الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
تَوْكِيدُ أمر بِذِكْرِ مُعَظَّمٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بالواو، أو الباء، أو التاء، وهو اليمين . ومن أمثلته قول الشخص : "والله، لا أفعل كذا ." ومن شواهده قوله تَعَالَى : ﭽﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﭼ المجادلة :18. وقول عبد الله بن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - أن رسول -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أدرك عمر بن الخطاب، وهو يسير في ركب يحلف بأبيه، فقال : "ألا إنَّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً، فليحلف بالله، أو ليصمت ." البخاري :6646.
الحَلِفُ -ويُقال: الحَلْفُ والحِلْفُ- هو القَسَمُ واليَمِينُ. يُقال: حَلَفَ، يَحْلِفُ، حِلْفًا وحَلِفًا: إذا أقْسَمَ. وأصلُه: المُلازَمَةُ، وذلك أنَّ الإنسانَ يَلْزَمُهُ الثَّباتُ على اليَمِينِ، والحَلِفُ أيضًا مِن قولِكَ: سَيْفٌ حَلِيفٌ، أيْ: قاطِعٌ ماضٍ، فإذا قُلتَ: حَلِفَ بِاللهِ، فكأنَّكَ قُلتَ: قَطَعَ المُخاصَمَةَ باللهِ تعالى، وقيل: أصْلُهُ: العَقْدُ بالعَزْمِ والنِّيَّةِ، وسُمِّيَ الحَلِفُ يَمِينًا؛ لأنَّهم كانوا إذا تَحالَفوا ضَرَبَ كلُّ واحِدٍ منهم يَمِينَه على يَمِينِ صاحِبِهِ.
يَرِد مُصطلَح (حَلِف) في الفقه في عِدَّة مواطِنَ، منها: كتاب الدَّعاوَى والبَيِّناتِ، وكتاب الطَّلاق، باب: الإيلاء، وكتاب الأقضِيَة والشَّهاداتِ، وكتاب الإِقْرار، والقَسامَةِ، وغير ذلك مِن الأبواب.
حلف
تَأكِيدُ الشَّيْءِ بِذِكْرِ مُعَظَّمٍ بِصِيغَةٍ مَخصُوصَةٍ بِأَحَدِ حُروفِ القَسَمِ.
الحَلِفُ: تَوكِيدُ حُكمٍ بِذِكْرِ مُعَظَّمٍ على وَجْهٍ مَخصُوصٍ، ويكون الحَلِفُ بِاسمٍ من أسماءِ الله تعالى أو بِصِفَةٍ من صِفاتِه مَقرونًا بِحرفٍ مِن حُروفِ القَسَمِ، وهي الباءُ والتَّاءُ والواوُ، والحَلِفُ يقتضي تَعظِيمَ المَحلُوفِ بِهِ، كما أنَّه يَذكُرُهُ تَوكيدًا لِكلامِهِ.
الحَلِفُ -ويُقال: الحَلْفُ والحِلْفُ- هو القَسَمُ واليَمِينُ، وأصلُه: المُلازَمَةُ، وذلك أنَّ الإنسانَ يَلْزَمُهُ الثَّباتُ على اليَمِينِ.
تَوْكِيدُ أمر بِذِكْرِ مُعَظَّمٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بالواو، أو الباء، أو التاء، وهو اليمين.
* مواهب الجليل شرح مختصر خليل : (3/259)
* روضة الطالبين للنووي : (11/3)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (6/228)
* تهذيب اللغة : (5/43)
* مقاييس اللغة : (2/98)
* المحكم والمحيط الأعظم : (3/345)
* مختار الصحاح : (ص 78)
* لسان العرب : (9/53)
* مطالب أولي النهى : (6/357)
* الزواجر عن اقتراف الكبائر : (2/204)
* دستور العلماء : (2/38)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (18/78)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 185)
* تاج العروس : (18/303) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْحَلِفُ لُغَةً الْيَمِينُ: وَأَصْلُهَا الْعَقْدُ بِالْعَزْمِ وَالنِّيَّةِ (1) .
قَال أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: وَالْحَلِفُ مِنْ قَوْلِكَ: سَيْفٌ حَلِيفٌ أَيْ: قَاطِعٌ مَاضٍ. فَإِذَا قُلْتَ: حَلَفَ بِاللَّهِ، فَكَأَنَّكَ قُلْتَ: قَطَعَ الْمُخَاصَمَةَ بِاللَّهِ.
وَقَال ابْنُ فَارِسٍ: الْحَلِفُ بِمَعْنَى الْيَمِينِ أَصْلُهُ مِنَ الْحَلِفِ بِمَعْنَى الْمُلاَزَمَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ الإِْنْسَانَ يَلْزَمُهُ الثَّبَاتُ عَلَى الْيَمِينِ.
وَاصْطِلاَحًا: تَوْكِيدُ حُكْمٍ بِذِكْرٍ مُعَظَّمٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (2) .
حِكْمَةُ التَّحْلِيفِ وَمَشْرُوعِيَّتُهُ:
2 - التَّحْلِيفُ تَكْلِيفُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ الْيَمِينَ وَيَجْرِي التَّحْلِيفُ لِلْفَصْل فِي الْخُصُومَاتِ وَإِنْهَاءِ النِّزَاعِ فِي الدَّعَاوَى، وَثَبَتَ بِفِعْل النَّبِيِّ ﷺ بِقَوْلِهِ: لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: احْلِفْ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ، مَا لَهُ عِنْدَكَ شَيْءٌ. (3)
وَقَوْلُهُ ﷺ لِلأَْشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ: بَيِّنَتُكَ وَإِلاَّ فَيَمِينُهُ. (4)
صِفَةُ التَّحْلِيفِ:
3 - الْحَلِفُ الْمُنْعَقِدُ هُوَ الْقَسَمُ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَاتِهِ، مِثْل: لاَ، وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ، وَبِالَّذِي رَفَعَ سَبْعًا وَبَسَطَ سَبْعًا، وَهَذَا مِصْدَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِي جَعَل لَكُمُ الأَْرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَل مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} . (5)
وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ (6) : أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَقَال عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْهَا ذَاكِرًا وَلاَ آثِرًا. (7) (ر: أَيْمَانٌ) - فِقْرَةَ (8) وَإِثْبَاتٌ - فِقْرَةَ (9) وَإِيلاَءٌ فِقْرَةَ (7) .
الْحُقُوقُ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا التَّحْلِيفُ:
4 - الْحُقُوقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى.
وَالثَّانِي: حَقٌّ لِلْعِبَادِ.
وَحَقُّ اللَّهِ عَلَى قِسْمَيْنِ:
فَالأَْوَّل: الْحُدُودُ وَلاَ يَجْرِي التَّحْلِيفُ فِيهَا، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْيَمِينِ النُّكُول، وَهُوَ لاَ يَعْدُو أَنْ يَكُونَ بَذْلاً أَوْ إِقْرَارًا فِيهِ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ لاَ بَذْل فِيهَا وَلاَ تُقَامُ بِحُجَّةٍ فِيهَا شُبْهَةٌ.
وَلأَِنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ قُبِل مِنْهُ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فَلأََنْ لاَ يُسْتَحْلَفُ مَعَ الإِْقْرَارِ أَوْلَى وَلأَِنَّهُ يُسْتَحَبُّ سَتْرُهُ، لِقَوْلِهِ ﷺ لِهُزَالٍ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ: لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ. (11) الثَّانِي: الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ كَدَعْوَى السَّاعِي الزَّكَاةَ عَلَى رَبِّ الْمَال، لأَِنَّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ فَلاَ يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهَا كَالصَّلاَةِ، وَلَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ نَذْرَ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرَهَا فَالْقَوْل قَوْلُهُ فِي نَفْيِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، لأَِنَّهُ لاَ حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِيهِ وَلاَ وِلاَيَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَضَمَّنَتِ الدَّعْوَى حَقًّا لآِدَمِيٍّ مِثْل سَرِقَةٍ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِحَقِّ الآْدَمِيِّ دُونَ حَقِّ اللَّهِ ﷿، وَيَضْمَنُ.
وَحُقُوقُ الْعِبَادِ تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ مَالٌ أَوِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَالٌ، فَهَذَا تُشْرَعُ فِيهِ الْيَمِينُ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ.
فَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لِلْمُدَّعِي حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ، وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا فِي قِصَّةِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ اللَّذَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الأَْرْضِ.
الثَّانِي: مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلاَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَالٌ كَحَدِّ قَذْفٍ، وَقَوَدٍ، وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال غَالِبًا كَنِكَاحٍ، وَطَلاَقٍ، وَرَجْعَةٍ، وَعِتْقٍ، وَإِسْلاَمٍ، وَرِدَّةٍ، وَجَرْحٍ، وَتَعْدِيلٍ.
فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَالِكِيَّةِ لاَ يُسْتَحْلَفُ فِيهَا لأَِنَّ النُّكُول عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَذْلٌ، وَهَذِهِ الْمَسَائِل لاَ يَصِحُّ فِيهَا الْبَذْل، وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ النُّكُول إِقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَعَلَيْهِ يَجْرِي التَّحْلِيفُ فِيهَا عِنْدَهُمَا.
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَكُل دَعْوَى لاَ تَثْبُتُ إِلاَّبِعَدْلَيْنِ لاَ يُسْتَحَقُّ فِيهَا شَيْءٌ إِلاَّ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ إِذْ لاَ فَائِدَةَ فِي رَدِّ الْيَمِينِ أَوْ إِثْبَاتِهَا، لأَِنَّهُ إِنْ حَلَفَهَا لاَ يَثْبُتُ الْمُدَّعَى بِهِ لِتَوَقُّفِ ثُبُوتِهَا عَلَى الْعَدْلَيْنِ إِلاَّ الْقَسَامَةَ وَجِرَاحَ الْعَمْدِ، وَفِي بَعْضِهَا خِلاَفٌ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ عِنْدَهُمْ بِأَحْكَامٍ تَثْبُتُ فِي الْبَدَنِ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَال غَالِبًا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ الْمُتَّبَعُ عِنْدَهُمْ، أَنَّهُ يَجْرِي التَّحْلِيفُ لأَِنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الدَّعَاوَى الَّتِي تَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ تَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ. (12)
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى بِهِمَا فِي الْحُقُوقِ وَالأَْمْوَال (13) ثُمَّ الأَْئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ.
وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لاَ يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلاَ تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ قَال أَحْمَدُ - ﵀ -: لَمْ أَسْمَعْ مَنْ مَضَى جَوَّزُوا الأَْيْمَانَ إِلاَّ فِي الأَْمْوَال وَالْعُرُوضِ خَاصَّةً كَمَا سَلَفَ.
الثَّانِي: يُسْتَحْلَفُ فِي الطَّلاَقِ وَالْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: إِذَا قَال ارْتَجَعْتُكِ فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْل رَجْعَتِكَ فَالْقَوْل قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَيَتَخَرَّجُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ فِي كُل حَقٍّ لآِدَمِيٍّ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لاَدَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (14)
وَهَذَا عَامٌّ فِي كُل مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي دَعْوَى الدِّمَاءِ بِذِكْرِهَا فِي الدَّعْوَى مَعَ عُمُومِ الأَْحَادِيثِ، وَلأَِنَّهَا دَعْوَى صَحِيحَةٌ فِي حَقٍّ لآِدَمِيٍّ، فَجَازَ أَنْ يَحْلِفَ فِيهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَدَعْوَى الْمَال (15) .
أَثَرُ التَّحْلِيفِ فِي الْخُصُومَةِ:
5 - الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَال لاَ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْحَقِّ. وَالْمَالِكِيَّةُ اعْتَدُّوا بِالْحَلِفِ وَقَالُوا: تَكُونُ الْيَمِينُ كَافِيَةً فِي إِسْقَاطِ الْخُصُومَةِ وَفِي مَنْعِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، إِلاَّ إِذَا كَانَ لِلْمُدَّعِي عُذْرٌ فِي عَدَمِ الإِْتْيَانِ بِالْبَيِّنَةِ وَذَلِكَ كَنِسْيَانٍ حِينَ تَحْلِيفِهِ خَصْمَهُ. (16) وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِثْبَاتٌ) فِقْرَةَ (17) . صِفَةُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ:
6 - يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِهِ، وَكَذَا فِعْل غَيْرِهِ إِنْ كَانَ إِثْبَاتًا، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.
وَجُمْلَةُ الأَْمْرِ أَنَّ الأَْيْمَانَ كُلَّهَا عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ إِلاَّ عَلَى نَفْيِ فِعْل الْغَيْرِ، فَإِنَّهَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. وَعَلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَال الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ: كُلُّهَا عَلَى الْعِلْمِ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ وَذَكَرَ أَحْمَدُ حَدِيثَ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ لاَ تَضْطَرُّوا النَّاسَ فِي أَيْمَانِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى مَا لاَ يَعْلَمُونَ (18) وَلأَِنَّهُ لاَ يُكَلَّفُ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَحَمَل ابْنُ قُدَامَةَ حَدِيثَ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى الْيَمِينِ عَلَى نَفْيِ فِعْل الْغَيْرِ (19) .
مِثَال الْبَتِّ: ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ ضَرَبَ فُلاَنًا وَاعْتَدَى عَلَيْهِ، فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ لأَِنَّهُ فِعْل النَّفْسِ.
مِثَال الْعِلْمِ: ادَّعَى أَحَدٌ دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ فِي مُوَاجِهَةِ وَارِثِهِ بِسَبَبٍ فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ: وَاللَّهِ لاَ أَعْلَمُ أَنَّ أَبِي فَعَل ذَلِكَ لِكَوْنِهِ فِعْلٌ لِلْغَيْرِ.
وَتَفَرَّدَ الْحَنَفِيَّةُ بِتَقْسِيمِ الْحَلِفِ إِلَى حَلِفٍ عَلَى السَّبَبِ أَوْ عَلَى الْحَاصِل.
وَالْمَقْصُودُ بِالسَّبَبِ: وُقُوعُ سَبَبِ الْحَقِّ الْمُدَّعَى أَوْ عَدَمُ وُقُوعِهِ.
وَالْمَقْصُودُ بِالْحَاصِل: بَقَاءُ الْعَقْدِ الْمُثْبِتِ لِلْحَقِّ أَوْ عَدَمُ بَقَائِهِ: أَنَّ الْعَقْدَ يَحْتَمِل الاِرْتِفَاعَ كَالنِّكَاحِ يَرْتَفِعُ بِالطَّلاَقِ، وَالْبَيْعِ بِالإِْقَالَةِ.
مِثَال الْحَلِفِ عَلَى السَّبَبِ: دَعْوَى عَقْدِ بَيْعٍ مُوجِبٍ لِتَمَلُّكِ عَيْنٍ وَالْكَفَالَةِ لاِشْتِغَال الذِّمَّةِ وَتَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ، فَهُوَ يَمِينٌ مُنْصَبٌّ عَلَى نَفْسِ السَّبَبِ الْمُؤَدِّي إِلَى حُصُول مُسَبَّبِهِ هَل هُوَ وَاقِعٌ أَوْ لاَ؟ .
وَالْحَلِفُ عَلَى الْحَاصِل: يَكُونُ فِي الأَْشْيَاءِ الَّتِي تَقَعُ ثُمَّ قَدْ تَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلاَقِ وَالْغَصْبِ، فَيَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِل بِاللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا نِكَاحٌ قَائِمٌ، وَمَا هِيَ بَائِنٌ مِنْكَ الآْنَ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ. أَيْ إِلَى الآْنَ لَمْ يَزَل حَاصِلاً بَاقِيًا أَمْ لاَ (20) .
قَال صَاحِبُ مُعِينِ الْحُكَّامِ: الاِسْتِحْلاَفُ عَلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالآْخَرُ عَلَى الْفِعَال الْحِسِّيَّةِ. أَمَّا الأَْوَّل فَهُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِل بِالْعَقْدِ بِاللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَكَ مَا ادَّعَى مِنَ الْحَقِّ، وَلاَ يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالإِْجَارَةُ وَالْكَفَالَةُ وَنَحْوُهَا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ بِاللَّهِ مَا اشْتَرَيْتُ، وَلاَ اسْتَأْجَرْتُ، وَلاَ كَفَلْتُ وَنَحْوِهَا، إِلاَّ أَنْ يَعْرِضَ لِلْقَاضِي فَيَقُول: كَمْ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ يَفْسَخُ الْعَقْدَ فَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْحَاصِل، لأَِنَّ الْيَمِينَ تَجِبُ عَلَى حَسَبِ الدَّعْوَى وَدَفْعِهِ، وَالدَّعْوَى وَقْعٌ فِي الْعَقْدِ لاَ فِي الْحَاصِل بِهِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الاِسْتِحْلاَفُ عَلَى الأَْفْعَال الْحِسِّيَّةِ وَهِيَ نَوْعَانِ:
نَوْعٌ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِل لاَ عَلَى السَّبَبِ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ إِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ وَالْمَسْرُوقُ قَائِمًا، يُحَلِّفُهُ بِاللَّهِ مَا هَذَا الثَّوْبُ لِهَذَا وَلاَ عَلَيْكَ تَسْلِيمُهُ وَلاَ تَسْلِيمُهُ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْقِيمَةِ لاَ غَيْرُ.
وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي وَهُوَ مَا إِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَضَعَ عَلَى حَائِطِهِ خَشَبَةً، أَوْ بَنَى عَلَيْهِ بِنَاءً، أَوْ أَجْرَى عَلَى سَطْحِهِ، أَوْ فِي دَارِهِ مِيزَابًا أَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ بَابًا، أَوْ رَمَى تُرَابًا فِي أَرْضِهِ أَوْ مَيْتَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، مِمَّا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ نَقْلُهُ وَأَرَادَ اسْتِحْلاَفَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ بِاللَّهِ مَا فَعَلْتُ هَذَا، لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي التَّحْلِيفِ هُنَا ضَرَرٌ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إِذْ بَعْدَمَا ثَبَتَ هَذَا الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ رَفْعِ هَذِهِ الأَْشْيَاءِ عَنْأَرْضِهِ، لاَ يَتَضَرَّرُ بِسُقُوطِهِ بِسَبَبٍ مِنَ الأَْسْبَابِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الاِبْتِدَاءِ أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَةَ عَلَى حَائِطِهِ أَوْ يُلْقِيَ الْمَيْتَةَ فِي أَرْضِهِ، كَانَ ذَلِكَ إِعَارَةً مِنْهُ، فَمَتَى بَدَا لَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِرَفْعِهِ، وَإِنْ بَاعَ مِنْهُ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّ هَذَا بَيْعُ الْحَقِّ وَبَيْعُ الْحَقِّ لاَ يَجُوزُ. أ. هـ. أَيْ فَهَذِهِ الأَْفْعَال الْحِسِّيَّةُ كَالأَْسْبَابِ الَّتِي لاَ تَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ نَحْوِ دَعْوَى الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْعِتْقَ عَلَى مَوْلاَهُ، فَالتَّحْلِيفُ عَلَى السَّبَبِ لاَ يَضُرُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (21)
حَقُّ التَّحْلِيفِ:
7 - إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْخَصْمِ قَبْل أَنْ يُكَلِّفَهُ الْحَاكِمُ فَلاَ تُعْتَبَرُ يَمِينُهُ، وَيَلْزَمُ أَنْ يَحْلِفَ مِنْ قِبَل الْحَاكِمِ مَرَّةً أُخْرَى.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي اسْتِحْلاَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلاَّ بَعْدَ طَلَبِ الْيَمِينِ مِنَ الْمُدَّعِي لأَِنَّهُ حَقٌّ لَهُ، فَلاَ يَسْتَوْفِيهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ.
وَلاَ يَعْتَدُّ بِتَحْلِيفِ قَاضٍ قَبْل مُطَالَبَةِ الْمُدَّعِي، لأَِنَّهَا يَمِينٌ قَبْل وَقْتِهَا، لِلْمُدَّعِي أَنْ يُطَالِبَ بِإِعَادَتِهَا. (22)
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ خَمْسَةَ مَوَاطِنَ:
الأَْوَّل: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنَ التَّرِكَةِ حَقًّا بِالإِْجْمَاعِ. الثَّانِي: إِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدٌ الْمَال.
الثَّالِثُ: لَوْ أَرَادَ مُشْتَرٍ رَدَّ مَبِيعٍ لِعَيْبِهِ.
الرَّابِعُ: تَحْلِيفُ الْحَاكِمِ الشَّفِيعَ عِنْدَ الْحُكْمِ لَهُ بِالشُّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُبْطِل شُفْعَتَهُ.
وَالْخَامِسُ: الْمَرْأَةُ، إِذَا طَلَبَتْ فَرْضَ نَفَقَةٍ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ (23) . (ر: إِثْبَاتٌ) - فِقْرَةَ (24) (25) .
النِّيَّةُ فِي التَّحْلِيفِ:
8 - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ. (26)
إِذِ الْمَقْصُودُ هُوَ التَّرْهِيبُ وَرَدْعُ الْحَالِفِ عَنْ جُحُودِهِ خَوْفًا مِنَ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ. (27)
وَقَال الْغَزَالِيُّ: وَيُنْظَرُ فِي الْيَمِينِ إِلَى نِيَّةِ الْقَاضِي وَعَقِيدَتِهِ، فَلاَ يَصِحُّ تَوْرِيَةُ الْحَالِفِ وَلاَ قَوْلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِحَيْثُ لاَ يَسْمَعُ الْقَاضِي. (28) وَأَتَى ابْنُ قُدَامَةَ (29) بِمِثَالٍ لِلْحَالِفِ مَظْلُومًا وَهِيَ وَاقِعَةٌ حَصَلَتْ لِلصَّحَابِيِّ سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ ﵁. قَال سُوَيْدٌ: خَرَجْنَا نُرِيدُ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَمَعَنَا وَائِل بْنُ حُجْرٍ فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا، فَحَلَفْتُ أَنَّهُ أَخِي. فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَال: أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَصْدَقُهُمْ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ. (30)
قَال ابْنُ قُدَامَةَ وَالْحَال الثَّالِثَةُ: لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا وَلاَ مَظْلُومًا قَال: فَظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَهُ تَأْوِيلُهُ وَأَوْرَدَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال يَا رَسُول اللَّهِ احْمِلْنِي فَقَال: إِنِّي حَامِلُكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ مَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ وَهَل تَلِدُ الإِْبِل إِلاَّ النُّوقُ. (31)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ - عَدَا ابْنُ الْقَاسِمِ -: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ، وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ فَيَنْفَعُهُ الاِسْتِثْنَاءُ فَلاَ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَكِنْ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَانْظُرِ التَّفْصِيل فِي بَحْثِ (أَيْمَانٌ (1) ف 153 فَمَا بَعْدَهَا) .
وَقَدْ تَوَسَّعَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي ذَلِكَ فَلْيُنْظَرْ فِي مَوْضِعِهِ. (32)
__________
(1) لسان العرب في المادة ط بيروت.
(2) الفروق في اللغة ص 47 ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس 2 / 98 ومطالب أولي النهى 6 / 357 ومجلة الأحكام العدلية م 1681.
(3) حديث: " احلف بالله الذي لا إله إلا هو، ماله. . . " أخرجه أبو داود (4 / 41 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عبد الله بن عباس.
(4) حديث: " بينتك وإلا فيمينه " أخرجه البيهقي (10 / 178 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث الأشعث بن قيس، وأصله في البخاري (الفتح 5 / 73 - ط السلفية) ومسلم (1 / 123 - ط الحلبي) .
(5) سورة البقرة / 22.
(6) شرح فتح القدير 7 / 182، وحاشية الدسوقي 2 / 192، مغني المحتاج للشربيني 4 / 473، والمغني لابن قدامة 8 / 718.
(7) حديث: " ألا إن الله ينهاكم أن. . . " أخرجه بروايتيه البخاري (الفتح 11 / 530 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1266 - 1267 - ط الحلبي) .
(8)
(9)
(10) حديث: " ألا إن الله ينهاكم أن. . . " أخرجه بروايتيه البخاري (الفتح 11 / 530 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1266 - 1267 - ط الحلبي) .
(11) حديث: " لو سترته بثوبك كان خيرا لك ". أخرجه أبو داود (4 / 541 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.
(12) البدائع 6 / 227، حاشية الدسوقي 4 / 227، الوجيز للغزالي 2 / 265، المغني لابن قدامة 9 / 237، تبصرة الحكام 1 / 169، جواهر الإكليل 2 / 228، شرح الروض من أسنى المطالب 4 / 402، نهاية المحتاج 8 / 295 - 296، روضة القضاة وطريق النجاة ص 283، المهذب 2 / 302.
(13) حديث: " قضى بالرجل واليمين. . . " عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قضى بيمين وشاهد. أخرجه مسلم (3 / 1337 - ط الحلبي) .
(14) حديث: " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم ". أخرجه البخاري (الفتح 8 / 213 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1336 ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس واللفظ لمسلم
(15) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 150، المغني لابن قدامة 9 / 238.
(16) بدائع الصنائع 6 / 229، نهاية المحتاج 8 / 335، كشاف القناع 4 / 285.
(17)
(18) حديث: " لا تضطروا الناس في أيمانهم " أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8 / 494 - ط المجلس العلمي بالهند) من حديث القاسم بن عبد الرحمن مرسلا.
(19) بدائع الصنائع 6 / 228، ومجلة الأحكام العدلية م 355، والدر 4 / 426، ومغني المحتاج 4 / 473، المغني 9 / 231.
(20) شرح المجلة للأتاسي 5 / 414 - 418.
(21) شرح المجلة للأتاسي 5 / 420.
(22) بدائع الصنائع 6 / 224، المهذب للشيرازي 2 / 300.
(23) شرح مجلة الأحكام العدلية للأتاسي 5 / 410.
(24)
(25)
(26) حديث: " يمينك على ما يصدقك به صاحبك " أخرجه مسلم (3 / 1274 - ط الحلبي) .
(27) بدائع الصنائع 3 / 20 والدسوقي 2 / 138 و 139، مغني المحتاج 4 / 475، المغني لابن قدامة 8 / 727.
(28) انظر القوانين الفقهية ص 202، والدسوقي 2 / 138، والوجيز 2 / 265.
(29) المغني 8 / 728.
(30) حديث سويد بن حنظلة: خرجنا نريد رسول الله ﷺ. . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 685 - ط الحلبي) وأبو داود (3 / 573 - تحقيق عزت عبيد دعاس) .
(31) حديث: " إني حاملك على ولد الناقة. . . " أخرجه الترمذي (4 / 357 - الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".
(32) المغني 8 / 728 - 729، وكشاف القناع 6 / 338.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 78/ 18
التَّعْرِيفُ
1 - الْحِلْفُ لُغَةً الْعَهْدُ، وَقَدْ حَالَفَ فُلاَنٌ فُلاَنًا إِذَا عَاهَدَهُ وَعَاقَدَهُ. فَهُوَ حَلِيفُهُ، وَتَحَالَفُوا أَيْ تَعَاهَدُوا، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ: حَالَفَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَْنْصَارِ فِي دَارِي أَيْ آخَى بَيْنَهُمْ. (1)
وَقَال ابْنُ الأَْثِيرِ: أَصْل الْحِلْفِ الْمُعَاقَدَةُ وَالْمُعَاهَدَةُ عَلَى التَّنَاصُرِ وَالتَّسَاعُدِ وَالاِتِّفَاقِ، وَقَال ابْنُ سِيدَهْ: سُمِّيَ الْحِلْفُ حِلْفًا لأَِنَّهُ لاَ يُعْقَدُ إِلاَّ بِالْحَلِفِ، أَيْ يُؤَكَّدُ بِالأَْيْمَانِ. (2)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمُؤَاخَاةُ وَالْمُوَالاَةُ:
2 - قَال الْقُرْطُبِيُّ: مَعْنَى الْمُؤَاخَاةِ أَنْ يَتَعَاقَدَ الرَّجُلاَنِ عَلَى التَّنَاصُرِ وَالْمُوَاسَاةِ وَالتَّوَارُثِ حَتَّى يَصِيرَا كَالأَْخَوَيْنِ نَسَبًا، وَقَدْ يُسَمَّى ذَلِكَ حِلْفًا (3) . وَإِذَا تَحَالَفَا عَلَى ذَلِكَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْلًى لِلآْخَرِ بِالْمُوَالاَةِ (وَانْظُرْ: وَلاَءٌ) .
ب - الْمُهَادَنَةُ:
3 - الْمُهَادَنَةُ: الْمُصَالَحَةُ بَعْدَ الْحَرْبِ.
ج - الأَْمَانُ:
4 - الأَْمَانُ لُغَةً السَّلاَمَةُ، وَاصْطِلاَحًا: رَفْعُ اسْتِبَاحَةِ دَمِ الْحَرْبِيِّ وَرِقِّهِ وَمَالِهِ حِينَ قِتَالِهِ، أَوِ الْعَزْمِ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الإِْسْلاَمِ. (4)
الأَْحْلاَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ:
5 - كَانَتِ الأَْحْلاَفُ تُعْقَدُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَ فَرْدٍ وَقَبِيلَةٍ، أَوْ بَيْنَ فَرْدٍ وَفَرْدٍ، أَوْ بَيْنَ قَبِيلَةٍ وَقَبِيلَةٍ.
فَمِمَّا كَانَ بَيْنَ الْقَبَائِل حِلْفُ الْمُطَيَّبِينَ مِنْ قُرَيْشٍ. قَال ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: وَهُمْ عَبْدُ مَنَافٍ، وَأَسَدٌ، وَزُهْرَةُ، وَتَيْمٌ رَهْطُ أَبِي بَكْرٍ ﵁. سُمُّوا بِذَلِكَ لَمَّا أَرَادَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ أَخْذَ مَا فِي يَدَيْ عَبْدِ الدَّارِ مِنَ الْحِجَابَةِ وَالرِّفَادَةِ وَاللِّوَاءِ وَالسِّقَايَةِ، وَأَبَتْ بَنُو عَبْدُ الدَّارِ، فَأَخْرَجَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ جَفْنَةً مَمْلُوءَةً طِيبًا فَوَضَعُوهَا لأَِحْلاَفِهِمُ الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ غَمَسُوا أَيْدِيهمْ فِيهَا وَتَعَاقَدُوا ثُمَّ مَسَحُوا الْكَعْبَةَ بِأَيْدِيهِمْ تَوْكِيدًا لِلْيَمِينِ فَسُمُّوا الْمُطَيَّبِينَ. وَتَعَاقَدَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وَحُلَفَاؤُهَا وَهُمْ جُمَحُ وَسَهْمٌ وَمَخْزُومٌ وَعَدِيُّ بْنُ كَعْبٍ رَهْطُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ عَلَى مَا أَرَادُوا مِنْ ذَلِكَ الأَْمْرِ، فَسُمُّوا الأَْحْلاَفَ.
فَكَانَ يُقَال لأَِبِي بَكْرٍ إِنَّهُ (مُطَيَّبِيٌّ) وَلِعُمَرَ إِنَّهُ (أَحْلاَفِيٌّ) . (5)
وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ فِي قُرَيْشٍ حِلْفٌ آخَرُ هُوَ حِلْفُ الْفُضُول، وَقَدْ شَهِدَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِنَفْسِهِ قَبْل الْبَعْثَةِ، وَكَانَ سِنُّهُ إِذْ ذَاكَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ عَامًا، وَقَدْ قَال فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ: لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الإِْسْلاَمِ لأََجَبْتُ. (6) زَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: تَحَالَفُوا أَنْ تُرَدَّ الْفُضُول عَلَى أَهْلِهَا، وَأَلاَّ يَعِزَّ ظَالِمٌ مَظْلُومًا وَمَعْنَى لأََجَبْتُ أَيْ لَنَصَرْتُ الْمَظْلُومَ إِذَا دَعَا بِهِ. وَالْبُطُونُ الَّتِي تَحَالَفَتْ هَذَا الْحِلْفَ مِنْ قُرَيْشٍ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، وَبَنُو أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَبَنُو زُهْرَةَ، وَبَنُو تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، وَمِنْ بَنِي تَيْمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُدْعَانَ الَّذِي عُقِدَ الْحِلْفُ فِي دَارِهِ، تَعَاقَدُوا وَتَعَاهَدُوا عَلَى أَنْ لاَ يَجِدُوا بِمَكَّةَ مَظْلُومًا مِنْ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ دَخَلَهَا مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إِلاَّ قَامُوا مَعَهُ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ حَتَّى تُرَدَّ عَلَيْهِ مَظْلَمَتُهُ (7) .
وَأَمَّا بَيْنَ الأَْفْرَادِ فَقَدْ كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ يُعَاقِدُ الرَّجُل مِنْهُمُ الآْخَرَ فَيَقُول: " دَمِي دَمُكَ، وَهَدْمِي هَدْمُكَ، وَثَأْرِي ثَأْرُكَ، وَحَرْبِي حَرْبُكَ، وَسِلْمِي سِلْمُكَ، وَتَرِثُنِي وَأَرِثُكَ، وَتُطْلَبُ بِي وَأُطْلَبُ بِكَ، وَتَعْقِل عَنِّي وَأَعْقِل عَنْكَ " فَإِذَا قَبِل الآْخَرُ نَفَذَ بَيْنَهُمَا هَذَا التَّحَالُفُ. وَكَانَ الْمُتَحَالِفَانِ يَتَنَاصَرَانِ فِي كُل شَيْءٍ، فَيَمْنَعُ الرَّجُل حَلِيفَهُ وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا، وَيَقُومُ دُونَهُ، وَيَدْفَعُ عَنْهُ بِكُل مُمْكِنٍ، حَتَّى يَمْنَعَ الْحُقُوقَ وَيَنْتَصِرَ بِهِ الظَّالِمُ فِي الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ وَالْعِنَادِ. (8)
وَالتَّحَالُفُ بَيْنَ الأَْفْرَادِ عَلَى نَوْعَيْنِ: فَقَدْ يَكُونُ الاِلْتِزَامُ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ يَلْتَجِئَ رَجُلٌ قَدْ تَرَكَ عَشِيرَتَهُ، أَوْ لاَ عَشِيرَةَ لَهُ، إِلَى رَجُلٍ ذِي مَنَعَةٍ فَيُحَالِفَهُ لِيَحْمِيَهُ وَيَتَحَمَّل عَنْهُ جَرَائِرَهُ، دُونَ الْتِزَامٍ مِنْ قِبَل الضَّعِيفِ بِالنُّصْرَةِ أَوِ الْعَقْل (الدِّيَةِ) ، وَقَدْ كَانَ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَاسْتَمَرَّ فِي الإِْسْلاَمِ، فَكَانَ الأَْعْجَمِيُّ يُوَالِي فِي الْعَرَبِ، وَقَدْ يَكُونُ الاِلْتِزَامُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ بِأَنْ يَنْصُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآْخَرَ وَيَرِثَهُ وَيَعْقِل عَنْهُ. (9)
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْحِلْفِ:
أَوَّلاً: التَّحَالُفُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمٍ:
6 - لاَ يُعْرَفُ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ التَّحَالُفَ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ عَلَى أَنْ يَنْصُرَ كُلٌّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ الآْخَرَ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَعَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِل، أَوْ عَلَى أَنْ يَرِثَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآْخَرَ دُونَ ذَوِي قَرَابَتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْحِلْفَ يَكُونُ بَاطِلاً، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّنَاصُرُ عَلَى الْبَاطِل، وَلاَ عَلَى مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (10) وَلِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالُوا يَا رَسُول اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا، قَال: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ (11) قَال الْجَصَّاصُ: " كَانَ حِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يُعَاقِدَهُ فَيَقُول: دَمِي دَمُكَ وَهَدْمِي هَدْمُكَ وَتَرِثُنِي وَأَرِثُكَ، وَكَانَ فِي هَذَا الْحِلْفِ أَشْيَاءُ قَدْ حَظَرَهَا الإِْسْلاَمُ، وَهُوَ أَنَّهُ يُشْرَطُ أَنْ يُحَامِيَ عَنْهُ وَيَبْذُل دَمَهُ دُونَهُ وَيَهْدِمَ مَا يَهْدِمُهُ فَيَنْصُرَهُ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِل، وَقَدْ أَبْطَلَتِ الشَّرِيعَةُ هَذَا الْحِلْفَ، وَأَوْجَبَتْ مَعُونَةَ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ حَتَّى يَنْتَصِفَ مِنْهُ ". (12)
وَكَذَا وَرَدَ فِي الْمِيرَاثِ الآْيَاتُ الْكَرِيمَةُ الَّتِي حَدَّدَتْ نَصِيبَ كُل وَارِثٍ، وَقَدْ قَال تَعَالَى فِي آيَاتِ الْمَوَارِيثِ: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (13) فَمَنْ جَعَل مِيرَاثَهُ لِمَنْ وَالاَهُ وَعَاقَدَهُ دُونَ مَنْ جَعَل اللَّهُ تَعَالَى لَهُمُ الْمِيرَاثَ، نَاقَضَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ، فَبَطَل عَقْدُهُ، وَحُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى نَافِذٌ.
7 - أَمَّا التَّحَالُفُ عَلَى الْخَيْرِ وَالنُّصْرَةِ عَلَى الْحَقِّ وَعَلَى الْعَقْل وَالتَّوَارُثِ لِمَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ. فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ: لاَ حِلْفَ فِي الإِْسْلاَمِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِْسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً وَفِي رِوَايَةٍ وَلَكِنْ تَمَسَّكُوا بِحِلْفِ الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ لاَ حِلْفَ فِي الإِْسْلاَمِ وَحِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ مَشْدُودٌ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ: فُوا بِحِلْفٍ فَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُهُ الإِْسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً وَلاَ تُحْدِثُوا حِلْفًا فِي الإِْسْلاَمِ (14) . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ.
8 - أ - فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُحَالِفَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا حَتَّى بَعْدَ وُرُودِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْعَقْل وَالْمِيرَاثِ - وَلاَ يَرِثُ إِلاَّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَأْتِي بَيَانُهُ - وَعَلَى النُّصْرَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَالرِّفَادَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعَاوُنِ.
وَقَالُوا إِنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: نَفْيُ الْحِلْفِ عَلَى الأُْمُورِ الَّتِي كَانُوا يَتَعَاقَدُونَ عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَحَظَرَهَا الإِْسْلاَمُ، وَهِيَ أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِل وَيَرِثَهُ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ (15) وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِالأَْدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَبِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَابْنُ أُخْتِهِمْ مِنْهُمْ وَحَلِيفُهُمْ مِنْهُمْ (16) .
وَقَالُوا: إِنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ﵃.
ثُمَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَدْ تَكُونُ الْمُوَالاَةُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ وَالَى صَبِيٌّ عَاقِلٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ صَحَّ، أَوْ وَالَى الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ آخَرَ يَصِحُّ كَذَلِكَ، وَيَكُونُ وَكِيلاً عَنْ سَيِّدِهِ بِعَقْدِ الْمُوَالاَةِ، وَلِمَنْ وَالَى رَجُلاً أَنْ يَنْقُل وَلاَءَهُ إِلَى غَيْرِهِ إِنْ لَمْ يَعْقِل عَنْهُ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ، وَلَوْ عَقَل عَنْهُ بَيْتُ الْمَال فَوَلاَؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلاَ يَنْتَقِل عَنْ وَلاَئِهِمْ إِلَى وَلاَءٍ خَاصٍّ، وَلاَ بُدَّ فِي عَقْدِ الْمُوَالاَةِ أَنْ يُشْتَرَطَ الْعَقْل (أَيْ تَحَمُّل الدِّيَةِ) وَالإِْرْثُ (17) .
وَفِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ: بَل مُجَرَّدُ الْعَقْدِ كَافٍ بِأَنْ يَقُول: وَالَيْتُكَ، وَيَقُول الآْخَرُ: قَبِلْتُ، فَيَنْعَقِدَ الْعَقْدُ وَيَرِثَ الْقَابِل، وَهَذَا إِجْمَالٌ يُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (وَلاَءٌ) .
وَقَدْ أَوْرَدَ الطَّحَاوِيُّ فِي (شُرُوطِهِ) صِيغَةً لِعَقْدِ الْمُوَالاَةِ مُسْتَوْفِيَةً لِلشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (18) .
9 - ب - وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى الأَْخْذِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ أَحْلاَفَ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْتَمِرُّ التَّنَاصُرُ بِهَا حَتَّى بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ، لَكِنْ لاَ يَكُونُ إِلاَّ تَنَاصُرًا عَلَى الْحَقِّ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ، وَلاَ تَقْتَضِي مِيرَاثًا لِكَوْنِ التَّوَارُثِ بِهَا مَنْسُوخًا، لَكِنِ الأَْحْلاَفُ الَّتِي عُقِدَتْ فِي الإِْسْلاَمِ، أَوْ تُعْقَدُ مِنْ بَعْدِ وُرُودِ الْحَدِيثِ مَنْقُوضَةٌ، لِكَوْنِ هَذَا الْحَدِيثِ نَاسِخًا لإِِجَازَةِ التَّحَالُفِ الَّتِي عُمِل بِهَا فِي أَوَّل الإِْسْلاَمِ فَقَدْ أُمِرُوا أَنْ لاَ يُنْشِئُوا بَعْدَ ذَلِكَ مُعَاقَدَةً كَمَا عَبَّرَ ابْنُ كَثِيرٍ (19) .
وَوَجْهُهُ أَنَّ الإِْسْلاَمَ وَحَّدَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ بِمَعْنَى تَحَالُفٍ شَامِلٍ لِكُل الْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي التَّنَاصُرَ وَالتَّعَاوُنَ بَيْنَهُمْ عَلَى مَنْ قَصَدَ بَعْضَهُمْ بِظُلْمٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (20) وَقَوْلِهُ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (21)
وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا (22) وَقَوْلِهِ: لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ (23) وَقَوْلِهِ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ (24) . وَقَوْلِهِ: الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهْم يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ (25) . فَمَنْ كَانَ قَائِمًا بِوَاجِبِ الإِْيمَانِ كَانَ أَخًا لِكُل مُؤْمِنٍ، وَوَجَبَ عَلَى كُل مُؤْمِنٍ أَنْ يَقُومَ بِحُقُوقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ خَاصٌّ، فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَدْ عَقَدَا الأُْخُوَّةَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانِي (26) وَمَنْ لَمْ يَكُنْ خَارِجًا عَنْ حُقُوقِ الإِْيمَانِ وَجَبَ أَنْ يُعَامَل بِمُوجَبِ ذَلِكَ، فَيُحْمَدُ عَلَى حَسَنَاتِهِ وَيُوَالَى عَلَيْهَا وَيُنْهَى عَنْ سَيِّئَاتِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَيْهَا. كَفُسَّاقِ أَهْل الْمِلَّةِ إِذْ هُمْ مُسْتَحِقُّونَ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَلِلْمُوَالاَةِ وَالْمُعَادَاةِ (27) .
قَالُوا: وَأَمَّا اسْتِمْرَارُ الْعَمَل بِأَحْلاَفِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي التَّنَاصُرِ فَيُؤَيِّدُهُ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الإِْسْلاَمِ لأََجَبْتُ أَيْ لَنَصَرْتُ الْمُسْتَنْصِرَ بِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ شَهِدْتُ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ وَأَنَا غُلاَمٌ مَعَ عُمُومَتِي فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّي أَنْكُثُهُ (28) . وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ الْحَدُّ الْفَاصِل بَيْنَ مَا هُوَ مِنْ أَحْلاَفِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَبْطُل مِنْهُ مَا يُخَالِفُ حُكْمَ الإِْسْلاَمِ، وَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى حَالِهِ، فَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهُ فِي الإِْسْلاَمِ، وَبَيْنَ مَا هُوَ مِنْ أَحْلاَفِ الإِْسْلاَمِ فَيُنْقَضُ. فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كَانَ قَبْل نُزُول الآْيَةِ - يَعْنِي {وَأُولُو الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (29) - فَهُوَ جَاهِلِيٌّ، وَمَا بَعْدَهَا إِسْلاَمِيٌّ، وَعَنْ عَلِيٍّ: مَا كَانَ قَبْل نُزُول {لإِِيلاَفِ قُرَيْشٍ} (30) جَاهِلِيٌّ، وَمَا بَعْدَهَا إِسْلاَمِيٌّ، وَعَنْ عُثْمَانَ: مَا كَانَ قَبْل الْهِجْرَةِ فَهُوَ جَاهِلِيٌّ وَمَا بَعْدَهَا إِسْلاَمِيٌّ. وَعَنْ عُمَرَ: كُل حِلْفٍ كَانَ قَبْل الْحُدَيْبِيَةِ فَهُوَ مَشْدُودٌ وَكُل حِلْفٍ بَعْدَهَا مَنْقُوضٌ.
قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَأَظُنُّ قَوْل عُمَرَ أَقْوَاهَا (31) . أَيْ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ آخَى بَيْنَهُمْ فِي الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ يَنْفِي الْقَوْلَيْنِ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ.
10 - وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُعْقَدَ حِلْفٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمٍ عَلَى التَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ وَالنَّصِيحَةِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ حَتَّى وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ وُرُودِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلاَ تَوَارُثَ بِهِ. قَال النَّوَوِيُّ: " الْمُؤَاخَاةُ فِي الإِْسْلاَمِ، وَالْمُحَالَفَةُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَالتَّنَاصُرُ فِي الدِّينِ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَإِقَامَةِ الْحَقِّ، هَذَا بَاقٍ لَمْ يُنْسَخْ " قَال وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ فِي هَذِهِ الأَْحَادِيثِ: وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِْسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً وَأَمَّا قَوْلُهُ ﷺ: لاَ حِلْفَ فِي الإِْسْلاَمِ فَالْمُرَادُ بِهِ حِلْفُ التَّوَارُثِ وَالْحِلْفُ عَلَى مَا مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهُ (32) .
أَطْوَارُ التَّوَارُثِ بِالْحَلِفِ فِي الإِْسْلاَمِ:
11 - لاَ تَخْتَلِفُ كَلِمَةُ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ التَّوَارُثَ بِالْحِلْفِ كَانَ مَعْمُولاً بِهِ أَوَّلاً فِي الإِْسْلاَمِ، وَقَدْ آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارِ فَكَانَ لِكُل رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَخٌ مِنَ الأَْنْصَارِ (33) ، وَتَوَارَثُوا بِذَلِكَ، فَكَانَ الأَْنْصَارِيُّ إِذَا مَاتَ يَرِثُهُ أَخُوهُ الْمُهَاجِرِيُّ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ مِنْهَا:
1 - مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَالطَّبَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} (34) قَال: وَرَثَةً {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} (35) . قَال: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَرِثَ الْمُهَاجِرُ الأَْنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلأُْخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نُسِخَتْ. ثُمَّ قَال {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إِلاَّ النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ وَالنَّصِيحَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ (36) .
وَنَقَل الطَّبَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ " كَانَ الرَّجُل يُحَالِفُ الرَّجُل لَيْسَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ فَيَرِثُ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ، فَنُسِخَ ذَلِكَ " (37) وَعَاقَدَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ مَوْلًى فَوَرِثَهُ (38) .
وَلاَ تَخْتَلِفُ كَلِمَةُ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ التَّوَارُثَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ مَنْسُوخٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي النَّاسِخِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: النَّاسِخُ قَوْله تَعَالَى: {وَأُولُو الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (39) وَقِيل: بَل الَّتِي فِي آخِرِ الأَْنْفَال (40) .
وَقِيل: بَل قَوْله تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَْقْرَبُونَ} أَيْ يَرِثُونَ كُل الْمَال، وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} أَيْ مِنَ النَّصِيحَةِ وَالنَّصْرِ، دُونَ الْمِيرَاثِ، وَهَذَا قَوْل الطَّبَرِيِّ.
وَقِيل: حَصَل النَّسْخُ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ، فَنُسِخَ الأَْوَّل بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} أَيْ وَرَثَةً يَرِثُونَ، وَالْمَوْلَى هُنَا هُوَ الْقَرِيبُ كَالأَْخِ وَابْنِ الْعَمِّ، مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَْقْرَبُونَ، وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ.
وَقُرِئَ: (عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ شَهِيدًا) فَقَدْ نَسَخَتِ انْفِرَادَ الْحَلِيفِ لِكُل الْمَال، وَجَمَعَتْ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الْمَال لِلأَْقَارِبِ، وَأَمَرَتْ بِإِعْطَاءِ الْحَلِيفِ نَصِيبًا، فَكَانُوا يُعْطُونَهُ السُّدُسَ، قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ شَهِيدًا} أَيْ قَدْ شَهِدَ مُعَاقَدَتَكُمْ إِيَّاهُمْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْوَفَاءَ. قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ.
قَال قَتَادَةُ: " كَانَ الرَّجُل يُعَاقِدُ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِْسْلاَمُ أُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ وَهُوَ السُّدُسُ، ثُمَّ نُسِخَ بِالْمِيرَاثِ، فَقَال: {وَأُولُو الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} .
قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِثْل ذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَال: وَيُنَزَّل حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى هَذَا. ثُمَّ نُسِخَ هَذَا بِآيَةِ سُورَةِ الأَْحْزَابِ. وَخُصَّ الْمِيرَاثُ بِالْعَصَبَةِ، وَبَقِيَ لِلْمُعَاقِدِ النَّصْرُ وَالإِْرْفَادُوَغَيْرُهُمَا. قَال وَعَلَى هَذَا يَتَنَزَّل بَقِيَّةُ الآْثَارِ، لَكِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ النَّاسِخِ الثَّانِي (41) .
التَّوَارُثُ بِالْحِلْفِ:
12 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِرْثِ الْحَلِيفِ مِنْ حَلِيفِهِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ مِيرَاثَ الْحَلِيفِ مَنْسُوخٌ أَصْلاً، فَلاَ تَوَارُثَ بِالْحِلْفِ، وَإِنَّمَا الْمِيرَاثُ بِرَحِمٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلاَءٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلاَءِ فَتَرِكَتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ فَتَكُونُ لِبَيْتِ الْمَال.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّ إِرْثَ الْحَلِيفِ بَاقٍ، قَالُوا: يَرِثُ الْحَلِيفُ كُل الْمَال، لَكِنْ بَعْدَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ وَلاَ وَارِثٌ بِنِكَاحٍ وَلاَ مَوْلَى عَتَاقَةٍ فَمِيرَاثُهُ لِحَلِيفِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَال. وَنَقَل الْجَصَّاصُ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ مَسْعُودٍ ﵄ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمِ وَالزُّهْرِيِّ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأُمُورٍ مِنْهَا:
أ - قَوْله تَعَالَى: {وَأُولُو الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} فَإِنَّ " أَوْلَى " صِيغَةُ تَفْضِيلٍ تُثْبِتُ أَصْل الْمِيرَاثِ لِلْحَلِيفِ، لَكِنْ تَجْعَل الْقَرِيبَ أَوْلَى مِنْهُ. قَال الْجَصَّاصُ: جَعَلَتِ الآْيَةُ ذَوِي الأَْرْحَامِ أَوْلَى مِنْ مَوَالِي الْمُعَاقَدَةِ، فَنُسِخَ مِيرَاثُهُمْ فِي حَال وُجُودِ الْقَرَابَاتِ، وَهُوَ بَاقٍ لَهُمْ إِذَا فُقِدَ الأَْقْرِبَاءُ، عَلَى الأَْصْل الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، فَمَتَى فُقِدُوا وَجَبَ مِيرَاثُ الْحَلِيفِ بِقَضِيَّةِ الآْيَةِ، إِذْ كَانَتْ إِنَّمَا نَقَلَتْ مَا كَانَ لِلْحُلَفَاءِ إِلَى ذَوِي الأَْرْحَامِ إِذَا وُجِدُوا، فَإِذَا لَمْ يُوجَدُوا فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلاَ فِي السُّنَّةِ مَا يُوجِبُ نَسْخَهَا (42) اهـ.
ب - رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَال: كَتَبَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى كُل بَطْنٍ عُقُولَهُ. ثُمَّ كَتَبَ: أَنَّهُ لاَ يَحِل لِمُسْلِمٍ أَنْ يَتَوَالَى مَوْلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ (43) .
فَأَجَازَتْ أَنْ يَتَحَوَّل الرَّجُل عَنْ مُوَالاَةِ قَوْمٍ إِلَى مُوَالاَةِ غَيْرِهِمْ بِإِذْنِهِمْ، فَهَذَا فِي مَوْلَى التَّعَاقُدِ، لأَِنَّ وَلاَءَ الْعَتَاقَةِ لاَ يَتَحَوَّل (44) ، لِمَا فِي الْحَدِيثِ: الْوَلاَءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ (45) .
ج - مَا رَوَى تَمِيمٌ الدَّارِيُّ أَنَّهُ قَال: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُل مِنْ أَهْل الشِّرْكِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ (46) يَعْنِي مَحْيَاهُ فِي تَحَمُّل الْعَقْل عَنْهُ وَمَمَاتَهُ فِي الإِْرْثِ عَنْهُ (47) وَلِمَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ التَّوَارُثِ بِالْحِلْفِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (إِرْثٌ) .
د - مَا رُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ ﵁ كَانَ قَدْ عَاقَدَ رَجُلاً يُسَمَّى زَيْدَ بْنَ الْحَتَّاتِ، فَمَاتَ فَحَازَ مُعَاوِيَةُ ﵁ مِيرَاثَهُ.
هـ - وَاسْتَدَلُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ وَارِثٍ، قَالُوا: إِنْ وَصَّى لِغَيْرِ وَارِثٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ، فَمَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، جَازَتِ الْوَصِيَّةُ، فَكَذَا هَذَا.
وَانْظُرْ لِتَمَامِ الْقَوْل فِي حُكْمِ التَّوَارُثِ بِالْحِلْفِ مُصْطَلَحَ (إِرْثٌ - 52) .
أَحْكَامُ الْحَلِيفِ فِي غَيْرِ التَّوَارُثِ:
13 - ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ لِلْحَلِيفِ تَزْوِيجَ الْمَرْأَةِ فَهُوَ أَحَدُ أَوْلِيَائِهَا. لَكِنَّ تَرْتِيبَهُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ وَذَوِي الأَْرْحَامِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ. وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لاَ وِلاَيَةَ فِي التَّزْوِيجِ لِذَوِي الأَْرْحَامِ وَلاَ لِمَوْلَى الْمُوَالاَةِ وَهُوَ الْحَلِيفُ. وَاخْتَلَفَ النَّقْل عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَقِيل: قَوْلُهُ كَقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَقِيل: كَقَوْل مُحَمَّدٍ (48) .
وَلَيْسَ لِلْحَلِيفِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ فِي وِلاَيَةِ التَّزْوِيجِ مَدْخَلٌ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ فِي أَوْلَوِيَّةِ الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ: إِنَّ الأَْوْلِيَاءَ فِيهَا عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي النِّكَاحِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لِلْحَلِيفِ وِلاَيَةً فِيهَا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي النِّكَاحِ مِنَ التَّرْتِيبِ (49) .
وَقَال الْجُمْهُورُ: لاَ عَقْل بِالْحِلْفِ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ الرَّجُل وَعَشِيرَتَهُ يَعْقِلُونَ عَنْ مَوْلاَهُ بِالْوَلاَءِ، وَإِذَا عَقَل عَنْهُ لَزِمَهُ الْوَلاَءُ فَلاَ يَنْتَقِل عَنْهُ بَعْدُ إِلاَّ بِرِضَاهُ (50) . وَلُزُومُ الْعَقْل عَنْ مَوْلَى الْمُوَالاَةِ مَنْقُولٌ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ (51) . (وَانْظُرْ: عَاقِلَةٌ) .
ثَانِيًا: التَّحَالُفُ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ:
14 - يَرِدُ هُنَا الْخِلاَفُ الْمُتَقَدِّمُ فِي مُحَالَفَةِ الْفَرْدِ لِلْفَرْدِ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَوَارُثَ هُنَا وَلاَ تَعَاقُل، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْحِلْفِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَهُ مُجَرَّدُ التَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ وَدَفْعِ الظُّلْمِ.
وَيَسْتَدِل الْمُجِيزُونَ لِمِثْل هَذَا التَّحَالُفِ بِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: حَالَفَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَْنْصَارِ فِي دَارِي مَرَّتَيْنِ.
وَقَالُوا: إِنَّ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ لاَ حِلْفَ فِي الإِْسْلاَمِ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الإِْعَانَةِ بِالْحِلْفِ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِل.
قَال ابْنُ الأَْثِيرِ: " أَصْل الْحِلْفِ الْمُعَاقَدَةُ وَالْمُعَاهَدَةُ عَلَى التَّسَاعُدِ وَالتَّعَاضُدِ وَالاِتِّفَاقِ، فَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الْفِتَنِ وَالْقِتَال وَالْغَارَاتِ، فَذَلِكَ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي الإِْسْلاَمِ، وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَصِلَةِ الأَْرْحَامِ، كَحِلْفِ الْمُطَيَّبِينَ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ فَذَلِكَ الَّذِي قَال فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ: وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِْسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً يُرِيدُ: مِنَ الْمُعَاقَدَةِ عَلَى الْخَيْرِ وَنُصْرَةِ الْحَقِّ. وَبِذَلِكَ يَجْتَمِعُ الْحَدِيثَانِ. وَهَذَا هُوَ الْحِلْفُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الإِْسْلاَمُ (52) .
وَتَقَدَّمَ النَّقْل عَنِ النَّوَوِيِّ بِمِثْل ذَلِكَ (ف 10) .
وَأَمَّا الَّذِينَ خَالَفُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَهُمُ الأَْكْثَرُونَ فَقَدِ احْتَجُّوا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ لاَ حِلْفَ فِي الإِْسْلاَمِ وَبِأَنَّ الإِْسْلاَمَ جَعَل الْمُسْلِمِينَ يَدًا وَاحِدَةً وَأَوْجَبَ عَلَى كُل مُسْلِمٍ نُصْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَالْقِيَامَ عَلَى الْبَاغِي حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ، كَمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ عَنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ (ف 9) .
__________
(1) حديث أنس: " حالف رسول الله ﷺ بين قريش والأنصار " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 472 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1960 - ط الحلبي) .
(2) لسان العرب، وشرح السراجية بحاشية الفناري ص 54 نشر فرج الله الكردي.
(3) شرح الأبي على صحيح مسلم 6 / 354.
(4) الحطاب 3 / 360، شرح السير 1 / 283، مغني المحتاج 4 / 236.
(5) لسان العرب - حلف، والروض الأنف شرح سيرة ابن هشام 1 / 153 بيروت، دار المعرفة بالتصوير عن طبعة القاهرة.
(6) حديث: " لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا " أخرجه البيهقي في سننه (6 / 367 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف مرسلا. وورد من حديث عبد الرحمن بن عوف: " شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه " أخرجه أحمد (1 / 190 - ط الميمنية) وأورده الهيثمي في المجمع (8 / 172 - ط القدس) وقال: (رجاله رجال الصحيح) .
(7) الروض الأنف 1 / 155، وقد جعل صاحب لسان العرب الحلفين المذكورين حلفا واحدا، أخذ ذلك من نهاية ابن الأثير في الروايات أن الحديث المذكور قاله النبي ﷺ في حلف المطيبين.
(8) شرح الأبي على صحيح مسلم 6 / 355.
(9) ابن عابدين 5 / 78 ط بولاق 1249 هـ.
(10) سورة المائدة / 2.
(11) حديث: " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 98 - ط السلفية) .
(12) أحكام القرآن للجصاص 2 / 187 لبنان، دار الكتاب العربي، وانظر المغني 6 / 381 ط ثالثة.
(13) سورة النساء / 11.
(14) فتح الباري 4 / 473 والطبري 8 / 284 وحديث: " لا حلف في الإسلام، وأيما حلف. . . " أخرجه مسلم (4 / 1961 - ط الحلبي) من حديث جبير بن مطعم.
(15) أحكام القرآن للجصاص 2 / 187 والمبسوط 8 / 81.
(16) حديث: " مولى القوم منهم وابن أختهم منهم وحليفهم منهم ". أخرجه أحمد (4 / 340 - ط الميمنية) من حديث رفاعة بن رافع وإسناده صحيح.
(17) حاشية ابن عابدين 5 / 78 - 79 وشرح السراجية بحاشية الفناري ص 54.
(18) الشروط الصغيرة للطحاوي 2 / 811، 812 ط وزارة الأوقاف العراقية.
(19) فتاوى ابن تيمية 35 / 96 وفتح الباري 4 / 474، والنهاية في غريب الحديث - حلف. وتفسير ابن كثير 1 / 497، والمبسوط للسرخسي 8 / 81.
(20) سورة الحجرات / 10.
(21) سورة التوبة / 71.
(22) حديث: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 450 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1999 - ط الحلبي) من حديث أبي موسى.
(23) حديث: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 57 - ط السلفية) ومسلم (1 / 67 - ط الحلبي) من حديث أنس.
(24) حديث: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره " أخرجه مسلم (4 / 1986 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(25) حديث: " المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم " أخرجه أبو داود (3 / 183 - 185 تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده حسن.
(26) حديث: " وددت أنا قد رأينا إخواننا. . . " أخرجه مسلم (1 / 218 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(27) توجيه هذا القول من فتاوى ابن تيمية 35 / 93.
(28) حديث: " لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان. . . " تقدم تخريجه ف / 2.
(29) سورة الأنفال / 75.
(30) سورة قريش / 1.
(31) فتح الباري: كتاب الكفالة (ب 2) 4 / 474.
(32) شرح صحيح مسلم للنووي 16 / 82 القاهرة، المطبعة المصرية.
(33) فآخي بين أبي بكر وخارجة بن زيد، وبين عمر وعتبان بن مالك، وبين عثمان وأوس بن مالك (شرح الأبي على مسلم 6 / 355) وبين سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف، وبين الزبير وكعب بن مالك (أحكام القرآن لابن العربي 3 / 1497) .
(34) سورة النساء / 33.
(35) سورة النساء / 33.
(36) الطبري 8 / 278، وفتح الباري 4 / 472، 8 / 247 نشر المكتبة السلفية.
(37) الطبري 8 / 274 نشر دار المعارف بمصر، فتح الباري 8 / 249.
(38) الطبري 8 / 275، وفتح الباري 8 / 249، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 185.
(39) سورة الأحزاب / 6.
(40) أحكام القرآن للجصاص 2 / 186، تفسير القرطبي 5 / 166 نشر دار الكتب المصرية.
(41) فتح الباري 8 / 248، 249، وتفسير القرطبي 5 / 166، والطبري 8 / 269، 275، 276، وابن كثير 1 / 489.
(42) أحكام القرآن للجصاص 2 / 186، والمغني لابن قدامة 6 / 381 ط ثالثة، وأحكام القرآن لابن العربي 3 / 1497 و 1 / 414 ط عيسى الحلبي، وتفسير ابن كثير1 / 414 و 490 ط عيسى الحلبي، وفتاوى ابن تيمية 11 / 99 - 101 طبع الرياض.
(43) حديث جابر بن عبد الله: كتب النبي ﷺ على كل بطن عقوله. ثم كتب: أنه لا يحل لمسلم أن يتوالى مولى رجل مسلم بغير إذنه. أخرجه مسلم (2 / 1146 - ط الحلبي) .
(44) أحكام القرآن للجصاص 2 / 186.
(45) حديث: " الولاء لحمة كلحمة النسب. . . " أخرجه الحاكم (4 / 341 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمر، وأعله الذهبي، ولكن له شاهد من حديث علي بن أبي طالب عند البيهقي (10 / 294 - ط دائرة المعارف العثمانية) يتقوى به
(46) حديث تميم الداري أنه قال: سألت رسول الله ﷺ ما السنة في الرجل من أهل الشرك يسلم على يدي رجل من المسلمين؟ فقال رسول الله ﷺ: هو أولى الناس بمحياه ومماته " أخرجه الترمذي (4 / 427 - ط الحلبي) وقال: " ليس بمتصل ". وكذا أطال ابن حجر في إعلاله في الفتح (12 / 46 - ط السلفية) .
(47) أحكام القرآن للجصاص 2 / 187، والمغني 6 / 381، والمبسوط للسرخسي 8 / 810، وشرح السراجية للجرجاني بحاشية الفناري ص54.
(48) فتح القدير على الهداية 3 / 181 - 182 والعناية بهامشه ط دار إحياء التراث العربي.
(49) فتح القدير على الهداية 2 / 82 - 83 والعناية بهامشه ط دار إحياء التراث العربي.
(50) الدر المختار 5 / 79، 412 بهامش حاشية ابن عابدين.
(51) الطبري 8 / 278، والمغني 6 / 381.
(52) النهاية لابن الأثير - حلف، ولسان العرب - حلف.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 84/ 18