المجيب
كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...
العربية
المؤلف | ملتقى الخطباء - الفريق العلمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - المنجيات |
وأنه معجِز: عجز عن الإتيان بشيء مثله، فهو المعجزة الكبرى لمحمد -صلى الله عليه وسلم- التي لم يتحدّ العرب بغيرها، برغم ما ظهر على يديه من معجزات لا تحصى، وقد تنوعت جوانب الإعجاز القرآني، فمنها: الإعجاز...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله: القرآن الكريم كلام الله -سبحانه- المنزل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو المعجزة الباقية الخالدة التي نصبها رب العزة -جل جلاله- شاهدا حيا ناطقا بصدق الرسول العظيم -عليه الصلاة والسلام-.
إن هذا القرآن قبس من الهدى والنور نزل به جبريل من السماء إلى الأرض على سيد الخلق، فبلغه الناس، وأذاع أخلاقياته في كل مكان، وبذلك نشرت صفحات جديدة مشرقة ناضرة في تاريخ الإنسانية، وكان لها من وراء ذلك ميلاد حضارة جديدة.
القرآن نزل بأفصح اللغات وأبلغها، فقد سحر القرآن العرب منذ أن استمعوا إليه، سواء من شرح الله صدره للإسلام وأنار بصيرته، أو من طبع الله على قلبه وجعل على بصره غشاوة، فالوليد بن المغيرة يصف القرآن بقوله: "والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه"، والقساوسة والرهبان يحكي عنهم القرآن: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ)[المائدة:83]، فالقرآن إذا استمع إليه إنسان تتحرك مشاعره، ويهتز قلبه، ويقشعر بدنه؛ لما فيه من جمال الأسلوب، وقوة التعبير، ووضوح الحجة.
عباد الله: أثنى الله -تعالى- على كتابه بصفات كثيرة، مما يدل على عظمته، فوصفه بالعظيم في قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)[الحجر:87].
ووصفه بالإحكام فقال -تعالى-: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)[هود:1].
وذكر هيمنته على الكتب السابقة فقال: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ )[المائدة:48].
ووصفه بالعلو في قوله: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)[الزخرف:4]، فهو عالٍ في محله، وشرفه، وقدره، عال على جميع كتب الله -تعالى-، والحكيم: هو المنظوم نظماً متقناً لا يعتريه أي خلل في أي وجه من الوجوه، حكيم في ذاته حاكم على غيره، وهو كتاب مبارك، قال -تعالى-: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الأنعام:155].
وعطاؤه نامٍ لا ينفد، يواكب الحياة بهذا العطاء، ثم يأتي شفيعاً لأصحابه إلى يوم القيامة.
وهو العزيز قال -تعالى- في وصفه: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ)[فصلت:41]، والعزيز: النفيس، الذي يصعب مناله ووجود مثله، وهو العزيز الذي يغلب ولا يُغلب، وهو عزيز منيع من الشيطان لا يجد إليه سبيلا، وهو الكريم كذلك، قال -تعالى-: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ)[الواقعة:77]، والكريم: المحمود المعظم، وهو المجيد قال -تعالى-: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)[ق:1]، أي بلغ المنتهى في الشرف والكرم.
وقد نفى الله عنه العوج، قال -سبحانه-: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا)[الكهف:1]، ليس في آياته تناقض، كما قال -تعالى-: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)[النساء:82]، فكل ما ذكر الله -تعالى- في القرآن من التوحيد والنبوة والأحكام والتكاليف هو حق وصدق، لا خلل في شيء منه البتة، لا في ألفاظه، ولا في معانيه، فليس فيه تضاد، ولا اختلاف ولا عيب من العيوب التي في كلام البشر.
ولهذا فقد تحدى الله العالم كله إنسا وجنا؛ فما ثبتوا لهذا التحدي، بل أظهروا عجزا صارخا، وقد سجل الله عليهم نكوصهم عن مجاراة القرآن ومسايرته في آفاقه العالية، حيث قال -تعالى-: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)[الإسراء:88].
ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[هود:13].
وبلغ غاية التحدي فتحدّاهم أن يأتوا بسورة واحدة مثل القرآن، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[يونس:38]، قمة التحدي والإعجاز وإقامة الحجة.
أيها الإخوة: ولعظم هذا الكتاب وشرفه ومنزلته الرفيعة فقد تعددت أسماؤه؛ فمنها:
الذكر: لأن الله ذكر به عباده، وعرفهم فيه فرائضه وحدوده، قال -تعالى-: (وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ)[الأنبياء:50].
وسماه الفرقان؛ لأنه فرق به بين الحق والباطل، قال -سبحانه-: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)[الفرقان:1].
وهو الكتاب؛ لأن الله كتب أحكامه وتكاليفه على عباده، أي أوجبها عليهم، قال -تعالى-: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ)[الأنعام:155].
ومن أسمائه: البرهان والنور: قال -تعالى-: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)[النساء:174]، فهو أبلغ حجة وبرهان على صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والناس في ظلمة إن لم يستضيئوا بأنواره، وفي شقاء عظيم إن لم يقتبسوا من خيره، وسماه الله الحق، قال -تعالى-: (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ)[الحاقة:51]؛ فهو حق وصدق لا ريب فيه ولا يتطرق إليه شك، وهو البلاغ، قال -تعالى-: (هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ)[إبراهيم:52]، أي: إعلام للناس؛ لنصحهم وتخويفهم، وزاد يتبلغون به إلى الوصول إلى أعلى المقامات، وأفضل الكرامات.
ومن أسمائه: الروح: قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا)[الشورى:52]، تحيا به القلوب والأرواح، وتحيا به مصالح الدنيا والدين، وهو الموعظة والشفاء والهدى: قال -تعالى-: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)[يونس:57]، فقد جمع كل المواعظ والوصايا الحسنة التي تُصلح الأخلاق والأعمال وتزجر عن الفواحش، وتشفي الصدور من الشكوك وسوء الاعتقاد وأمراض القلوب وآفاتها، وهو هدى يهدي إلى الحق، والصراط المستقيم، الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة.
فكفى بالقرآن واعظاً وهادياً ومُذَكّراً، وهو أحسن الحديث: قال -تعالى-: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ)[الزمر:23]، فهو أحسن الكتب المنزلة، ألفاظه أفصح الألفاظ وأوضحها، ومعانيه أجلُّ المعاني وأبلغها.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد:
أيها الأحبة: لقد امتاز كتاب الله -تعالى- بخصائص كثيرة، تدل على عظمته وعلو مكانته، وتميزه وتفرده؛ فمن تلك الخصائص:
أنه كتاب إلهي المصدر لفظاً ومعنى، قال -تعالى-: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)[النمل:6].
وأنه كتاب محفوظ: تولى الله -تعالى- حفظه بنفسه، ولم يكِل حفظه إلى أحد من الخلق كما فعل مع الكتب المقدسة الأخرى، قال -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر:9]، ولحفظ الله إياه فقد بقي كما هو طوداً أشمّ، لا يُقتحم حِماه، وكل محاولة لتغيير حرف منه مقضي عليها بالفشل، (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)[فصلت:41-42].
وأنه معجِز: عجز عن الإتيان بشيء مثله، فهو المعجزة الكبرى لمحمد -صلى الله عليه وسلم- التي لم يتحدّ العرب بغيرها، برغم ما ظهر على يديه من معجزات لا تحصى، وقد تنوعت جوانب الإعجاز القرآني، فمنها: الإعجاز اللغوي، والبياني والبلاغي، والنظمي، والأخلاقي، والعلمي، والتشريعي، والنفسي.
وأنه كتاب مبين وميسر: فهو واضح لا لبس فيه؛ لأن الله أنزله لتعقل معانيه، وتفقه أحكامه، وتدرك أسراره، وتتدبر آياته، قال -سبحانه-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[يوسف:2]، وهو سهل الحفظ، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)[القمر:17]، وتيسير الله كتابه للحفظ يعد أعجوبة ومعجزة؛ إذ نجد أطفالاً صغاراً لا يتجاوزن سن الثامنة يحفظون القرآن، وهناك أعاجم لا يعرفون من العربية حرفاً وهم يحفظون القرآن حفظاً متقناً.
وأنه هداية للناس، فقد أنزله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، قال -تعالى-: (الر * كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)[إبراهيم:1-2]، وقد تحقق هذا حينما اهتدى العرب بهداه؛ فخرجوا من الظلمات إلى النور، ومن التخلف والعصبية إلى الحضارة والمدنية، ومن الذل والتبعية إلى السيادة والعالمية، ثم أوصلوا هدايته إلى العالم من حولهم، فإذا بالعالم يكسى بحلة العزة والرفعة والبهاء والجمال، وأثبت واقع المسلمين على مر الأزمان أنهم أصبحوا بتمسكهم بالقرآن أرقى الأمم، وبتخلفهم عنه أسفل الأمم.
وأنه كتاب للإنسانية كلها، فقد خاطب الله -تعالى- به جميع البشر، فلم يُقيد بزمان ولا بمكان، ولا جنس ولا طبقة ولا قومية، بل هو موجه إلى الثقلين جميعا، قال -تعالى-: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)[الفرقان:1]؛ فالقرآن لا يخاطب صنفاً واحداً من البشر له اتجاه عقلي أو نفسي معين، مغفلاً عن عداه من الأصناف ذوي الاتجاهات المتعددة، كلا؛ إنه يخاطب كل الأصناف ويشبع كل الاتجاهات الإنسانية السوية، وكلٌ يجد في القرآن بغيته وحاجته، في توازن لا يقدر عليه إلا منزل القرآن وخالق الإنسان.
أيها المؤمنون: إن قراءة القرآن من أعظم الطّاعات، وأجلّ القربات، وأشرف العبادات، قال عثمان -رضي الله عنه-: "لو أنّ قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربّنا، وإنّي لَأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر في المصحف".
وحامل القرآن من أهل اللّه وخاصّته، قال -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "إنّ للّه أهلين من النّاس"، قالوا يا رسول اللّه من هم؟ قال: "هم أهل القرآن، أهل اللّه وخاصته" (صحيح ابن ماجه)، وأخبر النّبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الخيريّة والرّفعة لمن تعلَم القرآن وعلَّمه غيره، فقال: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ" ( البخاري)، وقال: "إنّ اللّه تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين" (صحيح الجامع)؛ فالعزة والشرف والرفعة في كتاب الله؛ في تعلمه وتعليمه، وحفظه والعمل به.
ويوم القيامة يأتي القرآن شفيعًا لصاحبه، قال -عليه الصلاة والسلام-: "اقرؤوا القرآن، فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" (مسلم)، وبركته تصل إلى والدي حافظ القرآن، قال -عليه الصلاة والسلام- عن تكريم حافظ القرآن يوم القيامة: "وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآن" (أحمد وحسنه الأرناؤوط).
فيا أصحاب الأموال: القرآن ميدانكم الفسيح للخير؛ فشجعوا أبناء المسلمين على حفظ القرآن، ادعموا حلق القرآن ومسابقات حفظه؛ يبارك الله لكم فيما استوعكم من مال.
أيها الناس: هلموا إلى كتاب ربكم؛ أقبلوا عليه بقلوبكم تعلماً وتعليماً، قرآءة وحفظاً، تدبراً وعملاً، تصالحوا مع القرآن يصلح المولى حالكم.
هذا؛ وصلوا وسلموا على رسول الله...