الرقيب
كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
الكَلْبُ: كُل سَبُعٍ عَقُورٍ، وغَلَبَ اسْتِعْمالُه بِمعنى الحَيَوانِ النَّبّاحِ. وأَصْلُه: الشِّدَّةُ، يُقال: كَلِبَ الدَّهْرُ على أَهْلِهِ، أيْ: اشْتدَّ عَلَيهِم. والكَلَبُ: داءٌ كالجُنُونِ يُصِيبُ الإنسانَ بِسَبَبِ عَضَّةِ الكَلْبِ. وجَمْعُهُ: أَكْلُبٌ وكِلابٌ.
يَرِد مُصطلَح (كَلْب) في مَواطِنَ كَثِيرَةٍ من الفقه، منها: كتاب الطَّهارَةِ، باب: النَّجاساتِ، وكتاب الصَّلاةِ، باب: مَكْرُوهات الصَّلاةِ، وكتاب الصَّيْدِ، باب: شُرُوط الصَّيْدِ، وكتاب الأَطْعِمَةِ، باب: الأَطْعِمَة المُحَرَّمَةِ، وكتاب الوَصِيَّة، واللُّقَطَة، والرَّهْن، والضَّمان، والجِنايات، وغَيْر ذلك. ويُطْلَق في كتابِ الأَطْعِمَةِ، ويُرادُ به: كَلْبُ الماءِ، وهو سَمَكٌ على هَيْئَةِ الكَلْبِ يَعِيشُ في الماءِ.
كلب
حَيَوانٌ أَهْلِيٌّ نَبّاحٌ نَجِسٌ مِن ذَواتِ الأَنْيابِ.
الكَلْبُ: حَيَوانٌ أَهْلِيٌّ مِن الفَصِيلَةِ الكَلْبِيَّةِ آكِلَة اللُّحومِ، وفيه سُلالاتٌ وأَنْواعٌ كَثِيرَةٌ، منها: كِلابُ الحِراسَةِ، وكلاب الصَّيْدِ، وكلاب الزِّراعَةِ، وغَيْر ذلك، كما تُوجَد منه عِدَّةُ أَصْنافٍ يَخْتَلِفُ بَعْضُها عن بَعْضٍ في الشَّكْلِ والحَجْمِ واللَّوْنِ.
الكَلْبُ: كُل سَبُعٍ عَقُورٍ، وغَلَبَ اسْتِعْمالُه بِمعنى الحَيَوانِ النَّبّاحِ، وأَصْلُه: الشِّدَّةُ، يُقال: كَلِبَ الدَّهْرُ على أَهْلِهِ، أيْ: اشْتدَّ عَلَيهِم.
* دستور العلماء : (3/91)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (35/123)
* العين : (5/375)
* مقاييس اللغة : (5/133)
* المحكم والمحيط الأعظم : (7/40)
* لسان العرب : (1/722)
* تاج العروس : (4/160) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْكَلْبُ فِي اللُّغَةِ: كُل سَبُعٍ عَقُورٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ أَكْلُبٌ وَكِلاَبٌ، وَجَمْعُ الْجَمْعِ: أَكَالِبُ، وَالأُْنْثَى كَلْبَةٌ وَجَمْعُهَا كِلاَبٌ. أَيْضًا وَكَلْبَاتٌ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ النَّبَّاحُ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْخِنْزِيرُ
2 - الْخِنْزِيرُ حَيَوَانٌ خَبِيثٌ (3) وَيَشْتَرِكُ الْخِنْزِيرُ مَعَ الْكَلْبِ فِي نَجَاسَةِ الْعَيْنِ، وَنَجَاسَةِ كُل مَا نَتَجَ عَنْهُمَا وَحُرْمَةِ أَكْل لَحْمِهِمَا وَالاِنْتِفَاعِ بِأَلْبَانِهِمَا وَأَشْعَارِهِمَا وَجُلُودِهِمَا وَلَوْ بَعْدَ الدَّبْغِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَيَفْتَرِقَانِ فِي جَوَازِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَلاَ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ. ب - السَّبُعُ
3 - السَّبُعُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا، وَقُرِئَ بِهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا أَكَل السَّبُعُ} (4) أَيْ " وَمَا أَكَل مِنْهُ السَّبُعُ.
وَيُجْمَعُ عَلَى سِبَاعٍ، مِثْل رَجُلٍ وَرِجَالٍ وَلاَ جَمْعَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَالسَّبُعُ: كُل مَا لَهُ نَابٌ يَعْدُو بِهِ وَيَفْتَرِسُ (5) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ كُل مُنْتَهِبٍ جَارِحٍ قَاتِلٍ عَادَةً (6) .
وَالسَّبُعُ أَعَمُّ مِنَ الْكَلْبِ فَكُل كَلْبٍ سَبُعٌ وَلَيْسَ كُل سَبُعٍ كَلْبًا.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكَلْبِ:
هُنَاكَ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالْكَلْبِ مِنْ حَيْثُ اقْتِنَاؤُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَحِل صَيْدِهِ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَرِدُ تَفْصِيلُهُ فِيمَا يَلِي:
اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ:
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ إِلاَّ لِحَاجَةٍ: كَالصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ وُجُوهِ الاِنْتِفَاعِ الَّتِي لَمْ يَنْهَ الشَّارِعُ عَنْهَا (7) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ اتِّخَاذُهُ لِغَيْرِ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ، وَقَال بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ (8) .
وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَال: مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ انْتُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُل يَوْمٍ قِيرَاطٌ (9) .
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُل يَوْمٍ قِيرَاطَانِ (10) .
وَأَمَّا اقْتِنَاؤُهُ لِحِفْظِ الْبُيُوتِ فَقَدْ قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يَجُوزُ عَلَى الأَْصَحِّ لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيَحْتَمِل الإِْبَاحَةَ (11) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا زَالَتِ الْحَاجَةُ الَّتِي يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ زَوَال الْيَدِ عَنِ الْكَلْبِ بِفَرَاغِهَا، وَقَالُوا يَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجِرْوِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ تَعْلِيمُهُ لِذَلِكَ (12) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - كَمَا فِي الْمُغْنِي - (13) أَنَّ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لِصَيْدٍ، ثُمَّ تَرَكَ الصَّيْدَ مُدَّةً، وَهُوَ يُرِيدُ الْعَوْدَ إِلَيْهِ، لَمْ يَحْرُمِ اقْتِنَاؤُهُ فِي مُدَّةِ تَرْكِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ لاَ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الزَّرْعِ.
وَلَوْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ، فَأَرَادَ شِرَاءَ غَيْرِهَا فَلَهُ إِمْسَاكُ كَلْبِهَا لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي الَّتِي يَشْتَرِيهَا.
وَإِنِ اقْتَنَى كَلْبًا لِصَيْدِ مَنْ لاَ يَصِيدُ بِهِ، احْتَمَل الْجَوَازَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَثْنَى كَلْبَ الصَّيْدِ مُطْلَقًا، وَاحْتَمَل الْمَنْعَ، لأَِنَّهُ اقْتَنَاهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَشْبَهَ غَيْرَهُ مِنَ الْكِلاَبِ.
وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ لأَِمْرِهِ ﵊ بِقَتْلِهِ، وَإِذَا لَمْ يَجُزِ اقْتِنَاؤُهُ لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ، لأَِنَّ التَّعْلِيمَ إِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ جَوَازِ الإِْمْسَاكِ، فَيَكُونُ التَّعْلِيمُ حَرَامًا، وَالْحِل لاَ يُسْتَفَادُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، " وَلأَِنَّهُ عُلِّل بِكَوْنِهِ شَيْطَانًا، وَمَا قَتَلَهُ الشَّيْطَانُ لاَ يُبَاحُ أَكْلُهُ كَالْمُنْخَنِقَةِ (14) .
وَتَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجِرْوِ الصَّغِيرِ لأَِحَدِ الأُْمُورِ الثَّلاَثَةِ - فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ - عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ قَصَدَهُ لِذَلِكَ، فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ الَّذِي لاَ نَفْعَ فِيهِ فِي الْحَال لِمَآلِهِ إِلَى الاِنْتِفَاعِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَّخِذِ الصَّغِيرَ مَا أَمْكَنَ جَعْل الْكَلْبِ كَذَلِكَ، إِذْ لاَ يَصِيرُ مُعَلَّمًا إِلاَّ بِالتَّعْلِيمِ، وَلاَ يُمْكِنُ تَعْلِيمُهُ إِلاَّ بِتَرْبِيَتِهِ وَاقْتِنَائِهِ مُدَّةً يُعَلِّمُهُ فِيهَا (15) . الْتِقَاطُ الْكَلْبِ:
5 - يُبَاحُ الْتِقَاطُ كُل حَيَوَانٍ لاَ يَمْتَنِعُ بِنَفْسِهِ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ الْتِقَاطُ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَعَلَى مُلْتَقِطِهِ أَنْ يُعَرِّفَهُ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُهُ صَارَ مِلْكًا لِمُلْتَقِطِهِ (16) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: مَا لَيْسَ بِمَالٍ: كَكَلْبٍ يُقْتَنَى، فَمَيْل الإِْمَامِ وَالآْخِذِينَ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُؤْخَذُ إِلاَّ عَلَى قَصْدِ الْحِفْظِ أَبَدًا، لأَِنَّ الاِخْتِصَاصَ بِهِ بِعِوَضٍ مُمْتَنِعٌ، وَبِلاَ عِوَضٍ يُخَالِفُ وَضْعَ اللُّقَطَةِ، وَقَال الأَْكْثَرُونَ: يُعَرِّفُهُ سَنَةً، ثُمَّ يَخْتَصُّ وَيَنْتَفِعُ بِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ تَلِفَ فَلاَ ضَمَانَ (17) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يَجُوزُ الْتِقَاطُ مَا يَقْوَى عَلَى الاِمْتِنَاعِ بِنَفْسِهِ: لِكِبَرِ جُثَّتِهِ، كَالإِْبِل، أَوْ لِطَيَرَانِهِ، أَوْ لِسُرْعَتِهِ، كَالظِّبَاءِ، أَوْ بِنَابِهِ، كَالْكِلاَبِ وَالْفُهُودِ (18) .
الْوَصِيَّةُ بِالْكَلْبِ:
6 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِنَجَاسَةٍ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا لِثُبُوتِ الاِخْتِصَاصِ فِيهَا، كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ أَيْ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ بِخِلاَفِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلاَبِهِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا فِي صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ أَحَدَهَا بِتَعْيِينِ الْوَارِثِ أَيْ حَسَبَ اخْتِيَارِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي كَلْبٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ لَغَتْ وَصِيَّتُهُ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَكِلاَبٌ مُنْتَفَعٌ بِهَا، وَوَصَّى بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا، فَالأَْصَحُّ نُفُوذُهَا وَإِنْ كَثُرَتِ الْكِلاَبُ الْمُوصَى بِهَا وَقَل الْمَال، لأَِنَّهُ خَيْرٌ مِنْهَا، إِذْ لاَ قِيمَةَ لَهَا.
وَالثَّانِي وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ، لاَ تَنْفُذُ إِلاَّ فِي ثُلُثِهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَالٌ، لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهِ حَتَّى تُضَمَّ إِلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ: تُقَوَّمُ بِتَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ فِيهَا، وَتُضَمُّ إِلَى الْمَال، وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ، أَيْ فِي قَدْرِهِ مِنَ الْكِلاَبِ (19) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْكَلْبِ الَّذِي يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ، لأَِنَّهَا نَقْلٌ لِلْيَدِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَتَصِحُّ هِبَتُهُ لِذَلِكَ، وَقَال الْقَاضِي: لاَ تَصِحُّ، لأَِنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَالأَْوَّل أَصَحُّ، وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ لأَِنَّهُ يُؤْخَذُ عِوَضُهُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ (20) .
وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: وَإِنْ وَصَّى بِكَلْبٍ وَلَهُ كِلاَبٌ، فَلِلْوَرَثَةِ إِعْطَاؤُهُ أَيَّ كَلْبٍ شَاءُوا.
وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِكِلاَبِهِ، وَوَصَّى لآِخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ الْمَال، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْكِلاَبِ ثُلُثُهَا، إِنْ لَمْ تُجِزِ الْوَرَثَةُ، لأَِنَّ مَا حَصَل لِلْوَرَثَةِ مِنْ ثُلُثَيِ الْمَال قَدْ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ فِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَال، وَلَمْ يُحْتَسَبْ عَلَى الْوَرَثَةِ بِالْكِلاَبِ (21) .
سَرِقَةُ الْكَلْبِ:
7 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْكَلْبِ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ مُعَلَّمًا أَوْ لِحِرَاسَةٍ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِهِ (22) بِخِلاَفِ غَيْرِهِ مِنَ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا.
وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ يُوجَدُ مِنْ جِنْسِهِ مُبَاحُ الأَْصْل وَبِاخْتِلاَفِ الْعُلَمَاءِ فِي مَالِيَّتِهِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً.
وَعَلَّل الشَّافِعِيَّةُ عَدَمَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ كَالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ - وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ، لأَِنَّ الْقَطْعَ جُعِل لِصِيَانَةِ الأَْمْوَال، وَهَذِهِ الأَْشْيَاءُ لَيْسَتْ بِمَالٍ.
وَهَذَا خِلاَفًا لأَِشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ الْقَائِل بِالْقَطْعِ فِي الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ (23) . غَصْبُ الْكَلْبِ:
8 - مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ غَصْبَ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ وَيَجِبُ رَدُّهُ، بِخِلاَفِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْرَمُ إِذْ لاَ قِيمَةَ لَهُ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَجِبُ رَدُّ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَإِذَا أَتْلَفَهُ لَمْ يَغْرَمْهُ.
(ر: مُصْطَلَحَ غَصْبٌ ف 13) .
مَا يُشْتَرَطُ لِحِل صَيْدِ الْكَلْبِ:
9 - يُشْتَرَطُ لِحِل الصَّيْدِ أَنْ يَكُونَ كَلْبُ الصَّيْدِ مُعَلَّمًا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (24) . وَلِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ﵁ قَال: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي أُرْسِل الْكِلاَبَ الْمُعَلَّمَةَ فَيُمْسِكْنَ عَلَيَّ، وَأَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ. فَقَال: إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُل. قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَال: وَإِنْ قَتَلْنَ مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مَعَهَا (25) .
وَيُعْتَبَرُ فِي تَعْلِيمِ الْكَلْبِ شُرُوطٌ إِذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ اسْتَرْسَل، وَإِذَا زَجَرَهُ انْزَجَرَ وَإِذَا أَمْسَكَ لَمْ يَأْكُل.
(وَالتَّفْصِيل: فِي مُصْطَلَحِ صَيْدٌ ف 38 وَمَا بَعْدَهَا) . الاِنْتِفَاعُ بِالْكَلْبِ:
10 - تَقَدَّمَ جَوَازُ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِحَاجَةٍ كَالصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ وُجُوهِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ الَّتِي لَمْ يَنْهَ الشَّارِعُ عَنْهَا
اسْتِئْجَارُ الْكَلْبِ:
11 - مَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ إِجَارَةَ الْكَلْبِ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْحِرَاسَةِ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِنْدِيَّةِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا بَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا مَعْلُومًا (26) .
وَقَال النَّوَوِيُّ: اسْتِئْجَارُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ لِلصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ بَاطِلٌ عَلَى الأَْصَحِّ، وَقِيل يَجُوزُ، كَالْفَهْدِ وَالْبَازِيِّ، وَالشَّبَكَةِ لِلاِصْطِيَادِ، وَالْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ (27) ، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ تَجُوزُ إِجَارَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ لأَِنَّهُ حَيَوَانٌ مُحَرَّمٌ بَيْعُهُ لِخَبَثِهِ، فَحَرُمَتْ إِجَارَتُهُ كَالْخِنْزِيرِ (28) .
(وَالتَّفْصِيل يُنْظَرُ فِي: مُصْطَلَحِ إِجَارَةٌ ف) .
بَيْعُ الْكَلْبِ:
12 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْكَلْبِ مُطْلَقًا " لِنَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ " (29) . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَسَحْنُونٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى جَوَازِ بَيْعِ الْكَلْبِ مُطْلَقًا لأَِنَّهُ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً، إِلاَّ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَوَاهَا أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ.
وَحَكَى فِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي أَنَّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلاً بَيْنَ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَمَنَعُوا بِاتِّفَاقٍ بَيْعَ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، لِلْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ سَابِقًا.
وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فِيهِ، فَفِيهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ عِنْدَهُمْ.
الْمَنْعُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْجَوَازُ. وَالْمَشْهُورُ مِنْهَا عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ (30) .
بَيْعُ جِلْدِ الْكَلْبِ:
13 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ جِلْدَ الْكَلْبِ لاَ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ لأَِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ فَلاَ يُبَاعُ وَلَوْ دُبِغَ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ جُلُودَ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ تَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ حَتَّى الْخِنْزِيرِ، لِحَدِيثِ إِذَا دُبِغَ الإِْهَابُ فَقَدْ طَهُرَ (31) فَيَجُوزُ بَيْعُ جِلْدِ الْكَلْبِ بَعْدَ الدِّبَاغَةِ.
وَالْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ بِطَهَارَةِ جِلْدِ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرِ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ بِالدَّبْغِ مَا عَدَا الْخِنْزِيرِ لأَِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ (32) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ف 12، دِبَاغَةٌ ف 8، جِلْدٌ ف 10 وَمَا بَعْدَهَا) .
الاِسْتِصْبَاحُ بِدُهْنِهِ وَوَدَكِهِ:
14 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِسْتِصْبَاحِ بِمَا كَانَ نَجِسًا بِعَيْنِهِ، فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ.
أَمَّا مَا كَانَ مُتَنَجِّسًا فَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِسْتِصْبَاحِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ غَيْرِهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ - مَعَ الْكَرَاهَةِ - فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الاِسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ وَكَذَلِكَ دُهْنُ الدَّوَابِّ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِالْمُتَنَجِّسِ عَلَى الْمَشْهُورِ، لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ ﷺ سُئِل عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَال: إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ (33) .
أَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَلاَ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلأَْذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ،. وَصَرَّحَ. بِذَلِكَ. الإِْمَامُ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَال الرَّمْلِيُّ: وَمَحَل ذَلِكَ فِي غَيْرِ وَدَكٍ نَحْوِ الْكَلْبِ، فَلاَ يَجُوزُ الاِسْتِصْبَاحُ بِهِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ (34) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: مُصْطَلَحَ اسْتِصْبَاحٌ ف 4) .
نَجَاسَةُ الْكَلْبِ:
15 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، وَلَكِنْ سُؤْرُهُ وَرُطُوبَاتُهُ نَجِسَةٌ (35) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ: أَنَّ الْكَلْبَ طَاهِرُ الْعَيْنِ لِقَوْلِهِمْ: الأَْصْل فِي الأَْشْيَاءِ الطَّهَارَةِ. فَكُل حَيٍّ - وَلَوْ كَلْبًا وَخِنْزِيرًا - طَاهِرٌ، وَكَذَا عَرَقُهُ وَدَمْعُهُ وَمُخَاطُهُ وَلُعَابُهُ، وَإِلاَّ مَا خَرَجَ مِنَ الْحَيَوَانِ مِنْ بَيْضٍ أَوْ مُخَاطٍ أَوْ دَمْعٍ أَوْ لُعَابٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِلاَ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ - فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا، فَهَذَا فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي مِيتَتُهُ نَجِسَةٌ (36) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْكَلْبَ نَجِسُ الْعَيْنِ (37) . حُكْمُ شَعْرِ الْكَلْبِ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ:
16 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَجَاسَةِ شَعْرِ الْكَلْبِ أَوْ طَهَارَتِهِ سَوَاءٌ أُخِذَ مِنْهُ فِي حَال حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى طَهَارَتِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ إِلَى نَجَاسَتِهِ.
وَالتَّفْصِيل فِي (مُصْطَلَحِ شَعْرٌ وَصُوفٌ وَوَبَرٌ ف 19) .
حُكْمُ مُعَضِّ كَلْبِ الصَّيْدِ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ وَالطَّهَارَةُ:
17 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَجَاسَةِ مُعَضِّ كَلْبِ الصَّيْدِ، مِمَّا يَصِيدُهُ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى طَهَارَةِ مُعَضِّ الْكَلْبِ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى نَجَاسَتِهِ.
وَالتَّفْصِيل فِي (صَيْدٌ ف 44) .
تَطْهِيرُ الإِْنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ:
18 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْل الإِْنَاءِ سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ (38) . وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ غَسْل الإِْنَاءِ سَبْعًا وَلاَ تَتْرِيبَ مَعَ الْغَسْل.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وُجُوبُ غَسْل الإِْنَاءِ ثَلاَثًا، وَلَهُمْ قَوْلٌ بِغَسْلِهِ ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا (39) .
وَيَرَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ تَعَدُّدَ الْغَسْل تَعَبُّدٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، لِطَهَارَةِ الْكَلْبِ. وَقِيل: لِقَذَارَتِهِ، وَقِيل: لِنَجَاسَتِهِ، وَعَلَيْهِمَا فَكَوْنُهُ سَبْعًا، تَعَبُّدًا، وَقِيل: لِتَشْدِيدِ الْمَنْعِ.
وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ كَوْنَ الْمَنْعِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ كَلِبًا، فَيَكُونُ قَدْ دَاخَل مِنْ لُعَابِهِ الْمَاءَ مَا يُشْبِهُ السُّمَّ، قَال: وَيَدُل عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيل تَحْدِيدُهُ بِالسَّبْعِ، لأَِنَّ السَّبْعَ مِنَ الْعَدَدِ مُسْتَحَبٌّ فِيمَا كَانَ طَرِيقُهُ التَّدَاوِي، لاَ سِيَّمَا فِيمَا يُتَوَقَّى مِنْهُ السُّمُّ، كَقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ (40)
قَال ابْنُ عَرَفَةَ: وَرُدَّ عَلَيْهِ بِنَقْل الأَْطِبَّاءِ أَنَّ الْكَلْبَ الْكَلِبَ يَمْتَنِعُ عَنْ وُلُوغِ الْمَاءِ.
وَأَجَابَ حَفِيدُ ابْنُ رُشْدٍ، أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إِذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ الْكَلْبُ، أَمَّا فِي أَوَائِلِهِ، فَلاَ (41) .
(ر: مُصْطَلَحَ تَتْرِيبٌ ف 2) .
تَعَدُّدُ الْوُلُوغِ:
19 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَتَعَدَّدُ الْغَسْل سَبْعًا بِسَبَبِ وُلُوغِ كَلْبٍ وَاحِدٍ مَرَّاتٍ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ وُلُوغِ كِلاَبٍ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ قَبْل غَسْلِهِ، لِتَدَاخُل مُسَبِّبَاتِ الأَْسْبَابِ الْمُتَّفِقَةِ فِي الْمُسَبَّبِ كَنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَمُوجِبَاتِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ (42) .
وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ وَلَغَ كَلْبَانِ، أَوْ كَلْبٌ وَاحِدٌ مَرَّاتٍ فِي إِنَاءٍ فَفِيهِ ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ: الصَّحِيحُ، أَنَّهُ يَكْفِيهِ لِلْجَمِيعِ سَبْعُ مَرَّاتٍ إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، وَالثَّانِي: يَجِبُ لِكُل وَلْغَةٍ سَبْعٌ، وَالثَّالِثُ: يَكْفِي لِوَلَغَاتِ الْكَلْبِ الْوَاحِدِ سَبْعٌ، وَيَجِبُ لِكُل كَلْبٍ سَبْعٌ.
وَلاَ تَقُومُ الْغَسْلَةُ الثَّامِنَةُ، وَلاَ غَمْسُ الإِْنَاءِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَمُكْثُهُ فِيهِ قَدْرَ سَبْعِ غَسَلاَتٍ مَقَامَ التُّرَابِ عَلَى الأَْصَحِّ (43) .
قَال الشَّيْخُ زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ: وَكَفَتِ السَّبْعُ مَعَ التَّتْرِيبِ فِي إِحْدَاهَا وَإِنْ تَعَدَّدَتِ الْكِلاَبُ (44) . وَقَال النَّوَوِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ دَمَهُ أَوْ رَوَثَهُ، فَلَمْ يَزَل عَنْهُ إِلاَّ بِسِتِّ غَسَلاَتٍ، فَهَل يُحْسَبُ ذَلِكَ سِتَّةُ غَسَلاَتٍ، أَمْ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، أَمْ لاَ يُحْسَبُ مِنَ السَّبْعِ؟ ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا وَاحِدَةٌ (45) .
مُرُورُ الْكَلْبِ الأَْسْوَدِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي:
20 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ لاَ تَبْطُل بِمُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ وَقَالُوا: إِنَّ الْمُرَادَ بِقَطْعِ الصَّلاَةِ بِمُرُورِ شَيْءٍ إِنَّمَا هُوَ نَقْصُ الصَّلاَةِ لِشَغْل قَلْبِ الْمُصَلِّي بِمَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبْطَال الصَّلاَةِ.
وَنَقَل الْجَمَاعَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ ﵀ أَنَّ الصَّلاَةَ لاَ يَقْطَعُهَا إِلاَّ الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ الْبَهِيمُ، قَال الأَْثْرَمُ: سُئِل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ؟ قَال: لاَ يَقْطَعُهَا عِنْدِي شَيْءٌ إِلاَّ الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ الْبَهِيمُ (46) .
وَالْبَهِيمُ الَّذِي لَيْسَ فِي لَوْنِهِ شَيْءٌ سِوَى السَّوَادِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُكْتَتَانِ تُخَالِفَانِ لَوْنَهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهَذَا عَنْ كَوْنِهِ بَهِيمًا تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ الأَْسْوَدِ الْبَهِيمِ، مِنْ قَطْعِ الصَّلاَةِ، وَتَحْرِيمِ صَيْدِهِ وَإِبَاحَةِ قَتْلِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ: عَلَيْكُمْ بِالأَْسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي النُّقْطَتَيْنِ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ (47) . وَقَطْعُهُ لِلصَّلاَةِ قَوْل عَائِشَةَ ﵂، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَمَرْوِيٌّ عَنْ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَأَبِي الأَْحْوَصِ.
وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْل مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ، وَيَقِي ذَلِكَ مِثْل مُؤَخِّرَةِ الرَّحْل (48) .
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْل آخِرَةِ الرَّحْل، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْل آخِرَةِ الرَّحْل، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلاَتَهُ الْحِمَارُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْكَلْبُ الأَْسْوَدُ قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا بَال الْكَلْبِ الأَْسْوَدِ مِنَ الْكَلْبِ الأَْحْمَرِ مِنَ الْكَلْبِ الأَْصْفَرِ؟ قَال: يَا ابْنَ أَخِي، سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَال: الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ شَيْطَانٌ (49) .
أَكْل لَحْمِ الْكَلْبِ:
21 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ حُرْمَةَ أَكْل لَحْمِ كُل ذِي نَابٍ يَفْتَرِسُ بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَهْلِيَّةً كَالْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ الأَْهْلِيِّ، أَمْ وَحْشِيَّةً كَالأَْسَدِ وَالذِّئْبِ.
اسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: كُل ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ (50) .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي أَكْل لَحْمِ الْكَلْبِ قَوْلاَنِ: الْحُرْمَةُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ التَّحْرِيمَ، قَال الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ نَقَل إِبَاحَةَ أَكْل الْكِلاَبِ (51) .
(وَلِلتَّفْصِيل ر: أَطْعِمَةٌ ف 24) .
هِبَةُ الْكَلْبِ:
22 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - كَمَا قَال النَّوَوِيُّ - إِلَى صِحَّةِ هِبَةِ الْكَلْبِ لأَِنَّهَا تَبَرُّعٌ وَأَخَفُّ مِنَ الْبَيْعِ.
وَالأَْصَحُّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - كَمَا قَال النَّوَوِيُّ - بُطْلاَنُ هِبَةِ الْكَلْبِ قِيَاسًا عَلَى بُطْلاَنِ بَيْعِهِ (52) .
وَقْفُ الْكَلْبِ:
23 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَدَمَ جَوَازِ وَقْفِ الْكَلْبِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ وَقْفُ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ.
وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ وَقْفُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ أَوِ الَّذِي يَقْبَل التَّعْلِيمَ لأَِنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، وَالثَّانِي يَصِحُّ عَلَى رَأْيٍ، أَمَّا غَيْرُ الْمُعَلَّمِ أَوِ الْقَابِل لِلتَّعْلِيمِ فَلاَ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ وَقْفُهُ جَزْمًا (53) .
رَهْنُ الْكَلْبِ:
24 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ رَهْنُ الْكَلْبِ لأَِنَّ مَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ لاَ يَجُوزُ رَهْنُهُ، وَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ يَجُوزُ رَهْنُهُ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ جَوَازُ رَهْنِهِ بِاعْتِبَارِهِ مَالاً (54) .
(ر: رَهْنٌ ف 9) .
ضَمَانُ عَقْرِ الْكَلْبِ:
2 - لِلْفُقَهَاءِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ فِي ضَمَانِ جِنَايَةِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَكُل حَيَوَانٍ خَطَرٍ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (ضَمَانٌ ف 109) .
قَتْل الْكَلْبِ:
26 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجِبُ قَتْل كُل كَلْبٍ أَضَرَّ وَمَا عَدَاهُ جَائِزٌ قَتْلُهُ لأَِنَّهُ لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ، وَلاَ اخْتِلاَفَ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ قَتْل كِلاَبِ الْمَاشِيَةِ وَالصَّيْدِ وَالزَّرْعِ.
قَال الْحَطَّابِ: ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لاَ يُقْتَل مِنَ الْكِلاَبِ أَسْوَدُ وَلاَ غَيْرُهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَقُورًا، مُؤْذِيًا، وَقَالُوا: الأَْمْرُ بِقَتْل الْكِلاَبِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (55) فَعَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ كَلْبًا مِنْ غَيْرِهِ.
وَاحْتَجُّوا - كَذَلِكَ - بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الْكَلْبِ الَّذِي كَانَ يَلْهَثُ عَطَشًا، فَسَقَاهُ الرَّجُل، فَشَكَرَ اللَّهَ لَهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَقَال: قَال ﷺ: فِي كُل كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ (56) قَالُوا: فَإِذَا كَانَ الأَْجْرُ فِي الإِْحْسَانِ إِلَيْهِ، فَالْوِزْرُ فِي الإِْسَاءَةِ إِلَيْهِ، وَلاَ إِسَاءَةَ إِلَيْهِ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِهِ.
وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ ﵊: الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ شَيْطَانٌ مَا يَدُل عَلَى قَتْلِهِ، لأَِنَّ شَيَاطِينَ الإِْنْسِ وَالْجِنِّ كَثِيرٌ، وَلاَ يَجِبُ قَتْلُهُمْ (57) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَا لاَ يَظْهَرُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلاَ ضَرَرٌ - كَالْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ - يُكْرَهُ قَتْلُهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَمُقْتَضَى كَلاَمِ بَعْضِهِمُ التَّحْرِيمُ.
وَالْمُرَادُ الْكَلْبُ الَّذِي لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً، فَأَمَّا مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ، فَلاَ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِلاَ شَكٍّ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الأَْسْوَدُ وَغَيْرُهُ.
وَالأَْمْرُ بِقَتْل الْكِلاَبِ مَنْسُوخٌ (58) .
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ: يَحْرُمُ قَتْل الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ. وَقَاتِلُهُ مُسِيءٌ ظَالِمٌ، وَكَذَلِكَ كُل كَلْبٍ مُبَاحٌ إِمْسَاكُهُ، لأَِنَّهُ مَحَلٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ، يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ، فَحَرُمَ إِتْلاَفُهُ، كَالشَّاةِ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلاَ نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلاَفًا، وَلاَ غُرْمَ عَلَى قَاتِلِهِ (59) .
قَال الرَّحِيبَانِيُّ (60) : لاَ يُبَاحُ قَتْل شَيْءٍ مِنَ الْكِلاَبِ سِوَى الأَْسْوَدِ وَالْعَقُورِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَال: أَمَرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ: بِقَتْل الْكِلاَبِ ثُمَّ قَال: مَا بَالُهُمْ وَبَال الْكِلاَبِ؟ (61) وَيُبَاحُ قَتْل الْكَلْبِ الْعَقُورِ.
فَكُل مَا آذَى النَّاسَ وَضَرَّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يُبَاحُ قَتْلُهُ، لأَِنَّهُ يُؤْذِي بِلاَ نَفْعٍ، أَشْبَهَ الذِّئْبَ، وَمَا لاَ مَضَرَّةَ فِيهِ لاَ يُبَاحُ قَتْلُهُ (62) ، وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: يَجِبُ قَتْلُهُ. 27 - وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ قَتْل الْكَلْبِ الْعَقُورِ فِي الْحَرَمِ لِلْحَدِيثِ: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ (63) .
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِهِ، عَمَلاً بِنَصِّ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ (64) .
دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ الْكَلْبِ:
28 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ الْكَلْبِ غَيْرِ الْعَقُورِ وَحِفْظُ حَيَاتِهِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَنَزَل بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُل الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَال: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْل الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلأََ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقَا، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهَ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَال: فِي كُل كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ (65) .
وَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَلَى مَنْ مَعَهُ مَاءٌ وَخَافَ - بِاسْتِعْمَالِهِ - مَرَضًا، أَوْ زِيَادَتَهُ، أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ، أَوْ عَطَشَ مُحْتَرَمٍ، مَعَهُ أَيْ مُحَرَّمٌ قَتْلُهُ، آدَمِيًّا كَانَ أَوْ بَهِيمِيًّا، وَمِنْهُ كَلْبُ الصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ، أَيْ فَيَجِبُ سَقْيُهُ، وَلَوْ دَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى التَّيَمُّمِ (1) .
وَقَال النَّوَوِيُّ (2) : كَمَا يَجِبُ بَذْل الْمَال لإِِبْقَاءِ الآْدَمِيِّ الْمَعْصُومِ يَجِبُ بَذْلُهُ لإِِبْقَاءِ الْبَهِيمَةِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْغَيْرِ، وَلاَ يَجِبُ الْبَذْل لِلْحَرْبِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ كَلْبٌ - غَيْرُ عَقُورٍ - جَائِعٌ، وَشَاةٌ، لَزِمَهُ ذَبْحُ الشَّاةِ لإِِطْعَامِ الْكَلْبِ.
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة (كلب) .
(2) المفردات للراغب الأصفهاني.
(3) المصباح المنير.
(4) سورة المائدة / 3.
(5) المصباح المنير.
(6) الدر المختار 6 / 304.
(7) ابن عابدين 5 / 134، 147، 217، وجواهر الإكليل 2 / 4، 35، حاشية القليوبي 2 / 157، وفتح الباري 5 / 7، والشرح الكبير مع المغني 4 / 14.
(8) كفاية الطالب الرباني 2 / 447.
(9) حديث أبي هريرة: " من اتخذ كلبًا إلا كلب ماشية. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 5) ومسلم (3 / 1203) واللفظ لمسلم.
(10) حديث ابن عمر: " من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1201) .
(11) الشرح الكبير مع المغني 4 / 14.
(12) حاشية القليوبي 2 / 157، ومغني المحتاج 2 / 11.
(13) الشرح الكبير مع المغني 4 / 14.
(14) مطالب أولي النهى 6 / 348 - 349.
(15) المغني مع الشرح الكبير 4 / 14.
(16) الشرح الصغير 4 / 166.
(17) روضة الطالبين 5 / 405.
(18) المغني 5 / 740 ط. الرياض.
(19) القليوبي وعميرة 3 / 160 - 161.
(20) المغني لابن قدامة 4 / 280 ط. مطبعة الرياض الحديثة.
(21) مطالب أولي النهى 4 / 495.
(22) حديث " نهى رسول الله ﷺ عن بيع الكلب ". أخرجه مسلم (3 / 1198) من حديث أبي مسعود الأنصاري. بلفظ: " نهى عن ثمن الكلب ".
(23) ابن عابدين 4 / 94 ط. الحلبي، وجواهر الإكليل 2 / 290 - 291، والشرح الصغير 4 / 474، وروضة الطالبين 5 / 405، والقليوبي وعميرة 4 / 195، والمهذب 2 / 359، والمغني مع الشرح الكبير 10 / 282.
(24) سورة المائدة / 4.
(25) حديث عدي بن حاتم: " إني أرسل الكلاب المعلمة. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1529) .
(26) الفتاوى الهندية 4 / 454.
(27) روضة الطالبين 5 / 178.
(28) المغني 4 / 280 ط. مطبعة الرياض الحديثة.
(29) حديث: " نهى عن ثمن الكلب. . . ". سبق تخريجه ف7.
(30) بدائع الصنائع 5 / 142 - 143، والفواكه الدواني 2 / 138، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 3 / 11، وشرح المنهج بحاشية الجمل 3 / 22، والمغني 4 / 189.
(31) حديث: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر ". أخرجه مسلم (1 / 277) من حديث ابن عباس.
(32) مراقي الفلاح ص91، وتبيين الحقائق 1 / 51، ورد المحتار 1 / 137، وبدائع الصنائع 1 / 86، وحاشية الدسوقي 1 / 54، والمجموع 1 / 245 - 246، والمغني 1 / 71.
(33) حديث: " أن رسول الله ﷺ سئل عن فأرة وقعت في سمن. . . ". أورده ابن عبد البر في التمهيد (9 / 45) من حديث أبي هريرة، ونقل (9 / 36) عن البخاري أن هذه الرواية غير محفوظة، وإنما الحديث عن ميمونة ليس فيه ذكر الاستصباح.
(34) نهاية المحتاج للرملي 2 / 373.
(35) حاشية ابن عابدين 1 / 204.
(36) الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب مالك 1 / 43، 44.
(37) الأم 1 / 8، والقليوبي وعميرة 1 / 69، والمغني لابن قدامة 1 / 35.
(38) حديث: " طهور إناء أحدكم. . . ". أخرجه مسلم (1 / 234) من حديث أبي هريرة.
(39) مواهب الجليل 1 / 13، 14، 175، 176، 177، والدسوقي على الدردير 1 / 83 - 84، والمغني 1 / 52 - 54 ط. الرياض، وأسنى المطالب 1 / 21.
(40) حديث: " من تصبح بسبع تمرات. . . ". أخرجه مسلم (8 / 1618) من حديث سعد بن أبي وقاص.
(41) مواهب الجليل 1 / 177.
(42) جواهر الإكليل 1 / 14، ومواهب الجليل 1 / 179.
(43) شرح صحيح مسلم 3 / 185 ط. المطبعة المصرية ومكتبتها.
(44) أسنى المطالب 1 / 21 ط. المكتبة الإسلامية.
(45) شرح صحيح مسلم 3 / 185.
(46) المغني لابن قدامة 2 / 182، 184، 185، 186، وصحيح مسلم بشرح النووي 4 / 227.
(47) حديث: " عليكم بالأسود البهيم. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1200) من حديث جابر بن عبد الله.
(48) حديث: " يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب. . . ". أخرجه مسلم (1 / 366) .
(49) حديث أبي ذر: " إذا قام أحدكم يصلي. . . ". أخرجه مسلم (1 / 365) .
(50) حديث أبي هريرة: " كل ذي ناب من السباع. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1534) .
(51) مواهب الجليل 3 / 236، وحاشية الدسوقي 2 / 117.
(52) جواهر الإكليل 2 / 212، وروضة الطالبين 5 / 274، وكشاف القناع 4 / 306.
(53) الفتاوى الهندية 2 / 361، وحاشية الدسوقي 4 / 76، والخرشي مع حاشية العدوي 7 / 79، ومغني المحتاج 2 / 378، والمغني 5 / 641.
(54) بدائع الصنائع 5 / 142 - 143، 6 / 135، ومغني المحتاج 2 / 122
(55) حديث: " لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا " أخرجه مسلم (3 / 1549) من حديث ابن عباس.
(56) حديث: " في كل كبد رطبة أجر ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 40 - 41) ومسلم (4 / 1761) من حديث أبي هريرة.
(57) مواهب الجليل 3 / 236 - 237.
(58) روضة الطالبين 3 / 146.
(59) المغني 4 / 190، 191.
(60) مطالب أولي النهى 6 / 349.
(61) حديث عبد الله بن مغفل: " أمر رسول الله ﷺ بقتل الكلاب. . . ". أخرجه مسلم (1 / 235) .
(62) المغني 4 / 281 ط. مكتبة الرياض الحديثة.
(63) حديث: " خمس من الدواب. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 34) ومسلم (2 / 857 واللفظ للبخاري) .
(64) كشاف القناع 2 / 439.
(65) حديث: " بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش. . . ". سبق تخريجه ف26.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 123/ 35