المحسن
كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...
العربية
المؤلف | عمر القزابري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب |
إن مما يجب التنبيه عليه والاهتمام بشأنه وتوجيه النظر إليه هو تربية الجيل الذي يقود معركة الحياة في المستقبل القريب وتلقيحه بمادة الإيمان والدين وتعويده على محاسن الشيم وممارسة الأخلاق، ثم يساق بمرونة ورطوبة إلى ما يتطلب المستقبل من القيام بشتى المسئوليات، وإلى ما ينتظره العصر الذي يعيش فيه من تحمل التضحيات، وعليه بعد ذلك أن يتسلح بسلاح العصر للمساهمة في ..
الحمد لله المتفرد باسمه الأسمى، والمختص بالملك الأعز الأحمى؛ الذي ليس من دونه منتهى ولا ورائه مرمى، الظاهر لا تخيلاً ووهمًا، الباطن تقدسًا لا عدمًا.. وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وأسبغ على أوليائه نعما عُما، وبعث فيهم رسولاً من أنفسهم عربًا وعجمًا، وأذكاهم محتدًا ومنما، وأشدهم بهم رأفة ورحمة حاشاه ربه عيبًا ووصمًا وذكاه روحًا وجسمًا وآتاه حكمة وحكمًا؛ فآمن به وصدقه من جعل الله له في مغنم السعادة قسمًا، وكذّب به وصدف عنه من كتب الله عليه الشقاء حتمًا، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى.. صلى الله عليه صلاة تنمو وتنمى وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
معاشر الصالحين : إن الإسلام شريعة الله التي جاءت للإسعاد والإرشاد والإنقاذ جاءت لتخرج الناس من ظلمات الغي وغيابات الضلال، جاءت لتمنح العبد الشعور بآدميته وإنسانيته ومكانته عند ربه سيده وموجده.
والإسلام -شرائع وأحكام أوامر ونواهي- يخاطب أولي النهى وأصحاب الاستبصار الذين يدركون المعنى ويغوصون في الأسرار، وهو على عظمته جلي في مراميه واضح في معانيه ميسر في مبانيه، فيه روح وريحان وأرج وما جعل على المنتسب إليه فيه من حرج؛ لا شطط ولا زيغ ولا عوج، ولكنه دين تدرك لذته بأن تعيشه كيانا، وتخالط بشاشته قلبك روحا ووجدانا، وتذوق لذته وتعيش فرحته؛ فهو شعائر وليس شعارات، وبصائر وبشائر وعبارات وإشارات.
ولذلك لما ذاق الجيل الأول هذه المعاني، وفهموا أنه دين التجافي عن الفاني؛ قاموا لله قانتين، وفي سبيله مجاهدين، وفي أرضه دعاة ومصلحين.. إذا ما أرخى الليل سدوله ولجو ضياء الآنين واحتموا بالاستغفار وأظهروا الحنين، وإذا ما أرادهم أحد أن يقبلوا الدنية في دينهم ويتنازلوا عن مبادئهم ويقينهم كانت نجوم السماء أقرب إليه من طليبته وخاب وخسر وتردى في خيبته، صدقوا ما عاهدوا الله عليه ووفوا بعهده حتى صاروا إليه فكان أن رضي الله عنهم وأعد لهم جنات ورفع ذكرهم وأعلى لهم المقامات وركز حبه في قلوب الصادقين فلا يقع فيهم إلا أصحاب الخيبة والحسرات.
ثم لم يزل أتباعهم بإحسان يسيرون على النهج بغاية إذعان، ثم توالت الأيام ومرت الأزمان وبدأ أمر الدين في نقصان، فخلف خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وعبدوا الدنيا وأطاعوا النزوات، فتغير الحال بتغير الحال؛ فإن الأحوال تصلح بفضائل الأعمال، وبتطبيق شرع ذي الجلال، ومن أعرض عن الهدى فقد تعرض للشتات والزوال، وساءت عاقبته في الحال والمآل وذلك أمر مسلم بلا جدال.
أيها الأحباب : تأملنا في حال الأمة ما بين ماضيها المشرق وحاضرها المظلم المطبق فوجدنا أن السر يكمن في التعاطي مع الإسلام، والتحلي بالانقياد والاستسلام، فلقد كانت الأمة في مجد وألق وأرج وعبق النفوس صادقة، والقلوب بموعود الله واثقة، والإخلاص ينبوع الأعمال ورضا الله منتهى الآمال، من حكم فيهم عدل ومن عاهد وفى وأجزل، أعين إلى المعالي ناظرة ووجوه من البشر ناضرة، العلم عندهم قال الله قال رسوله والعمل قصده منه قبوله.
سلموا من اللوثات الفكرية السقيمة، ونجوا من النظريات المصدرة العقيمة التي لا وزن لها ولا قيمة، إخوتهم شعار ومحبتهم ديثار وعنوانهم الإيثار (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر:9]
نظروا إلى الدنيا نظر الموقن بالرحيل، فرضوا منها بالقليل، وكان حاديهم ينادي قد أزف الرحيل، فشمروا عن السواعد وجعلوا الطاعة جمان القلائد، فهذه حلاهم في أواخر سورة الفتح دليلا على ما أكرموا به من عظيم النفح (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح:29]
واليوم في ظلمات الغيهب نذهب في محاولات الخروج منه كل مذهب؛ فإنه لا سبيل لنا إلى الخروج من حالة التلف والإتلاف إلا باقتفاء أثر هؤلاء الأسلاف.
أيها الأحباب: إن الأمة اليوم تتعرض لغارات متتالية وهجمات متوالية، القصد منها فصل الأمة عن ماضيها التليد، وزرع فكر جديد وليد بليد، وإطفاء حرارة الإيمان وتعويضها ببرودة الجليد.
وكان في طليعة المستفيدين من هذه الهجمات الشباب؛ لأنهم عُمد الأمة الذين إذا صلحوا زالت الغمة، وانكشفت الظلمة، ولذا وجب سد الباب وتلقيح اللباب ببينات الكتاب.
أيها الأحباب : إن مما يجب التنبيه عليه والاهتمام بشأنه وتوجيه النظر إليه هو تربية الجيل الذي يقود معركة الحياة في المستقبل القريب وتلقيحه بمادة الإيمان والدين وتعويده على محاسن الشيم وممارسة الأخلاق، ثم يساق بمرونة ورطوبة إلى ما يتطلب المستقبل من القيام بشتى المسئوليات، وإلى ما ينتظره العصر الذي يعيش فيه من تحمل التضحيات، وعليه بعد ذلك أن يتسلح بسلاح العصر للمساهمة في معركة النصر معركة المعرفة وكشف اللثام عن المكر.
ومما لا ريب فيه ولا شك يعتريه أن تربية الجيل الصاعد واقتصاء المجهود في تقويم أخلاقه وتسوية اعوجاجه، وإرشاده إلى طريق الدين وجاداته، وإزالة الرواسب والأخطاء عن أفكاره ضرورة تتصل بحياة المجتمع العام الذي ينتظر أن يأخذ هؤلاء بالزمام، ومسئولية لا يحس بها إلا من له دين يراقبه وضمير يحاسبه؛ فإنه لا دنيا بدون دين ولا حياة بدون أخلاق ولا نهضة بدون تربية.
وإن الأمة التي تقوم على الفوضى والحرية المطلقة بلا كبح جماح؛ لا يقام له وزن ولا يكتب لها نجاح، وإن لكل جين رسالة يجب أن يؤديها بمجموعة عناصرها في إطار العقيدة التي تلقاها عن طواعية واختيار، وفي نطاق الفطرة التي فطر الله الناس عليها وهي فطرة التوحيد والإيمان والإقرار والاستقرار.
وإن الشباب الحاضر في أمس الحاجة إلى من يأخذ بيده حتى يتحقق بدينه ورسالته ويتمسك بمبادئه ومقدساته، وحتى لا يتعود الباطل ويجعل أنفه في قفاه كلما رأى باطل اقتفاه، وحتى يتخلص من جوانب الشهوات ودوافع المغريات، ولذلك فإن كل من يشعر بهذا الواجب المقدس يشفق على شباب العصر ويتأسف على ضياع الوقت الشيء الذي قد يجعله عرضه لغارات الزمان وهدف لآفات الحدثان.
ومن الواجب علينا أباء ومربين أن نذكره وننصحه برسم الطريق أمامه وجعل الهدى إمامه لاسيما والعوامل الأجنبية تتوافر وتتآمر على المجتمع الإسلامي فتزرع الفوضى في صفوفه وتبيت الخروج عن حد استقامته مما يؤدي إلى إغفال الشخصية ونسيان التاريخ وتعرضيه للصوصية الاستعمار الذي تتشابه مناكبه في العرض وتتضامن شياطينه في الأرض.
جعلني الله وإياكم ممن ذكر فنفعته الذكرى وأخلص لله عمله سرا وجهرا أمين ،أمين والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ولي الصالحين وناصر المتقين الذي يدعو إلى دار السلام من خلال الأمر بالتزام أحكام الإسلام، وصلاة ربي وسلامه على إمام الفضائل والمكارم الذي تجلى وتحلى بكل فضيلة ودعا إلى كل جليلة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون ومن تبعهم بإحسان جيل بعد جيل إلى يوم يبعثون.
معاشر الصالحين: إن فترة الشباب هي أهم مراحل العمر وهي نعمة من أعظم النعم وفرصة لا تتكرر؛ فالشباب والقوة هما الطيبات التي ذكر الله -تعالى- في قوله (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا) وهما أحسن التقويم في قوله تعالى (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين:4]
وعهد الشباب من المعاهد الإنسانية التي لا يفارقها المرء طائعا أبداً، ولا يفتأ الشيخ يحن إليها، ولا يرضى منها بالعوض، قال كعب بن زهير -رضي الله عنه-:
بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَ | ولا أرى لشبابٍ ذاهبٍ خلَفا |
وقال المعري:
وقد تعوضت عن كل بمشبهه | فما وجدت لأيام الصبا عوضا |
والشباب من المسائل التي يسأل عنها العبد يوم القيامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تزول قدم ابن أدم يوم القيامة حتى يسئل عن خمس عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وماذا عمل فيما علم".
وتلحظون -رعاكم الله- أنه جاء في الحديث: "عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه" مع أن الشباب هو من العمر وذلك من عطف الخاص على العام المشعر بالاعتناء تنبيها على عظم المسئولية في فترة الشباب وأن في طرفي العمر من التساهل ما ليس في فترة الشباب.
فعلى الشباب أن يكون على مستوى المسئولية وأن يشكر نعمة الله عليه بصرفها في طاعته فيوجه هذه الحيوية والطاقة الغريزية إلى خدمة دين الله والتثبت بمركزاته والذب عن مقدساته لتكون قوة طامحة بناءة لا قوة جامحة هدامة ولئلا ينشد لسان حال الدين في أبناء شبابه.
وإخوانا حسبتهم دروعا | فكانوها ولكن للأعادي |
وخلتهم سهاما صائبات | فكانوها ولكن في فؤادي |
إن عليكم مسئولية عظيمة تتجلى أولا في تحصيل العلم؛ فلا نهضة بلا علم، والتخلص من أوهام المبطلين ودعاوي المرجفين؛ الذين يريدون تفكيك شخصية الشباب من خلال تميعهم والزج بهم في أمور لا تتناسب وبناءهم الروحي الذي أراد الإسلام.
هل يليق بالشاب المسلم أن يرتمي في أحضان الملاهي، أو أن يذبح عمره على عتبات المقاهي، أو يهدر طاقاته في المخدرات، أو ينحر عزمه في المنكرات والشهوات، أو أن يكون رقما من أرقام التفاهة في مسابقات الغناء التي تكاثرت وتناسلت وشغلت الملايين وانخدع بها الشباب المسكين ووقع في حبال الذين يريدون ذبح رجولته بأحدِّ سكين.
إن أمانة الاستخلاف تدعو إلى الانعتاق من هذا الإسفاف؛ هل من المروءة في شيء أن تقف الشابة شبه عارية تغني وتشدوا شدو النشاز تحت تأثير الابتزاز؛ ابتزاز الأرواح الذي هو أخطر من كؤوس الراح.
إنها أحابيل نصبت للإيقاع بالشباب والتطويح بهم في أودية التباب وذلك حتى لا تقوم لهم قائمة.
يا شباب الإسلام، يا شباب الإسلام: إنكم خلفاء مصعب والزبير والمقداد وسعد بن معاذ، وإن عليكم مسئولية إحياء تلك السير من خلال تشبعكم بالثقافة الدينية التي تمنحكم الاعتبار تجعلكم تمشون على أرض الله وعندكم هدف إحياء من اندثر من المعالم وإظهار من انطمس من المكارم.
إن حبل اللهو قصير، وإن العمر من بين أيديكم يطير، وإلى الله المصير، وإن الحمل ثقيل وخطير، وإن أمتكم -وخصوصا اليوم وهي تعيش ما تعيشه من مؤامرات التمزيق ومخططات التفريق- تنتظر منكم فيأة إلى دينكم ورجعة إلى ربكم؛ حتى تبنوا قنطرة وصل بين حاضرها وماضيها.
هل من اللباقة واللياقة في شيء أن ينشغل الشباب بمسابقات الغناء، أو ينغمسوا في متابعة المباريات وهجر الصلوات، في الوقت الذي يطحن ويباد فيه المسلمون في سوريا وبورما والعراق وفي أماكن شتى.
في الوقت الذي تتضافر فيه كل القوى من أجل تمزيق الممزق وتجزيئ المجزئ وتفكيك المفكك وتفتيت المفتت، لا تقل من أنا وأين أنا وماذا سأفعل أنا؟ قم بواجبك تعلما ودعوة وإصلاحا وتوجيها؛ فرب شخص واحد فتح الله له فغير على يديه مسار جماعة من المسلمين، فهذا كتاب بين أيديكم، وسوف يسأل الكل عنه في مشهد العظمة الذي ترتجف عنده القلوب وتعجز فيه السوق عن الحمل، فتشدوا الخلائق عند ظهور الحقائق عندما يدعى كل واحد باسمه للعرض على الله، فيكون من الأسئلة ما علاقتك بهذا الكتاب؟ ماذا قدمت نصرة لهذا الكتاب؟ هل عمرت به حياتك؟ هل جعلته عنوانك وكيانك ووجدانك ؟
قال تعالى عن القرآن: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) [الزخرف:44] وإنه لذكر: أي إنه لشرف لك يا محمد وشرف لأمتك فها هو الشرف فأين المستشرف؟!
القرآن يقول للأمة الشرف هنا فتعالوا، العلاج هنا فأقبلوا لو نزلت بأحدنا حمى لبادر إلى العلاج فهذه أرواحنا وقلوبنا قد مرضت فلماذا لا نقصد العلاج وهو بين أيدينا وفي متناولنا؟!
أيها الحبيب: مرض القلب أشد الأمراض وعلاجه من أصح الأعراض؛ فيا من مرض فؤاده ومل عواده تراجع الطبيب في الحمى وأين الطبيب من الأجل المسمى؟! تنهي بسرك إلى الطبيب وليس عليك في ذلك من تثريب، أما مرض قلبك فإنه -والله- لا ينعشك إلا من صرعك كما لا يحصدك إلا من زرعك.
استشفي بالقرآن فإنه بحر يجيش إلى الأبد وعلاج غيره يطيش كالزبد، ومن الزبد ما هو جفاء وننزل من القرآن ما هو شفاء.
أيها المسلمون: إنكم مدعون إلى القيام بواجبكم، ومسئولون عن تربية أولادكم والمحافظة على صبغة دينهم وتحسين وضعية انتمائهم، كما أنكم ملومون عن تعريضهم لمن يتلاعب بعقولهم ويتصرف في نفوسهم فقد قال -صلى الله عليه وسلم- "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
وإنما ينقش في عقل الصغير -وهو خالي من الشواغل- لا يقبل الزوال أبداً، وإن خطر المبادئ والعقائد أكبر من كل خطر وأعظم من كل ضرر، وإن خير القلوب أوعاها للخير وأجس القلوب للخير ما لم يسبق إليه الشر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم:6]
فراقبوا عقائدهم؛ فإن الخطر داهم، وإن النزال قائم؛ فإما نصر، وإما كسر؛ فإن التنصر يقتحم وإن التشيع ينتقم، وإن الأمانة عظيمة والمسئولية جسيمة هذا وعلى الهامش منتحلة أقلام ومزوقة كلام ينشرون السموم ويدعون إلى السموم يحاولون اسقاط هيبة الدين ويتقيئون في كل حين.
فالقرآن القرآن والسنة السنة؛ فإنهما سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وغرم، ولا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم.
اللهم أصلح أحوالنا واجعل بطاعتك اشتغالنا وإلى الخيرات مآلنا..