الرزاق
كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...
العربية
المؤلف | محمد بن سليمان المهوس |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين |
وَالْمُؤْمِنُ النَّاصِحُ الصَّالِحُ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمِنَحِ وَالْعَطَايَا مِنْ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ قَبُولَ عَمَلِهِ؛ فَذَاكَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ هِمَمُ الصَّالِحِينَ، وَخَافَتْ مِنْ أَجْلِهِ قُلُوبُ الْمُتَّقِينَ؛ إِذْ هُوَ مَقْصُودُ الْعَمَلِ وَغَايَتُهُ الَّتِي لأَجْلِهَا نَصَبُوا...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللَّهَ -تَعَالَى- حَقَّ التَّقْوَى، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى، وَالَّتِي مِنْهَا إِدْرَاكُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَإِكْمَالُهُ وَإِتْمَامُهُ، وَالتَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ بِأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ فِيهِ، فَلَحَظَاتُ الْعُمْرِ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ؛ إِذْ هِيَ فُرْصَةٌ لِلْعَمَلِ، وَنِعْمَةٌ تَسْتَوْجِبُ الشُّكْرَ.
فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "أَنَّ رَجُلَينِ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ إِسْلاَمُهُمَا جَمِيعًا، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ صَاحِبِهِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ.
قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، كَأَنِّي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِهِمَا وَقَدْ خَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الجَنَّةِ، فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ فأَذِنَ للَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَا إِلَيَّ، فَقَالَ لِي: ارْجِعْ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ. فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ، فَعَجِبُوا لِذَلِكَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: "مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟!"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا كَانَ أَشَدَّ اجْتِهَادًا، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدَخَلَ هَذَا الْجَنَّةَ قَبْلَهُ! فَقَالَ: "أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟" قَالُوا: بَلَى، قَالَ: "وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ؟"، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: "وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا سَجْدَةً فِي السَّنَةِ؟" قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ".
فَتَأَمَّلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِمَاذَا أَدْرَكَ هَذَا الصَّحَابِيُّ تِلْكَ الْمَنْزِلَةَ عِنْدَ اللَّهِ -تَعَالَى-؟ أَدْرَكَهَا بِصَلاَتِهِ وَصِيَامِهِ.
فَأَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ؛ إِذِ الزِّيَادَةُ فِي عُمُرِ الْمُسْلِمِ الصَّالِحِ عَلاَمَةُ خَيْرٍ، وَالزِّيَادَةُ فِي عُمُرِ الْمُسِيءِ عَلاَمَةُ شَرٍّ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)[آل عمران:178].
وَالْمُؤْمِنُ النَّاصِحُ الصَّالِحُ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمِنَحِ وَالْعَطَايَا مِنْ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ قَبُولَ عَمَلِهِ؛ فَذَاكَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ هِمَمُ الصَّالِحِينَ، وَخَافَتْ مِنْ أَجْلِهِ قُلُوبُ الْمُتَّقِينَ؛ إِذْ هُوَ مَقْصُودُ الْعَمَلِ وَغَايَتُهُ الَّتِي لأَجْلِهَا نَصَبُوا وَعَمِلُوا وَاجْتَهَدُوا، وَهُوَ مَا كَانَ يَلْهَجُ بِطَلَبِهِ الْخَلِيلُ وَابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- حِينَ كَانَا يَرْفَعَانِ قَوَاعِدَ الْكَعْبَةِ: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[البقرة:127].
تَقُولُ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)[المؤمنون:60]؛ قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ أَيْ: ظَنَّتْ عَائِشَةُ -رَضِي اللهُ عَنْهَا- أَنَّ الْمُرَادَ بِالآيَةِ: أَهْلُ الْمَعَاصِي، مِنْ شَارِبِي الْخَمْرِ أَوِ السَّارِقِينَ، وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِهَذِهِ الأَفْعَالِ وَفِي قُلُوبِهِمْ خَوْفٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ. قَالَ: "لاَ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، ولَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لاَ تُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ"(رواه الترمذي، وصححه الألباني).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَقُولُ اللهُ -تَعَالَى-: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس:58]؛ نَفْرَحُ بِالْعِيدِ وَحُقَّ لَنَا أَنْ نَفْرَحَ؛ لأَنَّنَا بِفَضْلِ رَبِّنَا أَدْرَكْنَا شَهْرَ رَمَضَانَ فَصُمْنَاهُ وَقُمْنَاهُ, وَعَلاَ تَكْبِيرُنَا الْمَسَاجِدَ وَالدُّورَ وَالأَسْوَاقَ فَرَحًا بِهِ، وَاسْتِجَابَةً لِقَوْلِ رَبِّنَا جَلَّ وَعَلاَ: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة:185]، أَخْرَجْنَا زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَنَسْأَلُ اللهَ قَبُولَهَا، وَالْفَوْزَ بِوَافِرِ الأَجْرِ، لَبِسْنَا الجَدِيدَ لِنَشْهَدَ صَلاَةَ الْعِيدِ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ.
نَفْرَحُ بِالْعِيدِ؛ لأَنَّهُ يَأْتِي فَيُفْرِحُ الصَّغِيرَ وَالكَبِيرَ، وَالغَنِيَّ وَالفَقِيرَ، وَيُسَاوِي بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ كُلِّهِمْ، فَالصَّغِيرُ يَحْتَرِمُ الْكَبِيرَ، وَالْكَبِيرُ يَتَوَاضَعُ وَيَعْطِفُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْمُوسِرُونَ يَبْسُطُونَ أَيْدِيَهُمْ لأَصْحَابِ الْحَاجَةِ وَالْفَاقَةِ بِالْجُودِ وَالسَّخَاءِ، وَتَتَحَرَّكُ نُفُوسُهُمْ بِالشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالإِخَاءِ، وَتَسْرِي فِي قُلُوبِهِمْ رُوحُ الْمَحَبَّةِ وَالتَّآخِي، فَتَذْهَبُ عَنْهُمُ الضَّغَائِنُ، وَتَسُودُهُمُ الْمَحَبَّةُ وَالْمَوَدَّةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-).
فَانْظُرُوا فِي حَالِكُمْ، وَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ، وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، وَاهْنَئُوا بِعِيدِكُمْ، والْزَمُوا الصَّلاَحَ وَأَصْلِحُوا، جَعَلَ اللهُ عِيدَكُمْ مُبَارَكًا، وَأَيَّامَكُمْ أَيَّامَ سَعَادَةٍ وَهَنَاءٍ وَفضْلٍ وَإِحْسَانٍ وعَمَلٍ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ مُعِيدِ الْجُمَعِ وَالأَعْيادِ، ومُبِيدِ الأُمَمِ والأَجْنادِ، وَجَامِعِ النَّاسَ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرِ وَالتَّنَادِ، والصَّلاةُ والسَّلاَمُ عَلى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ الْمُفَضَّلِ عَلَى جَميعِ الْعِبَادِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اشْكُرُوا اللهَ -تَعَالَى- أَنْ مَنَّ عَلَيْكُمْ بِإِدْرَاكِ شَهْرِ الصَّوْمِ فَصُمْتُمْ أَيَّامَهُ وَقُمْتُمْ لَيَالِيَهُ، وَمِنْ شُكْرِ اللهِ -تَعَالَى- مُوَاصَلَةُ أَعْمَالِ الْخَيْرِ، وَالاسْتِمْرَارُ عَلَى الطَّاعَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ صِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرِ شَوَّالٍ، فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ"(رَواهُ مُسْلِمٌ).
أَيَّتُهَا الأُخْتُ الْمُسْلِمَةُ: يقول الله -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النحل:97].
فَفِي هَذِهِ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ ذَكَرَ اللهُ -تَعَالَى- الْمَرْأَةَ، وَأَنَّهَا شَرِيكَةٌ لِلرَّجُلِ فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ عَلَى الْعَمَلِ؛ وَالإِسْلاَمُ أَعْطَى الْمَرْأَةَ كَامِلَ حُقُوقِهَا، وَرَدَّ عَلَيْهَا كَرَامَتَهَا بَعْدَ مَا كَانَتْ قَبْلَ الإِسْلاَمِ دُمْيَةً لَيْسَ لَهَا قِيمَةٌ؛ فَجَعَلَهَا الإِسْلاَمُ أَمِيرَةً فِي بَيْتِهَا، أَمِيرَةً عَلَى أَبْنَائِهَا، وَفَرَضَ عَلَى الأَوْلاَدِ الطَّاعَةَ لِلأُمِّ فَرْضًا مُؤَبَّدًا "أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ"، وَقَالَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لِلرَّجُلِ الَّذِي أَرَادَ الْجِهَادَ وَتَرَكَ أُمَّهُ: "الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ"(رواه ابن ماجه، وصححه الألباني من حديث معاوية بن جاهمة السلمي).
وَالْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ فِي الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ دَوْرُهَا عَظِيمٌ؛ فَهِيَ شَرِيكَةُ الرَّجُلِ فِي تَحَمُّلِ مَسْؤُولِيَّاتِ الْحَيَاةِ، وَقَدْ كَلَّفَهَا اللهُ مَعَ الرَّجُلِ فِي النُّهُوضِ بِمُهِمَّةِ الاسْتِخْلاَفِ فِي الأَرْضِ، وَتَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ وَتَنْشِئَتِهِمْ تَنْشِئَةً سَوِيَّةً، وَجَعَلَهَا عَلَى دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ الرَّجُلِ فِي التَّكْرِيمِ.
فَكُونِيِ أُخْتَاهُ مِنَ الصَّالِحَاتِ، تَذَكَّرِي نِعْمَةَ اللهِ عَليْكِ إذْ جَعَلَكِ مِنْ أَتْبَاعِ مُحَمَّدٍ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كُونِي قُدْوةً، وَدَاعِيَةً إِلَى اللهِ -تَعَالَى-، صُونِي بَيْتَكِ وَأَطِيعِي زَوْجَكِ، وَاعْتَنِي بِتَرْبِيَةِ أَوْلاَدِكِ؛ فَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا.
اللَّهُمَّ أَحْيِنَا مُؤْمِنِينَ وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ مَفْتُونِينَ.
تَقَبَّلْ تَوْبَتَنَا، وَاغْسِلْ حَوْبَتَنَا، وَاشْفِ صُدُورَنا، وَطَهِّرْ قُلُوبَنَا، وَحَصِّنْ فُرُوجَنَا، وَارْحَمْ أَمْوَاتَنَا، واشْفِ مَرْضَانَا، وَاقْضِ دُيونَنَا وَاهْدِ ضَالَّنَا.
وَأَدِمْ أَمْنَنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَوَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِنا، وَأَصْلِحْ أَحْوالَ أُمَّتِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِيِن.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الطافات:180-182].