الجواد
كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...
تردد الكلام بين اثنين، فصاعداً مع قصد كل واحد منهما تصحيح قوله، وإبطال قول صاحبه . ومنه من الاعتراضات، والجواب عنها، وهو المعروف بالجدل على طريقة الفقهاء، كما سماه ابن عقيل الحنبلي رحمه الله . ويطلق الجدل بمعنى المناظرة، ويطلق على العلم المعروف بهذا الاسم
الجدل: شدة الخصومة، يقال: جدل جدلا، أي: اشتدت خصومته، والمجادلة والجدال: المناظرة والمخاصمة، يقال: جادله، أي: ناظره وخاصمه. ويأتي الجدل بمعنى الغلبة، وجادلت الرجل فجدلته جدلا، أي: غلبته. وأصله من الجدل، وهو: القوة والصلابة، ومنه سميت المناظرة جدلا؛ لأن فيها إظهارا للقوة والشدة. وقيل: أصله من الصرع والإسقاط على الجدالة، وهي الأرض الصلبة. ومن معانيه أيضا: الإحكام والإتقان.
يرد مصطلح (جدل) في العقيدة في باب: توحيد الأسماء والصفات، وباب: الاستدلال في العقيدة، وباب: الرد على المخالف، وغير ذلك. وقد يطلق في علم أصول الفقه، ويراد به: علم الجدل، وهو: معرفة آداب الجدل والمناظرة وقواعده وقوانينه وشروطه.
جدل
إظهار كل من المتنازعين حجته بقصد إثبات قوله وإبطال قول الآخر.
الجدل: هو المخاطبة أو المحاورة بين اثنين مختلفين بإظهار الأدلة والبراهين، ويقصد كل واحد منهما غلبة صاحبه وإلزامه بقوله. وينقسم الجدل في الدين إلى قسمين: 1- جدل محمود: وهو أن يكون الغرض منه صحيحا، كتحقيق الحق وإظهار الصواب، ورد الباطل، وإزالة الشبه والأوهام، وإفحام الخصم وإسكاته عن باطله، وتمييز الأدلة وبيان صحيحها من سقيمها، وتثبيت المؤمنين وزيادة إيمانهم ويقينهم بالحق. 2- جدل مذموم: وهو أن يكون الغرض منه فاسدا، كرد الحق وإظهار الباطل ونشره، أو طلب الشهرة والعلو بين الناس، وغير ذلك.
الجدل: شدة الخصومة، والمجادلة والجدال: المناظرة والمخاصمة، يقال: جادله، أي: ناظره وخاصمه. ويأتي بمعنى الغلبة. وأصله من الجدل، وهو: القوة والصلابة، ومنه سميت المناظرة جدلا؛ لأن فيها إظهارا للقوة والشدة.
تردد الكلام بين اثنين، فصاعداً مع قصد كل واحد منهما تصحيح قوله، وإبطال قول صاحبه.
* مقاييس اللغة : (1/433)
* المحكم والمحيط الأعظم : (7/324)
* التعريفات للجرجاني : (ص 41)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 122)
* الفروق اللغوية : (ص 159)
* الكليات : 353 - القاموس المحيط : (ص 976)
* لسان العرب : (11/105)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/93) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَدَل لُغَةً: مُقَابَلَةُ الْحُجَّةِ بِالْحُجَّةِ، وَالْمُجَادَلَةُ: الْمُنَاظَرَةُ وَالْمُخَاصَمَةُ
وَلاَ يَخْرُجُ الْجَدَل اصْطِلاَحًا عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْمُنَاظَرَةُ:
2 - الْمُنَاظَرَةُ هِيَ تَرْدَادُ الْكَلاَمِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ يَقْصِدُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَصْحِيحَ قَوْلِهِ وَإِبْطَال قَوْل صَاحِبِهِ مَعَ رَغْبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي ظُهُورِ الْحَقِّ.
الْمُنَاقَشَةُ:
3 - الْمُنَاقَشَةُ هِيَ مُرَاجَعَةُ الْكَلاَمِ بِقَصْدِ الْوُصُول إِلَى الْحَقِّ غَالِبًا (2) . وَكُلُّهَا أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ إِلاَّ أَنَّ الْمُنَاقَشَةَ أَخَصُّ غَالِبًا.
الْمِرَاءُ:
4 - الْمِرَاءُ وَالْمُمَارَاةُ: الْجِدَال، وَهُوَ مَصْدَرُ مَارَى يُمَارِي، أَيْ جَادَل، وَيُقَال أَيْضًا مَارَيْتُهُ إِذَا طَعَنْتُ فِي قَوْلِهِ تَزْيِيفًا لِلْقَوْل، وَتَصْغِيرًا لِلْقَائِلِ، قَال الْفَيُّومِيُّ: وَلاَ يَكُونُ الْمِرَاءُ إِلاَّ اعْتِرَاضًا بِخِلاَفِ الْجِدَال فَإِنَّهُ يَكُونُ ابْتِدَاءً وَاعْتِرَاضًا (3) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلْجَدَل:
الْجَدَل قِسْمَانِ: مَمْدُوحٌ وَمَذْمُومٌ.
أ - الْجَدَل الْمَمْدُوحُ:
5 - يَكُونُ الْجَدَل مَمْدُوحًا شَرْعًا إِذَا قُصِدَ بِهِ تَأْيِيدُ الْحَقِّ، أَوْ إِبْطَال الْبَاطِل، أَوْ أَفْضَى إِلَى ذَلِكَ بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ.
وَقَدْ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ إِذَا تَعَيَّنَ عَلَى شَخْصٍ مَا الدِّفَاعُ عَنِ الْحَقِّ.
وَقَدْ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ بِأَنْ يَكُونَ فِي الأُْمَّةِ مَنْ يُدَافِعُ عَنِ الْحَقِّ بِالأُْسْلُوبِ السَّلِيمِ، وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (4) وقَوْله تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيل رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (5) .
وَالْمُجَادَلَةُ بِالْحَقِّ مِنْ سُنَنِ الأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ الأُْمَمِ عِنْدَ الدَّعْوَةِ؛ لأَِنَّهُ لَوْ قَابَلَهُمُ الأَْنْبِيَاءُ بِغِلْظَةٍ لَنَفَرَتْ طِبَاعُهُمْ وَانْصَرَفَتْ عُقُولُهُمْ عَنِ التَّدَبُّرِ لِمَا قَالُوا، وَالتَّدَبُّرِ لِمَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ، فَلَمْ تَتَّضِحْ لَهُمُ الْمَحَجَّةُ وَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ (6) .
ب - الْجَدَل الْمَذْمُومُ:
6 - الْجَدَل الْمَذْمُومُ هُوَ كُل جَدَلٍ بِالْبَاطِل، أَوْ يَسْتَهْدِفُ الْبَاطِل، أَوْ يُفْضِي إِلَيْهِ، أَوْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْهُ التَّعَالِيَ عَلَى الْخَصْمِ وَالْغَلَبَةِ عَلَيْهِ، فَهَذَا مَمْنُوعٌ شَرْعًا، وَيَتَأَكَّدُ تَحْرِيمُهُ إِذَا قَلَبَ الْبَاطِل حَقًّا، أَوِ الْحَقَّ بَاطِلاً.
وَقَدْ يَكُونُ الْجَدَل مَكْرُوهًا إِذَا كَانَ الْقَصْدُ مِنْهُ مُجَرَّدَ الظُّهُورِ وَالْغَلَبَةِ فِي الْخُصُومَةِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَالنُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ الآْمِرَةُ بِالْجَدَل مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّوْعِ الأَْوَّل كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (7) . وَأَمَّا النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي ذَمَّتِ الْجَدَل فَمَحْمُولَةٌ عَلَى النَّوْعِ الثَّانِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُجَادِل الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِل لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} (8) وقَوْله تَعَالَى : {مَا يُجَادِل فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلاَدِ} (9) - فَلاَ تَعَارُضَ بَيْنَ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنِ الْجَدَل، وَالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الأَْمْرِ بِهِ، لأَِنَّنَا نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ الْجَدَل الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ غَيْرُ الْجَدَل الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، فَتُحْمَل نُصُوصُ النَّهْيِ عَلَى الْجِدَال بِالْبَاطِل وَنُصُوصُ الأَْمْرِ بِهِ عَلَى الْجِدَال بِالْحَقِّ (10) .
أَهَمِّيَّةُ الْجِدَال بِالْحَقِّ:
7 - الْجِدَال بِالْحَقِّ لإِِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى أَهْل الإِْلْحَادِ وَالْبِدَعِ مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيل اللَّهِ كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ (11) وَإِنَّمَا يَكُونُ الْجِهَادُ بِاللِّسَانِ بِتِبْيَانِ الْحَقِّ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ لاَ بِالشَّغَبِ وَالْهَذَيَانِ وَالسَّبِّ وَالشَّتْمِ، وَالْقُرْآنُ أَبْلَغُ فِي حُجَجِهِ وَبَرَاهِينِهِ، وَلِهَذَا أُمِرَ الرَّسُول ﷺ أَنْ يُجَاهِدَ الْكُفَّارَ بِالْقُرْآنِ، قَال تَعَالَى: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} (12) . وَالْجِدَال بِالْحَقِّ مِنَ النَّصِيحَةِ فِي الدِّينِ، وَفِي قِصَّةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلُهُمْ لَهُ: {يَا نُوحُ قَدْ جَادَلَتْنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} (13) فَكَانَ جَوَابُهُ لَهُمْ قَوْلَهُ: {وَلاَ يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} (14) .
وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ فِي قِصَّةِ وَفْدِ نَصَارَى نَجْرَانَ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ فَوَائِدَ مَا نَصُّهُ:
وَمِنْهَا: جَوَازُ مُجَادَلَةِ أَهْل الْكِتَابِ وَمُنَاظَرَتِهِمْ، بَل اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ، بَل وُجُوبُهُ إِذَا ظَهَرَتْ مَصْلَحَتُهُ مِنْ إِسْلاَمِ مَنْ يُرْجَى إِسْلاَمُهُ مِنْهُمْ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَلاَ يَهْرُبُ مِنْ مُجَادَلَتِهِمْ إِلاَّ عَاجِزٌ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ، فَلْيُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِهِ (أَيِ الْقَادِرِينَ عَلَيْهِ) .
وَقَال الشَّوْكَانِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {مَا يُجَادِل فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} (15) ، أَيْ مَا يُخَاصِمُ فِي دَفْعِ آيَاتِ اللَّهِ وَتَكْذِيبِهَا إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَالْمُرَادُ: الْجِدَال بِالْبَاطِل، وَالْقَصْدُ إِلَى دَحْضِ الْحَقِّ، فَأَمَّا الْجِدَال لاِسْتِيضَاحِ الْحَقِّ، وَرَفْعِ اللَّبْسِ، وَتَمْيِيزِ الرَّاجِحِ مِنَ الْمَرْجُوحِ، وَدَفْعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُبْطِلُونَ، فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمُتَقَرِّبُونَ (16) ، وَبِذَلِكَ أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ عَلَى الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ فَقَال: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} (17) .
__________
(1) لسان العرب والنهاية لابن الأثير مادة: (جدل) .
(2) لسان العرب.
(3) المصباح المنير ودليل الفالحين 3 / 80.
(4) سورة آل عمران / 104.
(5) سورة النحل / 125.
(6) استخراج الجدال من القرآن لناصح الدين ابن الحنبلي ص 52 - 53، والسيرة النبوية لابن كثير 3 / 120، 202، 319، 320، والرد على المنطقيين ص 467 - 468، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 2 / 120 - 123، ودرء تعارض العقل والنقل 1 / 357.
(7) سورة النحل / 125.
(8) سورة الكهف / 56.
(9) سورة غافر / 4.
(10) جامع بيان العلم وفضله 2 / 113، والأحكام في أصول الأحكام لابن جزم 1 / 25.
(11) حديث: " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ". أخرجه أبو داود (3 / 22 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والحاكم (2 / 81 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أنس بن مالك، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(12) سورة الفرقان / 52.
(13) سورة هود / 32.
(14) سورة هود / 34.
(15) سورة غافر / 4.
(16) زاد المعاد 3 / 42، وفتح القدير للشوكاني 3 / 42.
(17) سورة آل عمران / 187.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 126/ 15