البحث

عبارات مقترحة:

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

عجائب الإنسان

العربية

المؤلف عبدالعزيز بن علي الحربي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات القرآن الكريم وعلومه - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. غفلة كثير من الناس عن الغاية التي خلقوا لها .
  2. ضعف ابن آدم وعجزه .
  3. تكبر بعض البشر وغرورهم .
  4. جزاء الله للغافلين والمتكبرين. .

اقتباس

الله تعالى خلق الإنسان، وهو أعلم بما في نفسه، وما توسوس به نفسه وهو أعلم بطبيعته، وأعلم بتقلب قلبه وهو أعلم بمصيره وهو أعلم بنشأته وخلقته فهو الذي خلقه وصوره. وكم كشف القرآن عن طبيعة الإنسان، وعن نفسيته، وعن جحوده وكنوده وعن هلعه وفزعه وجزعه، وعن يأسه وقنوطه، وعن كفره وظلمه وعن بخله وشحه، وعن لؤمه وعن تعامله مع ربه ومخادعته لنفسه ومخادعته لربه كل ذلك كشفه القرآن وبينه وفصله تفصيلاً وبينه تمامًا على الذي أحسن.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]،  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله ما استطعتم وأطيعوه، فما أسعدكم إن أطعتم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:6].

والله لنموتن ثم لنبعثن ثم لنقفن بين يدي الجبار ثم لنسألن عن كل شيء.

وَلَـوْ أَنَّـا إِذَا مِتْـنَـا تُـرِكْنَـا

لَكَـانَ الْمَـوْتُ رَاحَةَ كُلِّ حَيِّ

وَلَكِـنَّـا إِذَا مِتْـنَـا بُعِـثْـنَـا

وَنُسْـأَلُ بَعْدَهَـا عَـنْ كُلِّ شَيء

فالكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

يا معشر الإخوة: يقول الله سبحانه وتعالى: (وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا * أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا) [مريم: 66- 67]، الله تعالى خلق الإنسان، وهو أعلم بما في نفسه، وما توسوس به نفسه وهو أعلم بطبيعته، وأعلم بتقلب قلبه وهو أعلم بمصيره وهو أعلم بنشأته وخلقته فهو الذي خلقه وصوره.

وكم كشف القرآن عن طبيعة الإنسان، وعن نفسيته، وعن جحوده وكنوده وعن هلعه وفزعه وجزعه، وعن يأسه وقنوطه، وعن كفره وظلمه وعن بخله وشحه، وعن لؤمه وعن تعامله مع ربه  ومخادعته لنفسه ومخادعته لربه كل ذلك كشفه القرآن وبينه وفصله تفصيلاً وبينه تمامًا على الذي أحسن.

وهذا الإنسان الذي قال على سبيل التعجب وعلى سبيل الاستبعاد (أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) [مريم: 66]، ورد الله -تعالى- عليه بهذا الرد الذي قال عنه بعض العلماء: "لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يردوا بمثل هذا الرد ما استطاعوا"، رد الله -تعالى- بهذا الرد الموجز (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا) [مريم: 67] أنسي أنه خلق من نطفة من مني يمنى، أنه خلق من نطفة قذرة وأنه يؤول إلى جيفة قذرة وأنه بين هذا وهذا يحمل العذرة، أنسي ذلك كله.

(أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس: 77- 78]، جاء فيما قيل ذلك الكافر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعظم وفتته بيده، وقال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا محمد أيحيي هذه الله بعد أن رمت وبليت؟، فنزل قول الله -تعالى- (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [يس: 78- 79].

وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه، باعتبار ما تنظرون إليه، وباعتبار ما تفهمونه وإلا فالأمر عند الله سواء كله سواء الخلق والإعادة كل ذلك سواء (مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ) [لقمان: 28]، ما خلقكم أيها الناس كل الناس وما بعثكم أيها الناس كل الناس إلا كنفس واحدة.

لأنه يقول للشيء كن فيكون، ولكن هؤلاء غابت عقولهم، ونسوا خلقتهم، ونسوا ربهم وقالوا (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ) [النازعات:10]، أي في الطريقة التي كنا عليها والعرب تسمى الطريق الذي مشى عليه الإنسان حافرة؛ لأنه مشى عليه برجليه وأثر فيها حتى كأنه حفر فيها فهم يقولون (أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ)، قال الله -تعالى-: (فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ) [النازعات: 13- 14]، أي فإذا هي على وجه الأرض الساهرة هي الأرض، أصبحوا على الأرض.

(فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ) [الزمر: 68- 70].

ذلك الذي قال لوالديه (أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) بعد الموت وبعد الدفن (وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [الأحقاف:17]، ما هذا إلا أكاذيب الأولين وأحدوثات الأولين وأكذوباتهم وخزعبلاتهم وخرفاتهم.

وقد يقول قائل: وما دخلنا نحن المسلمين ونحن نؤمن بالله واليوم الآخر بهذا الكافر الجاحد الذي يقول (أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) والذي يقول: (أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي

والجواب عن ذلك: أن هذا السؤال لا يكون إلا من غافل ولا يكون من عاقل وذلك أنه ما من أحد على هذه الأرض إلا وله نصيب من هذه الآية؛ فإن كل الناس على هذه الأرض يرون الموت عيانًا، ويعلمون خلقتهم وأصلهم، ولكنهم كالجاحدين بذلك والكافرين بذلك وأكثر أهل الأرض يؤمنون بالبعث من المسلمين وأهل الكتابين يؤمنون بالبعث، ولكن حال كثير منهم حال من لا يؤمن بالبعث، وحال كثير منا في بعض الأحيان حال من ينسى اليوم الآخر، وينسى خلقته ونشأته، وأنه خُلق من نطفة من مني يمنى، وينسى أنه يموت ونصلي على الأموات، ونكبر عليهم أربع تكبيرات، ونظن أن الناس كلهم يموتون إلا نحن.

 وربما وسوس أحدنا وهو يصلي على الميت وخطط لحياته وخطط لمصيره في دنياه ونسي الآخرة التي رجله الآن قريبة منها، وهو بين يدي موعظة تذكره، ومن الشأن أنها تنسيه كل شيء إلا يوم النشور وإلا يوم البعث وإلا هذه الحالة الراهنة التي هو فيها.

أليس هذا هو حالنا؟ أليس هذا هو حال كثير منا؟ أليس في الناس من يتكبر ومن يتجبر ومن يتغطرس، ومن يطغى، ومن يسرف، ومن يفاخر ومن يفعل الأفاعيل، أليس ذلك كله موجود في الأرض وموجود في الناس؟

ما سبب ذلك؟ أنهم غافلون عن مثل هذا المعنى، وأنهم غافلون عن اليوم الآخر وهم غافلون عن بعثهم، وعن نشورهم وعن وقوفهم بين يدي ربهم، وأما ذلك الذي يزهو ويتفاخر ويتكبر ويتغطرس فهو على الأقل وإن كان من الكافرين الذين لا يؤمنون لا بالبعث ولا بالنشور ولا بالله ولا برسله ولا بكتبه ولا باليوم الآخر؛ قد نسي أصله، وأنه خُلق من ماء مهين، وهو الذي نشأ ولده على ما فعله هو، ولكنه نسي ذلك كله وزها وتكبر.

كيف يزهو من رجيعه

أبد الدهر ضجيعه

 فهو منه وإليه

وأخوه ورضيعه

وهو يدعوه إلي الـ

حش بصغر فيطيعه

أكبر ما يدل على ضآلة الإنسان وصغره وأنه لا شيء مهما تكبر وتجبر أنه حين يؤلمه بطنه، ويحتاج إلى المستراح يكون أسرع الناس بنفسه، وأذلهم ليذهب إلى الخلاء، ويتخلص من حاجته التي في بطنه أليس هذا هو الإنسان، أليس ذلك هو الإنسان الذي نسي خلقته ونسي مصيره وينسى ما هو عليه الآن (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) [الكهف: 57].

إن أكبر بلاء يبتلى به الإنسان أن ينسى نفسه، وأن ينسى أصله كل فعلة قبيحة في الكون هي بسبب نسيان الإنسان لأصله، أو وظيفته أو مهمته أو عمله، أو نشأته أو الخاصة التي خصص بها والمهمة التي أُنيطت به حين تتكبر المرأة، وتؤدي وظيفة الرجل نسيت أنها امرأة، وحين يصبح الرجل كأنه امرأة نسي أنه رجل، وأنه أنيط به مهام الرجل ليكون قوامًا وحكيمًا لطيفًا، وهكذا حينما يظن الصغير أنه كبير ويتقوى وينسى نفسه، وحين يظن الضعيف أنه قوي وما هو بقوي كل ذلك من الذهول عن استعداد الإنسان وعن ما وهبه الله -تعالى- له وعن ملكاته التي أعطاها الله -تعالى- له.

إذا هي هذه الآفة، فإياك أيها المسلم أن تكون من الناسين الزاهلين عن هذه المعاني العظيمة؛ فإنك لو أدركت خلقتك ونشأتك ومصيرك، وكان ذلك في قلبك؛ فإنك لن تكون إلا المستقيمين على الصراط المستقيم التي تدعو الله -سبحانه وتعالى- في كل ركعة أن يثبتك عليه ونحن ندعو الله -سبحانه وتعالى- أن يثبتنا على الصراط المستقيم..

هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، صلى الله عليه وعلى آله السادة الغرر ما اتصلت عين بنظر وسمعت أذن بخبر.

يا معشر الإخوة ثم يقول المولى -سبحانه وتعالى- بعد أن ذكر ذلك الإنسان الجاحد الكافر يقول سبحانه: (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا) [مريم: 68- 70]، كأن الجبار قد غضب من هذا الكلام الذي قاله ذلك الجاحد الكافر المعاند، فأقسم هذا القسم الجليل الذي تنخلع منه القلوب وتهتز من أجله النفوس وتذهل من أجله العقول (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ) لنحشرهم جميعًا؛ لأن معنى قوله -تعالى-: (وَيَقُولُ الْإِنسَانُ) أي: ويقول الناس.

(فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ)؛ لأنهم قرناؤهم، ولأنهم إخوانهم ولأنهم أصحابهم الذين كانوا يدعونهم إلى الغواية والضلالة فسوف نحشرهم ونجعلهم قرناء جميعًا (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) هكذا ذليلين خاضعين.

ثم بعد ذلك يبطش الجبار بطشة أخرى بصنف من الناس يقول سبحانه: (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا) [مريم: 69- 70] في النار.

ثم يقول الله -تعالى- بعد ذلك (وَإِن مِّنكُمْ) أيها الناس كل الناس (إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا) [مريم:71]، فكل الخلق سوف يريدون على جهنم، ولولا أن رحمة الله -تعالى- تداركت عباده المؤمنين لكان الجميع من الهالكين، ومن الساقطين في هذه النار، ولكن الله -تعالى- قال بعد ذلك وهو أرحم الراحمين: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [مريم:72]، يبقون جثيًا في جهنم وهي تحرقهم: (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ..) [الملك:8 - 9].

ومن النذر ما كانوا عليه من قبل أو لم يكن لهم عقول يتذكروا نشأتهم ومصيرهم وأحبابهم وقرنائهم الذين يودعونهم كل يوم ألم يكن في ذلك نذير وعبرة كفى بذلك عبرة لمن أراد أن يتعظ ولمن أراد أن يتيقظ ولمن أراد أن يتنبأ.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- ألا يجعلنا من الغافلين..