البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

الظاهر

هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...

الدَّوْلَةُ


من معجم المصطلحات الشرعية

مجموعة من الأفراد يمارسون السياسات، والسلطات المناطة بتحقيق السيادة على أقاليم معينة، لها حدودها، ومستوطنوها، ويكون الحاكم فيها على رأس هذه السلطات . ومن أمثلته وجوب طاعة رئيس الدولة المسلم . ومن شواهده قوله تَعَالَى : ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾالنساء :٥٩ .


انظر : حاشية الدسوقي 3/64، البحر الرائق لابن نجيم، 5/76، الموسوعة الفقهية الكويتية، 21/36، معجم مصطلحات عصر العولمة لإسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي، ص

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف

مجموعة من الأفراد يمارسون السياسات، والسلطات المناطة بتحقيق السيادة على أقاليم معينة، لها حدودها، ومستوطنوها، ويكون الحاكم فيها على رأس هذه السلطات.

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الدَّوْلَةُ فِي اللُّغَةِ حُصُول الشَّيْءِ فِي يَدِ هَذَا تَارَةً وَفِي يَدِ هَذَا أُخْرَى، أَوِ الْعُقْبَةُ فِي الْمَال وَالْحَرْبِ (أَيِ التَّعَاقُبُ) ، وَالدَّوْلَةُ فِي الْمَال وَالْحَرْبِ سَوَاءٌ، وَقِيل: الدُّولَةُ بِالضَّمِّ فِي الْمَال، وَالدَّوْلَةُ بِالْفَتْحِ فِي الْحَرْبِ.
وَالإِْدَالَةُ مَعْنَاهَا الْغَلَبَةُ، يُقَال: أُدِيل لَنَا عَلَى أَعْدَائِنَا أَيْ نُصِرْنَا عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ: يُدَال عَلَيْنَا الْمَرَّةَ وَنُدَال عَلَيْهِ الأُْخْرَى (1) . أَيْ: نَغْلِبُهُ مَرَّةً وَيَغْلِبُنَا مَرَّةً، مِنَ التَّدَاوُل، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَتِلْكَ الأَْيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ (2) } وَقَوْلُهُ: {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ (3) } أَيْ يُتَدَاوَلُونَ الْمَال بَيْنَهُمْ وَلاَ يَجْعَلُونَ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُ نَصِيبًا (4) . أَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَلَمْ يَشِعِ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا الْمُصْطَلَحِ، وَوَرَدَ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَعْضِ كُتُبِ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالأَْحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ (5) . وَسَارَ الْفُقَهَاءُ فِي الْكَلاَمِ عَنِ اخْتِصَاصَاتِ " الدَّوْلَةِ " عَلَى إِدْرَاجِهَا ضِمْنَ الْكَلاَمِ عَنْ صَلاَحِيَّاتِ الإِْمَامِ وَاخْتِصَاصَاتِهِ حَيْثُ اعْتَبَرُوا أَنَّ " الدَّوْلَةَ " مُمَثَّلَةٌ فِي شَخْصِ الإِْمَامِ الأَْعْظَمِ، أَوِ الْخَلِيفَةِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ وِلاَيَاتٍ وَوَاجِبَاتٍ وَحُقُوقٍ.
إِلاَّ أَنَّ الْمَعْهُودَ أَنَّ " الدَّوْلَةَ " هِيَ مَجْمُوعَةُ الإِْيَالاَتِ (6) تَجْتَمِعُ لِتَحْقِيقِ السِّيَادَةِ عَلَى أَقَالِيمَ (7) مُعَيَّنَةٍ، لَهَا حُدُودُهَا، وَمُسْتَوْطِنُوهَا، فَيَكُونُ الْحَاكِمُ أَوِ الْخَلِيفَةُ، أَوْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَى رَأْسِ هَذِهِ السُّلُطَاتِ.
وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِاسْتِعْمَال مُصْطَلَحِ " دَوْلَةٍ " عِنْدَ مَنِ اسْتَعْمَلَهُ مِنْ فُقَهَاءِ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوِ الأَْحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ (8) . وَنَتِيجَةً لِذَلِكَ يُمْكِنُ الْقَوْل أَنَّ الدَّوْلَةَ تَقُومُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَرْكَانٍ وَهِيَ: الدَّارُ، وَالرَّعِيَّةُ، وَالْمَنَعَةُ (9) (السِّيَادَةُ) .
2 - وَلَقَدْ بَحَثَ الْفُقَهَاءُ أَرْكَانَ الدَّوْلَةِ عِنْدَ بَحْثِهِمْ عَنْ أَحْكَامِ دَارِ الإِْسْلاَمِ، يَتَّضِحُ هَذَا مِنْ تَعْرِيفَاتِهِمْ لِدَارِ الإِْسْلاَمِ:
التَّعْرِيفُ الأَْوَّل: " كُل دَارٍ ظَهَرَتْ فِيهَا دَعْوَةُ الإِْسْلاَمِ مِنْ أَهْلِهِ بِلاَ خَفِيرٍ، وَلاَ مُجِيرٍ، وَلاَ بَذْل جِزْيَةٍ، وَقَدْ نَفَذَ فِيهَا حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ إِنْ كَانَ فِيهِمْ ذِمِّيٌّ، وَلَمْ يَقْهَرْ أَهْل الْبِدْعَةِ فِيهَا أَهْل السُّنَّةِ (10) ".
وَالتَّعْرِيفُ الثَّانِي:
" كُل أَرْضٍ سَكَنَهَا مُسْلِمُونَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ فِيهَا غَيْرُهُمْ، أَوْ تَظْهَرُ فِيهَا أَحْكَامُ الإِْسْلاَمِ (11) ".
فَالدَّارُ هِيَ الْبِلاَدُ الإِْسْلاَمِيَّةُ وَمَا تَشْمَلُهُ مِنْ أَقَالِيمَ دَاخِلَةٍ تَحْتَ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ. وَالرَّعِيَّةُ هُمُ الْمُقِيمُونَ فِي حُدُودِ الدَّوْلَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْل الذِّمَّةِ. وَالسِّيَادَةُ هِيَ ظُهُورُ حُكْمِ الإِْسْلاَمِ وَنَفَاذُهُ. وَعَدَمُ الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَةِ وَلِيِّ الأَْمْرِ، وَعَدَمُ الاِفْتِيَاتِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى أَيِّ وِلاَيَةٍ مِنْ وِلاَيَاتِ الدَّوْلَةِ؛ لأَِنَّ الاِفْتِيَاتَ عَلَيْهَا افْتِيَاتٌ عَلَى الإِْمَامِ. وَيَكُونُ الاِفْتِيَاتُ بِالسَّبْقِ بِفِعْل شَيْءٍ دُونَ اسْتِئْذَانِ مَنْ يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ، وَالاِفْتِيَاتُ عَلَى الإِْمَامِ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ، فَإِذَا أَمَّنَ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ كَافِرًا دُونَ إِذْنِ الإِْمَامِ، وَكَانَ فِي تَأْمِينِهِ مَفْسَدَةٌ، فَإِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَنْبِذَ هَذَا الأَْمَانَ، وَلَهُ أَنْ يُعَزِّرَ مَنِ افْتَاتَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا بَاشَرَ الْمُسْتَحِقُّ فَأَقَامَ الْحَدَّ أَوِ الْقِصَاصَ دُونَ إِذْنِ الإِْمَامِ عَزَّرَهُ الإِْمَامُ لاِفْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ. وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَاتِ: " أَمَان " " وَافْتِيَات " " وَدَارُ الإِْسْلاَمِ ".
3 - وَتَتَأَلَّفُ الدَّوْلَةُ مِنْ مَجْمُوعَةٍ مِنَ النُّظُمِ وَالْوِلاَيَاتِ بِحَيْثُ تُؤَدِّي كُل وِلاَيَةٍ مِنْهَا وَظِيفَةً خَاصَّةً مِنْ وَظَائِفِ الدَّوْلَةِ، وَتَعْمَل مُجْتَمِعَةً لِتَحْقِيقِ مَقْصِدٍ عَامٍّ، وَهُوَ رِعَايَةُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ.
يَقُول الْمَاوَرْدِيُّ: (الإِْمَامَةُ مَوْضُوعَةٌ لِخِلاَفَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا) (12) وَالإِْمَامُ هُوَ مَنْ تَصْدُرُ عَنْهُ جَمِيعُ الْوِلاَيَاتِ فِي الدَّوْلَةِ. وَيَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: " فَالْمَقْصُودُ الْوَاجِبُ بِالْوِلاَيَاتِ إِصْلاَحُ دِينِ الْخَلْقِ الَّذِي مَتَى فَاتَهُمْ خَسِرُوا خُسْرَانًا مُبِينًا، وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ مَا نَعِمُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَإِصْلاَحُ مَا لاَ يَقُومُ الدِّينُ إِلاَّ بِهِ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُمْ (13) ".
وَيَقُول ابْنُ الأَْزْرَقِ: " إِنَّ حَقِيقَةَ هَذَا الْوُجُوبِ الشَّرْعِيِّ - يَعْنِي وُجُوبَ نَصْبِ الإِْمَامِ - رَاجِعَةٌ إِلَى النِّيَابَةِ عَنِ الشَّارِعِ فِي حِفْظِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا بِهِ، وَسُمِّيَ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ النِّيَابَةِ خِلاَفَةً وَإِمَامَةً، وَذَلِكَ لأَِنَّ الدِّينَ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي إِيجَادِ الْخَلْقِ لاَ الدُّنْيَا فَقَطْ (14) ".
وَبَعْدَ هَذَا نَعْرِضُ إِلَى مَجْمُوعِ الْوِلاَيَاتِ فِي الدَّوْلَةِ وَمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهَا مِنْ وَظَائِفَ:

أَوَّلاً: الْحَاكِمُ أَوِ الإِْمَامُ الأَْعْظَمُ:
4 - الإِْمَامُ وَكِيلٌ عَنِ الأُْمَّةِ فِي خِلاَفَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا، وَيَتَوَلَّى مَنْصِبَهُ بِمُوجِبِ عَقْدِ الإِْمَامَةِ (15) .
وَالأَْصْل فِي الإِْمَامِ أَنْ يُبَاشِرَ إِدَارَةَ الدَّوْلَةِ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ هَذَا مُتَعَذِّرًا مَعَ اتِّسَاعِ الدَّوْلَةِ وَكَثْرَةِ وَظَائِفِهَا، وَتَعَدُّدِ السَّلِطَاتِ فِيهَا جَازَ لَهُ أَنْ يُنِيبَ عَنْهُ مَنْ يَقُومُ بِهَذِهِ السُّلُطَاتِ مِنْ وُلاَةٍ، وَأُمَرَاءَ، وَوُزَرَاءَ، وَقُضَاةٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَيَكُونُونَ الْوُكَلاَءَ عَنْهُ فِي إِدَارَةِ مَا وُكِّل إِلَيْهِمْ مِنْ أَعْمَالٍ. فَإِدَارَةُ الإِْمَامِ لِلدَّوْلَةِ دَائِرَةٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً عَنِ النَّاسِ وَنَائِبًا عَنْهُمْ، وَبَيْنَ أَنْ يُنِيبَ هُوَ وَيُوَكِّل مَنْ يَقُومُ بِأَعْبَاءِ الْحُكْمِ شَرِيطَةَ أَلاَّ يَنْصَرِفَ عَنِ النَّظَرِ الْعَامِّ فِي شُئُونِ الدَّوْلَةِ، وَمُطَالَعَةِ كُلِّيَّاتِ الأُْمُورِ مَعَ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَال مَنْ يُوَلِّيهِمْ؛ لِيَتَحَقَّقَ مِنْ كِفَايَتِهِمْ لِمَنَاصِبِهِمْ (16) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (إِمَامَةٌ كُبْرَى) .

ثَانِيًا: وَلِيُّ الْعَهْدِ:
5 - وَهُوَ مَنْ يُوَلِّيهِ الإِْمَامُ عَهْدَ الإِْمَامَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْعَهْدِ تَصَرُّفٌ فِي شُئُونِ الدَّوْلَةِ مَا دَامَ الإِْمَامُ حَيًّا، وَلاَ يَلِي شَيْئًا فِي حَيَاةِ الإِْمَامِ، وَإِنَّمَا تَبْدَأُ إِمَامَتُهُ وَسُلْطَتُهُ بِمَوْتِ الإِْمَامِ، فَتَصَرُّفُهُ كَالْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِشَرْطٍ، وَلَيْسَ لِلإِْمَامِ عَزْل وَلِيِّ الْعَهْدِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ؛ لأَِنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ، قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ خَلْعِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ لِمَنْ بَايَعُوهُ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ (17) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِمَامَةٌ كُبْرَى) .

ثَالِثًا: أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ
6 - وَوَجْهُ اعْتِبَارِهِمْ سُلْطَةً مُسْتَقِلَّةً أَنَّ لَهُمْ قُدْرَةَ الْقِيَامِ بِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ وَاجِبَاتِ الدَّوْلَةِ وَهِيَ:
أ - اخْتِيَارُ الإِْمَامِ وَمُبَايَعَتُهُ.
ب - اسْتِئْنَافُ بَيْعَةِ وَلِيِّ الْعَهْدِ عِنْدَ تَوْلِيَتِهِ إِمَامًا، حَيْثُ تُعْتَبَرُ شُرُوطُ الإِْمَامَةِ فِيهِ مِنْ وَقْتِ الْعَهْدِ إِلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ فَاسِقًا وَقْتَ الْعَهْدِ وَكَانَ بَالِغًا عَدْلاً عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَلِّي لَمْ تَصِحَّ خِلاَفَتُهُ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ أَهْل الاِخْتِيَارِ بَيْعَتَهُ.
ج - تَعْيِينُ نَائِبٍ عَنْ وَلِيِّ الْعَهْدِ فِي حَال غَيْبَتِهِ عِنْدَ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ.
د - خَلْعُ الإِْمَامِ إِذَا قَامَ مَا يُوجِبُ خَلْعَهُ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: " أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ (18) ".

رَابِعًا: الْمُحْتَسِبُ:
7 - هُوَ مَنْ يُوَلِّيهِ الإِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لِلْقِيَامِ بِوَظِيفَةِ الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلِلنَّظَرِ فِي أَحْوَال الرَّعِيَّةِ وَالْكَشْفِ عَنْ أُمُورِهِمْ وَمَصَالِحِهِمْ،
وَهُوَ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْوِلاَيَةِ. وَمَوْضُوعُ هَذِهِ الْوِلاَيَةِ إِلْزَامُ الْحُقُوقِ وَالْمَعُونَةِ عَلَى اسْتِيفَائِهَا، وَمَحَل وِلاَيَتِهِ كُل مُنْكَرٍ مَوْجُودٍ فِي الْحَال ظَاهِرٍ لِلْمُحْتَسِبِ بِغَيْرِ تَجَسُّسٍ مَعْلُومٍ كَوْنُهُ مُنْكَرًا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ، وَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَتَّخِذَ عَلَى إِنْكَارِهِ أَعْوَانًا؛ لأَِنَّهُ مَنْصُوبٌ لِهَذَا الْعَمَل، وَمِنْ صَلاَحِيَّتِهِ أَنْ يَجْتَهِدَ رَأْيَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعُرْفِ دُونَ الشَّرْعِ، وَلِهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُحْتَسِبُ فَقِيهًا عَارِفًا بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ لِيَعْلَمَ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ.
وَعَمَل الْمُحْتَسِبِ وَاسِطَةٌ بَيْنَ عَمَل الْقَاضِي وَعَمَل وَالِي الْمَظَالِمِ.
فَيَتَّفِقُ الْمُحْتَسِبُ مَعَ الْقَاضِي فِي أُمُورٍ مِنْهَا:
(19) جَوَازُ الاِسْتِعْدَاءِ لِلْمُحْتَسِبِ، وَسَمَاعُهُ دَعْوَى الْمُسْتَعْدِي عَلَى الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ فِيمَا يَدْخُل تَحْتَ اخْتِصَاصِهِ.
(20) لَهُ أَنْ يَلْزَمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَبِإِقْرَارٍ، مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنَ الأَْدَاءِ فَيَلْزَمُ بِالدَّفْعِ إِلَى الْمُسْتَحِقِّ؛ لأَِنَّ تَأْخِيرَ الْحَقِّ مُنْكَرٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ لإِِزَالَتِهِ.
وَيَفْتَرِقُ الْمُحْتَسِبُ عَنِ الْقَاضِي فِي أُمُورٍ مِنْهَا:
(19) جَوَازُ النَّظَرِ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ مَعْرُوفٍ أَوْ يَنْهَى عَنْهُ مِنْ مُنْكَرٍ دُونَ التَّوَقُّفِ عَلَى دَعْوَى أَوِ اسْتِعْدَاءٍ.
(20) أَنَّ الْحِسْبَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلرَّهْبَةِ الْقَائِمَةِ عَلَى قُوَّةِ السَّلْطَنَةِ الْمُؤَيَّدَةِ بِالْجُنْدِ (19) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي أَحْكَامِ الْحِسْبَةِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: " حِسْبَة ".

خَامِسًا: الْقَضَاءُ:
8 - عُرِّفَ الْقَضَاءُ بِأَنَّهُ: إِنْشَاءُ إِلْزَامٍ فِي مَسَائِل الاِجْتِهَادِ الْمُتَقَارِبَةِ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ النِّزَاعُ لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا، وَعُرِّفَ كَذَلِكَ بِأَنَّهُ: الإِْلْزَامُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى صِيغَةٍ مُخْتَصَّةٍ بِأَمْرٍ ظُنَّ لُزُومُهُ فِي الْوَاقِعِ.
فَالْقَضَاءُ سُلْطَةٌ تُمَكِّنُ مَنْ تَوَلاَّهَا مِنَ الإِْلْزَامِ بِالأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَفَصْل الْخُصُومَاتِ، وَقَطْعِ الْمُنَازَعَاتِ بَيْنَ النَّاسِ. وَقَضَاءُ الْقَاضِي مُظْهِرٌ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لاَ مُثْبِتٌ لَهُ.
وَتَجْتَمِعُ فِي الْقَاضِي صِفَاتٌ ثَلاَثَةٌ: فَهُوَ شَاهِدٌ مِنْ جِهَةِ الإِْثْبَاتِ، وَمُفْتٍ مِنْ جِهَةِ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ، وَذُو سُلْطَانٍ مِنْ جِهَةِ الإِْلْزَامِ. وَيَدْخُل فِي وِلاَيَةِ الْقَضَاءِ فَصْل الْخُصُومَاتِ، وَاسْتِيفَاءُ الْحُقُوقِ، وَالنَّظَرُ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ، وَالْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ، وَالنَّظَرُ فِي الْوُقُوفِ، وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا، وَتَزْوِيجُ اللاَّتِي لاَ وَلِيَّ لَهُنَّ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: " فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ (24) ". وَالْقَاضِي يَنُوبُ عَنِ الإِْمَامِ فِي هَذَا.
وَلَيْسَ هُنَاكَ ضَابِطٌ عَامٌّ لِمَا يَدْخُل فِي وِلاَيَةِ الْقَاضِي وَمَا لاَ يَدْخُل، فَالأَْصْل فِيهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ بِاخْتِلاَفِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَقَدْ تَتَّسِعُ صَلاَحِيَّةُ الْقَاضِي لِتَشْمَل وِلاَيَةَ الْحَرْبِ، وَالْقِيَامَ بِأَعْمَال بَيْتِ الْمَال وَالْعَزْل وَالْوِلاَيَةِ، وَقَدْ تَقْتَصِرُ عَلَى النَّظَرِ فِي الْخُصُومَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ. وَالْقَضَاءُ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الَّتِي لاَ يَتَوَلاَّهَا إِلاَّ الإِْمَامُ، كَعَقْدِ الذِّمَّةِ، وَالْقَاضِي وَكِيلٌ عَنِ الإِْمَامِ فِي الْقِيَامِ بِالْقَضَاءِ، وَلِذَا لاَ تَثْبُتُ وِلاَيَتُهُ إِلاَّ بِتَوْلِيَةِ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَهُوَ عَقْدُ وِلاَيَةٍ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول، وَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْوَكَالَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مَعْرِفَةُ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَهْلِيَّةَ مَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ، وَكَذَلِكَ تَعْيِينُ مَا يَدْخُل تَحْتَ وِلاَيَتِهِ مِنْ أَعْمَالٍ؛ لِيَعْلَمَ مَحَلَّهَا فَلاَ يَحْكُمُ فِي غَيْرِهَا (25) .
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: " قَضَاء ".

سَادِسًا: بَيْتُ الْمَال:
9 - بَيْتُ الْمَال هُوَ الْجِهَةُ الَّتِي يُسْنَدُ إِلَيْهَا حِفْظُ الأَْمْوَال الْعَامَّةِ لِلدَّوْلَةِ، وَالْمَال الْعَامُّ هُوَ كُل مَالٍ اسْتَحَقَّهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ مَالِكُهُ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ كَالزَّكَاةِ، وَالْفَيْءِ، وَخُمُسِ الْغَنَائِمِ الْمَنْقُولَةِ، وَخُمُسِ الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ، وَالْمَعَادِنِ، وَخُمُسِ الرِّكَازِ، وَالْهَدَايَا الَّتِي تُقَدَّمُ إِلَى الْقُضَاةِ أَوْ عُمَّال الدَّوْلَةِ مِمَّا يَحْمِل شُبْهَةَ الرِّشْوَةِ أَوِ الْمُحَابَاةِ، وَكَذَلِكَ الضَّرَائِبُ الْمُوَظَّفَةُ عَلَى الرَّعِيَّةِ لِمَصْلَحَتِهِمْ وَمَوَارِيثُ مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِلاَ وَارِثٍ، وَالْغَرَامَاتُ وَالْمُصَادَرَاتُ. وَيَقُومُ بَيْتُ الْمَال بِصَرْفِ هَذِهِ الأَْمْوَال فِي مَصَارِفِهَا كُلٌّ بِحَسَبِهِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ سِجِلٌّ هُوَ دِيوَانُ بَيْتِ الْمَال لِضَبْطِ مَا يَرِدُ إِلَيْهِ وَمَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنْ أَمْوَالٍ، وَلِضَبْطِ مَصَارِفِهَا كَذَلِكَ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: " بَيْتُ الْمَال (26) ".

سَابِعًا: الْوُزَرَاءُ:
10 - لَمَّا كَانَ الْمُتَعَذِّرُ عَلَى الإِْمَامِ الْقِيَامَ بِنَفْسِهِ بِأَعْبَاءِ الْحُكْمِ وَتَسْيِيرِ شُئُونِ الدَّوْلَةِ مَعَ كَثْرَتِهَا كَانَ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْتَنِيبَ الْوُزَرَاءَ ذَوِي الْكِفَايَةِ لِذَلِكَ.
وَالْوَزِيرُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَزِيرَ تَفْوِيضٍ، أَوْ وَزِيرَ تَنْفِيذٍ. أَمَّا وَزِيرُ التَّفْوِيضِ فَهُوَ مِنْ يُفَوِّضُ لَهُ الإِْمَامُ تَدْبِيرَ أُمُورِ الدَّوْلَةِ وَإِمْضَاءَهَا بِاجْتِهَادِهِ، وَلَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ فِي شُئُونِ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ وَكِيلٌ عَنِ الإِْمَامِ فِيمَا وُلِّيَ عَلَيْهِ، وَأُسْنِدَ إِلَيْهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي وَزِيرِ التَّفْوِيضِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الإِْمَامِ بِاسْتِثْنَاءِ كَوْنِهِ قُرَشِيًّا، وَكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا عَلَى خِلاَفٍ فِيهِ، وَكَمَا يَجُوزُ لِوَزِيرِ التَّفْوِيضِ أَنْ يُبَاشِرَ شُئُونَ الدَّوْلَةِ، يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يُبَاشِرُهَا، وَكُل مَا صَحَّ مِنَ الإِْمَامِ صَحَّ مِنَ الْوَزِيرِ إِلاَّ أُمُورًا ثَلاَثَةً:
أَحَدُهَا: وِلاَيَةُ الْعَهْدِ، فَإِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْهَدَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَزِيرِ.
ثَانِيهَا: أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَطْلُبَ الإِْعْفَاءَ مِنَ الإِْمَامَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَزِيرِ. ثَالِثُهَا: أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْزِل مَنْ قَلَّدَهُ الْوَزِيرُ، وَلَيْسَ لِلْوَزِيرِ عَزْل مَنْ قَلَّدَهُ الإِْمَامُ.
وَالْوَزَارَةُ وِلاَيَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى عَقْدٍ، وَالْعُقُودُ لاَ تَصِحُّ إِلاَّ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ الْمُشْتَمِل عَلَى شَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عُمُومُ النَّظَرِ. وَالثَّانِي: النِّيَابَةُ.
فَإِذَا اقْتَصَرَ الإِْمَامُ عَلَى عُمُومِ النَّظَرِ دُونَ النِّيَابَةِ كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا بِوِلاَيَةِ الْعَهْدِ، إِذْ أَنَّ نَظَرَهُ عَامٌّ كَنَظَرِ الإِْمَامِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَنُوبُ عَنْهُ حَال حَيَاتِهِ، وَأَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَابَةِ دُونَ عُمُومِ النَّظَرِ كَانَتْ نِيَابَةً مُبْهَمَةً لَمْ تُبَيِّنْ مَا اسْتَنَابَهُ فِيهِ، فَلاَ بُدَّ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ بَيْنَ عُمُومِ النَّظَرِ وَالنِّيَابَةِ؛ لِتَنْعَقِدَ وَزَارَةُ التَّفْوِيضِ.
أَمَّا وَزِيرُ التَّنْفِيذِ فَلاَ يَسْتَقِل بِالنَّظَرِ كَوَزِيرِ التَّفْوِيضِ، فَتَقْتَصِرُ مُهِمَّتُهُ عَلَى تَنْفِيذِ أَمْرِ الإِْمَامِ فَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الإِْمَامِ وَالرَّعِيَّةِ يُبَلِّغُهُمْ أَوَامِرَهُ وَيُخْبِرُهُمْ بِتَقْلِيدِ الْوُلاَةِ، وَلِذَا لاَ يَحْتَاجُ وَزِيرُ التَّنْفِيذِ إِلَى عَقْدٍ وَتَقْلِيدٍ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهَا مُجَرَّدُ الإِْذْنِ، وَتَقْصُرُ فِي شُرُوطِهَا عَنْ شُرُوطِ وَزَارَةِ التَّفْوِيضِ. وَلَمَّا قَصُرَتْ مُهِمَّتُهُ عَلَى تَبْلِيغِ الْخَلِيفَةِ وَالتَّبْلِيغِ عَنْهُ، اشْتُرِطَ فِيهِ الأَْمَانَةُ وَالصِّدْقُ، وَقِلَّةُ الطَّمَعِ، وَأَنْ يَسْلَمَ مِنْ عَدَاوَةِ النَّاسِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَأَنْ يَكُونَ ضَابِطًا لِمَا يَنْقِل، وَأَنْ لاَ يَكُونَ مِنْ أَهْل الأَْهْوَاءِ. وَقَدْ يُشَارِكُ وَزِيرُ التَّنْفِيذِ فِي الْمَشُورَةِ وَالرَّأْيِ فَلاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَصَاحِبَ حُنْكَةٍ وَتَجْرِبَةٍ تُؤَدِّيهِ إِلَى إِصَابَةِ الرَّأْيِ وَحُسْنِ الْمَشُورَةِ (27) .

إِمَارَةُ الْحَرْبِ:
11 - تَتَوَلَّى هَذِهِ الإِْمَارَةُ وِلاَيَةَ الْحَرْبِ وَحِمَايَةَ الدَّوْلَةِ مِنَ الاِعْتِدَاءِ عَلَيْهَا مِنَ الْخَارِجِ. وَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ إِمَارَةً خَاصَّةً مَقْصُورَةً عَلَى سِيَاسَةِ الْجَيْشِ وَإِعْدَادِهِ، وَتَدْبِيرِ الْحَرْبِ. أَوْ أَنْ تَتَّسِعَ صَلاَحِيَّتُهَا فِيمَا يُفَوِّضُ إِلَيْهَا الإِْمَامُ فَتَشْمَل قَسْمَ الْغَنَائِمِ، وَعَقْدَ الصُّلْحِ.

وَيَلْزَمُ أَمِيرَ الْجَيْشِ فِي سِيَاسَتِهِ لِلْجَيْشِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ
1) . حِرَاسَتُهُمْ مِنْ غِرَّةٍ يَظْفَرُ بِهَا الْعَدُوُّ مِنْهُمْ.
2) تَخَيُّرُ مَوْضِعِ نُزُولِهِمْ لِمُحَارَبَةِ الْعَدُوِّ.
3) إِعْدَادُ مَا يَحْتَاجُ الْجَيْشُ إِلَيْهِ.
4) أَنْ يَعْرِفَ أَخْبَارَ عَدُوِّهِ.
5) تَرْتِيبُ الْجَيْشِ فِي مَصَافِّ الْحَرْبِ.
6) أَنْ يُقَوِّيَ نُفُوسَهُمْ بِمَا يُشْعِرُهُمْ مِنَ الظَّفَرِ.
7) أَنْ يَعِدَ أَهْل الصَّبْرِ وَالْبَلاَءِ مِنْهُمْ بِثَوَابِ اللَّهِ.
8) أَنْ يُشَاوِرَ ذَوِي الرَّأْيِ مِنْهُمْ.
9) أَنْ يَأْخُذَ جَيْشَهُ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حُقُوقِهِ.
10) أَنْ لاَ يُمَكِّنَ أَحَدًا مِنْ جَيْشِهِ أَنْ يَتَشَاغَل بِتِجَارَةٍ أَوْ زِرَاعَةٍ، حَتَّى لاَ يَنْصَرِفَ عَنْ مُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ (28) .
وَتَجْهِيزُ الْمُثْبَتِينَ فِي دِيوَانِ الْجُنْدِ مِنَ الْغُزَاةِ فِي سَبِيل اللَّهِ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَمَحَلُّهُ بَيْتُ مَال الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعَلَى أَفْرَادِ الْمُسْلِمِينَ وَأَغْنِيَائِهِمْ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: " جِهَاد ".

زَوَال الدَّوْلَةِ:
12 - تَزُول الدَّوْلَةُ بِزَوَال أَحَدِ أَرْكَانِهَا: الشَّعْبُ، أَوِ الإِْقْلِيمُ، أَوِ الْمَنَعَةُ (السِّيَادَةُ) أَوْ بِتَحَوُّلِهَا مِنْ دَارِ إِسْلاَمٍ إِلَى دَارِ حَرْبٍ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: " دَارُ الإِْسْلاَمِ ".

تَعَدُّدُ الدُّوَل الإِْسْلاَمِيَّةِ:
13 - يَتَعَلَّقُ حُكْمُ تَعَدُّدِ الدُّوَل الإِْسْلاَمِيَّةِ بِحُكْمِ تَعَدُّدِ الأَْئِمَّةِ حَيْثُ إِنَّ الدَّوْلَةَ الإِْسْلاَمِيَّةَ تُمَثِّل شَخْصَ الإِْمَامِ؛ لأَِنَّهُ مَصْدَرُ السُّلْطَةِ فِيهَا، وَعَنْهُ تَصْدُرُ جَمِيعُ سُلُطَاتِ الدَّوْلَةِ وَصَلاَحِيَّاتِهَا.
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ كَوْنُ إِمَامَيْنِ فِي الْعَالَمِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ إِمَامٌ وَاحِدٌ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ ﷺ: إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآْخِرَ مِنْهُمَا (29) وَلأَِنَّ فِي تَعَدُّدِ الدُّوَل الإِْسْلاَمِيَّةِ مَظِنَّةٌ لِلنِّزَاعِ وَالْفُرْقَةِ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ (30) } .
وَفِي أَحَدِ أَوْجُهِ التَّفْسِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّيحِ فِي الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ هُوَ الدَّوْلَةُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ (31) .
انْظُرِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (الإِْمَامَةُ الْكُبْرَى) .

وَاجِبَاتُ الدَّوْلَةِ الْعَامَّةِ (32) :
14 - يَتَعَيَّنُ عَلَى الدَّوْلَةِ مُمَثَّلَةً بِمَجْمُوعِ سُلُطَاتِهَا أَنْ تَرْعَى الْمَصَالِحَ الْعَامَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ الدَّاخِلِينَ تَحْتَ وِلاَيَتِهَا، وَجِمَاعُ هَذِهِ الْمَصَالِحِ يَعُودُ إِلَى:
1) حِفْظِ أُصُول الدِّينِ وَإِقَامَةِ الشَّرِيعَةِ. وَتُنْظَرُ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (إِمَامَةٌ كُبْرَى، رِدَّة، بِدْعَة، ضَرُورِيَّات، وَجِهَاد) .
2) إِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَعُقُوبَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَتَعْزِيرِهِ. وَتُنْظَرُ أَحْكَامُهَا فِي مُصْطَلَحَاتِ: (قِصَاص، تَعْزِير) . 3) حِفْظِ الْمَال الْعَامِّ لِلدَّوْلَةِ، وَيُرَاجَعُ فِي هَذَا مُصْطَلَحِ بَيْتِ الْمَال.
4) إِقَامَةِ الْعَدْل وَتَنْفِيذِ الأَْحْكَامِ وَقَطْعِ الْخُصُومَاتِ، وَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ مُصْطَلَحِ: (قَضَاء) .
(5) رِعَايَةِ أَهْل الذِّمَّةِ، وَيُرَاجَعُ مُصْطَلَحُ: (أَهْل الذِّمَّةِ) .
(6) تَكْثِيرِ الْعِمَارَةِ، وَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (عِمَارَة) .
(7) إِقَامَةِ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَيُنْظَرُ مُصْطَلَحِ: (سِيَاسَةٌ شَرْعِيَّةٌ) .
__________
(1) حديث أبي سفيان أخرجه البخاري (الفتح 6 / 110 - ط السلفية) .
(2) سورة آل عمران / 140.
(3) سورة الحشر / 7.
(4) لسان العرب، مادة: " دول "، والكليات 2 / 340، والمصباح المنير.
(5) كتاب: " بدائع السلك في طبائع الملك " لمحمد بن الأزرق، وكتاب " تسهيل النظر وتعجيل الظفر " للماوردي.
(6) الإيالة: السياسة، وأخذت في بعض كتب الأنظمة الإسلامية معنى السلطة، فيقال: إيالة القضاء، إيالة الحسبة، وهكذا (الغياثي 256) .
(7) ورد استعمال هذا المصطلح عند المالكية في معرض كلامهم عن أمان السلطان (الزرقاني 8 / 122، والدسوقي 2 / 165) عند تعليقهم على كلام خليل (كتأمين غيره إقليمًا) .
(8) انظر مثلاً بدائع السلك 1 / 108، 114، 115، 134، 143، 148، 151، وانظر كذلك تسهيل النظر ص157، ويقابل كلام الفقهاء عن الدولة في القوانين المعاصرة، القانون الدستوري الذي يحدد شكل الدولة، والسلطات التي تقوم عليها، واختصاص كل سلطة، وعلاقتها بعضها ببعض، وعلاقة المواطنين بها.
(9) لفظ المنعة أو عبارة أمن الرعية بأمن المسلمين، يستخدمها الفقهاء بما يقابل لفظ السيادة. لما يحصل بذلك من حفظ حقوق الدولة من الانتقاص. المواق 6 / 277، فتح القدير 4 / 414، البدائع 7 / 130، نهاية المحتاج 7 / 382.
(10) أصول الدين ص27 أبو منصور عبد القادر البغدادي.
(11) حاشية البجيرمي 4 / 220، نهاية المحتاج 8 / 184.
(12) الأحكام السلطانية ص 5.
(13) السياسة الشرعية ص 22.
(14) بدائع السلك 1 / 93.
(15) الموسوعة 6 / 215
(16) الغياثي للجويني ص 291 - 292.
(17) نهاية المحتاج 7 / 391، أسنى المطالب 4 / 110، الأحكام السلطانية للماوردي ص11.
(18) الموسوعة 5 / 115، وكذلك الماوردي في الأحكام السلطانية ص 6، 11، الغياثي ص 126.
(19) معالم القربة ص 71، نهاية الرتبة ص 6، الأحكام السلطانية 240 - 242، إحياء علوم الدين 2 / 324.
(20)
(21) معالم القربة ص 71، نهاية الرتبة ص 6، الأحكام السلطانية 240 - 242، إحياء علوم الدين 2 / 324.
(22)
(23) معالم القربة ص 71، نهاية الرتبة ص 6، الأحكام السلطانية 240 - 242، إحياء علوم الدين 2 / 324.
(24) حديث: " فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ". أخرجه الترمذي (3 / 399 - ط الحلبي) من حديث عائشة: وقال: " حديث حسن ".
(25) كشاف القناع 6 / 285، حاشية الدسوقي 4 / 289، حواشي تحفة المحتاج 10 / 102، 120، تبصرة الحكام 1 / 13، 14، حاشية ابن عابدين 4 / 296، 297.
(26) الموسوعة 8 / 242.
(27) الأحكام السلطانية للماوردي ص 22، 23، 27 - 29، الغياثي 149 - 158، بدائع السلك 1 / 185، 186.
(28) الأحكام السلطانية للماوردي ص 35 - 54.
(29) حديث: " إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما " أخرجه مسلم (3 / 1480 - ط الحلبي) ، من حديث أبي سعيد الخدري.
(30) سورة الأنفال / 46.
(31) الأحكام السلطانية للماوردي ص 37.
(32) بدائع السلك في طبائع الملك 1 / 185 - 397، 2 / 633 - 698، ويراجع كذلك مصطلح (إمامة كبرى) و (أولو الأمر) .

الموسوعة الفقهية الكويتية: 36/ 21