شروط الصلاة
عن أبي مَحْذُورة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أولُ الوقت رِضْوَان الله، ووسَط الوقت رحمة الله، وآخر الوقت عَفْو الله».

شرح الحديث :


أداء الصلاة في أول وقتها رضا الله الذي لا يُعادله شيء، ويستتبع ما لا يكاد يخطر على بال أحد، قال تعالى: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)، ولما قال الله -تبارك وتعالى- لأهل الجنة: يا أهل الجنة؟ فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نَرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خَلقك، فيقول: أنا أُعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا ربِّ، وأيُّ شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحِل عليكم رِضْوَاني، فلا أسْخَط عليكم بَعْدَه أبدًا، -متفق عليه-، فرضا الله تعالى أفضل أنواع النَّعيم. وأداء الصلاة في ما بين أول الوقت وآخره رحمة الله وتفضله وإحسانه على عبده، فهي دون مرتبة الرضا. وأداؤها في آخر وقت الصلاة عَفْو الله ولا يكون إلا من تقصير، والتقصير هنا: بالنِّسبة لسَبق من أدى الصلاة في أول وقتها. قال الإمام الشافعي: رضوان الله أحب إلينا من عَفوه، فالعفو يشبه أن يكون للمقصرين.
ومحل استحباب المبادرة بالصلاة في أول وقتها، هذا من حيث الأصل وإلا فقد يكون تأخيرها عن أول وقتها أفضل، كصلاة الظهر إذا اشْتَدَّ الحرُّ، فإن السُّنة تأخيرها إلى وقت الإبِرَاد، وكذلك وقت العشاء، فإن السُّنة تأخيرها عن أول وقتها، وقد ثبتت بذلك سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-. والحديث ضعيف ويغني عنه حديث: أي العمل أفضل؟ قال: (الصلاة على وقتها). متفق عليه.

معاني الكلمات :


رضوان الله بكسر الرَّاء: رضاء الله، عكس سخطه.
رحمة الله تفضُّله وإحسانه على عبده، فهي دون مرتبة الرضا.
عفو الله تجاوزه ومسامحته.

فوائد من الحديث :


  1. استحباب أداء الصلاة المفروضة في أول وقتها؛ طلبا لرِضوان الله -تعالى-، فإن لم يكن ذلك فَلتؤد في وسطه؛ لنَيل رحمة الله -تعالى-، أما أداؤها في آخر الوقت، ففيه تَكاسل وتَثاقل عن الطَّاعة، فمن أخرها إلى آخر وقتها، فإن الله تعالى يَعفو عنه، ويسامحه على تَكاسله وعدم مُبادرته .
  2. أن أفضل المراتب الثلاث: رِضوان الله، ثم رحمة الله، ثم عَفو الله، والعفو لا يكون إلا بعد شيء من التَّقصير .
  3. فضيلة النشاط في العبادة، والمبادرة إليها، والإتيان إليها برغبة؛ قال تعالى: ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) [مريم: 12]، وقال تعالى: ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) [الأعراف: 171]، وذم المنافقين بقوله: (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلًا)، [النساء : 142] .

المراجع :


  • سنن الدارقطني، تأليف: علي بن عمر بن أحمد الدارقطني، حققه وضبط نصه وعلق عليه: شعيب الارنؤوط، وغيره، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
  • ضعيف الجامع الصغير وزيادته، تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، أشرف على طبعه: زهير الشاويش.
  • توضيح الأحكام مِن بلوغ المرام، تأليف: عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح البسام، الناشر: مكتبة الأسدي، مكة المكرّمة الطبعة: الخامِسَة، 1423 هـ - 2003 م.
  • فتح ذي الجلال والإكرام، شرح بلوغ المرام، تأليف: محمد بن صالح بن محمد العثيمين، الناشر: المكتبة الإسلامية، تحقيق: صبحي بن محمد رمضان، وأُم إسراء بنت عرفة.

ترجمة نص هذا الحديث متوفرة باللغات التالية