البحث

عبارات مقترحة:

الحفي

كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

متى لا يكون أحد أفضل منك؟

العربية

المؤلف محمد بن مبارك الشرافي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات - الصلاة
عناصر الخطبة
  1. فضائل الذكر بعد الصلاة .
  2. مرويات أحاديث الأذكار بعد الصلوات .
  3. كيفيات الذكر وصورها الشرعية.
  4. حكم استخدام المسبحة .
  5. ترتيب الأذكار بعد الصلوات .
  6. رفع الصوت بالذكر بعد انتهاء الصلاة. .

اقتباس

اعْلَمُوا أَنَّ الأَذْكَارَ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَابٌ عَظِيمٌ لاكْتِسَابِ الْأَجْرِ, وَعَمَلٌ يَسِيرٌ لَكِنَّ ثَوَابَهُ كَبِيرٌ, عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-, عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ, دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً"...

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجَاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجَاً وَقَمَرَاً مُنِيرَا، وَهُوَ الذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَن يَّذَّكَرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورا، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الْمَبْعُوثُ مِنْ رَبِّهِ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ بَشِيرَاً وَنَذِيرَاً، فَأَوْضَحَ اللهُ بِهِ الْمَحَجَّةَ وَأَقَامَ بِهِ الْحُجَّة، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَذْكَارَ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَابٌ عَظِيمٌ لاكْتِسَابِ الْأَجْرِ, وَعَمَلٌ يَسِيرٌ لَكِنَّ ثَوَابَهُ كَبِيرٌ, عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-, عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ, دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً" (رَوَاهُ مُسْلِم).

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" (رَوَاهُ مُسْلِم).

وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-, أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، فَقَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟" قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ، فَقَالَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَفَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ؟ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ" قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولُ اللهِ قَالَ: "تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً".

قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالُوا: سَمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الْأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا، فَفَعَلُوا مِثْلَهُ، فَقَالَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْه).

وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

وَعَنْ ثَوْبَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثَلَاثًا، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ. تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ" (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْأَلْبَانِيُّ).

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَقْرَأَ الْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ". (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْأَلْبَانِيُّ). وَقَوْلُهُ: "الْمُعَوِّذَاتِ", وَقَدْ وَرَدَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ قِرَاءَةُ "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" بَعْدَ الصَّلَاةِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ فِي الْأَذْكَارِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وَفِي فَضْلِهَا, وَمِنْ أَجْلِ تَسْهِيلِ اسْتِيعَابِهَا فَإِنَّنَا نَذْكُرُ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ مَسَائِلَ مُفِيدَةً تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْأَذْكَارِ:

"اْلَمَسْأَلَةُ الْأُولَى" مَا فَضْلُ هَذِهِ الْأَذْكَارِ؟ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْأَحَادِيثَ السَّابِقَةَ دَلَّتْ عَلَى "أَنَّهَا مُعَقِّبَاتٌ لا يَخِيبُ قَائِلِهُنَّ" وَ"أَنَّ مَنْ قَالَهَا غَفَرَ اللهُ لَهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ عَظُمَتْ وَكَثُرَتْ", وَ"أَنَّ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا سَبَقَ بِالْأَجْرِ مَنْ لَحِقَهُ وَأَدْرَكَ مَنْ سَبَقَهُ", وَ"أَنَّ مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ".

"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" مَتَى تُقَالُ هَذَهِ الْأَذْكَارُ؟ وَالْجَوَابُ: أَنَّهَا تُقَالُ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمَكْتُوبَةِ, وَكَذَلِكَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ, وَأَمَّا مَا سِوَاهَا مِنَ الصَّلَواتِ فَلا تُقَالُ هَذِهِ الْأَذْكَارُ بَعْدَهَا لِعَدَمِ وُرُودِ الدَّلِيلِ, فَلا تُقَالُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلا الْكُسُوفِ أَوِ الاسْتِسْقَاءِ, وَكَذَلِكَ لا تُقَالُ بَعْدَ النَّوَافِلِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي النَّهَارِ أَوِ اللَّيْلِ.

لَكِنْ قَدْ وَرَدَ ذِكْرٌ خَاصٌ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الْوِتْرِ, فَيَقَولَ "سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُوسِ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي الثَّالِثَةِ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَلَّمَ مِنَ الْوِتْرِ قَالَ "سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَرْفَعُ بِالثَّالِثِ صَوْتَهُ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنْ وَالْأَلْبَانِيّ).

"الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ" هَلْ لِهَذِهِ الْأَذْكَارِ تَرْتِيبٌ مُعَيَّنٌ بَعْدَ الصَّلَاةِ؟ وَالْجَوَابُ: لَا، لَيْسَ هُنَاكَ دَلِيلٌ, فَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ, لَكِنْ قَدْ وَرَدَ تَرْتِيبُ فِي ذِكْرٍ وَاحِدٍ يُقَالُ عَقِبَ السَّلامِ مُبَاشَرَةً وَهُوَ الاسْتِغْفَارُ ثَلاثَاً وَقَوْلُ "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ. تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ", ثُمَّ قُلْ مَا شِئْتَ مِنَ الْأَذْكَارِ التِي ثَبَتَتْ بِهَا الْأَدِلَّةُ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ يَجِبُ.

"الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ" هَلْ وَرَد لِلتَّسْبِيحِ صِفَاتٌ مُتَنَوِّعَةٌ؟ وَالْجَوَابُ: نَعَمْ قَدْ وَرَدَ عِدَّةُ صِفَاتٍ وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ, وَلْنَذْكُرْ أَرْبَعَ صِفَاتٍ:

"الْأُولَى" أَنْ تَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ 33 مَرَّةً وَتَخْتِمَهَا بِ"لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ", لِيَكُونَ الْمَجْمُوعُ 100.

"الثَّانِيَةُ" أَنْ تَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَاللهُ أَكْبَرُ 33 مَرَّةً وَتَخْتِمَهَا بِ" اللهُ أَكْبَرُ" لِيَكُونَ الْمَجْمُوعُ 100.

"الثَّالِثَةُ" أَنْ تَقُولَ "سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ" خَمْسَاً وَعِشْرِينَ مَرَّةً, لِيَكُونَ الْمَجْمُوعُ 100.

"الرَّابِعَةُ" أَنْ تَقُولَ "سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ" عَشْرَ مَرَّاتِ, لِيَكُونَ الْمَجْمُوعَ 30 تَسْبِيحَةً.

فَكُلُّ هَذَا ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُنَوِّعَ بَيْنَ هَذِهِ الصِّفَاتِ, فَتَأْتِيَ بِنَوْعٍ مَرَّةً وَبِالنَّوْعِ الآخَرِ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَبِنَوْعٍ ثَالِثٍ فِي غَيْرِهَا, وَهَكَذَا, لِكَيْ تُطَبِّقَ كُلَّ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَلَكِنْ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ إِلَّا صِفَةً وَاحِدَةً وَلازَمَهَا فِي جَمِيعِ صَلَوَاتِهِ فَلا حَرَجَ عَلَيْهِ وَللهِ الْحَمْدُ.

"الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ" كَيْفَ يَكُونُ عَدُّ هَذِهِ التَّسْبِيحَاتِ؟ وَالجَوَابُ : أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِأَصَابِعِ اليَدِ، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-مَا قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَمِينِهِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ. وعن يُسَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَينَ عَلَيْكُنَّ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، وَلَا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ، وَاعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ" (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الْسُبْحَةِ فِي أَذْكَارِ الصَّلَاةِ؟ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ, لِأَنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ بِالتَّسْبِيحِ بِأَصَابِعِ الْيَدِ, كَمَا تَقَدَّمَ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصْحَبْهِ وَالتَّابِعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَـ"الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ" مَا التَّرْتِيبُ الْمُقْتَرَحُ لِأَذْكَارِ الصَّلَاةِ؟

وَالْجَوَابُ: أَنْ تَقُولُ : أَسْتَغْفِرُ الله، أَسْتَغْفِرُ الله، أَسْتَغْفِرُ الله. اللّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلام ، تَبارَكْتَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرام, لا إلهَ إلاّ اللّه وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحَمد وهوَ على كلّ شيءٍ قدير، لا حَوْلَ وَلا قوَّةَ إِلاّ بِاللهِ، لا إلهَ إلاّ اللّه وَلا نَعْبُدُ إِلاّ إيّاه, لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْل وَلَهُ الثَّناءُ الحَسَن، لا إلهَ إلاّ اللّهُ مخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكافِرون, اللّهُمَّ لا مانِعَ لِما أَعْطَيْت وَلا مُعْطِيَ لِما مَنَعْت، وَلا يَنْفَعُ ذا الجَدِّ مِنْكَ الجَد.

ثُمَّ تَقُولُ التَّسْبِيحَاتِ, ثُمَّ تَقْرَأُ آيَةَ الْكَرْسِيِّ ثُمَّ سُورَةَ الصَّمَدِ وَالْفَلَقِ وَالنَّاسِ, مَرَّةً وَاحِدَةٍ لِكُلِّ سُورَةٍ, وَيَسْتَوِي في ذَلِكَ الْفَجْرُ وَالْمَغْرِبُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّلَوَاتِ, وَمَنْ قَرَأَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ السُّوَرِ الثَّلَاثِ 3 مَرَّاتٍ فَلَا بَأْسَ لَكِنْ بِنِيَّةِ أَذْكَارِ الصَّبَاحِ أَوِ الْمَسَاءِ وَلَيْسَ بِنِيَّةِ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ بِذَلِكَ, وَأَمَّا الْمَكْتُوبُ الْمَنْشُورُ عَنِ الشَّيْخِ ابْنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ فَإِنَّمَا يُذَكِّرُ بِقِرَاءَتِهَا 3 مَرَّاتٍ لِأَذْكَارِ الْمَسَاءِ أَوِ الصَّبَاحِ.

"الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ" كَيْفَ يَكُونُ الصَّوْتُ بِهَذِهِ الْأَذْكَارِ؟ الْجَوَابُ: يَكُونُ مَرْفُوعَاً بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ حَوْلَهُ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ، كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالَ: كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ، إِذَا سَمِعْتُهُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَكُلُّ مُصَلٍّ يُسَبِّحُ لِوَحْدِهِ, وأما التَّسْبِيحُ الْجَمَاعِيُّ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ فهو بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ.

هَذَا مَا تَيَسَّرَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَذْكَارِ أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ, فَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَإِيَّاكُمُ الْعْلِمَ النَّافِعَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ, اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه, اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا.

اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الغَضَبِ والرِّضَا, وَنَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَنَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ, وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.