السبوح
كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...
العربية
المؤلف | مهران ماهر عثمان نوري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب |
ومن الرياضات التي ينبغي تعلمها: ألعاب القوة؛ كالكراتيه، والتايكندو، والجودو، والكونفو، ولا شك في أن من تعلمها ليعز بها الإسلام، ويتقوى على الجهاد، فهو مأجور إن شاء الله، ولكن علينا أن نُخلِّصَها من العادات الكفرية الذميمة؛ كالانحناء للمدرب. هذه الرياضات علينا أن نرشد إليها أبناءنا؛ فهذا خير لنا من أن نجعلهم نُهبةً للفضائيات؛ فتدمر أخلاقهم، خير لهم من تضيع كل اليوم في محلات (البليي ستيشن)، وأمام قناة (اسبيس تون)، ولعب (البلي)
أما بعد: فنعم الله على العباد لا يمكن لأحد أن يحصيها؛ (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) [إبراهيم: 34] ومن جملة هذه النِّعم: نعمة الصحة والعافية؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ، وَالْفَرَاغُ"، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- قوله: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا".
ولذا اهتمَّ الإسلام اهتماماً كبيراً بصحة الإنسان، فأمر بما من شأنه أنْ يُعزِّزها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [طه:81] ونهى عما يذهب بها أو يضعفها، قال تعالى: (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ) [الأعراف:157]
وحسبنا اليوم أن نقف مع مظهرٍ واحد من مظاهر اهتمام الإسلام بالصِّحة، ألا وهو ندبه للقيام ببعض الرياضات؛ فللرياضة أثر كبير في صحة الإنسان، فمن آثارها:
- تنشيط الدورة الدموية؛ وهذا يؤدي إلى تحسين أداء وظائف الجسم.
- الوقاية من كثير من الأمراض؛ كأمراض القلب والضغط والسكر.
- الارتقاء بالحالة النفسية، وتحسين المزاج.
- إخراج الفضلات السامة.
- تنمية العضلات.
- اكتساب النشاط والحيوية؛ مما يعين على تحسين أداء الوظائف اليومية.
- تقليل الدهون في الدم؛ مما يعني الوقاية من مخاطر ارتفاع نسبة الكولسترول.
- تحقيق العفاف؛ فإنَّ تراكم السعرات الحرارية مما يهيج الشهوة ويؤجج نارها.
ولذا نجد أنَّ الإسلام اعتنى بأمرها؛ فالشريعة الإسلامية جاءت بتكميل المصالح وبدرء المفاسد.
عباد الله: من يبحث في سيرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- يجده قد قام ببعض أنواع الرياضات، وندب إليها، ويجده قد أقرَّ الصحابة على فعل بعض أنواعها؛ فمن ذلك:
- رياضة الرمي والمناضلة، قال عقبة بن عامر سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) [الأنفال:60] "أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ".
وكان نبينا -صلى الله عليه وسلم- يحث الصبية على هذه الرياضة المهمة، فعن سلمة بن الْأَكْوَعِ -رضي الله عنه- قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ؛ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ"، فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ"؟ قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ".
ولم يجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- أبويه إلا لسعد بن أبي وقاص؛ لرمايته في الجهاد، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يُفَدِّي رَجُلًا بَعْدَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي".
وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- اللعب بالسهام من نوع اللهو الذي يُؤجر عليه الإنسان؛ فعن عطاء بن أبي رباح قال: "رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاريين يرميان، فملَّ أحدهما، فجلس، فقال الآخر: كسلت! سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كلُّ شيء ليس من ذكر الله فهو لغو ولهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعليم السباحة".
وحذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ترك هذه الرياضة بعد تعلمها وممارستها؛ فعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ أَنَّ فُقَيْمًا اللَّخْمِيَّ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: "تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ وَأَنْتَ كَبِيرٌ يَشُقُّ عَلَيْكَ؟ قَالَ عُقْبَةُ: لَوْلَا كَلَامٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ أُعَانِيهِ. قَالَ الْحَارِثُ: فَقُلْتُ لِابْنِ شَمَاسَةَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ:"مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا -أَوْ قَدْ عَصَى-".
قال ابن القيم -رحمه الله-: "المناضلة على ضربين: مناضلة على الإصابة، ومناضلة على بعد المسافة"، والمناضلة على الإصابة قسمان: مناضلة على رمي الهدف الشاخص، ومناضلة على الرمي بين الغرضين.
وقد كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- خمسُ قِسِيٍّ يرمى بها: البيضاء، والصفراء، والزوراء، والروحاء، والكتوم.
من الرياضات التي مارسها النبي -صلى الله عليه وسلم-: رياضة السباحة، ففي الحديث السابق عدها النبي -صلى الله عليه وسلم- من اللهو المأجور عليه؛ قال ابن عباس -رضي الله عنه-: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يسبحون في غدير، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليسبح كل رجل منكم إلى صاحبه"، فسبح كل رجل منهم إلى صاحبه وبقي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر، فسبح النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر حتى عانقه وقال: "أنا إلى صاحبي، أنا إلى صاحبي".
وكان عمر -رضي الله عنه- يرشد إلى تعليم السباحة، قال أبو أمامة بن سهل: كتب عمر -رضي الله عنه- إلى أبي عبيدة بن الجراح: "أنْ علموا غلمانكم العوم، ومقاتلتكم الرمي".
وقد كانت العرب تسمي من أتقن الكتابة والسباحة: الكامل؛ لقلة من يجمع بين هذين الأمرين في ذاك الوقت.
وينبغي الحذر من لبس القصير، والسباحة في الأماكن المختلطة، ولبس القطن أو الثياب التي تلتصق بالجسد مع الماء.
ومن أنواع الرياضات التي مارسها نبينا -صلى الله عليه وسلم-: ركوب الخيل، وسبق ذكرها في حديث اللهو، وقد قال الله تعالى في الخيل: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
وقد كتب عمر بن الخطاب إلى أصحابه -وهم بأذربيجان-: "أما بعد: فاتزروا، وارتدوا، وانتعلوا، وارموا بالخفاف، واقطعوا السراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل، وإياكم والتنعم، وزي العجم، وعليكم بالشمس؛ فإنها حمام العرب، واخشوشنوا، واخلولقوا، وارموا الأغراض، وانزوا على الخيل نزواً". والمقصود أن تُركب الخيل بلا اعتماد على الأيادي، فيمتطي الفارس جواده بأن يقفز على ظهره، وهذا ما كان يفعله -رضي الله عنه-.
ومن رياضات النبي -صلى الله عليه وسلم-: الجري، تقول أمُّنا عائشة: "كنتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ، فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ، فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: "هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ"، ولهذه الرياضة أثر عجيب في تنشيط الدورة الدموية.
ومنها: رياضة المصارعة، فعْن عَلِيِّ بْنِ رُكَانَةَ: أَنَّ رُكَانَةَ -وكان رجلاً شديداً- صَارَعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-.
ومن الرياضات التي أقرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها أصحابه: رفع الأثقال، فقد مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوم يربعون حجراً؛ ليعلوا الأشدَّ منهم، فلم ينكر ذلك".
ومن الرياضات التي ينبغي تعلمها: ألعاب القوة؛ كالكراتيه، والتايكندو، والجودو، والكونفو، ولا شك في أن من تعلمها ليعز بها الإسلام، ويتقوى على الجهاد، فهو مأجور إن شاء الله، ولكن علينا أن نُخلِّصَها من العادات الكفرية الذميمة؛ كالانحناء للمدرب.
عباد الله: هذه الرياضات علينا أن نرشد إليها أبناءنا؛ فهذا خير لنا من أن نجعلهم نُهبةً للفضائيات؛ فتدمر أخلاقهم، خير لهم من تضيع كل اليوم في محلات (البليي ستيشن)، وأمام قناة (اسبيس تون)، ولعب (البلي).
أنا لا أشك أن صغارنا في حاجة ماسة إلى كثير لعب، لكن ماذا علينا لو نظمنا أوقاتهم؛ ليأخذوا حظهم من تلك الرياضات؟
فكلُّ هذه الرياضات مندوب إليها بعموم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّر اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ".
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين، فاستغفروه إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خير المرسلين، وسيِّد المؤمنين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ومن أنواع الرياضات التي تُمارس على نطاق واسع: رياضة كرة القدم، والكلام عنها سيكون في نقطتين: الأولى: حكم ممارستها. والثانية: حكم مشاهدتها.
أما ممارستها: فالأصلُ أنَّها مباحة، وقد تنتقل من الإباحة إلى ما يُؤجر الإنسان عليه كما لو قصد أن يتقوى بها على العبادة والجهاد كما هو مفاد كلام شيخ الإسلام في الفتاوى المصرية، وربما حَرُمت كما لو اقترنت بها مفسدة شرعية؛ كإبداء عورةٍ، أو إسرافٍ، أو إضاعة صلاةٍ، ونحو ذلك.
وأما مشاهدتها: فلا بأس فيها إذا خلت من المفاسد التالية: إبداء اللاعبين لعورتهم وأفخاذهم، فعورة الرجل من السرة إلى الركبة؛ لحديثين: الأول: "إِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ"، الثاني: "ما بين السرة والركبة عورة".
الوقوع في محبة الكافرين: فتجد الشاب يعرف عن لاعب الأرجنتين والبرازيل أكثر مما يعرفه عن محمد بن مسلمة وسيف الله خالد، تجده قد ملأ أركان غرفته بصور هؤلاء العلوج، والله يقول: (لا تَجِـدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) [المجادلة:22]
تضليل المسلمين عن قضايا أمتهم، ولا إخال أنكم نسيتم أن مجزرة اللعين شارون في صبرا وشاتيلا كانت أثناء كأس العالم عام 1994م.
ولستَ -أيها المسلم- من الغفلة والغباء بحيث تخفى عنك الإجابة عن هذا السؤال: لماذا لم تقم إسرائيل بإنشاء فريق لكرة القدم؟
جاء في البروتوكول الثالث عشر من برتوكولات حكماء صهيون: "ولكي تبقى الجماهير في ضلال لا تدري ما وراءها، وما أمامها، ولا ما يراد بها؛ فإننا سنعمل على زيادة صرف أذهانها بإنشاء وسائل المباهج والمسليات، والألعاب الفكهة، وضروب أشكال الرياضة واللهو، ثم نجعل الصحف تدعو إلى مباريات فنية ورياضية".
تضييع الصلاة بترك المساجد، وتأخيرها، وربما جاء بعض المشاهدين إلى الصلاة أثناء المباراة، وقلبه مشغول بها، فلا يدري ماذا قال في صلاته.
الفرح لدرجة الطيش بسبب ظهور فريق معين، فتُسيَّر المسيرات، وتتعالى أبواق السيارات، والله يقول في محكم الآيات: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ).
الحزن والاكتئاب بخسارة فريقه!! وقد قرأنا عمن مات بسبب ذلك والعياذ بالله.
خلق الله للحروبِ رجالاً
وفي الحديث: "إنَّ اللهَ كريمٌ يحبُّ الكرمَ، و مَعالِيَ الأمور، ويَكره سِفْسَافَها"، أسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده المهتدين، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.