البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

رجس من عمل الشيطان

العربية

المؤلف راشد البداح
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. قصة دامية لأحد ضحايا المخدرات والمسكرات .
  2. حرص إبليس على إضلال بني آدم .
  3. أربع رسائل موجزة للحد من المخدرات والمسكرات .

اقتباس

يقول في قصة دامية دامعة: طلّق والدي أمي، وبعد سنة تزوجَتْ، فأصبحتُ تائهاً بين الاثنين، وحينما يسألني أبي أين كنت؟ أقول له: عند أمي، وحينما تستفسر عن غيابي، أقول لها: كنت عند أبي. ومع هذه الظروف العائلية المتفككة؛ ارتبطت برفقاء وجدتُ منهم العطف المتصنع الذي حُرمت منه، وأصبحتُ أقضي معظم وقتي معهم في...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

أما بعد: فالتقوى وِقاء، ولباسٌ خيرُ لباس، يقول في قصة دامية دامعة: طلّق والدي أمي، وبعد سنة تزوجَتْ، فأصبحتُ تائهاً بين الاثنين، وحينما يسألني أبي أين كنت؟ أقول له: عند أمي، وحينما تستفسر عن غيابي، أقول لها: كنت عند أبي.

ومع هذه الظروف العائلية المتفككة؛ ارتبطت برفقاء وجدتُ منهم العطف المتصنع الذي حُرمت منه، وأصبحتُ أقضي معظم وقتي معهم في الاستراحة.

وفي الصيف سافرنا لإحدى الدول السياحية، وحينها سقطتُ في هوة الإدمان؛ إدمان المخدرات والمسكرات.

رجعنا من سفرتنا محملين بالأوزار، تجرأنا على السرقة، وعلى الكذب على أهلينا، وعلى تضييع الصلوات، وانعزلنا عن الناس.

وذات ليلة حمراء، كنا أربعة من الشياطين راكبين السيارة بسرعة جنونية، فيقع لنا حادث شنيع، ويتوفى الثلاثة، ولم يبق إلا أنا نجوت بأعجوبة. ودخلتُ في غيبوبة كاملة أسابيع، ثم أفقتُ وقد فقدتُ كل شيء، إلا شيئًا واحدًا عاد لي، عاد لي قلبي، وفيه بصيص نور ينير لي ظلامًا عشته، فأحمد الله أنني دخلتُ المسجد بدلاً من السجن(بتصرف واختصار من "العائدون إلى الله"، لمحمد المسند (3/ 29)].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)[المائدة: 90-91].

فيا عجبًا من رجل حماه الله سنين شبابه عن الوقوع فيها، وبعدما كبر إذا هو يرد إلى حمأة الخمور! أين عقلك ودينك وعمرك وآخرتك؟

ولو قال قائل: كيف يرضى العاقل أن يتلذذ بذهاب عقله؟ فيقال: "إن إبليس جاء أبانا من طريق لازال -وللأسف- يستخدمه معنا نحن ذريته، وذلك بأن تُقبل على المعصية وفي نفسك تصور غير صحيح، كما صور إبليس لأبينا -عليه السلام- فقال له: (قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى)[طه: 120]، أتاه بمنطق كاذب، ولكن كما قال الله: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)[طه: 115]؛ أي لم نجد له عزمًا للترك وصبرًا عن الفعل. فمن قال بأنك إذا أكلتها مرة سيكون بيدك القرار ألَّا تأكلها مرة أخرى؟! فإن الجسم إذا دخلته هذه السموم بدأ يطلبها، وإلا لما رأيت الشباب يتهافتون عليها، كتهافت الفراش في النار مع علمهم بضررها.

فإلى كل شاب لم يسقط في مستنقع الدخان والشيشة والخمور والمخدرات: إياك وداء التجربة؛ فإن أول أمرها يسير، ثم تكون لها الأسير.

فلأجل المساهمة في قَمع دابر المسكرات؛ فإليكم أربع رسائل موجزة:

1- إلى أولئك المرابطين في إدارة مكافحة المخدرات، والشرط والهيئات؛ فإنهم يستحقون منا دعاءً وثناءً، وليبشروا ببشارة من سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- حيث يقول: مكافحة المسكرات والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله.

2- أما أنتم أيها الآباء: فاقتربوا من أبنائكم واعرفوا مشكلاتهم، وأكثِروا من مصاحبتهم، وإلا بقوا نَهْباً للفراغ والهم وشياطين الجن.

3- وأنتن أيتها الزوجات اللاتي ابتليتن بأزواج يتعاطون المسكر: تعاملن مع الموقف بحزم، واستشرن الثقات في تخليصه من هذا الوباء، وقد يكون زوجكِ ممن اعتاد السفر إلى الخارج، فابذلي وسعكِ في ثَنْيِه عن هذه العادة.

4- وأنتم أيها الدعاة والمصلحون والمُرَبُّون: افعلوا كفعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين بلغه: "أن شابًا أغواه الشيطان، فشرب خمراً، فدعا عمر بصحيفة ثم كتب فيها: "من عمر بن الخطاب إلى فلان، السلام عليك، أما بعد: (حم * تَنْزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللهِ العَزِيزِ العَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ)[غافر: 1-3]، والسلام. ثم طوى الصحيفة وبعث بها إليه. فلما قرأها الرجل بكى، وتاب مما فعل. فلما بلغ عمرَ خبرُه قال: هكذا فاصنعوا، إذا رأيتم أخًا لكم زَلَّ زَلة فسدِّدوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوان الشيطان عليه"(حلية الأولياء، لأبي نعيم(4/ 97).

فاللهم تب علينا حتى ترضى عنا، وأعذنا من الشيطان وشِركه وشرَكه.

لك الحمد كما أنت أهله، اللهم إنا عاجزون عن شكرك، فنحيل إلى علمك وفضلك، لك الحمد على سترك، وعلى برّك، وتواصل نعمك، من صحة ومال وأهل وأمن وإيمان وهدى: (وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)[الأعراف: 43].

اللهم واحفظ علينا ديننا، وأعراضَنا ومقدساتِنا، وبارك في أرزاقنا واقض ديوننا، وبارك في أهلنا، وارزقنا ونساءنا مزيدَ الحشمة، ومزيدَ التبصر بكيد متبعي الشهوات، الذين يريدون أن نميلَ ميلاً عظيمًا.

اللهم يا من حفِظت بلادَنا طيلة هذه القرون، وكفيتها شر العاديات الكثيرات المدبَّرات الماكرات، اللهم فأدم بفضلك ورحمتك حفظَها من كل سوء ومكروه، وأدِم عليها نعمة النماء والرخاء. وعُم بذلك أوطانَ المسلمين.

اللهم واحفظ جنودَنا في حراساتِهم وثكناتِهم وتفتيشاتِهم، وفي الجمارك والطرقِ والحدودِ والمساجد، واخلفهم في أهليهم بخير.

اللهم عليك بالحوثيين والنصيريين والمتربصين، وكل محارب للدين.

اللهم صد عنا غارات إيران المخذولة وعصاباتهم المتخونين، وانصرنا على القوم الكافرين.

اللهم يا مجيبَ الدعوات احفظ لنا ملكَنا وأعنه ووليَّ عهده ببطانةٍ صالحةٍ ناصحة، وسددهم في قراراتهم ومؤتمراتهم.