البحث

عبارات مقترحة:

الولي

كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...

المعطي

كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...

لماذا نصوم؟

العربية

المؤلف الحسين أشقرا
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام
عناصر الخطبة
  1. الحكمة من تشريع الصيام .
  2. الصيام ودوره في تربية الأمة وإصلاحها .
  3. شروط قبول الصوم .
  4. سمات الصوم المقبول .
  5. الحذر من مفسدات الصيام .
  6. شهر رمضان فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله . .

اقتباس

إن شهر رمضان فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله -عز وجل- بالحفاظ على الدين، واستثمار الأوقات في طاعة الله - تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلنتخذ منه سبيلاً للعمل المتواصل؛ إذ ليس لدى المسلم وقت يضيعه أو فراغ يشكو منه، بل يشكر نعمة العقل الذي وهبه الله له.. ولكي يستغل وقت فراغه نقول له: إذا فرغت من الأعمال فعليك بطاعة الله -تعالى-.. فالمسلم إذا فرغ من أداء العبادات المفروضة. والأعمال الدنيوية أن يتفرغ للدعاء والذكر وتلاوة كتاب الله وأداء النوافل، وبذل المال في أبواب الخير وصلة الأرحام، واللجوء إلى الله -تعالى- والرغبة فيما عنده...

الخطبة الأولى:

 الحمد لله مدبر الليالي والأيام، ومصرف الشهور والأعوام، الملك القدوس السلام، ميز شهر رمضان بفريضة الصيام ...

أيها المسلمون والمسلمات: لماذا نصوم؟..

الجواب على هذا السؤال غير مطلوب، وإنما المطلوب جواب سؤال آخر وهو، ما سبب طرح هذا السؤال؟

الجوب يكمن في أن أغلب المسلمين، يدخل عليهم شهر رمضان وتمضي أيامه ثم يخرج فلا يتغير من حياتهم شيء إلى الأفضل!! إذن هناك خلل... ربما في أن الصوم الذي هو عبادة، صار عادة فارغة من الغاية التي من أجلها شُرعت...

ربما سمع المسلم بأن الناس يصومون فصام... وسمعهم يُفطرون فأفطر!! ونحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر، فنجد والحمد لله أنه كُلما أقبل رمضان المبارك، استقبله المسلمون بالفرح والسرور لدرجة تبادل التهاني والتبريكات عبر الهواتف والرسائل الإلكترونية وغيرها... يرجون فيه الرحمة من الله تعالى، والمغفرة والعتق من النيران، خاصة وأن مناد ينادي : "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر".. فيقبل أهلُ الإيمان على ربهم بالطاعات وإعمار بيوت الله ليل نهار..

ولأن شهر رمضان يحتاج منا إلى شَرطين أساسين ليقبل الله طاعتي الصيام والقيام ويغفر للطائعين...

الشرط الأول: الإيمان بأن الذي فرض الصيام هو الله –تعالى- الذي لا يفرض على عباده شيئًا يضرهم أو يشق عليهم، ولهذا فالمسلم الحقُّ لا يتضايقُ من رمضان، ومن تضايق فقد كره ما أنزل الله (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) [محمد: 9]...

والشرط الثاني: الاحتساب، ومعناه أن يؤمن الصائم بأن كل أعماله ومشقته في أداء الطاعات في هذا الشهر الكريم، مسجلة في كتاب كل واحد منا يقرأه يوم القيامة (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) [الإسراء: 71].

ولذلك ربط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أداء الصوم وقبوله والمغفرة بعده بهذين الشرطين بقوله: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

ولقد أعدَّ اللهُ سبحانه لعبده الصائمين فضلاً كبيرًا وأجرًا عظيمًا، فقال عز من قائل: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقانِتيِن وَالْقانِتَاتِ وَالصَّادِقِيَن وَالصَّادِقات وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِيَن وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِيَن فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كثِيرا وَالذَّاكِرَاتِ أعَدَّ اللَّهُ لهُمْ مَغْفِرَةً وَأجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 35]...

وقد أضاف الله -تعالى- عبادة الصوم لنفسه إضافة تشريف وتعظيم لها من بين سائر العبادات. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فإِنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ، وَلا يَصْخَبْ فإِنْ سَابَّهُ أحَدٌ، أوْ قاتَلهُ فلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لخُلُوفُ فمِ الصَّائِمِ أ طْيَبُ عِنْدَ اللِه مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أفْطرَ فرِحَ، وَإِذَا لقِيَ رَبَّهُ فرِحَ بِصَوْمِهِ" (متفق عليه).

 فالصوم سر بني العبد وربه، فإِن الصائمَ قد يكون في مكان وموضِعٍ خالٍ من الناس، وبإمكانه أن يتناول ما حرَّم الله عليه بالصيام فلا يفعل، من الذي منعه؟ منعه أنه يعلم علم اليقين أن له ربًّا رقيبًا يطَّلع عليه في أمره كله، فيتركه لله خوفًا من عقابه، ورغبةً في ثوابه، فشكر الله له هذا الِإخلاص، فهو سبحانه أكرَمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجودين، فضله واسع، وكرمه غير محدود، والعطيَّةُ تقدر بقدر مُعْطيها.

وقد خص –سبحانه- بابًا من أبوب الجنة باسم الريان للصائمين فقال عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقالُ لهُ الريانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أحَدٌ غيْرُهُمْ يُقالُ أيْنَ الصَّائِمُونَ فيَقُومُون لا يَدْخُلُ مِنْهُ أحَدٌ غيْرُهُمْ، فإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فلمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أحَدٌ"، فهل بعد هذا التكريم إكرام؟ وهل بعد هذا الفضل الكبير فضل؟ وهل بعد هذا الأجر العظيم أجر؟... أترك لكم الاختيار للجواب، وندعو الله أن يجعلنا من أهل طاعته وفضله وكرمه.

 نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبما فيه من الذكر الحكيم، وبكلام سيد الأولين والآخرين، ويغفر الله لي ولكم ولمن قال آمين.

 الخطبة الثانية:

 الحمد لله الذي فرض علينا الصيام..

 عباد الله: يجب على المسلم أن ينتبه لكي لا يُبطل عمله، فيصبح مفلسًا خاسرًا كما أوضح المربي العظيم -صلى الله عليه وسلم-، فالحذر الحذر! قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه ولنا "أتَدْرُونَ مَن الْمُفْلِسُ؟" قالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لهُ وَلا مَتَاعَ، فقالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكاةٍ، وَيَأْتِي وقدْ شَتَمَ هَذَا، وَقذَفَ هَذَا، وَأكلَ مَالَ هَذَا، وَسَفك دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعْطى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فإِنْ فنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قبْلَ أنْ يُقْضَى مَا عَليْهِ أُخِذَ مِنْ خَطايَاهُمْ فطُرِحَتْ عَليْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ" (رواه مسلم).

إن شهر رمضان فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله  -عز وجل- بالحفاظ على الدين، واستثمار الأوقات في طاعة الله - تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلنتخذ منه سبيلاً للعمل المتواصل؛ إذ ليس لدى المسلم وقت يضيعه أو فراغ يشكو منه، بل يشكر نعمة العقل الذي وهبه الله له.. ولكي يستغل وقت فراغه نقول له: إذا فرغت من الأعمال فعليك بطاعة الله -تعالى- .. فهي الوصية التي أوصى بها رسوله بعد أن ذكره بنعمه عليه فقال سبحانه: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبّكَ فَارْغَبْ) [سورة الشرح].

فالأصل أن المسلم إذا فرغ من أداء العبادات المفروضة. والأعمال الدنيوية أن يتفرغ للدعاء والذكر وتلاوة كتاب الله وأداء النوافل، وبذل المال في أبواب الخير وصلة الأرحام، واللجوء إلى الله -تعالى- والرغبة فيما عنده...

اللهم وفقنا في شهرنا هذا لكل ما تحب وترضى..