الحافظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...
عن أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه قال: بَينَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ الله ﷺ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَة، فَقَال: يا رسول الله، هَل بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيءٌ أَبُرُّهُمَا بِهِ بَعدَ مَوتِهِما؟ فقال: «نَعَم، الصَّلاَةُ عَلَيهِما، والاسْتِغْفَارُ لَهُما، وإِنْفَاذُ عَهدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِم الَّتِي لاَ تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا، وإِكرَامُ صَدِيقِهِما».
[ضعيف.] - [رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد.]
الحديث يشير إلى أنَّ بر الوالدين لا يقتصر عليهما بل يتعدَّاهما إلى أصدقائهما، وأحبائهما، ولا يتوقف على حياتهما بل إنه يستمر حتى بعد موتهما، وسؤال الصحابي: "هَل بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيءٌ أَبُرُّهُمَا بِهِ بَعدَ مَوتِهِما؟" يدل على أنه كان باراً بوالديه، كما يتضمن استعداده وحبه للخير. وأوجه البر ما ذكره عليه الصلاة والسلام أولا: " الصلاة عليهما" يعني الدعاء لهما، فالصلاة هنا بمعنى الدعاء. الثاني: "الاستغفار لهما"، وهو أن يستغفر الإنسان لوالديه، يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي، وما أشبه ذلك. وأما الثالث: "إنفاذ عهدهما" يعني: إنفاذ وصيتهما. الرابع: الصدقة لهما، فإن الصدقة تنفع الوالدين، كذلك أيضا إكرام صديقهما، يعني إن كان له صديق فأكرمه، فإن هذا من بره. الخامس: صلة الرحم التي لا صلة لك إلا بهما، يعني صلة الأقارب فإن هذا من برهما. فهذه خمسة أشياء: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإكرام صديقهما، وإنفاذ عهدهما، وصلة الرحم التي لا صلة لك إلا بهما، هذه من بر الوالدين بعد موتهما.
بَنِي سَلِمَة | بطن من الأنصار، وليس في العرب سلمة بكسر اللام غيرهم. |
شَيءٌ أَبُرُّهُمَا بِهِ | أي لأبُرُّهمَا به. |
الصَّلاَةُ عَلَيهِما | أي الدعاء لهما. |
والاسْتِغْفَارُ لَهُما | أي وتدعو بالمغفرة لهما. |
وإِنْفَاذُ عَهدِهِمَا | أي إمضاء ذلك من وصِيَّة وصدقة وغير ذلك. |
وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، | أي صلة أرحام الوالدين اللذان هما سبب فيها. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".