البارئ
(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...
العربية
المؤلف | عبد الله بن علي الطريف |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحديث الشريف وعلومه - الحج |
وفي العام العاشر حج رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حجة واحدة، كانت أعظم حجة في التاريخ وأفضلها، أقام فيها شعائر الله –تعالى-، وعظّم حرماته، وصدع بدينه، وبين للناس مناسكهم، وخطب ينذرهم ويعلمهم ويبشرهم. وخطب رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الناسَ في هذه الحجة ثلاثَ خُطب.. الأولى: في يوم عرفة بعرفة.. والثانية: في يوم النحر بمنى.. والثالثة: في أوسط أيام التشريق بمنى...
الخطبة الأولى:
الحمد لله...
أيها الإخوة: الحج أحدُ أركان الإسلام، ومبانيه العظام، افترضه الله في السنة التاسعة من الهجرة، وحج النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة العاشرة؛ لأن المشركين كانوا يحجون قبل ذلك ويطوفُ بعضهم بالبيتِ عرايا، فكلف رسول الله أبا بكرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بالحج بالناسِ عامَ تسعٍ وكَلَّفَهُ بإعلَانٍ مهمٍ.
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ [أي: فِي الحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ عامَ تسعٍ] فِي مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى: أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ [أي بقراءة سورة براءة على الناس] قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ يَوْمَ النَّحْرِ فِي أَهْلِ مِنًى بِبَرَاءَةَ [أي بقراءة سورة براءة على الناس] وَأَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. (رواه البخاري).
أيها الإخوة: وفي العام العاشر حج رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حجة واحدة، كانت أعظم حجة في التاريخ وأفضلها، أقام فيها شعائر الله –تعالى-، وعظّم حرماته، وصدع بدينه، وبين للناس مناسكهم، وخطب ينذرهم ويعلمهم ويبشرهم.
أيها الإخوة: لما عزم -عليه الصلاة والسلام- على الحج أذّن في الناس به، فتجهزوا للخروج معه، وسمع ذلك من حول المدينة، فقدموا يريدون الحج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ووافاه في الطريق خلائق لا يُحصَوْن، فكانوا من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله مدّ البصر..
وخطب رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الناسَ في هذه الحجة ثلاثَ خُطب.. الأولى: في يوم عرفة بعرفة.. والثانية: في يوم النحر بمنى.. والثالثة: في أوسط أيام التشريق بمنى.
قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- في حديثه الطويل الذي سرد فيه صفة حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد رواه مسلم بطوله: "حَتَّى إِذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ [في اليوم التاسع وكان يوم الجمعة] أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ خطبة عظيمة بليغة بيَّن فيها الحقوق والحرمات، ووضع فيها مآثر الجاهلية تحت قدميه، وأوصى بالنساء، ودل الناس على سبيل العصمة من الضلال، ثم أشهدهم على بلاغه فشهدوا في ذلك الجمع العظيم شهادة ما اجتمع حشد مثله يشهدون على مثل ما شهدوا عليه.
فقال -عليه الصلاة والسلام- في تلك الجموع العظيمة: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ [هي قوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)]، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ.؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ «اللهُمَّ، اشْهَدْ، اللهُمَّ، اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. (رواه مسلم).
أيها الإخوة: وخطب رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الناس يوم العيد، وهو يوم النحر خطبة عظيمة بليغة أكد فيها ما أمرَ به وما حذر منه في عرفة.. فَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ".
ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ؟»، قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ - حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا -أَوْ ضُلَّالًا- يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلِّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ"، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟» (رواه البخاري ومسلم).
أيها الأحبة: وخطب رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الناس وسط أيام التشريق وهي الخطبة الثالثة، كما في حديث سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- وقد ضعف العلماء سنده، لكنه صحيح من حيث المعنى فقد أكد ما أكدت عليه الخطبتان السابقتان في اليوم التاسع يومِ عرفة واليومِ العاشر يومِ النحر وموضوعه موضوعهما وفيه: "ثُمّ قَال: "إنّي لَا أَدْرِي لَعَلّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا، أَلَا وَإِنّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، حَتّى تَلْقَوْا رَبّكُمْ فَيَسْأَلَكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ أَلَا فَلْيُبَلّغْ أَدْنَاكُمْ أَقْصَاكُمْ أَلَا هَلْ بَلّغْتُ" (رواه ابن خزيمة وغيره).
الخطبة الثانية:
أيها الإخوة: أعظم الدروس التي بيَّنها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- للناس في هذا المجمع العظيم بكل المقاييس حُرمة الدماء والأموال، ووضَّح لنا أن هذه الحُرمة تُساوي حُرمة اليوم والشهر والبلد، ومعلومٌ أن حُرمة البلد الحرام وهو مكة حُرمةٌ عظيمة، فقد حرمها الله بكتابه وعلى لسان رسوله قال الله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ* فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا..)، وقال: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى..) [البقرة:125].
وحذر من الظلم والذنب فيه فقال: (..وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج:25] وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. قَالَ: إِلَّا الْإِذْخِرَ. (رواه البخاري).
أيها الإخوة: كذلك حُرمة الدماء والأموال تُساوي حُرمة اليوم والشهر وحُرمة الشهر الحرام وهو شهر ذي الحجَّة وهي حرمة عظيمة؛ فالله سبحانه وتعالى جعَل عدَّة الشهور اثنَي عشر شهرًا، منها أربعة أشهر حرم، فالأَشهُر الحرُم هي: ذو القِعدة، وذو الحَجَّة، والمُحرَّم، ثلاثة أشهر مُتواليات، ورجب، فهذه أربعة أشهر حُرُم لها حُرمَة عظيمة، فحُرمة الدِّماء والأموال حُرمة شديدة وعَظيمة، كحرمة المكان والزمان..
ولو تدبَّر الناس هذا الكلام، لَمَا تعدَّى أحد على أحد، ولَمَا سُفكَت الدماء، ولَمَا خُطفَت الأموال، ولما سُرقَت، ولَما اغتُصبَت، ولَعاش الناس عيشةً هنيئةً فيها سعادتهم الدُّنيوية قبل الأُخرويَّة، فهذا التحريم يجعل الإنسانَ يعمل ألف حِساب قبْل أن يتعدَّى على غَيره ليَسفك دمه أو ليأخُذ ماله دون وجْه حقٍّ، ولأمِن الناس على دمائهم وأموالهم، ولما عاشوا في رعْب وخَوف، ويقول النبيُ -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "لا يَحلُّ دم امرِئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنَّفس، والثيِّب الزاني، والتارك لدينه المُفارِق للجَماعة".. فقتْل النفس بغير حقٍّ حرام، فقد جاء في كتاب الله عز وجل قولُه تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) [الأنعام: 151]، فقتْل النفس حرام بالكتاب والسنَّة.
فكيف يتجرَّأ بعض الناس ويَسفِكون الدماء، ويَهدِمون بُنيان النفس، وقد حرَّم الله عز وجل ذلك وحرَّمه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-.؟! وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أرسل جيشًا أوصاهم ألا يَقتلوا شيخًا كبيرًا، ولا امرأة ولا طفلاً صغيرًا، حتى في القتال في سبيل الله عز وجل فيه حقْن الدماء، فالذي لا يُحارِب لا يُقتَل، هذا مع الكفار، فما بالُك بحُرمة دماء المسلمين؟!
فيا أيها الإخوة: حرِّموا الدماء واتقوا الله في الدماء، وحرِّموا الأموال واتقوا الله في الأموال، ولا يأخذ أحد مالاً إلا بحقِّه؛ فالله عز وجل سوف يسأل كلَ صاحبِ مال مِن أين اكتسبَه؟ وفيمَ أنفقه؟ وليستعدَّ كلٌّ منا للسؤال عن المال مِن أين اكتسبه؟ (ما هي إجابته؟) وفيمَ أنفقَه؟ (ما هي إجابته).!؟
فكيف يَعلم الناسُ هذا ويأخُذون الأموال بغير حقٍّ، وتَزيد الحرمة عندما يأخذ بعض الناس الأموال بغير حقٍّ، ليس من المال الخاص؛ بل من المال العام مِن أموال الدولة، التي هي حقٌّ لكل واحد في الدولة، فحُرمة المال الخاص وحُرمة المال العام تجعلنا نتقي الله عز وجل في كسْب الأموال وتحصيلها.
وصلوا وسلموا...