الحليم
كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...
جَعْل مَا وُجِدَ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَالنِّيَّةِ كَالْمَعْدُومِ . ومن أمثلته رفض نية الصوم يبطل الصوم، ولو لم يتناول مفطرات .
الرَّفْضُ: التَّرْكُ، يُقالُ: رَفَضْتُ الشَّيْءَ، أَرْفُضُهُ، رَفْضاً: إذا تَرَكْتُهُ. ومِنْ مَعانِيهِ: الرَّدُّ والطَّرْدُ والإِنْكارُ.
يُطْلَق مُصْطلَح (رَفْض) في الفقه في مَواطِنَ كَثيرَةٍ، منها: كتاب الطَّهارَةِ، باب: صِفَة الوُضوءِ، عند الكلامِ عن رَفْضِ نَيَّةِ الوُضُوءِ، وفي كتاب الصَّلاةِ، ويُراد به: قَطْعُ النِّــيَّةِ أثْناءَ الصَّلاةِ، أو العَزْمُ على ذلك. ويُطلَق في كتاب الصِّيامِ، باب: شُروط الصَّوْمِ، وفي كتاب البُيوعِ، باب: الـخِيار، وباب: الشُّفْعَة، وفي كتاب القَضاءِ، باب: الدَّعاوَى والبَيِّنات، وغَيْر ذلك مِن الأبْوابِ. ويُطْلَقُ في عِلمِ العَقيدَةِ، باب: الفرَق والأدْيان، عند الكَلامِ عن عَقِيدَةِ الرّافِضَةِ، وقد سُمُّوا بِذلك؛ لِتَرْكِهِم زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ رضي اللهُ عنه حين نَهاهُم عن الطَّعْنِ في الصَّحابَةِ رضي الله عنهم.
رفض
جَعْل مَا وُجِدَ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَالنِّيَّةِ كَالْمَعْدُومِ.
* معجم مقاييس اللغة : (2/224)
* لسان العرب : (6/190)
* تاج العروس : (10/61)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 193)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 369)
* الكليات : (ص 479)
* المجموع : (2/262)
* الـمغني لابن قدامة : (5/205)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 224)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/164)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (22/279)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (1/369)
* شرح الزرقاني على موطأ مالك : (1/66) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الرَّفْضُ فِي اللُّغَةِ: التَّرْكُ: يُقَال: رَفَضْتُ الشَّيْءَ أَرْفُضُهُ بِالضَّمِّ، وَأَرْفِضُهُ بِالْكَسْرِ رَفْضًا: إِذَا تَرَكْتَهُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: جَعْل مَا وُجِدَ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالنِّيَّةِ كَالْمَعْدُومِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْفَسْخُ:
2 - الْفَسْخُ نَقْضُ الشَّيْءِ وَإِزَالَتُهُ. تَقُول: فَسَخْتُ الْبَيْعَ وَالنِّكَاحَ إِذَا نَقَضْتَهُمَا (3) .
وَفِي هَذَا حَدِيثُ: كَانَ فَسْخُ الْحَجِّ رُخْصَةً لأَِصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ (4) " وَفَسْخُ الْحَجِّ: أَنْ يَنْوِيَ الْحَجَّ أَوَّلاً ثُمَّ يُبْطِلَهُ وَيَجْعَلَهُ عُمْرَةً. وَيُحِل ثُمَّ يَعُودَ فَيُحْرِمَ بِحَجَّةٍ. وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي بَحْثَيْ: إِحْرَام: (1 179) وَحَجّ: (5 287) .
ب - الإِْفْسَادُ:
3 - الإِْفْسَادُ مِنْ فَسَدَ الشَّيْءُ، وَأَفْسَدَهُ هُوَ: وَهُوَ ضِدُّ الصَّلاَحِ (5) .
ج - الإِْبْطَال:
4 - الإِْبْطَال هُوَ إِفْسَادُ الشَّيْءِ وَإِزَالَتُهُ حَقًّا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ أَوْ بَاطِلاً، وَاصْطِلاَحًا: الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ بِالْبُطْلاَنِ سَوَاءٌ وُجِدَ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ سَبَبُ الْبُطْلاَنِ، وَهُوَ مُرَادِفٌ لِلرَّفْضِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالرَّفْضِ:
أ - رَفْضُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فِي الْوُضُوءِ، فَإِذَا رَفَضَ النِّيَّةَ بَعْدَ كَمَال الْوُضُوءِ فَلاَ يُؤَثِّرُ هَذَا الرَّفْضُ.
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا رَفَضَ النِّيَّةَ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ رَجَعَ وَكَمَّلَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ قَرِيبًا عَلَى الْفَوْرِ فَلاَ يُؤَثِّرُ أَيْضًا. أَمَّا إِذَا رَفَضَهُ فِي أَثْنَائِهِ، ثُمَّ لَمْ يُكْمِلْهُ عَلَى الْفَوْرِ، بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ كَمَّلَهُ عَلَى الْفَوْرِ بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ أَوِ التَّنْظِيفِ، فَإِنَّهُ يَبْطُل وَيُعِيدُ مَا تَمَّ بِهَذِهِ النِّيَّةِ (6) .
وَالتَّفْصِيل فِي (وُضُوء) .
ب - رَفْضُ نِيَّةِ الصَّلاَةِ:
6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ رَفْضَ نِيَّةِ الصَّلاَةِ فِي أَثْنَائِهَا مُبْطِلٌ لَهَا، كَأَنْ قَطَعَ النِّيَّةَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ، أَوْ عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا، أَوْ تَرَدَّدَ هَل يَقْطَعُ أَمْ يَسْتَمِرُّ فِيهَا؟ وَطَال التَّرَدُّدُ، أَوْ يَأْتِي بِمَا يَتَنَافَى مَعَ نِيَّةِ الصَّلاَةِ؛ لأَِنَّهُ قَطَعَ حُكْمَ النِّيَّةِ قَبْل إِتْمَامِ صَلاَتِهِ فَفَسَدَتْ كَمَا لَوْ سَلَّمَ فِيهَا يَنْوِي قَطْعَ الصَّلاَةِ، وَلأَِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الصَّلاَةِ، وَقَدْ قَطَعَهَا بِمَا حَدَثَ، فَفَسَدَتْ (7) .
وَالتَّفْصِيل فِي (نِيَّة) (وَصَلاَة) .
ج - رَفْضُ نِيَّةِ الصَّوْمِ
7 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ: إِلَى أَنَّ رَفْضَ نِيَّةِ الصَّوْمِ يُبْطِل الصَّوْمَ وَلَوْ لَمْ يَفْعَل مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّ رَفْضَ نِيَّةِ الصَّوْمِ لاَ يُبْطِل الصَّوْمَ إِلاَّ بِمُبَاشَرَةِ مَا يُفْطِرُ (8) .
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (صَوْم) .
د - رَفْضُ الإِْحْرَامِ:
8 - رَفْضُ الإِْحْرَامِ لاَ يُبْطِلُهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (9) . (ر: إِحْرَام ف 128) .
جَاءَ فِي التَّاجِ وَالإِْكْلِيل " إِنَّ رَافِضَ إِحْرَامِهِ لَيْسَ رَفْضُهُ بِمُضَادٍّ لِمَا هُوَ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا رَفَضَ مَوَاضِعَ يَأْتِيهَا فَإِذَا رَفَضَ إِحْرَامَهُ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُخَاطَبُ بِهَا فَفَعَلَهَا لَمْ يَحْصُل لِرَفْضِهِ حُكْمٌ ".
وَقَال فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: وَإِنْ قَال فِي إِحْرَامِهِ مَتَى شِئْتُ أَحْلَلْتُهُ، أَوْ إِنْ أَفْسَدْتُهُ لَمْ أَقْضِهِ، لَمْ يَصِحَّ (10) ".
وَالتَّفْصِيل فِي (إِحْرَام) .
هـ - رَفْضُ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ:
9 - إِذَا أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَهَا بِإِحْرَامِ الْحَجِّ فَلاَ يَخْلُو مِنْ ثَلاَثِ صُوَرٍ: الأُْولَى: الإِْحْرَامُ بِالْحَجِّ قَبْل الْبَدْءِ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ:
يَجُوزُ إِدْخَال الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ بِأَدَاءِ أَعْمَال كِلاَ النُّسُكَيْنِ، وَيَكُونُ قَارِنًا عِنْدَهُمْ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَكِّيًّا أَمْ آفَاقِيًّا، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ مِنْ جَوَازِ الْقِرَانِ لِلْمَكِّيِّ (11) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: صَحَّ ذَلِكَ لِلآْفَاقِيِّ، وَيَصِيرُ قَارِنًا، وَلاَ يَصِحُّ لِلْمَكِّيِّ، فَإِذَا أَضَافَ الْمَكِّيُّ إِحْرَامَ الْحَجِّ عَلَى إِحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَلَمْ يَبْدَأْ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ، عَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَ الْعُمْرَةَ وَيَمْضِيَ عَلَى حَجَّتِهِ، وَعَلَيْهِ دَمُ الرَّفْضِ وَقَضَاءُ الْعُمْرَةِ؛ لأَِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَعْصِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَكِّيِّ، وَالنُّزُوعُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ لاَزِمٌ. وَإِنَّمَا يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ دُونَ الْحَجِّ؛ لأَِنَّهَا أَقَل عَمَلاً وَأَخَفُّ مُؤْنَةً مِنَ الْحَجَّةِ، فَكَانَ رَفْضُهَا أَيْسَرَ.
وَوَجْهُ وُجُوبِ الدَّمِ وَالْعُمْرَةِ قَضَاءً، هُوَ أَنَّهُ تَحَلَّل مِنَ الْعُمْرَةِ قَبْل وَقْتِ التَّحَلُّل فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ كَالْمُحْصَرِ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْعُمْرَةُ قَضَاءً بِسَبَبِ شُرُوعِهِ فِيهَا بِالإِْحْرَامِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ (12) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: الإِْحْرَامُ بِالْحَجِّ بَعْدَ تَمَامِ طَوَافِ الْعُمْرَةِ:
صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ لاَ يَصِحُّ إِدْخَال الإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ بَعْدَ الطَّوَافِ لِلْعُمْرَةِ لاِتِّصَال إِحْرَامِهِ بِمَقْصُودِهِ وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا فَلاَ يَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهَا، كَمَا عَلَّلَهُ الشَّافِعِيَّةُ (13) .
وَلأَِنَّهُ شَارِعٌ فِي التَّحَلُّل مِنَ الْعُمْرَةِ فَلَمْ يَجُزْ إِدْخَال الْحَجِّ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، كَمَا عَلَّلَهُ الْحَنَابِلَةُ (14) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَسْتَمِرُّ فِي أَعْمَال الْعُمْرَةِ وَيَرْفُضُ الْحَجَّ؛ لأَِنَّ الْعُمْرَةَ مُؤَدَّاةٌ، وَالْحَجَّ غَيْرُ مُؤَدًّى فَكَانَ رَفْضُ الْحَجِّ امْتِنَاعًا عَنِ الأَْدَاءِ وَرَفْضُ الْعُمْرَةِ إِبْطَالاً لِلْعَمَل، وَالاِمْتِنَاعُ عَنِ الْعَمَل دُونَ الإِْبْطَال، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (15) فَكَانَ رَفْضُ الْحَجِّ أَوْلَى.
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ مَنْ أَتَمَّ أَكْثَرَ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ، كَأَنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَأَكْثَرَ فَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ أَتَمَّ جَمِيعَهَا؛ لأَِنَّ لِلأَْكْثَرِ حُكْمَ الْكُل (16) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَصِحُّ إِضَافَةُ الإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ بَعْدَ الطَّوَافِ لِلْعُمْرَةِ، وَيَصِيرُ قَارِنًا لَكِنَّهُ يُكْرَهُ، مَعَ تَفْصِيلٍ عِنْدَهُمْ (17) .
الثَّالِثَةُ: الإِْحْرَامُ بِالْحَجِّ بَعْدَ أَنْ طَافَ أَقَل أَشْوَاطِ الْعُمْرَةِ:
قَال الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ، وَالْحَنَابِلَةُ: يَصِحُّ إِدْخَال الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْل تَمَامِ الطَّوَافِ وَيَمْضِي فِي أَعْمَالِهِمَا وَيَصِيرُ قَارِنًا (18) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ قَوْل بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ: لَوْ شَرَعَ فِي الطَّوَافِ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ، ثُمَّ أَحْرَمَ فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ؛ لاِتِّصَال إِحْرَامِهِ بِمَقْصُودِهِ، وَهُوَ الطَّوَافُ، فَلاَ يَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِ الْعُمْرَةِ (19) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِعُمْرَةٍ، وَطَافَ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْوَاطٍ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ: (الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ) ، لأَِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَعْصِيَةٌ، وَالنُّزُوعُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ لاَزِمٌ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا:
فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَرْفُضُ الْحَجَّ؛ لأَِنَّ إِحْرَامَ الْعُمْرَةِ قَدْ تَأَكَّدَ بِأَدَاءِ الشَّيْءِ مِنْ أَعْمَالِهَا وَهُوَ الطَّوَافُ، وَإِحْرَامُ الْحَجِّ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِأَيِّ عَمَلٍ، وَرَفْعُ غَيْرِ الْمُتَأَكِّدِ أَيْسَرُ؛ وَلأَِنَّ رَفْضَ الْحَجِّ امْتِنَاعٌ عَنِ الْعَمَل، وَرَفْضُ الْعُمْرَةِ إِبْطَالٌ لِلْعَمَل، وَالاِمْتِنَاعُ دُونَ الإِْبْطَال.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ، وَيَمْضِي فِي الْحَجِّ؛ لأَِنَّ الْعُمْرَةَ أَدْنَى حَالاً وَأَقَل أَعْمَالاً وَأَيْسَرُ قَضَاءً؛ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ بِالْوَقْتِ، فَكَانَ رَفْضُ الْعُمْرَةِ أَوْلَى (20) .
أَثَرُ الرَّفْضِ وَجَزَاؤُهُ:
10 - إِذَا رَفَضَ الْحَجَّ عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ فَعَلَيْهِ لِرَفْضِهِ دَمٌ؛ لأَِنَّهُ تَحَلَّل مِنْهُ قَبْل وَقْتِ التَّحَلُّل فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ كَالْمُحْصَرِ، وَعَلَيْهِ كَذَلِكَ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ؛ لأَِنَّ الْحَجَّةَ وَجَبَتْ بِالشُّرُوعِ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلِعَدَمِ إِتْيَانِهِ بِأَفْعَال الْحَجَّةِ فِي السَّنَةِ الَّتِي أَحْرَمَ فِيهَا فَصَارَ كَفَائِتِ الْحَجِّ. وَإِذَا رَفَضَ الْعُمْرَةَ عَلَى قَوْلِهِمَا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَقَضَاءُ الْعُمْرَةِ؛ لأَِنَّهُ أَدَّى الْحَجَّ، وَالْعُمْرَةُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ (21) .
هَذَا، وَإِنْ مَضَى فِيهِمَا، وَلَمْ يَرْفُضِ الْحَجَّ وَلاَ الْعُمْرَةَ صَحَّ؛ لأَِنَّهُ أَدَّى أَفْعَالَهُمَا كَمَا الْتَزَمَهُمَا غَيْرَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا، وَالنَّهْيُ لاَ يَمْنَعُ تَحَقُّقَ الْفِعْل كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ دَمٌ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا؛ لأَِنَّهُ تَمَكَّنَ النُّقْصَانُ فِي عَمَلِهِ؛ لاِرْتِكَابِهِ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ، وَهَذَا دَمُ إِجْبَارٍ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ، وَدَمُ شُكْرٍ فِي حَقِّ الآْفَاقِيِّ (22) .
وَتَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ فِي (إِحْرَام) وَ (قِرَان ف 22 - 27)
__________
(1) لسان العرب.
(2) مواهب الجليل 1 / 240، الزرقاني 1 / 66.
(3) لسان العرب.
(4) حديث: " كان فسخ الحج رخصة لأصحاب النبي " ورد من حديث بلال بن الحارث قال: قلت: يا رسول الله، فسخ الحج لنا خاصة، أو لمن بعدنا؟ قال: بل لكم خاصة. أخرجه أبو داود (2 / 399 - 400 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ونقل المنذري عن الإمام أحمد أنه قال: " إنه لا يثبت " كذا في مختصر السنن (2 / 331 - نشر دار المعرفة) ولكن معناه ثابت من حديث أبي ذر في صحيح مسلم (2 / 897 - ط الحلبي) .
(5) لسان العرب.
(6) مواهب الجليل 1 / 240، الزرقاني 1 / 66، روضة الطالبين 1 / 19 - 50، كشاف القناع 1 / 86، 87
(7) الزرقاني 1 / 196، مواهب الجليل 1 / 515، نهاية المحتاج 1 / 457، روضة الطالبين 1 / 225، كشاف القناع 1 / 317، المغني 1 / 466 - 468
(8) الدر المختار 2 / 123، التاج والإكليل 3 / 48، روضة الطالبين 1 / 225، المغني 3 / 118، كشاف القناع 2 / 316.
(9) التاج والإكليل 3 / 8 - 49، روضة الطالبين 1 / 225.
(10) كشاف القناع 2 / 409، والتاج والإكليل 3 / 48.
(11) المواق مع الحطاب 3 / 50، 51، ومغني المحتاج 1 / 514، والمغني لابن قدامة 3 / 72، 484
(12) البدائع 2 / 169، 170، وفتح القدير 3 / 43، 44، والزيلعي 2 / 74، 75
(13) مغني المحتاج 1 / 514.
(14) المغني لابن قدامة 3 / 484.
(15) سورة محمد / 33.
(16) فتح القدير 3 / 44، وتبيين الحقائق للزيلعي 2 / 74، 75
(17) الحطاب وبهامشه المواق 3 / 53، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 28، 29
(18) الحطاب 3 / 50، 51، والمغني لابن قدامة 3 / 472.
(19) مغني المحتاج 1 / 514، والحطاب مع المواق 3 / 50، 51
(20) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 2 / 169، 170، وتبيين الحقائق للزيلعي 2 / 74، 75، وفتح القدير مع الهداية 3 / 43 - 45
(21) المراجع السابقة.
(22) الهداية مع شروحها 3 / 45.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 278/ 22