البحث

عبارات مقترحة:

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

حادثة الزلفي وتطبيق الحدود

العربية

المؤلف محمد بن سليمان المهوس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - التاريخ وتقويم البلدان
عناصر الخطبة
  1. وسطية الإسلام منهج رباني .
  2. ظهور صور من التطرف والغلو .
  3. التعليق على حادثة الزلفي .
  4. وجوب الاعتناء بفكر الأبناء وتوجهاتهم .
  5. ثمرات تطبيق الحدود الشرعية وفوائده. .

اقتباس

لَقَدِ اخْتَارَ اللهُ لأُمَّةِ الإِسْلاَمِ مَنْهَجًا وَسَطًا، لِتَكُونَ مَنَارَاتٍ يَؤُوبُ إِلَيْهَا مَنْ غَلَى وَجَفَى، وَمَنْ فَرَّطَ وَأَفْرَطَ، فَالْخُرُوجُ عَنْ هَذِهِ الْوَسَطِيَّةِ خُرُوجٌ عَنْ تَعَالِيمِ هَذَا الدِّينِ الْحَنِيفِ، فَلَيْسَتِ الْوَسَطِيَّةُ اجْتِهَادًا يَجْتَهِدُهُ الْبَشَرُ، بَلْ هِيَ نُصُوصٌ شَرْعِيَّةٌ ثَابِتَةٌ، أَمَّا الْمُنْحَرِفُونَ عَنْ هَذِهِ الْوَسَطِيَّةِ فَدِينُنَا الْحَقُّ بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَلاَ يُمثِّلُ وَاحِدُهُمْ غَيْرَ نَفْسِهِ وَفِكْرِهِ.

الخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الإِسْلاَمِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، فَإِنَّ تَقْوَى اللهِ هِيَ الْمَخْرَجُ فِي الأَزَمَاتِ وَهِيَ الْمَلاَذُ عِنْدَ الْمُلِمَّاتِ، وَهِيَ الطُّمَأْنِينَةُ عِنْدَ الْفِتَنِ وَالسَّكَنُ فِي الْمُدْلَهِمَّاتِ؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَمَنْ رَاقَبَ اللهَ عَافَاهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدِ اخْتَارَ اللهُ لأُمَّةِ الإِسْلاَمِ مَنْهَجًا وَسَطًا، لِتَكُونَ مَنَارَاتٍ يَؤُوبُ إِلَيْهَا مَنْ غَلَا وَجَفَا، وَمَنْ فَرَّطَ وَأَفْرَطَ، فَالْخُرُوجُ عَنْ هَذِهِ الْوَسَطِيَّةِ خُرُوجٌ عَنْ تَعَالِيمِ هَذَا الدِّينِ الْحَنِيفِ، فَلَيْسَتِ الْوَسَطِيَّةُ اجْتِهَادًا يَجْتَهِدُهُ الْبَشَرُ، بَلْ هِيَ نُصُوصٌ شَرْعِيَّةٌ ثَابِتَةٌ، أَمَّا الْمُنْحَرِفُونَ عَنْ هَذِهِ الْوَسَطِيَّةِ فَدِينُنَا الْحَقُّ بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَلاَ يُمثِّلُ وَاحِدُهُمْ غَيْرَ نَفْسِهِ وَفِكْرِهِ.

عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ عَاشَتِ الأُمَّةُ صُوَرًا مِنَ الْغُلُوِّ وَالتَّطَرُّفِ، وَاسْتِبَاحَةِ الدِّمَاءِ، وَنَشْرِ الْفَوْضَى، وَزَعْزَعَةِ الأَمْنِ، وَالْقَتْلِ وَالتَّفْجِيرِ وَالتَّرْوِيعِ الَّذِي اسْتَهْدَفَ أَمْنَ الْمُجْتَمَعاتِ الْمُسْلِمَةِ وَاسْتِقْرَارَهَا، وَالشَّرِيعَةُ السَّمْحَةُ، جَاءَتْ بِعِصْمَةِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْتَأْمَنِينَ وَحِفْظِ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ.

وَإِنَّ مَا حَدَثَ فِي يَوْمِ الأَحَدِ الْمَاضِي الْخَامِسَ عَشَر مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ، فِي مُحَافَظَةِ الزُّلْفِي الَّتِي كَغَيْرِهَا مِنْ مُدُنِ وَمُحَافَظَاتِ بِلَادِنَا تَعِيشُ بِأَمْنٍ وَأمَانٍ، وَرَغَدِ عَيْشٍ وَرَخَاءٍ، وَفِي وَقْتٍ امْتَلَأَتْ فِيهِ قَاعَاتُ الطُّلَّابِ بِمِئَاتِ آلَافٍ مِنَ الطُّلَّابِ وَالطَّالِبَاتِ وَهُمْ يَسْتَعِدُّونَ لِأَدَاءِ اخْتِبَارَاتِهِمْ لَهُوَ أَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى بُعْدِ شِرْذِمَةٍ مِنَ النَّاسِ عَنْ مَنْهَجِ الْوَسَطِيَّةِ وَالاِعْتِدَالِ.

نَعَمْ -عِبَادَ اللهِ- فُوجِئَ النَّاسُ بِشِرْذِمَةٍ مُفْسِدَةٍ تَقْتَحِمُ مَبْنًى لِأَمِنِ الدَّوْلَةِ؛ مِنْ أَجْلِ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ، وَزَرْعِ الْخَوْفِ بَيْنَ النَّاسِ، وَكَانَ اللَّهُ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، ثُمَّ بِفَضْلِ يَقَظَةِ رِجَالِ الْأَمْنِ الَّذِينَ كَانُوا لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، وَأَفْشَلُوا -بِفَضْلِ اللهِ وَتَوْفِيقِهِ- مُخَطَّطَهُمُ الْفَاسِدَ، وَجَرِيمَتَهُمُ النَّكْرَاءَ، وَرَدَّ اللَّهُ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، وَقَطَعَ دَابِرَهُمْ. فَهَؤُلَاءِ الْخَوَارِجُ امْتَلَأَتْ قُلُوبُهُمْ بِالْحِقْدِ وَالْكَرَاهِيَةِ وَالشَّرِّ، وَابْتَعَدَتْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ، قُلُوبٌ لَا تَتَرَدَّدُ عَنْ قَتْلِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْإخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ)[النمل:24].

هَذِهِ الْجَرِيمَةُ النَّكْرَاءُ تَدُلُّ دِلَالَةً وَاضِحَةً أَنَّ لِهَذِهِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ بَقِيَّةً باقِيَةً، وَلَهُمْ قَادَةٌ وَدُعَاةٌ وَمُنَظِّرُونَ، هُمْ شَرُّ الْخَوَارِجِ وَالَّذِينَ يَصِفُهُمْ أهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَعَدَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يُحَرِّضُونَ الْجُهَّالَ عَلَى الْخُرُوجِ عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ وَعَلَى إرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَهُمْ قَعَدَةٌ فِي بُيُوتِهِمْ يَتَنَعَّمُونَ بِحَيَاتِهِمْ وَيَسْعَدُونَ مَعَ أَبْنَائِهِمْ، وَيُحَرِّضُونَ الْجُهَّالَ مِنَ الشَّبِيبَةِ وَأَصْحَابِ الْحَمَاسَةِ الزَّائِفَةِ، وَيَؤُزُّونَهُمْ بِالْخَفَاءِ، وَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ، مَلَؤُوا قُلُوبَهُمْ وَآذَانَهُمْ بِمَا يُكَرِّهُهُمْ لِبِلادِ التَّوْحِيدِ، ولِوُلاةِ أَمْرِنَا وَعُلَمَائِنَا، وَرِجَالِ أَمْنِنَا، وَجَمِيعِ مَنْ فِي بِلادِنَا، لَقَدْ أَظْهَرَ لَهُمْ هَؤُلَاءِ الْقَادَةُ الْقَعَدَةُ وَالْمُوَجِّهُونَ الْمُفْسِدُونَ بِأَنَّ بِلَادَنَا شَرُّ بِلادِ الْأَرْضِ، مَعَ أَنَّهَا -بِفَضْلِ اللهِ- خَيْرُ بِلادِ الْأرْضِ دِينًا وَاعْتِقادًا، وُلَاةً وَرُعاةً، وَأَمْنًا وَرَخَاءً، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ الأَشْرَارَ يَسْعَوْنَ جَاهِدِينَ بِأَنْ يُبَدِّلُوا أَمْنَنَا خَوْفًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، ثُمَّ بِيَقَظَةِ رِجَالِ الْأَمْنِ الَّذِينَ لَا تَزِيدُهُمْ مِثْلُ هَذِهِ الْأَحْدَاثِ إلَّا قُوَّةً وَصَلابَةً، وَلِلْوُلاةِ حُبًّا وَطَاعَةً.

 أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: رِجَالُ الْأَمْنِ -حَفِظَهُمُ اللهُ- يَبْذُلُونَ أَنَفُسَهُمُ الْغَالِيَةَ فِي سَبِيلِ اللهِ رَخِيصَةً، فَلَنْ تَزِيدَ هَذِهِ الْأَحْدَاثُ -بِفَضْلِ اللهِ- هَذَا الْمُجْتَمَعَ الطَّيِّبَ الْكَرِيمَ إلَّا قُوَّةً وَتَمَاسُكًا.

لَقَدْ مَرَّتْ بِلَادُنَا بِجَرَائِمَ أَشَدَّ، فَانْدَحَرَ الْبُغاةُ، وَبَقِيَتِ الْبِلَادُ -بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ- عَزِيزَةً شَامِخَةً، كَرِيمَةً آمِنَةً، وَكُلَّمَا أَوْقَدَ أُولَئِكَ الْبُغاةُ أَهْلُ الشَّرِّ وَالْإرْهَابِ نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ، فَلَقَدْ كَشَفَ اللَّهُ لِلصِّغَارِ قَبْلَ الْكِبَارِ عَوَارَهُمْ، وَهَتَكَ أَسْتَارَهُمْ، وَمَحَا بَاطِلَهُمْ، وَأَذْهَبَ كَيْدَهُمْ.. فَالْخَيْبَةُ وَالْخُسْرانُ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ لِبِلادِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ سُوءًا، فَمَآلُ أَهْلِ الْإفْسَادِ فِي تَبَابٍ، وَمَكْرُهُمْ سَيَنْقَلِبُ عَلَيْهِمْ، قَالَ -تَعَالَى-: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)[فاطر:43].

فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا الآبَاءُ- فِي أَوْلاَدِكُمْ وَفِي سَلاَمَةِ فِكْرِهِمْ وَتَوَجُّهِهِمْ. فَالأَمْرُ جِدُّ خَطِيرٍ، وَالْخَطْبُ كَبِيرٌ، وَقَدْ أَوْصَاكُمُ اللهُ -تَعَالَى- فِيهِمْ بِقَوْلِهِ: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ)[النساء:11]، وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ…"الْحَدِيثُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ"(رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ).

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَتَأْكِيدَ الْمَسْئُولِيَّةِ فِي أَمْرٍ مُهِمٍّ وَلأَمْرٍ مُهِمٍّ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَقُولُ اللهُ -تَعَالَى-: (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)[المائدة:33].

فَشَرْعُ اللهِ -سُبْحَانَهُ- كُلُّهُ رَحْمَةٌ وَحِكْمَةٌ وَعَدْلٌ، وَتَطْبِيقُ حُدُودِ اللهِ -تَعَالَى- فِي الأَرْضِ نِعْمَةٌ كُبْرَى، بِهَا يَحْفَظُ اللهُ الأَمْنَ وَبِهَا تَصْلُحُ أَحْوَالُ النَّاسِ، وَلْيَعْرِفِ النَّاسُ عُمُومًا أَنَّ جَزَاءَ الْعَابِثِينَ بِالأَمْنِ وَالْمُخِلِّينَ بِهِ وَالْمُرَوِّعِينَ وَالْمُفَجِّرِينَ وَالْمُفْسِدِينَ وَالْمُحَرِّضِينَ هُوَ السَّيْفُ، وَفِي تَطْبِيقِ الْحُدُودِ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ مَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللهُ، وَقَدْ قَالَ -تَعَالَى-: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة:179]، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "حَدٌّ يُعْمَلُ بِهِ فِي الأرْضِ خَيْرٌ لأَهْلِ الأرْضِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا".

وَمَا سَمِعْنَاهُ مِنْ تَنْفِيذِ الأَحْكَامِ الْقَضَائِيَّةِ -حَدًّا وَتَعْزِيرًا- بِحَقِّ السَّبْعَةِ وَالثَّلاَثِينَ مِمَّنْ ثَبَتَ عَلَيْهِمْ شَرْعًا الْجَرَائِمُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَيْهِمْ مِنْ تَبَنِّيهِمْ لِلْفِكْرِ الإِرْهَابِيِّ الْمُتَطَرِّفِ، وَتَشْكِيلِ خَلاَيَا إِرْهَابِيَّةٍ، وَالإِخْلاَلِ بِالأَمْنِ، وَقَتْلِ رِجَالِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْجَرَائِمِ وَفْقَ مَا وَرَدَ فِي بَيَانِ وَزَارَةِ الدَّاخِلِيَّةِ، هُوَ تَطْبِيقٌ لأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ"، وَفِي رِوَايَةٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: "مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ".

أَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الْخَوَارِجِ وَأَعْوَانِهِمْ، وَأَنْ يَكْفِيَ الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ، وَأَنْ يُلْقِيَ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ شَبَابَنَا مِنْ أَفْكَارِهِمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وَقَالَ -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).