البحث

عبارات مقترحة:

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

عاشوراء تاريخ ملحمة وضلال طائفة

العربية

المؤلف عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام -
عناصر الخطبة
  1. مكانة شهر الله المحرم .
  2. فضل صيام شهر الله المحرم وخاصة عاشوراء .
  3. دروس من يوم عاشوراء .
  4. مقتل الحسين بين السنة والشيعة .

اقتباس

كَانَ -صلى الله عليه وسلم- يُريدُ لَنَا الْرِفَعَةَ عَن مُشَابَهَةِ الْكُفَارِ، وَيُريدُ لَنَا الَعِزَةَ والْتَمَيُزَ، فَلِمَاذَا نَسَتَبِدِلُ الذي هُوَ أَدنَى بِالذَي هُو خَير؟ البعض يفتخر بترك تاريخه الهجري ليتبع تاريخ النصارى الميلادي. وتأسى اليوم لأقوام من شباب ونساء وبرامج تُقدّم ورياضة تُتابع، تعدّت التسلية إلى الإعجاب بالمظاهر والحركات واللباس وتقليدهم على ..

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ مَن اعْتَصَمَ بِحَبلِهِ وَفَقَهُ وَهَدَاهُ، وَمَن اعتَمَدَ عَليهِ حَفِظَهُ وَوَقَاهُ، وَأَشَهَدُ أَلَا إِلهَ إِلَا اللهَ وَحدهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا نَعُبُدَ إِلَا إِياه، وَأَشهدُ أَنَ مُحَمَداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَمُصطَفَاهُ، صَلَى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ، وَعَلى آلهِ وَصَحَبِهِ وَمَن تبع هُدَاه.

أَمَا بَعدُ: فَاتقوا اللهَ -عِبادَ اللهِ- واعلموا أن شَهرَ اللهِ المُحَرّمُ شَهرٌ عَظيمٌ مُبَارَكٌ، اختاره المسلمون أَوَلَ شُهُورِ الْسَنةِ الهجرية ورضوا بالتأريخ بها في حياتهم عزةً للدين.! ومحرم من الأَشُهُرِ الحُرُمِ (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [التوبة:36] وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ) [المائدة:2] وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا, مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ, ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ؛ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(فَلا تَظْلِمُوا فِيْهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) أَي فِي هَذِهِ الأَشُهِرِ المحُرَّمَةِ؛ لأَنَهَا آكدُ وَأَبَلَغُ في الإِثمِ مِنْ غَيرهَا قَالَ اِبنُ عَباسٍ: (فَلا تَظْلِمُوا فِيْهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) أَي فِي كُلِّ الْشُهُورِ ثُمَ اِختصَ مِن ذَلَكَ أَربَعَةَ أَشْهُرٍ فَجَعَلَهُنَ حَرَامَاً وَعَظَّمَ حُرُمَاتِهِنَ، وَجَعَلَ الْذنبَ فِيهِنَ أَعظَمَ، وَالَعَمَلَ الْصَالِحَ وَالأَجرَ أَعْظَمَ.

وذكر ابن كثير -رحمه الله- أن حكمة الأشهر الحرم ارتبطت بالعمرة للبيت العتيق رجب أو بعده برحلة الحج والعودة في ذي القعدة وذي الحجة ومحرم.

وحُرّم القتال فيها منذ خلق السماوات والأرض حتى أن الرجل في الجاهلية يلقى قاتل أبيه فلا يقتله.

وقَال -صلى الله عليه وسلم-: "أَفَضَلُ الْصّيَامِ بَعَدَ رَمَضَانَ شَهرُ اللهِ المحرم". رَوَاهُ مسلم. ولما قَدِمَ الْنَبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الَمَدِينَةَ رَأَى الَيَهُودَ تَصُومُ يَومَ عَاشُورَاءٍ فَقَالَ: "مَا هَذا؟" قَالوا: هَذَا يَومٌ صَالِحٌ، يَومٌ نَجَّىَ اللهُ بَنِي إِسرَائِيلَ مِن عَدُوِهِم فَصَامَهُ مُوسَى، ونحن نصومه قَالَ: "فَأَنَا أَحَقُ بِمُوسَى مِنكِم، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ" متفق عليه.

وَيَومُ عَاشُورَاءَ كَانَ معظماً عِنْدَ الَبَعضِ حَتَى أَيَامِ الجَاهِلِيَةِ قَبَلَ الَبِعِثَةِ الْنَبَوّيّةِ؛ فَقَد ثَبَتَ عَن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- قَالت: "إِنَ أَهلَ الجاهِليَةِ كَانوا يُعَظِّمُونَهُ" قَالَ القُرطُبِيُ: "لَعَلَ قُريشَاً كَانوا يَسَتَنِدونَ في تَعِظِيمهِ إِلى شَرعِ مَنْ مَضَى من أهل الكتاب" وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "صِيامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِرَ الْسَنَةَ الَتَي قَبَلَهُ" وهذا الأجر يتحقق بصيام يوم عاشوراء فقط وَاسَتَمَرَ -صلى الله عليه وسلم- بِصِيَامِهِ تِسْعَ سَنَوَاتٍ وَقَبَلَ وَفَاتِهِ بِسَنَةٍ أَمَرَ بِمُخَالَفَةِ اليَهُودِ بصوم يومٍ قبله أو بعده.

أَيُّها الإِخوَةُ الَمُؤْمِنُوُنَ: هَذَا يَومُ عَاشُوراءَ الذي نَقِفُ عِندَ بَعضِ دُرُوسِهِ لنَعِرِفَ فَضَلَ اللهِ تَعَالى عَلَينَا أَنَ جَعَلَ لَنَا مَواسِمَ نَتُوبُ فِيهَا وَنَرجِعُ إِلى اللهِ فَيُكَفِّرَ عَنَّا الخَطَايَا ويعظم لَنَا فِيهَا الحَسَنَاتِ وَرَفعَ الْدَرَجَاتِ.

وعاشوراء يثبت امتدادَ هذه الأمة مع الأنبياء ونصرتهم فنحن أحق بموسى من قومه وقد كذبوه. فَأُمَةُ الأَنبِيَاءِ تَدِينُ بِعَقِيدَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَا أَولَى الْنَاسِ بِعِيسَى اِبنِ مَريمَ فِي الْدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَالأَنَبيَاءُ إِخْوةٌ لعَلاّتٍ أُمَّهَاتُهم شَتّى وَدِينُهُم وَاحد".

وَمِنْ دُرُوسِ عَاشُورَاءَ عِبَرَةٌ عَظِيمَةً وملحمة كبرى بنصر الله لموسى عَلى الْطَاغِيَةِ فِرعَونَ. بِالاسِتَعَانَةِ بِاللهِ والْصَبر (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين) [الأعراف: 128].

وَيدعو مُوسَىَ وَهَارُونُ فِرعَونَ وَقَومِهِ، وَأنْذَرَهُمْ اللهُ بِالآيَاتِ وَالْسِنِينَ وَنَقِصٍ فِي الْثَمَراتِ لَعَلَّهُم يَذَّكرون لَكنِ فِرّعَوَنَ عَلَا فِي الأَرْضِ وَتَكَبَرَ، وَأَصَرَ عَلَى الَكُفِرِ وَالفَسَادِ وطغى وتجبر، وَأَرَادَ قَتَلَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ بِدَعْوَى الخَوُّفِ مِنْ الَفتِنَةِ كَمَا زَعَمَ لِقَوّمِهِ (فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) [الدخان:22] فَأَوحَى اللهُ إِليهِ (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ) [الدخان:23] فَإِذَا عَبَرتَ أَنَتَ وَمَنْ مَعَكَ فَاتُرُكِ الَبَحَرَ رَهواً؛ أَي سَاكِنَاً كَمَا هُوَ، إِغرَاءً لِفَرِعَونَ بِالعُبُورِ، فَإِنَهُم قَومٌ مُغرَقُون.

وَخَرَجَ مُوسَى بِبَنِي إِسرَائِيلَ، وَعَلِمَ فِرعَونُ بِخُرُوجِهِم فَجَمَعَ الجمُوعَ وَخَرجَ ِفي طَلَبِهِم (فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ  فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [الشعراء:60-63] كَالجبَلِ الَعَظِيمِ، وَصَارَ الَبَحرُ اِثَنَي عَشَرَ طَريّقَاً لِكُلِ سَبَطٍ مِن بَني إِسرائِيلَ طَريق، وَأَمَرَ اللهُ الرِيحَ فَنَشَّفت أَرْضَه، طريقاً في البحر يبساً وَتَخرّق الماءَ بَينَ الْطَريقَ؛ ليروا بعضهم بعضاً فيأمنوا.

وَجَاوَزَ بَنو إِسرائِيلَ، فَلَمَا خَرَجَوا كَانَ فِرعَونُ قَد انتَهَى إِلى شَاطِئِ الَبَحَرِ، فَتردّدَ ثم اقتَحَمَ بمن معه البحر. لَمَا أَرَادَ اللهُ إِهلَاكَهُم حَتَى إِذَا ادّارَكُوا فِي الَبَحَرِ جَمَيعاً، جَاءَهُم الَمَوجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَجَعَلَ يَرفَعُهُم وَيُخَفِضُهُم، وَتَرَاكَمَتْ الَأَمَوَاجُ فَوقَ فِرْعَونَ، فَجَاءَتُهُ حِينَئِذٍ سَكَرَةُ الَمَوتِ لَمَا رَأَى الَحَقَ وعلم ضعفه فَنَادى هذا الذي كان يقول أنا ربكم الأعلى (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [يونس:90] فَقَالَ اللهُ لهُ (الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) [يونس:91-92] وهكذا نجّى اللهُ مُوسَى وَالمسلمينَ، وَأَغرَقَ فِرعَونَ وَالكافرين. (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُواْ) [الأعراف:137] والعبرة (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الشعراء:8-9].

عِبَادَ اللهِ: ومن المهم في عاشوراء مَا نَرَاهُ فِي قَنَوَاتِ الْشِيَعَةِ الرافضة حيث مَجَالِسُ النواح والبكاء وقصص مكذوبة يدّعون بها حبّ آل البيت؛ ليستدرّوا دموع الناس باسم هذا الحب والدفاع عن الحسين -رضي الله عنه- وتستغرب -والله- وقد اتخذوا عاشوراء للشرك والغلوّ بالأئمة وللكذب العظيم في القصص التي يقولها لهم سادتهم وامتلأت بها كتبهم ولمن يُصدّقها نسأل الله لهم الهداية وأن يجمع كلمتنا وإياهم على الحق، وحمداً لله أن جَعَلَنَا مِن أَتْبَاعِ الْسُنَةِ الَمُطَهَرَةِ وَنَجَّانَا مِنْ إتباع طَريقِ أَهلِ الَبِدَعِ الَذَينَ اتَخَذُوا ضَربَ أَنَفُسِهِم وَإِرَاقَةِ دِمَائِهم وَتَسويدِ وُجُوهِهِم فِي هَذَا الَيَوم دِيناً يَدِينُونَ اللهَ تَعَالى بِهِ، جَعَلوا الَلعَنَ وَسَبَ أَصحَابَ النَبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قُربَةً يَتَقَرَبُونَ بِها إِلى اللهِ، وَهِيَ بُعُدٌك عَنِ اللهِ وَمَنْهَجِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.

فاللهَ تَعَالى أَثَنَى عَلَى الصَحَابَةِ فِي آياتٍ كَثيرةٍ الله. ويُعِلِنُ رِضَاهُ عَنهُمُ فَيَتَفَضَلُ عَلَيّهِم بِرِضوَانِهِ وَبُشْرَيَاتِهِ وَامِتنَانِهِ وَتَثبيتِهِ (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) أَفَهؤُلاء الأبرار الَذِينَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم يَتَطَاوَلُ عَلَيّهِم هَؤُلاءِ المبَتَدِعَةِ.

أما مقتل الحسين -رضي الله عنه- وأرضاه في العاشر من محرم سنة 61 للهجرة فأهل السنة يتبرأون منه ويلعنون من قتله أو أعان عليه في فتنة عظيمة فرقت المسلمين واتخذها الضُلّال سبباً للتفريق.

وهذه الفتنة المؤلمة والجريمة اشترك بها الكثير فقد كاتبه أهل البصرة والكوفة ممن يدَّعي التشيّع يريدون بيعته ضد يزيد بن معاوية فعزم على السفر إليهم مصطحباً أهله وولده رغم تحذير عدد كبير من الصحابة له بعدم الذهاب وأن هؤلاء سيتخلّون عنه كما تخلَّوا عن أبيه من قبل ومبعوثه من بعد مُسلمُ بن عقيل فأرسل عبيد الله بن زياد والي البصرة جشياً من ثلاثة آلاف لأسره فرفض -رضي الله عنه- الأسر وطلب الرجوع للمدينة فرفضوا وتقاتلوا رغم قلِّتهم حتى قُتلوا واحداً واحداً حتى قام رجل خبيث يقال له شمَّر بن ذي الجوشن بقتله حين رماه بسهم -رضي الله عنه- وأرضاه وغضب يزيد بن معاوية لقتله لكنها الفتنة إذا ظهرت أعمتْ العيون وصمّت الآذان حتى ولو كانوا من الصحابة فكيف بوقتنا وأما قصص منع الماء والموت عطشاً وغير ذلك من بكائيات الرافضة التي يذكرونها هذه الأيام واتخذوا مقتله سياسةً ويشابهون فيه بعض النصارى بكذبهم لصلب المسيح عليه السلام الذي اتخذوه شمّاعة لتحريفهم قبل هؤلاء الشيعة هداهم الله وكفانا شر ضلالهم ورضي الله عن آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورحم الله الحسين ومن معه وله منا الدعاء والترضي.

ولا بد هنا من التفريق -أيها الأحبة- بين من اتخذ من التشيع وخرافاته ستاراً يريد من خلاله تمرير مؤامراته الفارسية والمجوسية الصفوية التي تهدم الإسلام وتحارب دوله وتضيع التوحيد بالغلوِّ بالأئمة حتى قالوا في كتبهم: [من زار قبر الحسين يوم عاشوراء كمن زار الله في عرشه] تعالى الله عن ذلك علواًّ كبيراً وهؤلاء هم من يصنع الفرق الضالة والتكفيرية وتديرها بأسماء السنة كداعش وغيرها والله المستعان. فلقد غيّر هؤلاء الصفويون ضلال الشيعة وزادوه سوءاً وعمالة وخيانة للأمة وإفساداً في البلاد.

أَيُّهَا الإِخوَةُ: أَهلُ الْسُنَةِ لا يَفرَحُونَ بِمَقَتَلِ الَحُسَينِ وَلا بغيره مِنْ الَمُسَلِّمِينَ، ولا يُخِرِجُهُم إِلى حَدِ الغُلوِ وَالابَتِدَاعِ فِي الْدينِ، وَلَو جَازَ لَهُم فِعلُ شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَتْ وَفَاته -صلى الله عليه وسلم- أَعَظَمَ مُصِيبَةٍ مِن قَتَلِ الَحُسَينِ رَضِيَ اللهُ عَنه.

وَلَو أَنَ هَؤُلاءِ يُحِبُونَ الَحُسَينَ حَقَاً لاتَبَعُوهُ وَاِهتَدوا بِهَديِّهِ فِي هَذَا الَيَومِ وَلَكَانُوا صيَّاماً كَمَا كَانَ الَحُسَينُ صَائِمَاً رَضِيَّ اللهُ عَنهُ.

لكنهم يوزعون الأطعمة الخاصة بعاشوراء ولا يعترفون بصيامه وهي بدع موروثة يَتَعَصَبُونَ لَهَا نَسَأَلُ اللهَ أَن يَرُدَهُم إِلَى الَحَقِ وَالْسُنَةِ الْصَحِيحةِ.

ونَسَأَلُ اللهَ أَن يُحييَنا عَلَى الإِسلامِ وَأَن يُميتَنَا عَلَى الإِيمانِ، وأن يُعزّ الإسلام والمسلمين أقول ما تسمعون

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد: مِمَا نَأُخُذُهُ مِن عَاشُوراءَ اتخاذه -صلى الله عليه وسلم- مخالفة اليهود منهجاً، ونستفيد من ذلك أن ما ورد فِي الْنَهيِّ عَنِ الْتَشَبُهِ بِالكُفَارِ فِي كُلِّ شَيءٍ كَثَيرةٌ جِداً ومنها مخالفتهم في عاشوراء مع أن صيامهم كَانَ صِيَامَاً صَحِيحَاً عَلَى شَرعِ مُوسَى عَلَيهِ الْسَلامُ. وَلِذَلِكَ كَانت وَصِيَتُهُ عَلَيّهِ الْصَلاةُ وَالْسَلامُ وَهُوَ يَمُوتُ (لَعَنَ اللهُ الَيَهُودَ وَالْنَصَارَى اِتَخَذوا قُبُورَ أَنَبِيَائِهمْ مَسَاجِدْ) يُحَذِر مَا صَنَعُوا.

كَانَ -صلى الله عليه وسلم- يُريدُ لَنَا الْرِفَعَةَ عَن مُشَابَهَةِ الْكُفَارِ، وَيُريدُ لَنَا الَعِزَةَ والْتَمَيُزَ، فَلِمَاذَا نَسَتَبِدِلُ الذي هُوَ أَدنَى بِالذَي هُو خَير؟ البعض يفتخر بترك تاريخه الهجري ليتبع تاريخ النصارى الميلادي. وتأسى اليوم لأقوام من شباب ونساء وبرامج تُقدّم ورياضة تُتابع، تعدّت التسلية إلى الإعجاب بالمظاهر والحركات واللباس وتقليدهم على وجه المحبة والموالات وسيء العادات. وهذا فيه أخطار كبرى على المجتمعات بضياع الدين وذهاب الهوية والقيم نعوذ بالله أن نكون ممن قال الله فيهم. (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) [التوبة:87].

اللهم فَرِّجْ عَنْ إِخْوانِنا في الشام وحلب والعراق واليمن وفلسطين وَاكْشِفْ ما بِهِمْ مِنْ غٌمَّةٍ.

اللَّهُمَّ يا عَزِيزُ يا جَبَّارُ يا مَنْ لا يُعْجِزُه شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ، أَنْزِلْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ وغضبك عَلَى اليَهُودِ الغاصبين وعلى النصيرية الحاقدين والرافضة والغلاة المجرمين وانصر جندنا المرابطين. واحفظ الأمن والدين على بلادنا وبلاد المسلمين يا رب العالمين، وصلى الله وسلم.