البحث

عبارات مقترحة:

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

عادات سيئة تؤدي للعنوسة

العربية

المؤلف صالح بن محمد الجبري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. عادات سيئة تؤدي إلى عنوسة النساء .
  2. الترغيب في نكاح المطلقة والأرملة .
  3. أدب البحث عن الخاطب .

اقتباس

ارجعوا إلى الدين الحق والإسلام الصحيح، وانبذوا هذه العادات والتقاليد، وإن كنتم تعبدون الله فطبقوا أوامر الله وأوامر رسوله –صلى الله عليه وسلم-، وإن كنتم تعبدون العادات والتقاليد فليس هناك إلا الدمار في الدنيا والآخرة، وإذا أردتم لبناتكم السعادة والأخلاق فأمِّنوا لهن الحصانة، وسهلوا أمور الزواج، بل وابحثوا عن الخاطب المسلم والزوج الصالح ..

 

 

 

 

أما بعد: فإن الناس -بجهلهم وخضوعهم إلى عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان- وضعوا العوائق والحواجز في طريق الزواج؛ حتى غدا صعبًا وشاقًّا على الكثيرين.

ومن هذه العادات: عدم أخذ رأي البنت عند الزواج، إما لأن الوالد مستبد ظالم، وإما لأنه قد أُغْرِيَ بمبلغ كبير من المال قد يجعله يزوج ابنته رغمًا عنها؛ بغرض حصوله على هذا المال.

وهذا الأمر بالطبع مخالف لأوامر الشرع؛ ولأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تُستأذن"، قالوا: يا رسول الله: وكيف إذنها؟! قال: "أن تسكت".

وعن خنساء بنت خذام أنّ أباها زوَّجها دون إذنها -وهي ثيب- فأتت رسول الله فرد نكاحها. أخرجه الجماعة.

هذا ليس من حق الأب أو المولى أن يزوج ابنته إلا برضاها، والشرع معها في ذلك.

ومن العادات القبيحة: عدم تزويج الأخت الصغرى إلا بعد أن تتزوج البنت الكبرى، ولا ندري من أين أتى الناس بهذه الأفكار العقيمة!! ولنفرض أن الكبرى لم يأتها نصيبها بعد، فما ذنب الصغرى؟! لكن بعض الناس يريد أن يعطل زواج الصغرى حتى تتزوج الكبرى، ثم نفاجأ بعد فترة بأن الاثنتين قد كبرتا معًا عن سن الزواج، ولو سُهِّل الأمر ويُسِّر لزُوِّجت الصغيرة والكبيرة، ولكنه الجهل، وإلا فإننا نرى عندما عرض الشيخ الصالح على موسى -عليه السلام- الزواج بإحدى بنتيه لم يقل له: أزوجك الكبرى ولم يشترط موسى الصغرى. وبهذا تحدث القرآن: (قَالَ إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ) [القصص:26]، (إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ)، (إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ)، فانظروا إلى الفهم العميق السليم.

ومن العادات والتقاليد المنكرة بل من البدع الشنيعة: تركُ بعض الناس لصلاة الاستخارة الشرعية واستبدالها بأخرى منكرة لا تمت إلى الدين والشرع بصلة!! والغريب أن هذه العادة قد تسببت في تأخير زواج كثير من البنات، فما هذه التقاليد التي يتمسك بها بعض الناس؟!

إنها طقوس فرعونية جهنمية لهدم الأسرة وعرقلة زواج الشباب. فمتى يصحو البعض من هذه التقاليد الجاهلية؟!

من يريد أن يستمر في أمر الزواج -بل في كل أمر من الأمور- فعليه أن يلتزم بصلاة الاستخارة الشرعية كما علَّمنا إيِّاها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.

فعن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- قال: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: "إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عنه، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به". رواه البخاري وأبو داود والترمذي.

هذه هي الاستخارة الشرعية، وغيرها إنما هو شعوذة ودجل.

ومن العادات القبيحة: الامتناع عن الزواج بالأرامل والمطلقات: وهذا شيء جدير بالاهتمام؛ فهناك من المسلمات ومنهن شابات، بعضهن توفي أزواجهن، وبعضهن انفصلن عن أزواجهن لأسباب مختلفة، فإذا حصل لهن ذلك هل يكتب عليهن أن يجلسن في بيوتهن حتى الموت؟! مع أنهن لديهن الاستعداد للزواج وبأقل تكاليف ممكنة، فلماذا لا يفكر الشباب بالزواج من أمثال هؤلاء البنات تنفيذًا لأمر الله -سبحانه وتعالى- القائل: (وَأَنْكِحُواْ الأيَـامَى مِنْكُمْ وَلصَّـالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) [النور:32].

ويكفي أن نعلم أن سيد الخلق نبينا محمدًا –صلى الله عليه وسلم- قد تزوج وهو في عنفوان شبابه، وفي سن الخامسة والعشرين قد تزوج بأم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- وهي أرملة، بل وهي تكبره بعشر سنوات على الأقل، وقد كان زواجًا ناجحًا بكل المقاييس كما يعلم الجميع.

لهذا فما الذي يمنع الشباب من اتباع هذا المنهج العظيم.

ومن هذه العادات الفاسدة تأخير بعض الشباب للزواج بدعوى عدم وقوع الحب وحصوله حتى الآن، وهذا خطأ كبير، وساهمت في نشره بين الشباب الأفلام والمسلسلات الخبيثة التي تعلِّم الناس أنه لابد من وقوع الحب بين الطرفين قبل الزواج، وأن هذا مهم جدًّا، وهذا خطأ كبير؛ لأن الحب الحقيقي لا يأتي إلا بعد الزواج، والواقع يشهد على هذا، فقد يحدث أن يحصل الزواج نتيجة حب عاطفي جارف، لا يلبث أن يفقد بعد الزواج بأشهر قليلة، وما يلبث أن يكتشف الزوجان أن بينهما فرقًا كبيرًا في الأخلاق أو المزاج، أو الثقافة أو الميول، من أجل هذا يقول -سبحانه وتعالى-: (وَمِنْ ءايَـاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوجًا لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَـاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].

ويتضح لنا هنا أن الله جعل حصول الحب والمودة بعد الزواج وليس قبله؛ فقال: (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)؛ لهذا فليحذر الشباب -ذكورًا كانوا أم إناثًا- من التورط والانخداع بهذه الأفكار الهدامة.

ومن العادات التي تعوّق حصول الزواج: أن بعض الناس قد يخفض من مهر البنت، وقد يجعله إلى أدنى مستوى، لكن هناك مهر آخر يقدم للزوجة، وهو نفقات كثيرة يعجز عن حملها الخاطب المسكين.

ولو كان الأمر يقتصر على الأشياء الضرورية لقلنا: حسن، ولكن المشكلة هي في الأمور التافهة ومنها هدايا الخطبة والشبكة، وهدايا المواسم والمناسبات، وحفلة العرس وما فيها من لهو محرم، وهدايا الصباحية، ونفقات الحفلات والمهنئين والإسراف في شراء الأقمشة والذهب والجواهر، والمبالغة في تأثيث بيت الزوجية، وغير ذلك، فلا يجد الخاطب من أهل الزوجة إلا كلمة "هات"، حتى يصل معهم الأمر إلى الاشتراط عليه لإحضار بعض الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان، مثل: لابد من أن يكون فستان الزواج أبيض، ومثل عربة الملْكة، وعلب الحلوى، وغير ذلك، ثم يختمونها بإقامة الحفلات في أرقى الأماكن مثل الفنادق الكبرى وغيرها، وقد يصاحبها ارتكاب المعاصي، من اختلاط وبلايا وغيرها.

والسؤال هو: لماذا كل هذه التكاليف؟! وما المقصود منها؟! هل المقصود هو إرضاء الناس؟!

أولاً: العمل من أجل الناس هو رياء، والرياء تعرفون حكمه في الإسلام.

ثانيًا: الناس لن يرضوا مهما حصل، ولابد من أن يبحثوا عن العيوب، بل وقد يختلقونها، لأنه ثبت أن الناس لا يعجبهم شيء أبدًا. أما إذا كان القصد هو إرضاء الله، فالله يكره هذا الإسراف وهذا البذخ؛ لأنه يقول: (وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأنعام:141]، ويقول: (وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْونَ الشَّيَـاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَـانُ لِرَبّهِ كَفُورًا) [الإسراء:26، 27]؛ لهذا نقول: اتقوا الله -أيها الناس-، ولم هذا كله؟! وماذا يفعل الشاب المسكين صاحب الدخل المحدود والراتب المقطوع؟! ماذا يفعل؟! إذا لم نسهّل له الحلال فماذا سيفعل؟! هل يتجه إلى الحرام؟! فنكون قد ساهمنا في إفساده وإفساد بنات المسلمين.

إن الإسلام لم يشرع في نفقات العقد والزفاف سوى المهر للمرأة والوليمة لحفلة العرس، وإكرام الضيف بما يناسب الحال، أما ما عداها من الهدايا والنفقات فهي ليست فرضًا واجبًا، وليست من شروط العقد والنكاح في شيء أبدًا.

ومن العادات التي تعيق الزواج: ترك المجال للنساء في التصرف بأمور الخطبة والزواج، ولا شك أن المرأة بما جبلت عليه من الفعال وعاطفة، وبما تحبه من المظاهر والمفاخرة والرياء وحب الظهور أمام الناس، لا يمكن أن يتحقق على يديها خطبة أو زواج إلا إذا كانت رشيدة عاقلة مؤمنة تزن الأمور بميزان الشرع والدين، لهذا كم سمعنا عن أمهات يؤخرن زواج أبنائهن سنوات طويلة بدعوى عدم وجود الفتاة المناسبة حتى الآن، وبعضهن قد يفسدن زواج بناتهن لأن الواحدة منهن تدعي أن ابنتها ليست أقل من بنت فلان، أو أن حفل زواج ابنتها يجب أن يكون أفضل حفل زواج في البلد؛ ما سبب إفساد الكثير من حالات الزواج.

لهذا على الرجل إذا رأى مثل هذا الانحراف عليه أن يتدخل ويحسم الأمور؛ لأن الله أعطاه حق القوامة كما قال: (لرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْولِهِمْ) [النساء:34].

أخيرًا: من العادات التي تعرقل الزواج: رفض البعض أن يرى الخاطب خطيبته، والعجيب أن هذه الفتاة قد تخرج متبرجة ويراها القاصي والداني، فإن أراد الخاطب أن يراها الرؤية الشرعية التي أمر بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: "إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعو إلى نكاحها فليفعل". رواه أبو داود.

فإن أراد الخاطب أن يراها الرؤية الشرعية التي أمر بها رفض أبوها ومنعها منه، وللعلم فمن ظنّ أن في هذه الرؤية الشرعية عارًا، أو أن فيها عيبًا أو عملاً لا يليق، فقد قبَّح ما استحسنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ورفض ما أمر به، وظن أنه أغير منه على الشرف والأخلاق، ومن فعل ذلك فربما خرج من دين الإسلام.

(فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيمًا) [النساء: 65].

والغريب أن هناك من الناس من هو على الضد من ذلك تمامًا: صنف تأثر بأخلاق الغرب وبأفكار الأفلام والمسلسلات، وظن أن المخطوبة لا تعرف أخلاق الخاطب ولا تتعرف عليه إلا إذا خرجت معه، وتنزهت معه، وربما سافرت معه، وبالطبع شابان وفي سن الشباب ويختليان ببعضهما، فماذا ستكون النتيجة؟! النتيجة هي الزنا، وهذه هي نتيجة الخلوة المحرمة؛ لهذا يقول –صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم"، ويقول: "لا يخلو رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان".

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

 

 

 

أما بعد: من العادات التي تعرقل الزواج اليوم عضل الأولياء، وعضل الولي للمرأة منعها من الزواج ظلمًا؛ قال تعالى: (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوجَهُنَّ) [البقرة:232]. ويقول: (وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ) [النساء:19].

والعضل والإعضال من العادات الجاهلية التي بقيت في بعض المجتمعات الإسلامية، والتي تسببت في حرمان كثير من البنات من التمتع بالحياة الزوجية بسبب أسباب تافهة، مثل الاعتراض على النسب، فلا تتزوج القبيلية من الحضري، ولا الشريفة من غير الأشراف، وكذلك بحجة المحافظة على العرق، فلا تتزوج العربية من العجمي، أو بحجة المحافظة على المال، فلا تتزوج الغنية إلا من غني، وهذا التعصب الأعمى ما زال موجودًا بين بعض الأسر إلى الآن، والغريب أن هذا القانون الوضعي يسري على النساء فقط دون الرجال؛ لأن الرجال لهم الحق في الزواج ممن يريدون.

هل هذا إسلام؟! الله سبحانه يقول: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَـاكُمْ) [الحجرات: 13]، ورسوله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله قد أذهب عنكم عبيّة الجاهلية -فخرها وتكبرها- وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب". رواه أبو داود.

ولكن بعض الناس يرفض حكم الله ويريد أن يحكم بقوانين الجاهلية: (أَفَحُكْمَ الْجَـاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50].

ومن الإعضال: أن يمنع الولي ابنته المطلقة طلاقًا رجعيًا من الرجوع إلى زوجها، بحجة جرح الكرامة أو الإهانة، وقد حدث على عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن معقل بن يسار قال: زوجت أختًا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وأخدمتك وأكرمتك، فطلقتها ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدًا، وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فنزل قول الله تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوجَهُنَّ إِذَا تَرضَوْاْ بَيْنَهُم بِلْمَعْرُوفِ) [البقرة:232]، فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: "فزوجها إياه".

ومن الإعضال: الحجر على البنت بدعوى حجزها لابن العم أو الخال، بحجة أنه أولى بها من الغريب، حتى لو لم يكن كفوًا لها، وهذا ظلم عظيم للمرأة؛ يقول سماحة الشيخ ابن باز: "ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية وبعض الحاضرة من حجز ابنة العم ومنعها من التزوج بغيره، وهذا منكر عظيم، وسنة جاهلية وظلم للنساء، وقد وقع بسببه فتن كثيرة وشرور عظيمة من شحناء وقطيعة رحم وسفك دم وغير ذلك".


ونريد أن ننبه هنا إلى ما يحدث من البعض مما يسمى بزواج الشغار، وهو أن يقول الرجل للرجل: زوجني ابنتك أو أختك، على أن أزوجك ابنتي أو أختي، وليس بينهما صداق أي مهر.

وهذا الزواج للعلم زواج باطل؛ لقوله: "لا شغار في الإسلام"، وقال ابن عمر: "نهى رسول الله عن الشغار"، وفعلاً فمن أعطى الولي الحق بأن يزوج وليته بدون مهر؟! من أعطاه الحق في ذلك؟! نسأل الله السلامة والعافية.

أيها الناس: ارجعوا إلى الدين الحق والإسلام الصحيح، وانبذوا هذه العادات والتقاليد، وإن كنتم تعبدون الله فطبقوا أوامر الله وأوامر رسوله –صلى الله عليه وسلم-، وإن كنتم تعبدون العادات والتقاليد فليس هناك إلا الدمار في الدنيا والآخرة، وإذا أردتم لبناتكم السعادة والأخلاق فأمِّنوا لهن الحصانة، وسهلوا أمور الزواج، بل وابحثوا عن الخاطب المسلم والزوج الصالح، وهذا ليس عيبًا أبدًا، فهذا العمل هو سنة عمرية بدأها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما عرض ابنته أم المؤمنين حفصة على أبي بكر وعلى عثمان -رضي الله عنهما-، اللذين اعتذرا ثم تزوجها الرسول –صلى الله عليه وسلم-.

ولا تقولوا: لقد عرض عمر ابنته على أبي بكر وعثمان اللذين ليس لهما مثيل اليوم من الرجال، فنقول: نعم، إذا لم يكن هناك من الرجال من هم في مقام أبي بكر وعثمان، فإن بنات اليوم أيضًا ليس فيهن من هي في مقام أم المؤمنين حفصة، فالحال سواء، وعلينا الحذر من المستقبل؛ فقد تواتر في الأنباء أن بعض البنات صرن يذهبن إلى المحاكم مباشرة ويطلبن أن يتزوجن فورًا، ويشكين من ظلم آبائهن لهن، فمن يرغب من الآباء أن يقف في مثل هذا الموقف، بل من يرغب من الآباء أن يقف أمام الله وابنته تشكي وتتظلم منه، وتطلب من الله أن ينصفها منه؟! من يرغب في هذا؟! ولا تظنوا أن حدوث هذا الأمر بعيد، فقد حدثت بعض الحوادث التي تدل على ذلك، فهل يعتبر الآباء؟! هل يتعظون؟! وهل يُسهلون أمور الزواج؟! نرجو ذلك ونتمناه.