الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
أَبُو الأْبِ، وَأَبُو الأْمِّ، وَإِنْ عَلَوْا . وشاهده قول أبي بكر، وابن عباس، وابن الزبير : "الجد أب ." البخاري :6737.
الـجَدُّ: أَبُو الأَبِ وأَبُو الأُمِّ، ويُطْلَق الـجَدُّ أيضاً بِمعنى الـحَظِّ والغِنَى والـجَمْعِ.
يَرِد مُصْطلَح (جَدُّ) في الفقه في عِدَّةِ مَواطِنَ، منها: كتاب الصَّلاةِ، باب: الأَحَقّ بِتَغْسيلِ الـمَيِّتِ والصَّلاةِ عَلَيْهِ، وفي كتاب الزَّكَاةِ، باب: مَصارِف الزَّكاةِ، وفي كتاب النِّكاح، باب: تَرْتِيب الأَوْلياءِ في النِّكاحِ، وفي باب: وُجوب النَّفَقَةِ على الأَقارِبِ، وفي كتاب القِصاصِ، باب: قَتْل الوالِدِ، وفي باب: حدّ السَّرِقَةِ، وفي باب: حَدّ القَذْفِ، والشَّهادَة، وغير ذلك. ويُطلَقُ بِـمَعنى العَظَمَةِ، وعلى الحَظِّ، والرِّزْقِ، والغِنى.
جدد
أَبُو الأَبِ، وأَبُو الأُمِّ، وإِنْ عَلَوْا مِن النَّسَبِ.
الجَدُّ: هو أَبُو الأَبِ، وأَبُو الأُمِّ، وإِنْ عَلَوْا مِن النَّسَبِ، أيْ: بَيْنَهُ وبَيْنَ الأَبِ وِلادَةُ، وهُناكَ جَدٌّ مِن الرَّضاعِ، وهو الذي صارَ جَدّاً بِسَبَبِ رَضاعِ الأَبِ مِن زَوْجَةِ الجَدِّ. والجَدُّ على قِسْمَيْنِ: جَدٌّ صَحيحٌ، وهو الذي لا تدخل في نِسْبَتِهِ أُمٌّ، كأَبِ الأَبِ وإنْ عَلا، وجَدٌّ فاسِدٌ، وهو الذي دَخَلَت في نِسْبَتِهِ إلى الـمَيِّتِ أُنْثى، كأَبِ أُمِّ الأَبِ وإِنْ عَلا.
الـجَدُّ: أَبُو الأَبِ وأَبُو الأُمِّ.
أَبُو الأْبِ، وَأَبُو الأْمِّ، وَإِنْ عَلَوْا.
* لسان العرب : (3/108)
* تاج العروس : (7/473)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/92)
* المغرب في ترتيب المعرب : (1/134)
* التعريفات للجرجاني : (ص 101)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 234)
* دستور العلماء : (1/264)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 160) -
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْجَدِّ لُغَةً أَبُو الأَْبِ وَأَبُو الأُْمِّ، وَالْجَمْعُ أَجْدَادٌ وَجُدُودٌ
وَالْجَدَّةُ أُمُّ الأُْمِّ وَأُمُّ الأَْبِ، وَالْجَمْعُ جَدَّاتٌ (1)
وَالْجَدُّ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ أَبُو الأَْبِ وَأَبُو الأُْمِّ، وَإِنْ عَلَوْا، فَإِنْ أُطْلِقَ انْصَرَفَ إِلَى أَبِي الأَْبِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجَدِّ:
يَتَعَلَّقُ بِالْجَدِّ أَحْكَامٌ مُخْتَلِفَةٌ مِنْهَا:
وِلاَيَةُ الْجَدِّ فِي النِّكَاحِ:
2 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وِلاَيَةِ الْجَدِّ (أَبِي الأَْبِ) وَإِنْ عَلاَ فِي النِّكَاحِ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَدَّ كَالأَْبِ عِنْدَ عَدَمِ الأَْبِ، وَأَنَّهُ أَحَقُّ الأَْوْلِيَاءِ بَعْدَ الأَْبِ فِي وِلاَيَةِ النِّكَاحِ، وَأَنَّ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ بِنْتَ ابْنِهِ الْبِكْرَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ بَالِغَةً أَمْ صَغِيرَةً. وَوَافَقَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرَةِ، وَالْمَجْنُونَةِ، وَالْمَعْتُوهَةِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا عِنْدَهُمْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجَدَّ لَيْسَ كَالأَْبِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْبُرَ بِنْتَ ابْنِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ صَغِيرَةً أَمْ كَبِيرَةً، بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا، عَاقِلَةً أَمْ مَجْنُونَةً.
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَنْزِلَتِهِ بَيْنَ سَائِرِ الأَْوْلِيَاءِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَأْتِي فِي التَّرْتِيبِ بَعْدَ الأَْخِ وَابْنِ الأَْخِ وَإِنْ نَزَل، وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يَأْتِي بَعْدَ الأَْبِ وَوَصِيِّهِ (2) .
أَمَّا الْجَدُّ لأُِمِّ وَهُوَ مَنْ أَدْلَى إِلَى الْمَرْأَةِ بِأُنْثَى فَلاَ وِلاَيَةَ لَهُ فِي النِّكَاحِ.
إِرْثُ الْجَدِّ:
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ (أَبَا الأَْبِ) يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَيَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ.
وَالْجَدُّ أَبُو الأَْبِ وَإِنْ عَلاَ لاَ يَحْجُبُهُ إِلاَّ ذَكَرٌ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ بِالإِْجْمَاعِ؛ لأَِنَّ مَنْ أَدْلَى إِلَى الْمَيِّتِ بِشَخْصٍ لاَ يَرِثُ مَعَ وُجُودِهِ إِلاَّ أَوْلاَدَ الأُْمِّ.
فَالْجَدُّ أَبُو الأَْبِ فِي الْمِيرَاثِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الأَْبِ عِنْدَ فَقْدِ الأَْبِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إِلاَّ فِي أَرْبَعِ مَسَائِل: إِحْدَاهَا: زَوْجٌ وَأَبَوَانِ
وَالثَّانِيَةُ: زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ، لِلأُْمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي فِيهِمَا مَعَ الأَْبِ، وَيَكُونُ لَهَا ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَال فِيهِمَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الأَْبِ جَدٌّ.
وَالثَّالِثَةُ: الْجَدُّ مَعَ الإِْخْوَةِ وَالأَْخَوَاتِ لِلأَْبَوَيْنِ أَوْ لِلأَْبِ، فَإِنَّ الأَْبَ يَحْجُبُهُمْ بِاتِّفَاقٍ. وَفِي الْحُكْمِ عِنْدَ وُجُودِ الْجَدِّ بَدَل الأَْبِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي إِرْثٍ.
وَالرَّابِعَةُ: الْجَدُّ مَعَ الإِْخْوَةِ لأُِمٍّ، فَإِنَّ الأَْبَ يَحْجُبُهُمْ إِجْمَاعًا، وَلاَ يَحْجُبُهُمْ الْجَدُّ خِلاَفًا لأَِبِي حَنِيفَةَ (3) .
نَفَقَةُ الْجَدِّ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْجَدِّ وَاجِبَةٌ عَلَى حَفِيدِهِ أَوْ حَفِيدَتِهِ بِشُرُوطِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْجَدُّ مِنْ جِهَةِ الأَْبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ وَارِثًا أَمْ غَيْرَ وَارِثٍ، وَلَوِ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا، بِأَنْ كَانَ وَلَدُ الْوَلَدِ مُسْلِمًا وَالْجَدُّ كَافِرًا، أَوْ كَانَ الْجَدُّ مُسْلِمًا وَوَلَدُ الْوَلَدِ كَافِرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (4) وَمِنَ الْمَعْرُوفِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا عِنْدَ حَاجَتِهِمَا. وَلِحَدِيثِ: إِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلاَدِكُمْ (5) .
وَالْجَدُّ مُلْحَقٌ بِالأَْبِ إِنْ لَمْ يَدْخُل فِي عُمُومِ لَفْظِ الأَْبِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْجَدِّ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ (6) .
كَمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَل عَلَى الْجَدِّ وَإِنْ عَلاَ إِذَا فُقِدَ الأَْبُ بِشَرْطِهَا لِقَوْلِهِ ﷺ لِهِنْدٍ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ (7) وَالأَْحْفَادُ مُلْحَقُونَ بِالأَْوْلاَدِ إِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُمْ إِطْلاَقُ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ عَدَمَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَفِيدِ عَلَى الْجَدِّ (8) .
وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِل تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي النَّفَقَةِ.
إِعْفَافُ الْجَدِّ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي مَذْهَبِهِمْ إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ وَلَدَ الْوَلَدِ إِعْفَافُ الْجَدِّ وَإِنْ عَلاَ بِالنِّكَاحِ، لأَِنَّ هَذَا مِنْ وُجُوهِ حَاجَتِهِ الْمُهِمَّةِ كَالنَّفَقَةِ؛ وَلِئَلاَّ يُعَرِّضَهُمْ لِلزِّنَا الْمُفْضِي إِلَى الْهَلاَكِ، وَذَلِكَ لاَ يَلِيقُ بِحُرْمَةِ الأُْبُوَّةِ، وَلَيْسَ مِنَ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} .
كَمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْجَدِّ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ إِذَا كَانَتْ وَاحِدَةً.
أَمَّا إِذَا كَانَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ فَعَلَى الْحَفِيدِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ نَفَقَةَ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى الْجَدِّ أَنْ يُوَزِّعَ هَذَا الْقَدْرَ عَلَى جَمِيعِ زَوْجَاتِهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ الْحَفِيدَ إِعْفَافُ الْجَدِّ، كَمَا لاَ يَلْزَمُهُ عِنْدَهُمْ نَفَقَةُ زَوْجَةِ الْجَدِّ (9) . وَلِزِيَادَةِ التَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (نَفَقَةٌ) .
حَضَانَةُ الْجَدِّ:
6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَرْتِيبِ الْجَدِّ فِي الْحَضَانَةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَرْتِيبَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ حَضَانَةِ الْحَفِيدِ يَأْتِي بَعْدَ الأَْبِ مُبَاشَرَةً، لأَِنَّهُ كَالأَْبِ عِنْدَ عَدَمِهِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ كَذَلِكَ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ بَعْدَ الأَْخِ الشَّقِيقِ، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَهُ الأَْخُ لأُِمٍّ، ثُمَّ الأَْخُ لأَِبٍ (10) .
حُكْمُ دَفْعِ الزَّكَاةِ لِلْجَدِّ:
7 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْحَفِيدِ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ إِلَى جَدِّهِ وَإِنْ عَلاَ.
كَمَا لاَ يَجُوزُ لِلْجَدِّ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ لِوَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَل، لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَنْتَفِعُ بِمَال الآْخَرِ، فَيَكُونُ كَأَنَّهُ صَرَفَ إِلَى نَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ؛ وَلأَِنَّ نَفَقَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا تَجِبُ عَلَى الآْخَرِ، وَقَدْ يَرِثُ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ لِلآْخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِنَفَقَتِهِ (11) . وَلِزِيَادَةِ التَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (نَفَقَةٌ وَحَضَانَةٌ) .
الْقِصَاصُ مِنَ الْجَدِّ:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْقِصَاصِ مِنَ الْجَدِّ إِذَا قَتَل حَفِيدَهُ.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْقِصَاصُ مِنَ الْجَدِّ وَإِنْ عَلاَ إِذَا قَتَل حَفِيدَهُ وَإِنْ سَفَل، لِحَدِيثِ: لاَ يُقَادُ الأَْبُ مِنِ ابْنِهِ (12) وَلِرِعَايَةِ حُرْمَتِهِ الأَْبَوِيَّةِ؛ وَلأَِنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودِ الْحَفِيدِ فَلاَ يَكُونُ الْحَفِيدُ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ.
كَمَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ لاَ يَسْتَحِقُّ الْحَفِيدُ الْقِصَاصَ مِنْ جَدِّهِ وَإِنْ عَلاَ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ قِبَل الأَْبِ أَمْ مِنْ قِبَل الأُْمِّ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْوِلاَدِ فَاسْتَوَى فِيهِ جَمِيعُ الأَْجْدَادِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَدَّ إِذَا قَتَل حَفِيدَهُ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ الْمَحْضِ، مِثْل أَنْ يَذْبَحَهُ أَوْ يَشُقَّ بَطْنَهُ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ، لِعُمُومِ ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (13) .
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ الْمُنْذِرِ (14) .
سَرِقَةُ الْجَدِّ مِنْ مَال حَفِيدِهِ:
9 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَطْعِ يَدِ الْجَدِّ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَال حَفِيدِهِ.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى عَدَمِ قَطْعِ يَدِ الْجَدِّ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَال وَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَل دَرْءًا لِلشُّبْهَةِ، لِقَوْلِهِ ﷺ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ (15) .
وَلِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الاِتِّحَادِ وَالاِشْتِرَاكِ؛ وَلأَِنَّ مَال كُلٍّ مِنْهُمَا مُرْصَدٌ لِحَاجَةِ الآْخَرِ، وَلأَِنَّ لِلْجَدِّ أَنْ يَدْخُل بَيْتَ وَلَدِ وَلَدِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ عَادَةً، فَاخْتَل مَعْنَى الْحِرْزِ؛ وَلأَِنَّ الْقَطْعَ بِسَبَبِ السَّرِقَةِ فِعْلٌ يُفْضِي إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ وَذَلِكَ حَرَامٌ، وَالْمُفْضِي إِلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْجَدَّ تُقْطَعُ يَدُهُ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَال حَفِيدِهِ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ (16) .
قَذْفُ الْجَدِّ حَفِيدَهُ:
10 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْجَدِّ إِذَا قَذَفَ حَفِيدَهُ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِقَذْفِ حَفِيدِهِ وَإِنْ سَفَل؛ لأَِنَّ الأُْبُوَّةَ مَعْنًى يُسْقِطُ الْقِصَاصَ فَمَنَعَتِ الْحَدَّ؛ وَلأَِنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ فَلاَ يَجِبُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ عَلَى جَدِّهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَقُل لَهُمَا أُفٍّ} (17) وَالنَّهْيُ عَنِ التَّأْفِيفِ نَصًّا نَهْيٌ عَنِ الضَّرْبِ دَلاَلَةً، فَلَوْ حُدَّ الْجَدُّ كَانَ ضَرْبُهُ الْحَدَّ بِسَبَبِ حَفِيدِهِ؛ وَلأَِنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْقَذْفِ لَيْسَتْ مِنَ الإِْحْسَانِ فِي شَيْءٍ فَكَانَتْ مَنْفِيَّةً نَصًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (18) .
كَمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ لاَ يَثْبُتُ لَهُ حَدُّ قَذْفٍ عَلَى جَدِّهِ، فَلَوْ قَذَفَ الْجَدُّ أُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ فَمَاتَتْ قَبْل اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ وَلَدِهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَدِّ؛ لأَِنَّ مَا مَنَعَ ثُبُوتَهُ ابْتِدَاءً أَسْقَطَهُ طَارِئًا.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْجَدَّ يُحَدُّ إِذَا قَذَفَ وَلَدَ وَلَدِهِ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ (19) .
شَهَادَةُ الْجَدِّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْجَدِّ لِحَفِيدِهِ وَإِنْ سَفَل وَعَكْسَهُ لاَ تُقْبَل، لأَِنَّ بَيْنَهُمَا بَعْضِيَّةً فَكَأَنَّهُ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا قَال ﵊ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي (20) .
وَلأَِنَّ شَهَادَةَ الْجَدِّ إِذَا تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّفْعِ وَالدَّفْعِ فَقَدْ صَارَ مُتَّهَمًا وَلاَ شَهَادَةَ لِمُتَّهَمٍ، لِقَوْلِهِ ﷺ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلاَ خَائِنَةٍ، وَلاَ مَجْلُودٍ حَدًّا وَلاَ مَجْلُودَةٍ، وَلاَ ذِي غَمْرٍ لأَِخِيهِ، وَلاَ الْقَانِعِ أَهْل الْبَيْتِ لَهُمْ، وَلاَ ظَنِينٍ فِي وَلاَءٍ، وَلاَ قَرَابَةٍ (21) وَالظَّنِينُ الْمُتَّهَمُ.
وَلِقَوْلِهِ ﷺ أَيْضًا: لاَ يَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَلاَ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا (22) .
وَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ كَشُرَيْحٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ إِلَى أَنَّ شَهَادَةَ كُلٍّ مِنَ الأَْصْل وَالْفَرْعِ لِلآْخَرِ مَقْبُولَةٌ؛ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ (23) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (24) وقَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (25) .
مَرْتَبَةُ الْجَدِّ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ:
12 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ أَوْلَى الأَْقَارِبِ مِنَ الرِّجَال فِي غَسْل الْمَيِّتِ وَالصَّلاَةِ عَلَيْهِ، الأَْبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الأَْبِ وَإِنْ عَلاَ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلأَْبِ أَنْ يُقَدِّمَ أَبَاهُ جَدَّ الْمَيِّتِ تَعْظِيمًا لَهُ (26) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَدَّ يَأْتِي بَعْدَ الأَْخِ وَابْنِ الأَْخِ وَإِنْ نَزَل (27) .
__________
(1) لسان العرب مادة: (جدد) .
(2) ابن عابدين 2 / 296، بداية المجتهد 2 / 8، والقوانين الفقهية ص 204 مغني المحتاج 3 / 149، وكشف المخدرات ص 356.
(3) حاشية ابن عابدين 5 / 491، والقوانين الفقهية 389، ومغني المحتاج 3 / 10، والمغني لابن قدامة 6 / 214.
(4) سورة لقمان / 15.
(5) حديث: " إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم ". أخرجه أبو داود (3 / 801 - 802 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وابن ماجه (2 / 769 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده حسن.
(6) حاشية ابن عابدين 2 / 678، ومغني المحتاج 3 / 446، والقوانين ص 228، وجواهر الإكليل 1 / 407، وكشف المخدرات ص 424.
(7) حديث: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 507 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1338 - ط الحلبي) من حديث عائشة
(8) حاشية ابن عابدين 2 / 671، والقوانين الفقهية ص 228، مغني المحتاج 3 / 446، وكشف المخدرات ص 424.
(9) حاشية ابن عابدين 2 / 672، وجواهر الإكليل 1 / 407، ومغني المحتاج 3 / 211، والإنصاف 9 / 404.
(10) حاشية ابن عابدين 2 / 638، وجواهر الإكليل 1 / 409، ومغني المحتاج 3 / 453، وكشف المخدرات ص 428.
(11) البدائع 2 / 49، ومواهب الجليل 2 / 343، وروضة الطالبين 2 / 310، والمغني لابن قدامة 2 / 647.
(12) حديث: " لا يقاد الأب من ابنه ". أخرجه البيهقي (8 / 38 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ونقل ابن حجر في التلخيص (4 / 16 - ط شركة الطباعة الفنية) عن البيهقي أنه صححه.
(13) سورة البقرة / 178.
(14) البدائع 7 / 235، والقوانين الفقهية ص 351، ومغني المحتاج 4 / 8، وكشف المخدرات ص 437، والمغني لابن قدامة 7 / 666.
(15) حديث: " أنت ومالك لأبيك ". أخرجه ابن ماجه (2 / 769 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وقال البوصيري: " إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري ".
(16) البدائع 7 / 75، ومغني المحتاج 4 / 162، وكشف المخدرات ص 473، والقوانين الفقهية ص 314، وجواهر الإكليل 2 / 290.
(17) سورة الإسراء / 23.
(18) سورة البقرة / 83.
(19) البدائع 7 / 42، وحاشية ابن عابدين 1 / 168، والقوانين الفقهية 362، وتحفة المحتاج 8 / 120، ومغني المحتاج 4 / 156، والمغني لابن قدامة 8 / 219.
(20) حديث: " فاطمة بضعة مني ". أخرجه البخاري (الفتح 7 / 105 - ط السلفية) من حديث المسور بن مخرمة.
(21) حديث: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا مجلود حدا ولا. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 545 - ط الحلبي) من حديث عائشة، وقال الترمذي: " لا يصح عندي من قبل إسناده ".
(22) حديث: " لا يجوز شهادة الولد لوالده، ولا المرأة لزوجها ". أخرجه الخصاف في أدب القاضي كما في البناية للعيني (7 / 167 - ط دار الفكر) وفي إسناده يزيد بن زياد الشامي وهو ضعيف كما في ترجمته من التهذيب لابن حجر (11 / 328 - 329 - ط دائرة المعارف النظامية)
(23) البدائع 6 / 272، والقوانين الفقهية ص 313، ومغني المحتاج 4 / 434، والمغني لابن قدامة 9 / 191، وكشف المخدرات ص 524.
(24) سورة الطلاق / 2.
(25) سورة البقرة / 282.
(26) البدائع 2 / 238، 1 / 318، وروضة الطالبين 2 / 121، والإنصاف 2 / 472، والمغني لابن قدامة 2 / 482.
(27) القوانين الفقهية ص 204.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 113/ 15