الكبير
كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...
توقف المحدِّث عن رواية الأحاديث، أو الحكم عليها صحة وضعفاً . وشاهده قول الإمام ابن الصلاح : "وأما السِّن الذي إذا بلغه المحدث انبغى له الإمساك عن التحديث، فهو السن الذي يخشى عليه فيه من الهرم، والخرف، ويُخاف عليه فيه أن يخلط، ويروي ما ليس من حديثه ". وقوله : "ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد، أو حديث بأنه الأصح على الإطلاق . على أن جماعة من أئمة الحديث خاضوا غمرة ذلك، فاضطربت أقوالهم ".
الإمْساكُ: القَبْضُ، يُقالُ: أَمْسَكْتُ الشَّيْءَ بِيَدِي، إِمْساكاً، أيْ: قَبَضْتُهُ، وأَصْلُه: حَبْسُ النَّفْسِ عن الفِعْلِ، وضِدُّهُ: الإِطْلاقُ والإِرْسالُ. ومِن مَعانِي الإِمْساكِ: الكَفُّ والاِمْتِناعُ، يُقالُ: أَمْسَكَ عن الطَّعامِ، أيْ: كَفَّ عَنْهُ وامْتَنَعَ.
يُطْلَقُ مُصْطلَح (إمْساك) في كتاب النِّكاحِ، باب: الطَّلاق، ويُرادُ به: إِبْقاءُ الـمَرْأةِ وعَدمُ تَطْلِيقِها. ويُطْلَقُ في كِتاب الحَجِّ، باب: مَحْظورات الإِحْرامِ، وفي كتاب الصَّيْدِ والذَّبائِحِ، وفي كتاب الجنايات، باب: الاِشْتِراك في القَتْلِ، ومعناه: القَبْضُ بِاليَدِ.
مسك
الاِمْتِناعُ عن جَمِيعِ الـمُفَطِّراتِ مِن أَكْلٍ وشُرْبٍ وجِماعٍ نحْوِ ذلك.
القَبْضُ، يُقالُ: أَمْسَكْتُ الشَّيْءَ بِيَدِي، إِمْساكاً، أيْ: قَبَضْتُهُ، وأَصْلُه: حَبْسُ النَّفْسِ عن الفِعْلِ، وضِدُّهُ: الإِطْلاقُ والإِرْسالُ.
مراجعة الزوج زوجته مادامت في العدة من تطليقتين لا ثلاث تطليقات.
* معجم مقاييس اللغة : (5/320)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/734)
* مختار الصحاح : (ص 642)
* لسان العرب : (10/486)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/573)
* المغرب في ترتيب المعرب : (2/267)
* أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء : (ص 56)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (3/147)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 89)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (6/254)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 148) -
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الإِْمْسَاكِ فِي اللُّغَةِ الْقَبْضُ. يُقَال: أَمْسَكْتُهُ بِيَدِي إِمْسَاكًا: قَبَضْتُهُ، وَمِنْ مَعَانِيهِ أَيْضًا الْكَفُّ، يُقَال: أَمْسَكْتُ عَنِ الأَْمْرِ: كَفَفْتُ عَنْهُ. (1)
وَاسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ، لأَِنَّ مُرَادَهُمْ بِالإِْمْسَاكِ فِي الْجِنَايَاتِ الْقَبْضُ بِالْيَدِ. فَإِذَا أَمْسَكَ رَجُلٌ آخَرَ فَقَتَلَهُ الثَّالِثُ يُقْتَل الْمُمْسِكُ قِصَاصًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا كَانَ الإِْمْسَاكُ بِقَصْدِ الْقَتْل، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ لاَ يُقْتَل كَمَا سَيَأْتِي. وَمُرَادُهُمْ بِالإِْمْسَاكِ فِي الصِّيَامِ: الْكَفُّ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ وَالاِمْتِنَاعُ عَنِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ، كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الاِحْتِبَاسُ:
2 - الاِحْتِبَاسُ لُغَةً: هُوَ الْمَنْعُ مِنْ حُرِّيَّةِ السَّعْيِ، وَيَخْتَصُّ بِمَا يَحْبِسُهُ الإِْنْسَانُ لِنَفْسِهِ. تَقُول: احْتَبَسْتُ الشَّيْءَ؛ إِذَا اخْتَصَصْتَهُ لِنَفْسِكَ خَاصَّةً. (3)
وَيُطْلَقُ الاِحْتِبَاسُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا لِزَوْجِهَا، كَمَا قَالُوا: إِنَّ النَّفَقَةَ جَزَاءُ الاِحْتِبَاسِ (4) . كَمَا يُطْلِقُونَ الاِحْتِبَاسَ أَوِ الْحَبْسَ عَلَى الْوَقْفِ، لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْعِ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا فَالاِحْتِبَاسُ أَخَصُّ مِنَ الإِْمْسَاكِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
يَخْتَلِفُ حُكْمُ الإِْمْسَاكِ بِاخْتِلاَفِ الْمَوْضُوعَاتِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا: مِنَ الصِّيَامِ، وَالصَّيْدِ، وَالطَّلاَقِ، وَالْقِصَاصِ.
أَوَّلاً: إِمْسَاكُ الصَّيْدِ:
3 - يُطْلَقُ إِمْسَاكُ الصَّيْدِ عَلَى الاِصْطِيَادِ، وَعَلَى إِبْقَاءِ الصَّيْدِ فِي الْيَدِ بَدَلاً مِنْ إِرْسَالِهِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ إِمْسَاكَ صَيْدِ الْبَرِّ حَرَامٌ إِذَا كَانَ فِي حَالَةِ الإِْحْرَامِ، أَوْ كَانَ فِي دَاخِل حُدُودِ الْحَرَمِ. وَكَذَلِكَ الدَّلاَلَةُ وَالإِْشَارَةُ إِلَى الصَّيْدِ، وَالإِْعَانَةُ فِي قَتْلِهِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَام) عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ.
4 - وَيَجُوزُ الاِصْطِيَادُ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ، كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ وَالْبَازِي وَالشَّاهِينِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْجَارِحِ أَنْ يُمْسِكَ الصَّيْدَ عَلَى صَاحِبِهِ، بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا.
وَالإِْمْسَاكُ عَلَى صَاحِبِهِ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ كَوْنِ الْكَلْبِ مُعَلَّمًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا أَنَّ تَعْلِيمَ الْكَلْبِ هُوَ أَنَّهُ إِذَا أُرْسِل اتَّبَعَ الصَّيْدَ. وَإِذَا أَخَذَهُ أَمْسَكَهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلاَ يَأْكُل مِنْهُ شَيْئًا، حَتَّى لَوْ أَخَذَ صَيْدًا فَأَكَل مِنْهُ لاَ يُؤْكَل عِنْدَ الْجُمْهُورِ، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (5) إِشَارَةً إِلَى أَنَّ حَدَّ تَعْلِيمِ الْكَلْبِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ هُوَ الإِْمْسَاكُ عَلَى صَاحِبِهِ وَتَرْكُ الأَْكْل مِنْهُ، وَالْكَلْبُ الَّذِي يَأْكُل إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ لاَ عَلَى صَاحِبِهِ، فَكَانَ فِعْلُهُ مُضَافًا إِلَيْهِ لاَ إِلَى الْمُرْسِل فَلاَ يَجُوزُ أَكْلُهُ. وَاسْتُدِل لِذَلِكَ بِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لَهُ: فَإِنْ أَكَل فَلاَ تَأْكُل، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ (6) وَقَال مَالِكٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ الإِْمْسَاكَ لَيْسَ شَرْطًا فِي تَعْلِيمِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُرْسَل إِلَى الصَّيْدِ. فَالْحَيَوَانُ الْمُعَلَّمُ هُوَ الَّذِي إِذَا أُرْسِل أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ، لأَِنَّ التَّعْلِيمَ إِنَّمَا شُرِطَ حَالَةَ الاِصْطِيَادِ وَهِيَ حَالَةُ الاِتِّبَاعِ. أَمَّا الإِْمْسَاكُ عَلَى صَاحِبِهِ وَتَرْكُ الأَْكْل فَيَكُونَانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنِ الاِصْطِيَادِ فَلاَ يُشْتَرَطَانِ. (7)
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (صَيْد) . ثَانِيًا: الإِْمْسَاكُ فِي الصِّيَامِ:
5 - الإِْمْسَاكُ عَنِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ هُوَ مَعْنَى الصِّيَامِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَهُنَاكَ إِمْسَاكٌ لاَ يُعَدُّ صَوْمًا، لَكِنَّهُ وَاجِبٌ فِي أَحْوَالٍ، مِنْهَا: مَا إِذَا أَفْطَرَ لاِعْتِقَادِهِ أَنَّ الْيَوْمَ مِنْ شَعْبَانَ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، لَزِمَهُ الإِْمْسَاكُ عَنْ جَمِيعِ الْمُفْطِرَاتِ لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ (8) ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَحْتَسِبُ إِمْسَاكَهُ هَذَا صَوْمًا.
كَذَلِكَ يَلْزَمُ إِمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ لِكُل مَنْ أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَالصَّوْمُ لاَزِمٌ لَهُ، كَالْمُفْطِرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَالْمُفْطِرُ يَظُنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَقَدْ كَانَ طَلَعَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ وَلَمْ تَغِبْ، مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ.
6 - أَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ وَزَال عُذْرُهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ كَمَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ، أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ، أَوْ طَهُرَتِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، فَالْمَالِكِيَّةُ وَكَذَا الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الإِْمْسَاكِ عَلَيْهِمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ.
وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِاسْتِحْبَابِ إِمْسَاكِهِمْ لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ (9)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلِهِمُ الثَّانِي وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ فَقَدْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ الإِْمْسَاكِ عَلَيْهِمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، كَمَا إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَةِ هِلاَل رَمَضَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ. (10) وَلِلْفُقَهَاءِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ، لَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُنْدَبُ الإِْمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ بِقَدْرِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالثُّبُوتِ فِيهِ لِيَتَحَقَّقَ الْحَال. (11)
وَلِلتَّفْصِيل فِي هَذِهِ الْمَسَائِل يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (صِيَام) .
ثَالِثًا: الإِْمْسَاكُ فِي الْقِصَاصِ:
7 - إِنْ أَمْسَكَ شَخْصٌ إِنْسَانًا وَقَتَلَهُ آخَرُ فَلاَ خِلاَفَ أَنَّ الْقَاتِل يُقْتَل قِصَاصًا. أَمَّا الْمُمْسِكُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْجَانِيَ كَانَ يُرِيدُ الْقَتْل فَلاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، لأَِنَّهُ مُتَسَبِّبٌ وَالْقَاتِل مُبَاشِرٌ، وَالْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ تَقُول: (إِذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ يُضَافُ الْحُكْمُ إِلَى الْمُبَاشِرِ) .
كَذَلِكَ إِذَا كَانَ الإِْمْسَاكُ بِقَصْدِ الْقَتْل بِحَيْثُ لَوْلاَ إِمْسَاكُهُ لَهُ لَمَا أَدْرَكَهُ الْقَاتِل مَعَ عِلْمِ الْمُمْسِكِ بِأَنَّ الْجَانِيَ قَاصِدٌ قَتْلَهُ فَقَتَلَهُ الثَّالِثُ، فَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُقْتَصُّ مِنَ الْمُمْسِكِ، لِتَقْدِيمِ الْمُبَاشِرِ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ (12) .
وَقَال مَالِكٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: يُقْتَصُّ مِنَ الْمُمْسِكِ لِتَسَبُّبِهِ كَمَا يُقْتَصُّ مِنَ الْقَاتِل لِمُبَاشَرَتِهِ، لأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْسِكْهُ لَمَا قَدَرَ الْقَاتِل عَلَى قَتْلِهِ، وَبِإِمْسَاكِهِ تَمَكَّنَ مِنْ قَتْلِهِ، فَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ (13) .
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ مَنْ أَمْسَكَ شَخْصًا لِيَقْتُلَهُ الطَّالِبُ يُحْبَسُ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ. لأَِنَّهُ أَمْسَكَ الْقَتِيل حَتَّى الْمَوْتِ (14) . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (قِصَاص)
رَابِعًا: الإِْمْسَاكُ فِي الطَّلاَقِ:
8 - الإِْمْسَاكُ مِنْ صِيَغِ الرَّجْعَةِ فِي الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِقَوْلِهِ: مَسَكْتُكِ أَوْ أَمْسَكْتُكِ بِدُونِ حَاجَةٍ إِلَى النِّيَّةِ، لأَِنَّهُ وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (15) يَعْنِي الرَّجْعَةَ (16) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنْ قَال: أَمْسَكْتُهَا، يَكُونُ مُرَاجِعًا بِشَرْطِ النِّيَّةِ (17) .
وَيَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالإِْمْسَاكِ الْفِعْلِيِّ إِذَا كَانَ بِشَهْوَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا اقْتَرَنَ الإِْمْسَاكُ بِالنِّيَّةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ تَحْصُل الرَّجْعَةُ بِفِعْلٍ كَوَطْءٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ حُرِّمَ بِالطَّلاَقِ، وَمَقْصُودُ الرَّجْعَةِ حِلُّهُ، فَلاَ تَحْصُل بِهِ.
أَمَّا الإِْمْسَاكُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ (18) .
9 - وَذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الطَّلاَقَ فِي الْحَيْضِ طَلاَقُ بِدْعَةٍ لَكِنَّهُ إِنْ حَصَل وَقَعَ، وَتُسْتَحَبُّ مُرَاجَعَتُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَقَال مَالِكٌ: يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ. (19) فَإِذَا رَاجَعَهَا وَجَبَ إِمْسَاكُهَا عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ حَتَّى تَطْهُرَ مِنَ الْحَيْضِ وَنُدِبَ إِمْسَاكُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى (1) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (رَجْعَة) .
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب مادة (مسك)
(2) ابن عابدين 2 / 80، والزيلعي 1 / 313 وحاشية الدسوقي 4 / 245، ونهاية المحتاج3 / 147
(3) لسان العرب مادة: (حبس)
(4) الهداية للمرغيناني وبهامشه العناية 3 / 321
(5) سورة المائدة / 4
(6) البدائع 5 / 52، والقليوبي 4 / 244، ونهاية المحتاج 8 / 114، والمغني 11 / 806. وحديث: " فإن أكل فلا تأكل. . . . ". أخرجه البخاري ومسلم من حديث عدي بن حاتم مرفوعا بلفظ " إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك وإن قتلن، إلا أن يأكل الكلب، فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه. . . . " (فتح الباري 9 / 609 ط السلفية، وصحيح مسلم 3 / 1529 ط عيسى الحلبي)
(7) ابن عابدين 5 / 300، والشرح الصغير 2 / 162، ونهاية المحتاج 8 / 114، والمغني 11 / 6 - 8
(8) ابن عابدين 2 / 106، وجواهر الإكليل 1 / 145، 146، والمغني 3 / 71، ونهاية المحتاج 3 / 83
(9) نفس المراجع
(10) ابن عابدين 2 / 106، والشرح الصغير 1 / 685، ونهاية المحتاج 3 / 184، والمغني 3 / 71
(11) ابن عابدين 2 / 87، وجواهر الإكليل 1 / 146، ونهاية المحتاج 3 / 173
(12) البحر الرائق 8 / 345، ونهاية المحتاج 7 / 244
(13) الشرح الكبير للدردير 4 / 245، والمغني 9 / 477، 478
(14) المغني 9 / 478
(15) سورة البقرة / 231
(16) ابن عابدين 2 / 530، والقليوبي 4 / 2، والمغني 8 / 484
(17) القليوبي 4 / 2، والشرح الصغير 2 / 606
(18) البدائع 3 / 90، والشرح الصغير 2 / 606، والقليوبي 4 / 3، والمغني 8 / 3
(19) حديث: " مره فليراجعها. . . . " أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم. (فتح الباري 9 / 345 ط السلفية، وصحيح مسلم 2 / 93 ط عيسى الحلبي)
الموسوعة الفقهية الكويتية: 254/ 6