الحفي
كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...
عن عَدِي بن حاتم رضي الله عنه قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «اتَّقُوا النَّار ولو بِشِقِّ تمرة». وفي رواية لهما عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما منكم من أحد إلا سَيكَلِّمُه رَبُّه ليس بينه وبينه تُرْجُمان، فينظر أيْمَن منه فلا يرى إلا ما قَدَّم، وينظر أَشْأَمَ منه فلا يَرى إلا ما قَدَّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تَلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بِشقِّ تمرة، فمن لم يجد فبِكَلمة طيِّبة».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
إن الله سبحانه وتعالى سيكلم كل إنسان على حدة يوم القيامة، بدون مترجم، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم من العمل، وينظر عن يساره فلا يرى إلا ما قدم من العمل، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: فاتقوا النار ولو أن تصدقوا بنصف تمرة أو أقل، فإن لم يجد نصف تمرة يتصدق بها ويتقي بها النار، فليتق النار بكلمة طيبة؛ لأن العمل الصالح يقي صاحبه النار.
اتَّقُوا النار | اجعلوا بينكم وبينها من العمل الصالح ما يحفظكم من دخولها. |
شِقّ | شق الشيء: نصفه. |
التُّرجمان | هو الذي يترجم الكلام، أي: ينقله من لغة إلى لغة أخرى. |
أيْمَن منه | أي: يمنيه، ووقع في رواية عند البخاري: "فينظر عن يمينه". |
أَشْأَمَ منه | أي: شماله، ووقع في رواية عند البخاري: "ثم ينظر عن شماله". |
تِلقَاءَ وجهه | جهة اللقاء والمقابلة، والمعنى: مقابلة وجهه، ووقع في رواية عند البخاري: "ثم ينظر بين يديه فتستقبله النار". |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".