الواحد
كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...
العربية
المؤلف | أحمد شريف النعسان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - فقه النوازل |
صَنَائِعُ المعروفِ سَبَبٌ لِكَشفِ الغُمَّةِ, وَأهلُ المَعرُوفِ في الدُّنيا هُم أهلُ المَعرُوفِ في الآخرَةِ, وسَتَكُونُ لَهُم شَفَاعاتٌ يَومَ القِيامَةِ؛ لأنَّ مَن كانَ سَبَبَاً لِكَشفِ الغُمَّةِ عن الأُمَّةِ في الحياةِ الدُّنيا, يَجعَلُ الله -تعالى- لَهُ نَصِيبَاً يومَ القِيامَةِ لِكَشفِ الكُرَبِ والغُمَّةِ عنِ الأُمَّةِ في أرضِ المَحشَرِ.
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيا عِبادَ الله: الكَثِيرُ مِن شَبَابِنَا ورِجَالِنَا يَتَساءَلُ فِي وَسَطِ هذِهِ الأزمَةِ, وفِي وَسَطِ هذا الابتِلاءِ الذِي يُصَبُّ على الأمَّةِ صَبَّاً, وفِي وَسَطِ هذا الظَّرفِ العَصِيبِ الذي يَمُرُّ بِهِ قُطرُنَا الحَبيبُ, حَيثُ دُمِّرَ البَلَدُ, وشُرِّدَ النَّاسُ, وسُفِكَتِ الدِّمَاءُ, وسُلِبَتِ الأموَالُ, يَتَسَاءَلُ:
مَا هوَ الوَاجِبُ عليَّ تُجَاهَ هذا البَلَدِ وأهلِهِ, فالبَلَدُ بَلَدِي, والأهلُ أهلِي, كَبيرُهُم بِمَنزِلَةِ الوَالِدِ, وصَغيرُهُم بِمَنزِلَةِ الوَلَدِ, والبَاقِي بمَنزِلَةِ الإخوَةِ, والعِرضُ عِرضِي, فَمَا هوَ الوَاجِبُ عليَّ تُجاهَ بَلَدِي وأهلِ بَلَدِي؟
والبَعضُ الآخَرُ يُلقِي العِبءَ والمَسؤوليَّةَ على غَيرِهِ, ويَتَنَصَّلُ مِنهَا مُحتَجَّاً بأنَّ ما يَجرِي إنَّمَا هوَ بِسَبَبِ مُقَارَفَةِ الأُمَّةِ الذُّنُوبَ, وهذا صَحِيحٌ لأنَّ الله -تعالى- يقولُ: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41].
ولكن هذا لا يُخَلِّصُهُ منَ المَسؤوليَّةِ ولا يُعفيهِ, قال تعالى: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال: 25].
يا عِبادَ الله: البَلاءُ صارَ عامَّاً شَمِلَ الصَّالِحَ والطَّالِحَ, والقَويَّ والضَّعيفَ, والمُؤَيِّدَ والمُعارِضَ, الكُلُّ يَحتَرقُ, والكُلُّ يَتَطَلَّعُ إلى الفَرَجِ وإلى كَشفِ الغُمَّةِ.
يا عِبادَ الله: إذا كُنَّا صَادِقِينَ في طَلَبِ كَشفِ الغُمَّةِ ورَفعِ البَلاءِ عن هذا البَلَدِ وأهلِهِ, عَلينَا أن نَعلَمَ بأنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ, وأنَّ الإحسانَ والبِرَّ إلى خَلقِ اللهِ -تعالى- يَكُونُ سَبَبَاً لِكَشفِ البَلاءِ والغُمَّةِ ولِقَضَاءِ الحَوائِجِ, وهذا ما أكَّدَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- أحادِيثِهِ الشَّرِيفَةِ.
يا أيَّتُهَا الأُمَّةُ المَجرُوحَةُ, يَا مَن تَتَطَلَّعُ لِكَشفِ الغُمَّةِ: ارجِعِي إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-؛ لأنَّ العِلاجَ لِدَائِنَا من عِندِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وفِي شَرعِهِ الشَّرِيفِ, لَن نَجِدَ حَلَّاً لأَزمَتِنَا عندَ شَرقٍ ولا غَربٍ لا وربِّ الكَعبَةِ, بَل عِندَ الحبيبِ الأعظَمِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-.
يا عِبادَ الله: فَهَل تَسمَعُ الأُمَّةُ من كَبِيرِهَا إلى صَغِيرِهَا, ومِن مُؤيِّدِهَا إلى مُعارِضِهَا حَدِيثَ سَيِّدِنَا رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- مِن أجلِ كَشفِ الغُمَّةِ وهيَ تَتَذَكَّرُ قولَ اللهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال: 24].
روى الإمام الحاكم عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-, عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- قال: "صَنَائِعُ المعروفِ إلى النَّاسِ تَقِي صَاحِبَها مَصَارِعَ السُّوءِ, والآفاتِ، والهَلَكَاتِ, وأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا، هُم أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ".
وفي رواية ثانية للطبراني في الأوسَطِ عن أمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عنها- قالَت: قالَ رَسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-: "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَالصَّدَقَةُ خُفيَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ زِيادَةٌ فِي الْعُمُرِ, وكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ, وأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ، وأَهْلُ المُنكَرِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ المُنكَرِ فِي الآخِرَةِ ، وأوَّلُ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ أهلُ المَعروفِ".
يا عِبادَ الله: صَنَائِعُ المعروفِ سَبَبٌ لِكَشفِ الغُمَّةِ, وَأهلُ المَعرُوفِ في الدُّنيا هُم أهلُ المَعرُوفِ في الآخرَةِ, وسَتَكُونُ لَهُم شَفَاعاتٌ يَومَ القِيامَةِ؛ لأنَّ مَن كانَ سَبَبَاً لِكَشفِ الغُمَّةِ عن الأُمَّةِ في الحياةِ الدُّنيا, يَجعَلُ الله -تعالى- لَهُ نَصِيبَاً يومَ القِيامَةِ لِكَشفِ الكُرَبِ والغُمَّةِ عنِ الأُمَّةِ في أرضِ المَحشَرِ.
يا عِبادَ الله: قَد يَتَساءَلُ البَعضُ: هل صَنَائِعُ المَعرُوفِ تطفِئُ نارَ هذهِ الحَربِ؟ وهَل تُوقِفُ سَفكَ الدِّمَاءِ وتَهدِيمَ البُيُوتِ؟
يا عِبادَ الله: كُونُوا على يَقِينٍ بأنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تطفِئُ نارَ هذهِ الفِتنَةِ؛ لأنَّ الأُمُورَ كُلَّها بِيَدِ اللهِ -عزَّ وجل-, قال تعالى: (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) [الإنسان: 30]، وقال تعالى: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ) [الأنعام: 112].
يا عِبادَ الله: إذا أردنَا أن نَعرِفَ أنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُوءِ, فلنَرجِع إلى سِيرَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-, عندَما رَجَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من غارِ حِراءٍ, تَرتَعِدُ فَرائِصُهُ, وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لأُمِّنا السَّيِّدَةِ خَديجَةَ الكُبرى -رَضِيَ اللهُ عنها-: "قَد خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي" فماذا قالَت لهُ السَّيِّدَةُ الجَليلَةُ -رَضِيَ اللهُ عنها-؟ قالَت لهُ: "كَلَّا, أَبْشِرْ, فَوَالله لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَداً, إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ, وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ, وَتَحْمِلُ الْكَلَّ, وَتَقْرِي الضَّيْفَ, وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ" [رواه الشيخان عن -عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها-] لقد استَدَلَّت على ذلكَ -رَضِيَ اللهُ عنهَا- بِمَحاسِنِ أفعالِهِ, وصَنائِعِ مَعروفِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على ما قَالت لهُ؛ لأنَّها تَعلَمُ بأنَّ مَحاسِنَ الأفعالِ دَليلٌ على حُسنِ العَواقِبِ, وكَرَمَ البِدايَةِ دَليلٌ على جَلالَةِ النِّهايَةِ, والبِدَاياتُ تَدُلُّ على النِّهَايَاتِ.
يا عِبادَ الله: صِلَةُ الرَّحمِ من صَنَائِعِ المَعرُوفِ, وقِرَى الضَّيفِ من المَعرُوفِ, والعَونُ على نَوائِبِ الحَقِّ من صَنَائِعِ المَعرُوفِ.
يا عِبادَ الله: إذا لَم نَكُن صَنَعنَا المَعرُوفَ سَابِقَاً, فَهَل بِوُسعِنَا أن نصنَعَ المَعرُوفَ اليَومَ, رَجَاءَ أن يَكشِفَ اللهُ -تعالى- عنَّا هَذِهِ الغُمَّةَ؟
يا عِبادَ الله: إذا أردنَا أن نَعرِفَ بأنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تَقي مَصَارِعَ السُّوءِ فَلنَرجِعْ إلى سُورَةِ الأنبِياءِ في كِتَابِ رَبِّنَا -عزَّ وجل-, حيثُ ذَكَرَ اللهُ -تعالى- كَثِيراً من الأنبياءِ في هذهِ السورةِ العَظِيمَةِ المُبَارَكَةِ, وخاصَّةً سَيِّدِنا أيُّوبَ ويُونُسَ وزَكَريَّا -عَلَيهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ-, كيفَ أَنجَاهُم اللهُ -تعالى- من الكَربِ والبَلاءِ, وذلكَ بِبَرَكَةِ صَنائِعِ المَعرُوفِ, فقال تعالى في خِتَامِ قِصَصِهِم: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90].
فهَل -يا عِبادَ الله- نُسَارِعُ في الخَيراتِ, ونَدعُو اللهَ -تعالى- رَغَبَاً ورَهَبَاً, ونَخشَعُ لهُ, رَجَاءَ أن يَكشِفَ اللهُ -تعالى- عنَّا هذِهِ الغُمَّةَ؟
يا عِبادَ الله: قد يَتَساءَلُ البَعضُ: مَا هيَ صَنَائِعُ المَعرُوفِ حتَّى نَأتِيهَا؟
يا عِبادَ الله: لِنَرجِعْ إلى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- حتَّى نَتَعَرَّفَ منه على بعضِ صُوَرِ صَنَائِعِ المَعرُوفِ، روى الطَّبَرانِيُّ في الكَبيرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عنهُما- أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله, أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى الله؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى الله؟ فَقَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله -تعالى- أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ, وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى الله -تعالى- سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ, أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً, أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً, أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً, وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْراً, وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ, وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ".
يا عِبادَ الله: هل الذي يَكُونُ مَحبُوبَاً عِندَ اللهِ -تعالى-, ويأتي الأعمالَ التي يُحِبُّهَا اللهُ -تعالى- تكُونُ حَياتُهُ شَقَاءً وضَنكاً؟ لا وربِّ الكعبَةِ.
والسُّؤالُ الذي يَجِبُ أن نَطرَحَهُ على أنفُسِنَا: هل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يَنفَعُ النَّاسَ, حتى يكونَ النَّافِخُ مَحبُوبَاً عندَ اللهِ -تعالى-؟ وهل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يُدخِلُ السُّرُورَ إلى قُلوبِ المُسلِمينَ؟ وهل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يَكشِفُ الكَربَ عن هذهِ الأمَّةِ؟ وهل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يَقضِي الدَّينَ عن المَدينينَ؟ وهل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يَطرُدُ الجُوعَ عن الأُمَّةِ؟
يا عِبادَ الله: إنَّ النَّفخَ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ أَضرَّ النَّاسَ وما نَفَعَهُم, إنَّ النَّفخَ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ أدخَلَ الهَمَّ والغَمَّ والحُزنَ على قُلوبِ النَّاسِ, إنَّ النَّفخَ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ جَلَبَ الكَربَ على الأُمَّةِ, وأغرَقَهَا في الدُّيُونِ, وجَلَبَ لها الجُوعَ والعَطَشَ.
يا عِبادَ الله: هل اتَّقَى اللهَ في هذه الأُمَّةِ مَن خَرَجَ مِن هذا البَلَدِ وبَدَأ يَنفُخُ فِي نارِ هذِهِ الفِتنَةِ؟ وهَل فَكَّرَ أنَّ نَفخَهُ فِي نارِ هذِهِ الفِتنَةِ أتى بالنَّفعِ للنَّاسِ وإدخالِ السُّرُورِ إلى قُلُوبِهِم, أم أتى بالضُّرِّ والكَرب والهَمِّ والغَمِّ؟ هل كانَ بِفِعلِهِ مَحبُوبَاً عندَ اللهِ -تعالى- أو أنَّهُ أَسخَطَ اللهَ -تعالى-؟
يا عبادَ الله: مَن كانَ حَرِيصاً على كَشفِ الغُمَّةِ فَليَصنَعِ المَعرُوفَ, ومِن صُنعِ المَعرُوفِ السَّعيُ لإطفاءِ نَارِ هذِهِ الفِتنَةِ؛ لأنَّ بإطفائِهَا نَفعاً للنَّاسِ, وسُرُوراً يَدخُلُ قُلوبَهُم, والسَّعيدُ مَن صَنَعَ مَعرُوفَاً, والمَعروفُ لا يحتَاجُ إلى دَليلٍ, والشَّقِيُّ مَن صَنَعَ المُنكَرَ, والمُنكَرُ مُنكَرٌ لا يحتَاجُ إلى دَليلٍ.
اللَّهُمَّ وَفِّقنا لِصَنائِعِ المَعروفِ التي تُرضيكَ عنَّا، آمين.
أقولُ هَذا القَولَ, وأَستَغفِرُ اللهَ لِي ولَكُم, فَاستَغفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.