الحيي
كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...
العربية
المؤلف | خالد بن عبدالله الشايع |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - صلاة العيدين |
إن الإنسان ليطيش عقله، عندما يرى شابًّا يافعًا في سن الزهور قد سُلب عقله، وهو يرى أنه أعقل الناس، تجده يعمد إلى أغلى ما لديه في الوجود ليتخلص منه، فيقتل أمه، وأخاه، وأباه وعمه، وابن عمه وقريبه، كل ذلك في سبيل الشيطان. إن هذه الحوادث لتدعو المسلم إلى أخذ الحذر والحيطة وفعل السبب، فالوالدان في غفلة عن متابعة الأبناء وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، فتجد الأبناء والبنات في غياهب الإنترنت غارقين، لا رقيب ولا ناصح لهم، فيتلقفهم أعداء الملة والدين، فيسلكون بهم طريق الضلال والشهوات، وطريق الفتن والشبهات،...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله...
أما بعد فيا أيها الناس اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
معاشر المؤمنين: رحل الضيف الكريم، ولقد كان سريعًا كعادته، لا يدع فرصة للمتكاسلين، وفي رحلته عبرٌ وعظات، نِعمةٌ تتم، وعمل صالح يُرفع، وابتهاج بالعيد، لذا كان من السنة الفرح بالعيد فهو يوم فرح وسرور، لا يومَ حُزْنٍ وهموم، إنه يوم صلة وتصافٍ، لا يوم قطيعة وتجافٍ، إنه يوم مساواة لا يوم طَبقية وعرقية، إنه يوم نشاط وخفة النفس لا يوم كسل ونوم.
عباد الله: نجتمع للعيد هذه السنة ولنا إخوان لا يعرفون للعيد طعمًا، فهم في بلاء عظيم، بين قتل وتشريد، وجوع ومرض، وخوف هلع، إنهم إخواننا، يجمعنا بهم دين متين، وعرق شرعي، يوجب علينا أن لا ننساهم من الدعاء النصر والغوث.
لقد طال ليل البلاء على الأمة الإسلامية، وكل ذلك لحكمة إلهية، فالأمة قد ابتعدت عن دينها، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلن يرفع البلاء إلا بالتمسك بالدين الحنيف الذي شرعه الله لنا، (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11].
وإن المسلم ليعجب من غفلة الناس، فتجد المرء في بلاء عظيم، وهو غارق في المعصية، بل البعض -والعياذ بالله- يعود باللوم على دينه وربه.
وأما المعافَى من البلاء فهو أشد غفلة، وكأنه بمأمن عن البلاء، أوما علم أن كل مؤمن سيبتلى، حتى الأنبياء والمرسلين والعلماء والصالحين أصابهم نصيبهم من البلاء العظيم (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 2- 3].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المؤمنون: إن الإنسان ليطيش عقله، عندما يرى شابًّا يافعًا في سن الزهور قد سُلب عقله، وهو يرى أنه أعقل الناس، تجده يعمد إلى أغلى ما لديه في الوجود ليتخلص منه، فيقتل أمه، وأخاه، وأباه وعمه، وابن عمه وقريبه، كل ذلك في سبيل الشيطان.
إن هذه الحوادث لتدعو المسلم إلى أخذ الحذر والحيطة وفعل السبب، فالوالدان في غفلة عن متابعة الأبناء وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، فتجد الأبناء والبنات في غياهب الإنترنت غارقين، لا رقيب ولا ناصح لهم، فيتلقفهم أعداء الملة والدين، فيسلكون بهم طريق الضلال والشهوات، وطريق الفتن والشبهات، ولقد جاء الدين بحفظ الضروريات الخمس ومنها العقل، فلا بد من الاقتراب من الأولاد، والنزول لمستوى عقلهم، ومشاركتهم الأفكار، وإشراكِهم في كل أمور الحياة، فلم تعد الأمور كسالف الزمن، يهمل الوالد تربية أبنائه، فيخرجون صالحين على خطى والديهم، كلا.. فالمربون لأولادك الآن كثر، والعطب أقرب لهم من النجاة إلا أن يتداركهم الله برحمة.
أخرج ابن ماجه في سننه من حديث أبي موسى الأشعري قال: حدثنا رسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن بين يدي الساعة لهرجًا".
قلت: يا رسول الله! وما الهرج؟ قال: القتل، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله إنا لنقتل في العام الواحد من المشركين كذا وكذا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ليس بقتل المشركين، ولكن بقتل بعضكم بعضًا، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته"، فقال بعض القوم: يا رسول الله! ومعنا عقولنا ذلك اليوم؟ فقال رسول الله: "لا، تُنزَع عقول أكثر ذلك الزمن، ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم".
إنا لله وإنا إليه راجعون، كيف يقتل المرء أمه التي حملته تسعة أشهر وأرضعته سنتين؟! وتحن عليه وتسهر من أجله؟! فهل لهذا القاتل من عقل، أيّ شريعة وأيّ دين يأمر بهذا؟! والله يقول: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) [لقمان: 15]؛ هذا في الأبوين المشركين، فكيف بالمسلمين؟!، والله المستعان؟
هل تعلمون عباد الله أن مجموع الذين قتلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- طيلة أيام قتاله مع المشركين لا يتجاوز الألف والاثنين وعشرين قتيلاً مشركًا، فأين هؤلاء الذين يقتلون الملايين من البشر؟! وأين أولئك الذين يستحلون الدماء المسلمة من هدي نبي الأمة؟!
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم اهدِ شباب المسلمين وردَّهم إليك ردًّا جميلاً..
الخطبة الثانية:
أما بعد فيا أيها الناس: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
في هذا اليوم، يوم عيد الفطر، يجب أن نسعى لإسعاد الناس؛ حاولوا أن تسعدوا كل من حولكم، خصوصًا الذين لا يجدون وسائل السعادة، انبذوا الخلافات التي بينكم، طهِّروا قلوبكم قبل ثيابكم، فهذه الدنيا ليست بأهل أن يقطع الرجل صلته بأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، وأخته وأخيه، بل كل مسلم يلتقيه، نحن في رمضان كل ليلة ندعو الله "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا"، ثم ندع قلوبنا ممتلئة حقدًا وغلّاً على إخوانه المسلمين،كيف تطلب العفو وأنت لا تعفو؟! والله يقول: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) [النور: 22].
معاشر المسلمين: حافظوا على أعمالكم الصالحة، وواصلوا السير في طريق التقوى، ولا ترجعوا على أعقابكم تنكصون، لا شك أن المسلم يضعف عن أعماله في رمضان، ولكن إياك أن تعود لنقطة الصفر، كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا.
أيها المؤمنات الصالحات: لقد كان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يخص النساء بخطبة يوم العيد، ويقول لهن: "تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار"؛ لأنكن "تكثرن اللعن وتكفرن العشير"، فحذاري حذاري من هذه الأخلاق.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المؤمنات: إن مما يدمي القلب، هذه الفوضى في اللباس، فالنساءُ كاسياتٌ عاريات، فتنة لكل مفتون، تساهل في الحجاب، وتساهل في الاختلاط بالرجال، مما أورث المجتمع فسادًا عريضًا، فاتقين الله يا نساء المسلمين، ولتعلمن أن عزكن وصيانتكن وشرفكن هو في حجابكن والتزامكن بشرع الله، احذرن من دعاة الشهوة الذين يريدون بالمرأة المسلمة الفساد والانحلال.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله: نحن في أمن وأمان، وعز وتمكين، فالحذر من فعل ما يسلب ذلك بكفران تلك النعم، أرأيتم العراق وما فيها من فتن وخوف وسفك للدماء وفقر شديد، لقد كانوا قبل ثلاث عشرة سنة يعيشون في نعم كما نعيش الآن، ومثلهم أهل الشام قبل خمس سنوات كانوا في رغد من العيش، بين عشية وضحاها سُلبوا تلك النعم، ألا فلنتعظ، ولنحمد الله على تلك النعم ولنستخدمها في طاعة الله ولنتمسك بشرع الله لننعم بالحياة.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا، واجعلنا لك شاكرين...