البحث

عبارات مقترحة:

الحميد

(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

دعوة لطلاب العلم

العربية

المؤلف محمد بن سليمان المحيسني
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. أهمية العلم وخطر فقدان الإخلاص على الأعمال الصالحة .
  2. ابتعاد الناس عن الدين وفضل الدعوة إلى الله .
  3. الجمع بين الدراسة المنهجية وطلب العلم .
  4. أخطاء يقع فيها بعض طلبة العلم .
  5. العمر مزرعة للآخرة .
  6. وسائل وطرق استغلال الإجازة الصيفية .
  7. خطر تضييع الإجازة في الغفلة وصور ذلك .

اقتباس

يا طلاب العلم: أفيقوا، يا طلاب العلم: أعداؤكم لا ينامون من شدة حرصهم على إضلال إخوانكم وأخواتكم، فأسهروا ليلكم دفاعاً عن دينكم، وحماية لشريعتكم. يا طلاب العلم: إذا كان الدعاة والخطباء يلحون على العصاة أن يتركوا معاصيهم؛ فإنهم لا يكتفون منكم بإعفاء لحاكم، وتقصير ثيابكم، بل يطالبونكم بالدخول في ساحة الجهاد في ساحة...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي بدد بنور العلم ظلمات الجهل الحالكة، أحمده سبحانه جعل العلم طريقاً على العزة والسعادة.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، رسول الله وبحر العلوم الزاخرة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه النجوم الطاهرة.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله-: وقولوا بما أوجبه الله عليكم في كتابه، وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لتنالوا بذلك السعادة في الدنيا والآخرة.

أيها المسلمون: إننا لنرى في هذه الأيام عجباً، نرى أمراً يثلج الصدر، ويطمئن القلب، ويريح الخاطر، نرى الشباب قد عفكوا على كتبهم، وقد لزموا مساجدهم؛ فجمعوا بين طلب العلم والرباط في سبيل الله، وهو المكث في بيت الله؛ إذ قد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن: "انتظار الصلاة بعد الصلاة رباط"[المستدرك: تفسير سورة آل عمران (2/329)، رقم (3177)، ولفظه عن أبي هريرة: "لم يكن في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- غزو يرابط فيه، ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة" وقال:" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"].

وفيهم من يمكث أكثر مدته في المسجد، وهذا شيء يَسر، ويذكرنا بسلفنا الصالح -رحمهم الله-.

ولكن الإنسان لا يستطيع إكمال فرحته؛ لأنه يعلم ويؤكد أن ما حصل إنما هو عمل مؤقت يزول بزوال الامتحانات الدراسية.

والأدهى من ذلك والأمَر أنه يزول ما حفظوه أيضاً في هذه المدة، وإن هذا يا طلبة العلم أمر يحتاج إلى نظر، ويحتاج إلى روية، وإلى سؤال يطرح على النفوس؛ إذ أن انقطاع العمل الصالح خصلة ليست بالحميدة. هذه من جهة.

ومن جهة أخرى أن طلب العلم الشرعي ليس له وقت معين، وليست له مدة محدودة، فالعلم بحر لا ساحل له، ولا ينال إلا بطول الزمان، والحرص التام.

إذاً؛ فما السبب في عكوف الكثيرين منهم على الكتب، وعلى المكث في المساجد؟

مما لا شك فيه أن هناك سبب واحد، وهو: أن من هذه طريقته فليست نيته خالصة لله، بل هي مشوبة بقصد آخر.

ومن المعلوم عند الجميع أن العلم من الأعمال التي يجب فيها إخلاص النية لله، فلا يجوز طلب أي غرض من الأغراض الدنيوية به؛ كالشهادة والسمعة والرياء والمفاخرة، وغير ذلك.

وقد ثبت ما يدل على ذلك حيث روى شفي بن ماتع الأصبحي: أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو هريرة، قال: فدنوت منهم حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا، قلت: أنشدك بحق وبحق لما حدثتني حديثاً سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عقلته وعلمته، قال: فقال أبو هريرة: أفعل لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا البيت ما فيه أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة -أي: شهق شهقة- ثم أفاق فقال: لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله في هذا البيت ما فيه أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى، ثم مال خاراً على وجهه واشتد به طويلاً ثم أفاق، فقال: حدثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أن الله -تبارك وتعالى- إذا كان يوم القيامة نزل إلى القيامة ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية.

فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله-تبارك وتعالى- للقارئ: ألم نعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل ذلك.

ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله له: ألم نوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب، قال: فما عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل به الرحم وأتصدق، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله له: بل أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذلك.

ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقال له: فبماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله له: بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذلك.

ثم ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ركبته، فقال: يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة"[سنن الترمذي: باب ما جاء في الرياء والسمعة (4/591) رقم (2382)، وقال:"هذا حديث حسن غريب"، والمستدرك عن سفيان: كتاب الزكاة (1/579)، رقم (1527)، وصحيح ابن حبان: ذكر البيان بأن من رأى في عمله يكون في القيامة من أول من يدخل النار نعوذ بالله منها (2/135) رقم (408)].

إخوتي المسلمون: بهذا الحديث يتبين أن أي عمل من أعمال الخير، وطلب العلم، والصدقة والصلاة، لا بد أن يكون خالصاً لله.

وكذلك يقول الله -جل شأنه-: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[هود: 15-16].

فمن أراد بعمله عرضاً من الدنيا، وانطوت نيته على ذلك؛ فليعلم أن مصيره إلى ما سمعه من قول المولى -جل جلاله-.

فيا أخي في الله: بالله عليك هل دراستك هذه لله؟

إذا كان الجواب: "نعم"، فدم على ما تفعله الآن أو أقل منه بشيء يسير ولا تنقطع كعادتك، فطلب العلم لا ينال بيوم أو يومين أو أسبوع أو أسبوعين.

أخي في الله: لست أنصحك بترك الدراسة، وقطع المذاكرة، وإنما أعضك بإخلاص النية، ودوام المطالعة؛ فليكن هذا دأبك، وهذه مسيرتك طيل حياتك.

فو الله إننا الآن في وقت يحتاج فيه المسلمون العلماء وطلبة العلم أكثر من الأوقات الماضية.

ولا داعي لذكر السبب مفصلاً "فعند جهينة الخبر اليقين"

الكل يعلم ويرى ابتعاد كثير من المسلمين عن تعاليم دينهم، وانهماكهم في تيارات أعدائهم، وتهافتهم عليها؛ حتى إن بعضهم لا يعرف معنى الصلاة التي يصليها، وبعضهم لا يميز بين النافع والضار، ولا يفرق بين الحلال والحرام.

وإن في -والله- قرى نائية لا تعرف من أحكام الإسلام شيئاً، حتى ذكر أن بعض أهل تلك القرى يزوجون ويتزوجون بدون عقود شرعية فيكثر فيهم أولاد الزنا.

وهذا من شدة جهلهم وبعدهم عن تعاليم دينهم، وبعضهم يقترف أنواعاً من المعاصي الكبيرة جاهلاً حكمها وعظم جرمها.

فيا أخي: والله إن أمثال هؤلاء ليسوا بحاجة إلى شهادتك، وليسوا بحاجة إلى منصبك، وإنما هم بحاجة إلى علمك وثقافتك، فاطلب العلم، وأحسن النية في طلبه؛ لتكون داعية إلى الله، ولتكون وارثاً من ورثة أنبياء الله: "فالعلماء هم ورثة الأنبياء"[سنن الترمذي: باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة (5/48) رقم (2682)، وسنن أبي داود: أول كتاب العلم (3/317)، رقم (3641)، وسنن ابن ماجه: باب فضل العلم والحث على طلب العلم (1/81)، رقم (223)، وصحيح ابن حبان: ذكر وصف العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرنا قبل (1/289) رقم (88)].

وهم نجوم الأرض، وهم القدوة، وهم الأعلون في الدنيا والآخرة.

فيا طلاب العلم: أفيقوا، يا طلاب العلم: أعداؤكم لا ينامون من شدة حرصهم على إضلال إخوانكم وأخواتكم، فأسهروا ليلكم دفاعاً عن دينكم، وحماية لشريعتكم.

يا طلاب العلم: إذا كان الدعاة والخطباء يلحون على العصاة أن يتركوا معاصيهم؛ فإنهم لا يكتفون منكم بإعفاء لحاكم، وتقصير ثيابكم، بل يطالبونكم بالدخول في ساحة الجهاد في ساحة الدعوة إلى الله في نشر الخير والحق بين عباد الله.

فليس الجهاد حمل السلاح فقط، وإنما من الجهاد تسخير اللسان والقلم، والنظر في مناطق الضعف، وسد الثغور التي منها يدخل الأعداء سمومهم.

فالصحابة لم يكتفوا بدخولهم في دين الله، بل جاهدوا ودعوا ونافحوا حتى أوذوا فصبروا فنصروا وتمكنوا، وتم وعد الله لهم: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ)[آل عمران: 195].

فتكفير السيئات، ودخول الجنات لم يحصل لهم إلا بعد الجهاد والكفاح.

فيا طلاب العلم: إذا كانت الدعوة إلى الله من أعظم الجهاد في سبيل الله؛ فاعلموا أن الدعوة لا تتأتى إلا بطلب العلم الشرعيِ.

إخوتي في الله: أكرر الكلام مرة ثانية أقول: سيروا على ما تسيرون عليه الآن من الجد والحيوية، ودوموا على ذلك.

كما أقول: والله إن طلب العلم حول ركب العلماء؛ لهو الوسيلة العظمى لتحصيله، فحبذا لو تجمعون بين الدراسة المنهجية، وبين الالتفاف في حلق العلماء، فالعلماء الذين شادوا البلاد بعلمهم، ونشروا الحق في مجتمعهم إنما حصلوه بالمواظبة على دروس علمائهم في بيوت ربهم.

أيها الإخوة في الله: في نهاية هذه الخطبة أحب أن أشير إلى بعض أخطاء يقع بها بعض الطلاب:

الخطأ الأول: يقع من بعض الطلاب في مذاكراتهم: إحضار بعضهم لبعض الكتب التي تحمل في طيها الصور، وهذا عمل محرم يجب اجتنابه، فبيت الله يجب أن يحترم ويحافظ عليه من هذه الصور وغيرها من المحرمات.

الخطأ الثاني: يلاحظ من بعضهم كثرة المزاح والكلام الذي لا فائدة فيه، وهذا أمر منهي عنه، وارتفاع الأصوات في المساجد من الأمور الممقوتة، والذي يسبب هذا أن الطلاب يسأم ويمل من كثرة القراءة فيبحث عن السبيل إلى تنفيس ما فيه من ملل، فيلجأ إلى مداعبة من بجانبه وممازحته.

فالأولى بهؤلاء أن يضعوا وقتاً معيناً لراحتهم؛ فإذا حان هذا الوقت خرجوا من بيت الله، وإذا انتهى حديثهم رجعوا إلى مذاكرتهم في بيت الله.

وبالجملة بيت الله يجب أن ينزه ويحترم من كل عمل قبيح، ومن كل كلام فاحش.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، أمر بحفظ الأوقات فيما ينفع من فعل الخيرات والطاعات، ونهى عن إضاعتها في اللهو والغفلات.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وما له من الأسماء والصفات.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أول سابق إلى الخيرات، ومحذر عن طريق المهلكات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذوي المناقب والكرامات وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-.

واعلموا أن هذا العمر مزرعة تجني ثمارها في الدار الآخرة؛ فإن زرعته بخير وعمل صالح جنيت السعادة والفلاح، وكنت مع الذين ينادون في الدار الباقية: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ)[الحاقة: 24].

وإن ضيعته وزرعته بالمعاصي ندمت، وقيل ذلك بعدما تمنيت الرجوع لتعمل صالحاً: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)[فاطر: 37].

أيها المسلمون: بعد أيام قليلة ستُغلق المدارس أبوابها ليستعيد الطلاب نشاطهم، وليقضوا بها حوائجهم؛ فيا ترى ما هو تفكير بعض الناس في قضاء هذه الإجازة؟!

فيا أيها المسلمون: إن هناك طرقاً خيرة يستطيع الإنسان أن يقضي إجازته وقد جمع لأولاده خيري الدنيا والآخرة.

فالطريقة الأولى: السفر إلى بيت الله الحرام لأداء العمرة؛ فيا لها من قربة! ويا لها من عبادة! إذ الصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه.

وزيارة مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فالصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما سواه ما عدا المسجد الحرام.

ومن ثم السلام على رسول الله الذي كان سبباً في إنقاذنا من الجحيم إلى النعيم ومن النار إلى الجنة.

الطريقة الثانية: السفر لزيارة الأقارب وصلة الأرحام؛ لتقر الأعين ببعضها، ولأداء حق الله عليه.

ولقد سئل رسول الله عن خير الناس، فقال: "أتقاهم لله، وأوصلهم لرحمه، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر"[رواه الإمام أحمد في المسند (6/68) رقم (24432)، والطبراني بإسناد حسن].

الطريقة الثالثة: وهي قليلة الفائدة في بعض الأحيان، إلا أنه لا يحرم فعلها، أعني بها الخروج إلى البراري للنزهة والتلذذ المباح، فهذا لا مانع فيه إذا حافظ الإنسان على الصلوات، والإكثار من القربات، والإقلال من الملهيات.

والذي نحذر إخواننا منه خصوصاً الشباب، هو تضييع هذه الإجازة في الغفلة واللهو، واستغلالها في الفرح المذموم؛ إذ أن البعض منهم يخرجون إلى البر في تلك الأيام، ويكَونون اجتماعات سيئة، يخالطون فيها العصاة، ويضيعون فيها الصلاة، ويستعملون فيها الطرب والطبول، وربما تناول بعضهم المسكرات، كما يسرفون في طبخ الأطعمة واللحوم التي يكون مصيرها إلى التراب.

فهذه أعمال سيئة، وكفران بالنعمة، وسبب للعقوبة.

فكم أهلك الله من أمثال هؤلاء عند غفلتهم وسكرتهم، يقول الله -جل من قائل عليماً-: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)[النحل: 112].

وهناك طريقة بشعة، ومنكر مستقذر، وهو السفر إلى الخارج، فبعضهم يستغل هذه العطلة للسفر فيها إلى بلاد إباحية؛ ليقضي فيها وطره، ويشبع غريزته، متجاهلاً رؤية الله له، تاركاً الخوف منه، مقدماً الخوف من المخلوق على الخالق، فهؤلاء سيعاقبون على ما جنته أنفسهم -نسأل الله الحماية للجميع؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه-.

أيها المسلمون: صلوا وسلموا على نبي الله وحبيبه فقد أمركم الله بذلك، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، اللهم اجعل عملهم في رضاك يا رب العالمين، اللهم جنبهم قرناء السوء، اللهم جنبهم قرناء السوء.

اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم رُدَّ ضالهم إليك رداً جميلاً.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات:180-182].