المقدم
كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...
عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترتْ بَريرَة مِنْ أُناسٍ من الأنصار واشْتَرَطوا الوَلاء، فقال رسول الله ﷺ: «الوَلاءُ لِمَنْ وَلِيَ النِّعْمَة»، وخَيَّرَهَا رسول الله ﷺ وكان زوْجُها عبْدا، وأهدَتْ لعائشة لحْما، فقال رسول الله ﷺ: «لو صَنَعْتُم لنا من هذا اللحم»، قالت عائشة: تُصُدِّقَ به على بَرِيرَة، فقال: «هو لها صدَقة ولنا هديَّة».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
أفاد الحديث أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها اشترت بريرة وأعتقتها فأراد أصحابها أن يكون ولاؤها لهم, فأخبرها عليه الصلاة والسلام بأن هذا الشرط لا يصح، وأن من أنعم بالعتق على العبد يكون ولاؤه له، و وبريرة كانت زوجة لعبد اسمه مغيث، فلما تحررت وملكت نفسها خيَّرها عليه الصلاة والسلام بين أن تبقى تحته, أو تفارقه؛ لأنها صارت أعلى منه رتبة بحريتها، ثم إنه أهدي لها لحم, فأرسلت لعائشة منه, فأراد عليه الصلاة والسلام أن يأكل منه, فأخبرته عائشة رضي الله عنها بأنه صدقة أعطيت لبريرة, وهو عليه الصلاة والسلام لا يأكل الصدقة, فأخبرها عليه الصلاة والسلام بأن بريرة ملكته عن طريق الصدقة, وينتقل إلى النبي عليه الصلاة والسلام بطريق الهدية, فيتغير حكمه, ويصير هدية وهبة, فلا يحرم عليه ولا على أهل بيته.
الولاء | حق ثبت بوصف، وهو الإعتاق فلا يقبل النقل إلى الغير بوجه من الوجوه. |
لِمَنْ وَلِيَ النِّعْمَة | لمن تولَّى نعمة الإعتاق. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".