا فَيُجْبَرُونَ عَلَيْهَا بِالْحَبْسِ (33) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ نَكَل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْقَسَامَةِ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَمُوتَ فِي السِّجْنِ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَفِي الْجَلاَّبِ: إِنْ طَال حَبْسُهُ بِالزِّيَادَةِ عَنْ سَنَةٍ ضُرِبَ مِائَةً وَأُطْلِقَ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَرِّدًا وَإِلاَّ خُلِّدَ فِي السِّجْنِ. وَفِي وَجْهٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسَائِل الَّتِي يُتَعَذَّرُ فِيهَا رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالَّتِي مِنْهَا: مَا إِذَا مَاتَ مَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ فَادَّعَى الْقَاضِي أَوْ مَنْصُوبُهُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَجَدَهُ فِي تَذْكِرَتِهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَل عَنِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ بِالْحَقِّ أَوْ يَحْلِفَ، وَمِنْهَا: مَا لَوِ ادَّعَى وَصِيُّ الْمَيِّتِ عَلَى وَارِثِهِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلاً فَأَنْكَرَ الْوَارِثُ وَنَكَل عَنِ الْيَمِينِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَسَابِقَتِهَا.
وَالْقَوْل بِحَبْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى فِي غَيْرِ الْمَال، أَوْ فِيمَا لاَ يُقْصَدُ بِهِ الْمَال (34) . الأَْيْمَانُ الَّتِي لاَ تُرَدُّ بِالنُّكُول:
8 - ثَمَّةَ أَيْمَانٌ لاَ تُرَدُّ بِالنُّكُول عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَتَتَمَثَّل هَذِهِ الأَْيْمَانُ فِيمَا يَلِي:
أ - يَمِينُ التُّهْمَةِ، لأَِنَّهَا تَجِبُ لِلْمُدَّعِي إِذَا كَانَ اتِّهَامُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَبْنِيًّا عَلَى الشَّكِّ، إِذِ الشَّاكُّ لاَ يَحْلِفُ.
ب - الْيَمِينُ الْمُؤَكَّدَةُ، وَهِيَ الَّتِي تُطْلَبُ مِنَ الْمُدَّعِي مَعَ تَوَافُرِ الْبَيِّنَةِ إِذَا شَكَّ الْقَاضِي فِي عَدَالَةِ الشُّهُودِ، أَوْ إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَائِبًا، وَسَبَبُ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّدِّ: أَنَّهُ لَوْ أُبِيحَ رَدُّ الْيَمِينِ لأََدَّى ذَلِكَ إِلَى إِبْطَالِهِ الْبَيِّنَةَ بِالْيَمِينِ، وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْهُ.
ج - يَمِينُ الْقَذْفِ، لِعَدَمِ جَوَازِ الْحَدِّ بِرَدِّ الْيَمِينِ.
د - الْيَمِينُ الْمُتَمِّمَةُ، وَهِيَ يَمِينُ الْمُدَّعِي مَعَ وُجُودِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَسَبَبُ عَدَمِ صِحَّةِ رَدِّهَا أَنَّهَا تَنُوبُ عَنِ الشَّهَادَةِ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ.
هـ - يَمِينُ اللِّعَانِ: لأَِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلاَ تَرُدُّهَا الْمَرْأَةُ إِذْ وُضِعَتْ لِدَرْءِ حَدِّ الزِّنَا عَنْهَا.
و الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا، فَإِذَا نَكَل الْمُدَّعِي عَنِ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَمْ يَتَعَلَّل بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَطْلُبْ مُهْلَةً لأَِدَاءِ الْيَمِينِسَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لاَ تُرَدُّ (35) .
__________
(1) لِسَان الْعَرَبِ، تَاج الْعَرُوسِ، الْقَامُوس الْمُحِيط، مُخْتَار الصِّحَاح " نَكَّل "
(2) شَرْح مَنَحَ الْجَلِيل 4 / 335
(3) التَّعْرِيفَات للجرجاني، الْقَوَاعِد لِلْبَرَكَتِي، وَالاِخْتِيَارِ 4 / 46
(4) تَبْيِين الْحَقَائِقِ 5 / 2، وَالشَّرْح الصَّغِير 3 / 525، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 238
(5) الْبَذْل: يَقْصِدُ بِهِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ بِدَفْعِ مَا يَدَّعِيهِ الْخَصْمُ كَمَا قَال بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ، أَوْ تَرَكَ الْمُنَازَعَةَ وَالإِْعْرَاضَ عَنْهَا كَمَا قَال بَعْضٌ آخَرُ مِنْهُمْ. (نَتَائِج الأَْفْكَارِ وَالْعِنَايَة عَلَى الْهِدَايَةِ 6 / 165)
(6) الْهِدَايَة وَنَتَائِج الأَْفْكَارِ وَالْعِنَايَة 6 / 162، 163 وَبَدَائِع الصَّنَائِع 8 / 3928، 3929
(7) الْهِدَايَة، وَنَتَائِج الأَْفْكَارِ (تَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير) 6 / 163 - 165، وَالْعِنَايَة 6 / 163، وَبَدَائِع الصَّنَائِع 8 / 3928
(8) الْهِدَايَة وَنَتَائِج الأَْفْكَارِ وَالْعِنَايَة 6 / 163، 164، وَبَدَائِع الصَّنَائِع 8 / 3928، 3929
(9) مُغْنِي الْمُحْتَاج 4 / 477، وَتُحْفَة الْمُحْتَاج 10 / 220، وَالدُّسُوقِيّ 4 / 232، وَمَوَاهِب الْجَلِيل 6 / 220، وَالْمُنْتَقَى لِلْبَاجِي 5 / 218
(10) كَشَّاف الْقِنَاع 6 / 339، وَالْفُرُوع 6 / 478
(11) الْهِدَايَة وَنَتَائِج الأَْفْكَارِ وَالْعِنَايَة 6 / 162، 168، 0 17، وَبَدَائِع الصَّنَائِع 8 / 3934، 3936، 3937، وَحَاشِيَة رَدّ الْمُحْتَارِ 5 / 549، 550
(12) شَرْح مَنَحَ الْجَلِيل 4 / 335، وَكِفَايَة الطَّالِب الرَّبَّانِيّ مَعَ حَاشِيَةِ العدوي 2 / 312، وَالْقَوَانِين الْفِقْهِيَّة لاِبْنٍ جُزِيَ ص 298 ط دَار الْكِتَابِ الْعَرَبِيِّ - بَيْرُوت، وَالدُّسُوقِيّ 4 / 295، 296، وَالْمُنْتَقَى لِلْبَاجِي 6 / 387
(13) مُغْنِي الْمُحْتَاج 4 / 479، وَحَاشِيَة الْقَلْيُوبِيّ 4 / 343، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 12 / 47 - 49، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 8 / 360
(14) الْمُغْنِي 9 / 235، 237، و 7 / 445، وَكَشَّاف الْقِنَاع 6 / 143، 339، الطَّرْق الْحِكَمِيَّة - 116، وَالإِْنْصَاف 11 / 254، 255
(15) حَدِيث: " الْبَيِّنَة عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِين عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ". أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى (10 / 252 - ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ الْعُثْمَانِيَّة) ، وَحُسْن إِسْنَاده ابْن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ (5 / 283 - ط السَّلَفِيَّة)
(16) حَدِيث: " الْبَيِّنَة عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِين عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ". أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى (10 / 252 - ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ الْعُثْمَانِيَّة)
(17) أَثَر: " أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عُمَر بَاعَ غُلاَمًا لَهُ. . . ". أَخْرَجَهُ مَالِك فِي الْمُوَطَّأِ (2 / 613 - ط دَار الْحَلَبِيِّ)
(18) سُورَة آل عِمْرَانَ / 77
(19) أَثَر الْحَارِث: " نَكَّل رَجُلٌ عِنْد شُرَيْح. . . ". أَخْرَجَهُ ابْن أَبِي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّفِ (6 / 50 3 - ط الدَّار السَّلَفِيَّة)
(20) الْمَبْسُوط 17 / 34، وَبَدَائِع الصَّنَائِع 8 / 3935
(21) الْمَبْسُوط 17 / 35
(22) بَدَائِع الصَّنَائِع 8 / 3935
(23) الْعِنَايَة 6 / 158، 159
(24) الْمَبْسُوط 17 / 35
(25) الْمُغْنِي 9 / 236
(26) حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ عَلَى الشَّرْحِ الْكَبِيرِ للدردير 4 / 232، وَكِفَايَة الطَّالِب الرَّبَّانِيّ وَحَاشِيَة العدوي عَلَيْهِ 2 / 312، وَمَوَاهِب الْجَلِيل 6 / 220، وَالْمُهَذَّب 2 / 336، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 12 / 43، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 8 / 357، وَالْمُغْنِي 9 / 235، وَالْكَافِي لاِبْنِ قُدَامَةَ 4 / 514، وَالإِْنْصَافِ 11 / 254، وَالطَّرْقِ الْحِكَمِيَّة ص 115، 116
(27) سُورَة الْمَائِدَة / 108
(28) مَغْنَى الْمُحْتَاج 4 / 477
(29) حَدِيث ابْن عُمَر: " أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رُدَّ الْيَمِين عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ. . . ". أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ (4 / 100 - ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ الْعُثْمَانِيَّة)
(30) بَدَائِع الصَّنَائِع 8 / 3935، وَالْمُغْنِي 9 / 235، 236، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 4 / 477
(31) أَثَر: " أَتُحَلِّفُنَا وَتُغَرِّمُنَا؟ . . . ". أَخْرَجَهُ ابْن أَبِي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّفِ (9 / 381 - نَشْر الدَّار السَّلَفِيَّة - بمبي)
(32) أَثَر عُمَر: " فَبِمَ يُبْطِل دَم هَذَا؟ ". أَوْرَدَهُ الْعَيْنِيّ فِي الْبِنَايَةِ (10 / 341 ط دَار الْفِكْرِ) وَعَزَاهُ إِلَى الْكَرْخِيّ فِي مُخْتَصَرِهِ
(33) الْبَدَائِع 10 / 4742، 4743، وَالْفُرُوع 6 / 479
(34) الْهِدَايَة وَنَتَائِج الأَْفْكَارِ 6 / 170، 8 / 388، 390، وَبَدَائِع الصَّنَائِع 10 / 4742، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 12 / 49، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 8 / 360، وَالْمُغْنِي 9 / 239، 237، وَالْكَافِي 4 / 514 وَالْفُرُوع 6 / 478، وَالدُّسُوقِيّ 4 / 296
(35) الْهِدَايَة وَفَتْح الْقَدِير 3 / 251، وَبَدَائِع الصَّنَائِع 5 / 2141، 2143، كِفَايَة الطَّالِب الرَّبَّانِيّ وَحَاشِيَة العدوي عَلَيْهِ 2 / 101، وَالتَّاج وَالإِْكْلِيل 4 / 138، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 8 / 356، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 4 / 478، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 7 / 121، وَالْمُغْنِي 7 / 444، 446، وَالْكَافِي 3 / 291
الموسوعة الفقهية الكويتية: 359/ 41