البحث

عبارات مقترحة:

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

داء الفرقة والاختلاف

العربية

المؤلف عبدالله البرح - عضو الفريق العلمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - المهلكات
عناصر الخطبة
  1. حقيقة الفرقة ومعناها .
  2. ذم الله تعالى للفرقة ورسوله وصحابته الكرام .
  3. أسباب الفرقة والاختلاف .
  4. آثار الفرقة والاختلاف وأضرارها. .

اقتباس

لقد كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يذمون الاختلاف ويحذرونه ويحذرون منه؛ فهذا الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يقول: "اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكرهُ الاختلاف حتى... فكم يجد المؤمن في قلبه من الحسرة والألم وهو يرى مظاهر الفرقة والاختلاف بين أبناء الملة الحنيفية والأمة الإسلامية، بل بين الجماعات والمجتمعات التي ترفع راية الإسلام وتدعو...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي أمر عباده بالاجتماع والاصطفاف ونهاهم عن التشرذم والاختلاف، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له  المتفضل على أوليائه بالعناية والألطاف، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله الذي أكرمه ربه بأعظم السجايا والأوصاف -صلى الله عليه وسلم- ما لبَى زائر للبيت وطاف وعلى آله وصحابته أئمة الأخوة والإنصاف وعلى التابعين لهم بيقين دون إرجاف.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71]، أما بعد:

أيها المسلمون: لا يخفى على كل ذي عقل الحال الذي وصلت إليه أمة الإسلام من الضعف والهوان وما أصابها من تتابع المحن والأحزان، ولكنه لا يدرك الأسباب التي أوقعتها في هذا الوحل إلا من أكرمه الله برجاحة العقل والاتزان؛ ألا وإن من أعظم أسباب ذلك: الفرقة والاختلاف والتنازع والتشرذم.

وحقيقة الافتراق ومعناه في لغة العرب: التفريق بين شيئين والفصل بينهما وهو من الانفصال والانقطاع والتيه والضياع.

وفي الشرع الحكيم يراد بالفرقة: التفرق في دين الإسلام والاختلاف فيه بين الأنام مصداقا لقول الحق -جل في عليائه-: (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ)[آل عمران: 19].

ويراد بالفرقة -أيضا- كما بين ذلك طائفة من أهل العلم أنها تعني: الافتراق عن جماعة المسلمين التي أمر الله -سبحانه وتعالى- بها، فقال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آل عمران: 103]، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بلزومها؛ فقال: "يد الله مع الجماعة"(رواه البخاري في صحيحه).

وصدق الشاعر حين قال:

إن الجماعة حبل الله فاعتصموا

منه بعروته الوثقى لمن دانا

عباد الله: لقد ذم الله -سبحانه وتعالى- الاختلاف وأهله؛ فقال في كتابه العزيز: (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)[البقرة: 176]؛ كما أن السنة الغراء حذرت أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من الاختلاف والفرقة، وقد روى الإمام الترمذي -رحمه الله- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إياكم والفُرقة".

ولقد كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يذمون الاختلاف ويحذرونه ويحذرون منه؛ فهذا الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يقول: "اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكرهُ الاختلاف حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي".

ولا شك أن هذه الفرقة وهذا الشتات لم يحصل إلا بوقوع فريق من أبناء الأمة في أسباب ذلك، وإن من أهم الأسباب الموصلة لهذا الداء العضال:

الإشراك بالله -عز وجل- حيث أن الشرك به -سبحانه- أعظم موجبات الفرقة والاختلاف، قال الله -تعالى-: (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا)[الروم: 31-32].

ومن أسباب التفرق والاختلاف: مخالفة أمر الله -تعالى- وترك الاعتصام بحبله وكتابه وشريعته التي أمرنا بلزومها؛ كما قال في كتابه الكريم: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ)[آل عمران:103]، وقال -أيضا-: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا)[الأنفال: 46]

ومن أسباب الاختلاف والتشرذم: ما يفسده الشيطان الذي يسعى بخيله ورجله للإفساد بين العباد، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته بذلك ليحذروه؛ فقال: "قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم"(رواه مسلم).

ومن الأسباب كذلك: اتباع السبل والأهواء؛ قال -تعالى-: (وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)[الأنعام: 153].

ومنها: كيد أعداء الإسلام بأهله؛ فهم يبذلون الغالي والنفيس للتفريق بين المسلمين وإضعافهم بشتى الوسائل، بل وأنشئوا لذلك المنظمات التي تعمل إثارة الخلافات والتنازع والتناحر بين الشعوب والمجتمعات، ولم يقفوا عند ذلك بل يشعلون نار الفتنة بين الدول والقوميات والطائفية والحزبية البغيضة، والشواهد على مكر الأعداء وسعيهم في تأجيج الخلاف ليس وليد اليوم، بل هو قديم مذ زمن جيل الصحابة الكرام، ولعلنا نذكر مثالاً واحداً على ذلك ما روى الإمام الطبري بسنده وغيره عن زيد بن أسلم قال: "مر شاس بن قيس -وكان شيخا قد عسا في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم- على نفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه؛ فغاظه ما رأى من اجتماعهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية؛ فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة -يعني الأنصار الأوس والخزرج- بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شابا من يهود وكان معه فقال له: اعمد إليهم فاجلس معهم؛ فذكرهم يوم بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، ففعل، فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا، وقال بعضهم لبعض: إن شئتم رددناها الآن جذعة، وغضب الفريقان وقالوا: قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الحرة فخرجوا إليها وتحاوز الناس على دعواهم التي كانت في الجاهلية؛ فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه حتى جاءهم فقال: "يا معشر المسلمين الله الله.. أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به وقطع عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا؟! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم؛ فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس؛ فأنزل الله -تعالى- في ذلك: (قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)[آل عمران:98-99].

وأنزل -تعالى- في الأوس والخزرج؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ  *  وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[آل عمران:100-101].

ولا غرابة فأعداء الإسلام لا يريدون للإسلام ولا للمسلمين خيرا ومن ذلك الخير اجتماعهم ووحدتهم، وصدق الله حيث قال: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)[البقرة:105]، ووالله ما أغاضهم اجتماع كلمة المسلمين ووحدة صفوفهم؛ إلا حسدهم على ألفة المسلمين وتآخيهم؛ بينما هم غارقون في الفرقة والشتات وهي صفة لازمة لهم وإن أظهروا اجتماعهم ووحدة كلمتهم، وصدق الله حين قال عنهم: (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ)[الحشر: 14]؛ فلا يظن أحد أنهم مجتمعون بالألفة والمودة، بل والله إن قلوبهم متفرقة بالفرقة والشحناء.

ومن أسباب الفرقة والاختلاف: ارتكاب الذنوب والمعاصي ولا فرق في هذا السبب بين الأفراد والأسر والمجتمعات والشعوب، وقد أخبرنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: "ما توادَّ اثنان في الله، ثم يُفرق بينهما، إلا بذنبٍ يُحدثُهُ أحدهما"(رواه البخاري)؛ ولهذا ورد عن قتادة -رحمه الله- أنه قال: "أهلُ رحمة الله أهل جماعة، وإن تفرقت دُورُهم وأبدانهم، وأهل معصِيِتِهِ أهل فرقة وإن اجتمعت دورهم وأبدانهم".

إخوة الإيمان: كم يجد المؤمن في قلبه من الحسرة والألم وهو يرى مظاهر الفرقة والاختلاف بين أبناء الملة الحنيفية والأمة الإسلامية، بل بين الجماعات والمجتمعات التي ترفع راية الإسلام وتدعو إليه، ويزداد القلب غيظا حين يرى داء الخلاف قد دب إلى الصالحين المصلحين اللذين يعول عليهم مداواة جروح الأمة وتربيتها وإعادتها إلى المنهج القويم الذي دعا إليه النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وصحابته من بعده ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يومنا هذا.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران: 102 – 103].

بارك الله لي ولكم بالقرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من البينات والحكمة...

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

أيها المسلمون: علينا أن نحذر من الفرقة والاختلاف وأن نُحَذِّرَ منها حتى نسلم من آثارها الفاتكة بالفرد والمجتمعات، والدنيا والآخرة؛ فآثارها مدمرة ونتائجها خطيرة فمن ذلك:

حصول الضعف والهوان والفشل: يقول الحق -تبارك وتعالى-: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)[الأنفال:46].

كل يرى رأيا وينصر قوله

وله يعادي سائر الإخوان
ولو أنهم عند التنازع وفقوا لتحاكموا لله دون توان
ولأصبحوا بعد الخصام أحبة غيظ العدا ومذلة الشيطان

ومن آثار الفرقة والاختلاف: حلول الهلاك والخيبة والخسارة، وقد روى الإمام البخاري -رحمه الله- عن ابن مسعود-رضي الله عنه- فقال: "سَمعتُ رجُلاً قرأ آيةً، وسمِعتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقْرَأُ خِلافها؛ فَجِئتُ به النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-؛ فأخبرتُهُ، فَعرفْتُ في وَجههِ الكَراهيةَ"، وقال: "كِلاكُما مُحْسِنٌ، ولا تَخْتَلفوا؛ فإنَّ مَن كان قبلكم اختلفوا فهلكوا".

وما أصدق قول الشاعر:

حرموا هداية دينهم وعقولهم هذا وربك غاية الخسران
تركوا هداية ربهم فإذا بهم غرقى من الآراء في طوفان
وتفرقوا شيعا بها نهجهم من أجلها صاروا إلى شنآن

ومن آثارها: سواد وجه صاحبها يوم القيامة؛ كما قال -جل شأنه-: (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وَجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وَجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وَجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ)[آل عمران: 105 – 106]؛ وقد ذكر أئمة التفسير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن المراد في الآية الكريمة: تبيض وجوه أهل السنة والاجتماع، وتسود وجوه أهل البدعة والاختلاف.

فالله الله -أيها المسلمون- بنبذ الفرقة والاختلاف، والسعي في الوحدة والائتلاف ولم الشمل؛ فإن يد الله مع الجماعة؛ لأنها إلى الحق أقرب، يقول الإمام الطحاوي -رحمه الله-: "ونرى الجماعة حقاً وصواباً، والفُرقة زَيغاً وعذاباً، واعلموا أن الاجتماع رحمة والفرقة والشتات عذاب"، ورحم الله ابن تيمية حيث قال: "فإن الجماعة رحمةٌ، والفُرقة عذابٌ".

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، واجمع على الحق كلمتهم.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واخذل أعداءك أعداء الدين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة.

هذا وصلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير؛ حيث أمركم بذلك العليم الخبير؛ فقال في كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].