المعطي
كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...
العربية
المؤلف | تركي بن علي الميمان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - الصيام |
لا تُوَدِّعُوا رمضان، بل اصطحبوه معكم إلى باقي عامكم؛ فرمضانُ ليس شهرًا فقط، بل أسلوبُ حياة، فالصومُ لا ينتهي، والقرآنُ لا يُهجر، والنوافل لا تُتْرَك! (واعبُدْ ربَّك حتَّى يأتيَك اليقينُ)...
الخُطْبَةُ الأُوْلى:
عبادَ الله: ها هُوَ شهرُ رمضانَ قد اضمَحَلَّ هلالُه، وَقُوِّضَتْ خيامُه، فَمَنْ كان في شَهْرِه مُحْسِنًا؛ فَلْيُدَاوِمْ على إحْسَانِه! (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا)[النحل:92]، ومَنْ كان مقصِّرًا؛ فَلْيُبَادِرْ بالتوبةِ النَّصُوْح، وَلْيَدْخُل مِنْ بابِ اللهِ المفتوح.
وليس للطاعةِ زمنٌ محدود؛ فعبادةُ ربِّ العالمين ليست مقصورةً على رمضان، قال الحسنُ: "إنَّ اللَّهَ لم يجعلْ لعملِ المؤمنِ أجلاً دونَ الموتِ"، قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الحجر:99]، وَبِئْسَ القوم، لا يعرفون اللهَ إلا في رمضان!
وإنَّ لقبولِ شهرِ رمضان علامات، ومنها: المداومة على الطاعات؛ فإنَّ مِنْ علامةِ قبولِ الحسنة: فعلُ الحسنة بعدها، فَأَتْبِعُوا الحسنات بالحسنات؛ تَكُنْ علامةً على قبولها، وأَتْبِعُوا السيئاتِ بالحسنات؛ تَكُنْ كفارةً لها، ووقايةً مِنْ خَطَرِهَا! (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ ذلِكَ ذِكْرَى لِلذاكِرِينَ)[هود:114]، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "اتَّقِ اللَّهَ حَيثُما كنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تَمْحُهَا، وخالقِ النَّاسَ بخُلقٍ حسنٍ"(أخرجه الترمذي).
وَمِن الحسنات التي تُفْعَلُ بعد رمضان: صيامُ ستٍّ من شوال؛ يقول -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صام رمضان، ثم أَتْبَعَه ستًّا مِنْ شوال؛ كان كصيامِ الدَّهْر"(أخرجه مسلم)؛ لأن الحسنةَ بعشرِ أمثالها؛ فصيامُ رمضان بعشرةِ أشهر، وصيامُ ستةِ أيام بشهرين؛ فذلك صيامُ سنة.
وصيامُ الستِّ بعد رمضان؛ كصلاة النافلة بعد الفريضة، فهي تَجْبُر ما حَصَلَ في صيام رمضان مِنْ خَلَلٍ ونقص؛ فإنَّ الفرائضَ تُكَمَّل بالنوافل يوم القيامة.
وَمِن أحكامِ صيام الست من شوال: أنّه يجوز صِيامها في أَوَّلِ الشَّهرِ أو وَسطِهِ أو آخِرِهِ، مُتَتَابِعَةً أو مُتَفَرِّقَةً، ومَنْ كان عَليهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ؛ قَدَّمَ القَضَاءَ عَلى السِّتِ، ثُمَّ صَامَهَا بعدَ ذلك؛ لأَنَّ إبرَاءَ الذِّمةِ من الوَاجِبِ؛ أَولَى مِن فِعلِ المَندُوب.
َ نعمةَ اللهِ كفراً!"؛ (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم: 7]، فاثْبُتُوا على الطاعة، وواظِبُوا على العبادة، "وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ"(أخرجه البخاري)، ومسلم، واحذَرُوا التفريطَ في الواجبات، والوقوعَ في المحرَّمات، فَرَبُّ رمضان، هو ربُّ بقيةِ الشهور والأيام، (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[هود:112].
عبادَ الله: لا تُوَدِّعُوا رمضان، بل اصطحبوه معكم إلى باقي عامكم؛ فرمضانُ ليس شهرًا فقط، بل أسلوبُ حياة، فالصومُ لا ينتهي، والقرآنُ لا يُهجر، والنوافل لا تُتْرَك! (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الحجر:99].
اللهمَّ استعملنا في طاعتك، ولا تُشْقِنا بمعصيتك، وثبِّتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.